"لا يمكن للسلام أن يقوم على حساب حقوق الإنسان"، هذا ما قاله رئيس فريق الأمم المتحدة للخبراء البارزين في شأن اليمن، ورئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، كمال الجندوبي، في ندوة عُقدت عبر تطبيق زووم، أمس الثلاثاء في الخامس والعشرين من أيار/ مايو الجاري، وحضرته رصيف22 بصفتها الإعلاميّة.
الندوة التي شارك فيها بالإضافة إلى الجندوبي كلّ من منسقة فريق خبراء الأمم المتحدة في شأن اليمن، روانثيكا جونارانتي، ومستشارة اليمن في منظمة المجتمع المنفتح، مارتا أبرانتس مينديس، و مديرة برنامج المناصرة في مركز دراسات العنف والمصالحة، آنا مويو، عُقدت بتنظيم من منظمة "سام للحقوق والحريات"، وبالتعاون مع Crisis Action، بهدف تسليط الضوء على مواضيع المساءلة والعدالة والإدماج في عملية السلام في اليمن التي تقودها الأمم المتحدة.
ما هي عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة؟
خلال الصراع الدائر في اليمن، والحرب المندلعة هناك منذ العام 2015، بين أطراف متعدّدة أبرزها جماعة أنصار الله المدعومة إيرانياً، والحكومة الشرعيّة التي تدعمها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربيّة السعوديّة، نشأت مبادرات عدة، وبُذلت جهود دبلوماسيّة من قِبل أطراف متعددة بهدف الوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار، وإجراء مباحثات من شأنها نقل اليمن إلى خارج نطاق الحرب الأهليّة العبثيّة، وإبعاد شبح المجاعة عن البلاد.
الأخبار عن اليمن هي هي، وكأنّها لا تتغيّر بمرور الزمن. بلاد تقف على حافة المجاعة، ملايين من المدنيين يفتقدون للخدمات الرئيسيّة من طعام وشراب ودواء، وحرب متجددة ومعارك هنا وهناك، ودول إقليميّة تدعم مجموعات محليّة متقاتلة
المحادثات جميعها باءت بالفشل حتى الآن، ولم تسفر إلّا عن محادثات قليلة لم ينتج عنها شيء يُذكر. هذا الفشل الدبلوماسي امتد حتى وصل إلى المؤتمرات الإنسانيّة المتعلقة باليمن، ففي آذار/ مارس الماضي نظّمت الأُمم المتحدة بالشراكة مع السويد وسويسرا مؤتمراً افتراضياً لجمع التبرعات من أجل "منع حدوث مجاعة واسعة النطاق في اليمن"، حسب تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. لكن مؤتمر المانحين هذا باء بالفشل، ولم يتم جمع المال المطلوب بهدف إسعاف اليمن.
من ضمن هذه الجهود الدبلوماسيّة الدوليّة، تقود الأمم المتحدة مجموعة من المبادرات والمقترحات والمفاوضات التي تهدف إلى إيقاف إطلاق النار، والتواصل بين الأطراف المتنازعة للوصول إلى حلول. أبرز محطات مساعي الأمم المتحدة كانت محادثات مؤتمر جنيف في شأن اليمن في العام 2015، وكذلك مساعي مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن السابق، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والذي حاول جمع مسؤولين يمنيين مختلفين للوصول إلى حل سياسي يُنهي الصراع.
بالإضافة إلى مساعي المبعوث اللاحق للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيثس، والذي ترددت أنباء عن مغادرته منصبه. وكان غريفيثس قد صرّح مؤخراً إنّه وعلى الرغم من الجهود المضاعفة في الأشهر الأخيرة للتوصل إلى حل سلمي في اليمن، فإنهم لم يصلوا إلى أيّ اتفاق بين الأطراف المتنازعة.
تعنّت أطراف الصراع، ومن خلفها الدول الإقليميّة الداعمة لها، لا ينذر بنهاية الحرب الدائرة في البلاد قريباً. الحرب التي يدفع ثمنها أهل اليمن من حاضرهم ومستقبلهم
في عنق الزجاجة
الأخبار عن اليمن هي هي، وكأنّها لا تتغير بمرور الزمن. بلاد تقف على حافة المجاعة، ملايين من المدنيين يفتقدون الخدمات الرئيسيّة من طعام وشراب ودواء، وحرب متجددة، ومعارك هنا وهناك، ودول إقليميّة تدعم مجموعات محليّة متقاتلة، وصناعات وزراعات تتدهور، ورياضة تختفي، وتعليم ينهار.
اليمن بلاد تعيش على حافة الموت، لكن السلاح فيها منتشر أكثر من الخبز. وكما تقول الأمم المتحدة فإنّ "عواقب الخلافات بين أطراف الصراع اليمني لا يتكبّدها من يتخذون القرار، بل اليمنيون العاديون".
في هذه الحرب العبثيّة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف بين قتلى وجرحى، وتم تدمير آلاف المنازل، والمستشفيات، ودور العبادة، ووسائل النقل، والجسور، والتي بيعت فيها أسلحة مُصنّعة في الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وإيران وروسيا والصين، أسلحة تقدّر بمليارات الدولارات الأمريكيّة، تفشل عمليات السلام. حتى الوصول إلى محادثات مباشرة بين طرفي الصراع الرئيسيَّين (الحوثيين والسعوديّة) يفشل. وهكذا يبقى اليمن معلّقاً بين سندان الحرب الأهليّة، ومطرقة الجوع والألم.
هل تنتهي الحرب قريباً؟
ما يتمناه معظم المدنيين اليمنيين، هو أن تنتهي الحرب قريباً بحل سياسي، وأن تصل البلاد إلى حالة سلام يعيش فيها السكّان بكرامة. لكن يبدو أن الطريق ما يزال طويلاً. فعلى الرغم من جهود الأمم المتحدة والجهود الأمريكيّة المبذولة مؤخراً، وخاصةً بعد استلام إدارة بايدن سلطة البيت الأبيض، والمبادرات العربيّة المختلفة، إلّا أنّ تعنّت أطراف الصراع، ومن خلفها الدول الإقليميّة الداعمة لها، لا ينذر بنهاية الحرب الدائرة في البلاد قريباً. الحرب التي يدفع ثمنها أهل اليمن من حاضرهم ومستقبلهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...