شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
من عادات الجدّات والأجداد نستعيد ما يسهم في الحفاظ على البيئة

من عادات الجدّات والأجداد نستعيد ما يسهم في الحفاظ على البيئة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الأحد 9 أكتوبر 202203:05 م

مع تغيّر نمط الحياة واتجاه عدد لا بأس به من الناس نحو تبنّي نمطٍ استهلاكي لا يراعي البيئة، باتت ضروريةً التوعية بمخاطر هذه العادات ولفت الانتباه إلى وجود بدائل صديقة لها.

قد تبدو عادات شريحة من الجدات والأجداد الاستهلاكية وجيل من الأمهات والآباء اللواتي/ الذين عشن وعاشوا في زمن يُعدّ أكثر بطئاً من حاضرنا، كممارسات مملة لبعض الأفراد ممن ينتمون إلى جيل يستسهل الحصول على وجبة جاهزة بكبسة زر، أو شراء ثياب جاهزة عبر التسوق الإلكتروني خلال لحظات.

يبدو البحث عن حلول فردية لترشيد الاستهلاك، وتالياً التخفيف من كمية النفايات، التي تعدّ حكوماتنا إيجاد حلول لها أمراً لا يقع على قائمة أولوياتها، كمحاولات يائسة لمواجهة كارثة بيئية يمتد أثرها ليطال جميع نواحي حياتنا. بالرغم من ذلك، تبقى هذه المحاولات الفردية وسائل تساهم في تعميق ثقافة اجتماعية تراعي البيئة.

من منا لا يذكر تلك الخرق البالية التي تبتكرها أمهاتنا وجداتنا من ملابسنا القديمة لإعادة استعمالها؟

ومع عدم وجود سياسات وممارسات حكومية في منطقتنا تسعى إلى تكرير النفايات أو التوعية بمخاطر الاستهلاك الجائر لمواد مثل البلاستيك، يظل وعي الأفراد بالحاجة إلى الضغط في هذا الاتجاه نقطةً أساسيةً لتحقيق تغيّر مستقبلي. وليست دول الغرب أفضل حالاً في التعاطي مع البيئة، فهناك كميات هائلة من النفايات ومن أنواع المواد المختلفة التي لا يتم تكريرها، والتي تزداد مع حجم الاستهلاك الكبير في تلك الدول التي تنفتح أسواقها على عدد لا نهائي من السلع. ومع علمنا بهذا، لا تلغى مسؤولية حكومتنا عن العمل لإيجاد سياسات وحلول ليصبح التكرير واقعاً بديلاً.

الحلول ليست محصورةً في النساء

وكما قد يوحي الحديث عن عادات الجدات بأنه موجه إلى النساء، لكن الاستهلاك لا يقتصر عليهن، ويشمل جميع الفئات الجندرية. وفي حالات كثيرة، توجهت المنظمات غير الربحية المعنية بتوفير حلول مستدامة لقضايا التدبير المنزلي إلى النساء، على افتراض أنهن من يساهمن في الجزء الأكبر من هذا الواجب، وعملت على رفع وعيهن بطرق التكرير وتجنب الإهدار.

تكرس هذه الجهود، بالرغم من النوايا الحسنة، سرديات تضاعف أعباء النساء وتجعلهن ملامات في قضايا البيئة. لكن رؤيتنا تنفتح على أفق تتشارك فيه جميع الفئات الجندرية أعباء الفضاء الخاص والعام من دون حصر أو تقييد.

بهذا، ينطلق المقال من رؤية تفترض التشاركية والتساوي في تحمل الأعباء المنزلية وتنظيم مصاريف المشتريات وخياراتها. لذا تأتي استعادة تلك الممارسات لتعزز المسؤولية المشتركة ولتمكّن جميع الفئات الجندرية من إيجاد حلول لتخفيف الاستهلاك.

قد تبدو عادات شريحة من الجدات والأجداد الاستهلاكية وجيل من الأمهات والآباء اللواتي/ الذين عشن وعاشوا في زمن يُعدّ أكثر بطئاً من حاضرنا، كممارسات مملة لبعض الأفراد ممن ينتمون إلى جيل يستسهل الحصول على وجبة جاهزة بكبسة زر، أو شراء ثياب جاهزة عبر التسوق الإلكتروني

إعادة الاستعمال

من منا لا يذكر تلك الخرق البالية التي تبتكرها أمهاتنا وجداتنا من ملابسنا القديمة لإعادة استعمالها، قبل أن تمتلئ رفوف السوبر ماركت والبقالات بخرق التنظيف التي يمكن شراؤها بسهولة؟ كانت هذه الخرق حلاً ناجعاً للتنظيف، والذي بدوره يخفف من شراء واستهلاك الأقمشة وإهدارها. وعلى بساطة هذا الحل يُعدّ الآن من الوسائل الأساسية التي يتم العمل لتفعيلها لتخفيف الإهدار.

لم يكن رمي الملابس عادةً اجتماعية، وكان يتم غالباً توريث الثياب من الأكبر إلى الأصغر في العائلة أو العائلات ذات الإمكانات المادية الأقل.

بشكل مشابه، فإن خيال معظم جداتنا وأمهاتنا في استخدام علب البلاستيك الفارغة وإعادة استعمالها في قصائص الزهور والنباتات، هو من الأساسيات المتبعة في فنون التكرير اليدوي التي يتم تعليمها في عدد من دول العالم.

يبدو حرص أمهاتنا وجداتنا على عدم الإهدار الذي قد يكون نابعاً من القلة الاقتصادية ومن صعوبات الحياة، عادةً يوحي غيابها بالوفرة التي قد ينعم البعض بها في وقتنا هذا. لكن لا يلغي توافر الإمكانات ضرورة النظر إلى هذه العادات بتقديرٍ لما فيها نفع للبيئة. ولم تزل صور أزمة النفايات التي عايشها لبنان حاضرةً في أذهاننا، علها تكون دفعاً نحو العمل للتغيير.

لذا، يُعدّ تجنب شراء الكثير من المياه المحفوظة بالعبوات البلاستيكية، عبر استعمال عبوات يمكن إعادة استخدامها، حلاً لتجنّب مخلفاتها. ويظل الحل الأفضل في وقتنا هذا لمشكلة تراكم مخلفات النفايات هو تجنبها منذ البداية إما عبر تخفيف الاستهلاك، أو عبر استخدام بدائل تقلل من المشتريات التي تغلَّف بالكثير من البلاستيك أو الكرتون.

الطبخ في المنزل

مع ازدياد تطبيقات الطعام وزيادة ساعات العمل، تصبح الوجبات الجاهزة حلاً يريح من العناء. لكن، تحضيرنا لوجباتنا يساهم في الحد من استخدام العلب البلاستيكية والكرتونية التي تُستعمل لإيصال الطعام، كما يخفف من هدر الطعام ويوفر في المصروفات.

تحضيرنا لوجباتنا يساهم في الحد من استخدام العلب البلاستيكية والكرتونية كما يخفف من هدر الطعام.

من جهة أخرى، يفيد الطبخ من خضروات الموسم بالحصول على المكونات الطازجة، ويقلل من الاعتماد على البيوت البلاستيكية وعلى الاستيراد وما يتطلبه من محروقات لوسائل النقل التي تحمل السلع لإيصالها.

ولزيادة الخضروات والفواكه على وجباتنا الغذائية أثر مهم في التخفيف من استهلاك اللحوم، والتي تتطلب بدورها مساحات خضراء كبيرةً لتربية المواشي، كما أنها تزيد من حجم الغازات المنبعثة.

وليست فكرة تجهيز قائمة بالمشتريات أمراً غير ذي أهمية، ففي حقيقة الأمر يجنبنا ذلك شراء مواد وسلع قد لا نحتاجها وتالياً عدم إهدارها عند فسادها في حال لم تُستخدم.

المؤونة

الأوعية الكبيرة التي كانت تمتلئ بشتى الخضروات في انتظار طهيها ليتم تجميدها لم تعد حاضرةً في حياة الكثيرات/ الكثيرين، تحديداً في لبنان وسوريا مع انقطاع الكهرباء وصعوبة الحفاظ على المواد الغذائية صالحةً. إلا أن نعمة الشمس في منطقتنا تسمح باللجوء إلى التجفيف كحلٍّ يغني عن التجميد.

الحديث عن "المونة" وتخفيف الاستهلاك ليس ترفاً في ظل غياب الأساسيات في منطقتنا، بل على العكس، يساعد ذلك في التوفير وفي تجنّب المصاريف الكبيرة.

مثلاً، تساعد الطماطم والفاصولياء والباميا والملوخية المجففة في الاستثمار في الغذاء الذي تنتجه منطقتنا ويسهل تجفيفها في مواسم قطافها. ويمكن تحضير الطماطم كمعجون أو كعصير بطبخها على الغاز في حال توافره. أما الفواكه، فيُفضَّل تناولها طازجةً في موسمها.

خيال معظم جداتنا وأمهاتنا في استخدام علب البلاستيك الفارغة وإعادة استعمالها في قصائص الزهور والنباتات، هو من الأساسيات المتبعة في فنون التكرير اليدوي التي يتم تعليمها في عدد من دول العالم

إصلاح الآلات والأدوات المعطلة

كثيراً ما كنا نرى في منازل الجدات والأجداد كرسياً مربوطاً بالحبال كي يستمر في أداء مهماته تحت أكبر ضغط.

طقس الإصلاح وعادات الحفاظ على الأثاث والأجهزة القديمة بما تحمله من معانٍ قد توحي بالفقر والعوز، إلا أنها عادات فعالة تسهم في حماية البيئة.

لا تكلّ شركات الأجهزة المتطورة من التنافس على تقديم أحدث وأفضل التكنولوجيا بشكل متسارع، لذا من الضرورة الوعي بمخاطر شرائها على البيئة، عدا ما يرافق ذلك من عمالة الأطفال ومن أضرار للموارد الطبيعة من معادن تُستخدم بشكل جائر.

وفي العديد من الدول، بات تعلّم إصلاح الآلات والأدوات المعطلة نشاطاً مهماً لتجنب تحولها إلى قمامة لا مكان لها سوى قاع المحيطات والبحار.

وصفات الجدّات وأعشابهن السحرية

للبعض ذكريات جميلة مع رائحة نعنع الجدات، بينما قد يصاب البعض بالدوار لمجرد تذكّر طعم الكمون المرّ مع الليمون الحامض.

عربة التسوق القديمة هي حل مثالي لتجنّب استخدام الأكياس البلاستكية.

هذه الممارسات تعتمد على المواد الطبيعية وعلى التخفيف من الأدوية بمركباتها الكيماوية (مع الأخذ برأي الطبيب/ ة)، ومن شأنها تقليل الاعتماد على الأدوية لأقل الأوجاع التي يمكن معالجتها ببعض الأعشاب، إذ يُعدّ التخلص من علب الأدوية ومن مركباتها السامة من التحديات البيئية الأساسية.

في خزائن مطبخنا نجد الزهورات والكمون والعصفر وغيرها من البهارات والأعشاب التي ترفع المناعة وتجنبنا بقدرٍ ما التعرض لوعكات صحية. وتعمل منظمة الصحة العالمية على التوعية ضد الاستخدام المبالغ فيه للمضادات الحيوية إذ إنها كما تقول لا تعالج المضادات الفيروسات التي تسبب نزلات البرد والأنفلونزا.

تجنّب شراء المواد في أكياس بلاستيكية

عربة التسوق القديمة التي حملت الخضروات من السوق إلى المنزل، هي حل مثالي لتجنّب استخدام الأكياس البلاستكية. تغدقنا المحال والبقاليات بكميات كبيرة من الأكياس البلاستكية، لكن حمل كيس قماشي أو استخدام عربة التسوق يسهم في الحد من عادة إهدار الأكياس البلاستيكية التي تُعدّ سلاحاً قاتلاً لعدد غير محدود من الكائنات الحية.

في ظل غياب الآليات الحكومية وضعف المبادرات المدنية لتطبيق ممارسات تحمي البيئة، تصبح المبادرات الفردية وعلى مستوى العائلة بادرة أمل تخلق نماذج إيجابيةً. مراقبة الذات في أصغر تفاصيل الاستهلاك والوعي بمخاطره يساهمان في الحد منه وفي تعزيز ممارسات واعية تجاه البيئة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard
    Popup Image