شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

ملف قَتَلة بلا حساب

في الرابع من آب/ أغسطس 2020، وقع تفجير مرفأ بيروت الضخم الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 7000 وتشرد نحو 300 ألف آخرين. كارثة على كل المستويات نتجت عن تخزين غير شرعي لكمية من نيترات الأمونيوم لسنوات في المرفأ. ورغم أن تحديد المتورطين في ذلك أو المسؤولين عن الإهمال الذي أدى إليه بسيط، نظرياً، مضى أكثر من ثلاث سنوات بدون أن يتحقق أي تقدّم في الملف القضائي، لا بل عملت بعض الأطراف السياسية علناً على قتل التحقيق وعرقلة عمل القضاء.

غياب المحاسبة ليس أمراً جديداً في لبنان، بلد الإفلات من العقاب. لا أحد من مرتكبي سلسلة جرائم الاغتيال السياسي التي بدأت في العام 2005 عوقب، حالهم كحال مرتكبي هذا النوع من الجرائم على مدار تاريخ لبنان، قبل 2005 وحديثاً.

هذه ملفات سياسية كبيرة قد يقول البعض، وسنفترض أن تقدير هذا البعض صائب. ولكن غياب المحاسبة حاضر بصلافة في قضايا "أبسط" من المفترض أنها لا تولّد توترات سياسية واسعة مثل ضحايا الرصاص الطائش، ومثل جرائم قتل النساء، ومثل جرائم قتل عاملات منزليات، ومثل ومثل... حتى أنه يمكن القول إن غياب المحاسبة والإفلات من العقاب صار هو القاعدة.

قد لا ينتبه البعض إلى فداحة ما يجري، وقد ينظر إلى غياب المحاسبة كشيء مرتبط بحوادث منفصلة، غير واعٍ إلى أن هذه ظاهرة عامة قد تطاله. ولذلك فتحنا هذا الملف على مصراعيه للإضاءة على هذه المشكلة الضخمة التي تتطلب عملاً جاداً لتحقيق استقلالية القضاء ولإصلاح الأجهزة الأمنية.

في هذا الملف الذي أشرف على إنتاجه وتابع تفاصيله حسن عباس، أنتجنا 20 فيديو تفضح ثقافة غياب المحاسبة تقريباً في كل أنواع الجرائم التي يمكن أن تُرتكب، من انفجار مرفأ بيروت، إلى جرائم الاغتيال السياسي، إلى الاعتداء على متظاهرين مطالبين بمستقبل أفضل وقتل بعضهم، ومهاجمة مشاركين في تحركات مدنية أمام أعين القوى الأمنية، إلى جرائم قتل نساء وممارسة العنف بحق أخريات وقتل عاملات أجنبيات واغتصاب أطفال والتحرش بهم، إلى إغراق مركب طرابلس، وتفجيريْ مسجديْ التقوى والسلام، وسرقة المصارف لأموال المودعين، وبروز مجموعات تعمل على فرض رؤيتها في محيطها بالقوة بدون رقيب ولا حسيب. كما تابعنا تأثير قضايا مثل قانون العفو الصادر بعد نهاية الحرب الأهلية، وغياب استقلالية القضاء، وعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والمصالحات العشائرية، على ثقافة المحاسبة.

من المستحيل بناء ديمقراطية بدون تأكد المواطنين من أنهم محميون، أو على الأقل بدون تأكدهم أن مَن يُلحق بهم الأذى سيُعاقَب. "تقليد" الإفلات من العقاب يقف عائقاً أساسياً أمام تحقيق أي تقدّم في النظام السياسي اللبناني.

Website by WhiteBeard
Popup Image