أصدر القضاء المصري، الأحد، حكماً بالسجن عاماً كاملاً بحق مقدم تلفزيوني مصري يدعى محمد الغيطي، بعد أن استضاف في برنامجه رجلاً مثلي الجنس، ما اعتبره القضاء "ترويجاً للمثلية وتحريضاً على الفجور وازدراءً للأديان" بحسب القانون المصري الذي يحظر ظهور المثليين في وسائل الإعلام.
محكمة الجنح في الجيزة غرمت الإعلامي المصري بثلاثة آلاف جنيه (ما يعادل 147 دولاراً)، بالإضافة إلى السجن عاماً، وأمرت بوضعه تحت المراقبة لمدة عام آخر بعد انقضاء عقوبته.
حكم مشدد
لا يزال من حق الغيطي استئناف الحكم، وغالباً ما ستخفف عنه العقوبة كما هو شائع، ويلجأ القضاء المصري كثيراً إلى النطق بأحكام مشددة لتهدئة الرأي العام في القضايا الجدلية أو التي تتعارض مع “المألوف" ولردع الأشخاص عن الإقدام على أفعال مماثلة، كما يمكن للقضاء تعليق الحكم فور دفع قيمة الكفالة (الغرامة) ألف جنيه مصري بانتظار نتيجة الاستئناف.
وترجع أحداث القضية إلى آب/ أغسطس 2018، حين استضاف الغيطي شاباً مثلياً في برنامجه التلفزيوني على محطة "تي أل سي" الخاصة، وكان موضوع الحلقة التي بثت مباشرة المثلية الجنسية ما أثار حفيظة المحامي المثير للجدل سمير صبري الذي تعود على رفع قضايا على المشاهير لأسباب تافهة أحياناً، إلى التقدم ببلاغ ضده للنائب العام المصري نبيل صادق.
وسبق أن استضاف الغيطي مجموعة من الشباب مثليي الجنس في مارس 2017، وتحدث الشباب آنذاك عن أعداد "ضخمة" من المثليين لكن يبدو أن صيت الحلقة لم يصل المحامي صبري وقتها.
وخلال المقابلة موضوع الحكم، تحدث الضيف المثلي، الذي تم حجب وجهه حتى لا تكشف هويته، عن عمله "بائع هوى" لعدد من أثرياء الخليج طيلة 17 عاماً، كما ذكر بالتفصيل علاقته بأحد الرجال، فيما شدد الغيطي على معارضته العلاقات الجنسية أثناء الحلقة وفي مناسبات عدة بعد ذلك.
وعقب إذاعة الحلقة، أوقف المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري المحطة لأسبوعين لما وصفها بـ "انتهاكات مهنية" مشيراً في بيان إلى أن قناة "تي أل سي" انتهكت قرار "منع ظهور المثليين أو الترويج لشعاراتهم".
وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري أصدر قراراً بمنع ظهور المثليين في وسائل الإعلام عقب غضب ساد وسط المجتمع المصري بعد ظهور علم بألوان قوس قزح وهو رمز المثليين في حفل فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية في القاهرة عام 2017 كما أصدرت نقابة المهن الموسيقية المصرية قراراً بمنع الفرقة من إقامة حفلات في مصر آنذاك وقبضت السلطات على عدد من الشباب المشارك بالحفل وحكم على واحد منهم بالسجن 6 سنوات بتهمة "ممارسة الشذوذ".
حُرّاس الفضيلة
كان الغيطي المعروف بميله وولائه التام للنظام الحالي سياسياً، أكثر الساخطين على فرقة مشروع ليلى عقب رفع علم المثلية في حفلهم في القاهرة، واتهمهم آنذاك بانتهاك "أبسط قواعد الحرية الشخصية" بفرض ميولهم المرفوضة على مجتمع بأسره، وكال الشتائم للمثليين ولأعضاء الفرقة معتبراً أنهم "لا يمتّوا للرجولة بصلة".https://www.youtube.com/watch?v=dN7VZbRxBj8
اتهم الغيطي آنذاك الفرقة ببث الفجور والدعوة للفحشاء والإخلال بالمجتمع، والمحامي سمير صبري حسبما جاء في البلاغ، يتهم اليوم الغيطي بـ"مخالفة أبسط القواعد والثوابت الدينية وضرب بعرض الحائط كل القوانين"، باستضافته شاباً مثلياً في برنامجه، وطرح العديد من الأسئلة التي "لا تجوز إذاعة إجابتها على الفضائيات أو على أي وسيلة إعلامية أخرى" عليه.
وبحسب صبري، الذي لطالما نصّب نفسه حارساً للفضيلة ووصياً على المجتمع المصري، فإنه "من الثابت أن هذا المسلك من الغيطي يعد تحريضاً على الفجور والتلويح بالإغراءات المالية نتيجة ممارسة المِثلية الجنسية".
كما أدان صبري "استعراض الإعلامي على الهواء مباشرة المكاسب والمميزات التي حققها المِثلي الذي استضافه" على حد قوله، مستطرداً "هذا المسلك المخالف للشرع والقانون".
وصبري واحد من أشهر المحامين بمصر لا من حيث النجاعة القانونية، بل لأنه اختص باستهداف الفنانين والشخصيات العامة، وكلما شب خلاف في المجتمع بشأن ظاهرة ما، هرع إلى مسرح الواقعة ورفع قضيةً ضد مرتكب الفعل، وأياً كانت بساطته وجد له مدخلاً قانونياً. ومن أبرز البلاغات التي تقدم بها، طلبه رفع اسم الرئيس الأسبق حسني مبارك عن اللافتات بجميع الشوارع والميادين المصرية عقب إسقاط نظامه. وحديثاً اتهم الفنانة رانيا يوسف بالإساءة إلى سمعة المرأة المصرية لارتدائها فستاناً اعتبره خليعاً، وقضيته ضد الفنانة شيرين بسبب "مزحة" عن سوء مياه الشرب في مصر وغيرها من الدعاوى التي رفعها ضد مشاهير.
لا مكان للمثلية في مصر
وتحدد المادة 14 من قانون مكافحة الدعارة بالقانون المصري لسنة 61 مادة 1، فقرة (أ) عقوبة كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له, وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة، بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من 100 جنيه إلى 300 جنيه.
كما ينص قانون العقوبات في مصر على مكافحة الفسق والفجور، وفق المادة 178، التي تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين من يرتكب أي فعل يعد من أشكال الفسق أو الفجور.
أصدر القضاء المصري، الأحد، حكماً بالسجن عاماً كاملاً بحق مقدم تلفزيوني مصري يدعى محمد الغيطي، بعد أن استضاف في برنامجه رجلاً مثلي الجنس، ما اعتبره القضاء "ترويجاً للمثلية وتحريضاً على الفجور وازدراءً للأديان".
كان الغيطي المعروف بميله وولائه التام للنظام الحالي سياسياً، أكثر الساخطين على فرقة مشروع ليلى عقب رفع علم المثلية في حفلهم في القاهرة، واتهمهم آنذاك بانتهاك "أبسط قواعد الحرية الشخصية" بفرض ميولهم المرفوضة على مجتمع بأسره.
كان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري أصدر قراراً بمنع ظهور المثليين في وسائل الإعلام عقب غضب ساد وسط المجتمع المصري بعد ظهور علم بألوان قوس قزح وهو رمز المثليين في حفل فرقة "مشروع ليلى" اللبنانية في القاهرة عام 2017.
وتعد "العلاقات المثلية" من أنماط الفسق في مصر، و "عيباً وعاراً" ما يدفع بالمثليين إلى إخفاء ميولهم الجنسية خشية التعرض للاضطهاد وأعمال العنف، وفي حال أعلنت قلة من المثليين المصريين المقيمين بالخارج ميولها الجنسية، لا يفلت هؤلاء أو ذويهم من الانتقادات أو التهديدات كما حدث مع المصرية داليا الفغال التي أعلنت زواجها بصديقتها في الولايات المتحدة لتتعرض ووالدها لسيل من السباب والتهديدات أجبرتها في النهاية على حذف حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي والاختفاء.
وفيما تقدر أخصائية الطب الجنسي الشهيرة هبة قطب أن 10% إلى 12% من المصريين مثليو الجنس اعتماداً على بيانات حديثة من الولايات المتحدة، تشير التقديرات الرسمية إلى أن نسبة المثليين والمثلييات تقتصر على 1.6% من جملة المصريين. وبحسب مسح أجراه مركز بيو المتخصص للدراسات الديموغرافية عام 2013، فإن 95% من المصريين يعتقدون أن المثلية الجنسية لا ينبغي أن تقبل في المجتمع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...