اختارت الفتاة المصرية المثلية ميرال مختار موقع فيسبوك لتعلن فيه قصة حبها لفتاة مصرية أخرى تدعى نوران الجندي، كاشفةً حلمَها بالزواج منها. المنشور الذي شاعَ بشكل كبير في مصر على مدى يومين، هاجمه الإعلام المصري، معتبراً تلك المكاشفة بالرغبة بالزواج بين مثليتين منافيةً "لعادات المجتمع المصري المسلم"، في حملة وصفتها منظمات حقوقية بأنها ممنهجةٌ لشيطنة الاختلاف الجنسي وهي دليل على تفشي رُهاب المثلية الجنسية.
ويوم 16 يوليو الماضي حكت مختار التي تعمل فى مجال الرسم والفنون، عبر صفحتها على فيسبوك قصة حبها للجندي التي بدأت بحسب قولها منذ أول يوم تقابلتا فيه، حين تأخرت عن موعدها معها، مضيفة أنهما مرتا بصعوبات وتحديات كثيرة، لكنهما كانتا معاً دائماً، خاتمة منشورها بأنهما لا تستطيعان الافتراق عن بعضهما أكثر من 100 مترٍ فقط، بحسب تعبيرها.
أضافت مختار: "مش هنسى أيام جوعنا ونومتنا علي الأرض في عز الشتاء، بس أنت كنت بتدفيني دايماً، كانت أكثر سنة صعبة علينا ومحدش وقف فيها جمبنا بس مكنتش محتاجة حد غيرك، عدينا بحاجات كتير بس وصلنا في الآخر للي كنا بنحلم بيه من سنة، وهنعرف نقف على رجلنا تاني ونبني حياتنا"، خاتمة منشورها بقولها: "بحبك ومستنية يوم جوازنا واليوم إللي هنبني فيه عيلتنا ونجيب بنات وولاد ونعيش في تبات ونبات".
ورغم أن ميرال كتبت منشورها منذ عدة أشهر، تحديداً يوم 16 يوليو الماضي، إلا أن أنه لم يخرج وقتها عن قائمة أصدقائهما على الفيسبوك، إلى أن وصل له بعضُ المستخدمين مؤخراً وقاموا بتبادله، مهاجمين الفتاتين. بدورها تلقفت وسائلُ الإعلام المصرية المنشورَ معتبرة أنه "كارثةٌ بكل المقاييس" ويتعارضُ "وقيم وعادات المجتمع المصري"، بحسب ما جاء في تغطيات العديد من المواقع المصرية.
الهجوم الذي تعرضت له الفتاتان المصريتان اللتان تعيشان حالياً في الأراضي الكندية، جعل نوران الجندي تكتب، أمس الثلاثاء، على حسابها في فيسبوك رسالة لكل أصدقائها، قائلة فيها: إلى كل أصدقائي هنا على فيسبوك يرجى ملاحظة أنه إذا كان أي شخص هنا لا يقبلني كما أنا، ولا يقبل مجتمع المثليين جنسياً، سأكون سعيدة إذا حذف نفسه من حسابي، فأنا سحاقية صريحة، وهذا ليس عاراً بالنسبة لي، هذه أنا، لذا من فضلك إذا كان أي شخص هنا لا يقبل ذلك تقدم واحذفني".
كما عبرت ميرال، الثلاثاء، عن عدم اهتمامها بالجدل الذي خلقه منشورها في مصر، قائلة، إنه ليس من حق أي إنسان أن يوجه لهما الهجوم أو يدخل على حسابهما ليوجه لهما رسائل كراهية أو سخرية، مضيفة بثقة "إذا لم تكن تعجبك ميولنا الجنسي لا تدخل حساباتنا أو ترسل لنا طلب صداقة"، خاتمة منشورها: "إحنا بنتين مثليتين، خليكم أنتم في البلاعة اللي عايشين فيها".
إعلانٌ عن قصة حبّ بين مثليتين مصريتين، يقابله هجوم من الإعلام المصري، معتبراً تلك المكاشفة بالرغبة بالزواج بين مثليتين منافيةً "لعادات المجتمع المصري المسلم".
بحسب تقرير حقوقي، العديد من وسائل الإعلام المصرية صارت راعياً إعلامياً للحملة التي يقوم بها الأمن المصري ضد المثليين جنسياً بهدف شيطنة الاختلاف الجنسي واعتباره جريمةً وليس حقاً من حقوق الإنسان.
نتيجةً للهجوم عليهما أيضاً حذفت الفتاتان كل منشوراتهما على الفيسبوك مساء الثلاثاء، أو جعلاها غير مرئية للعامة. ورفضت ميرال الرد على رسالة من رصيف22 للتعليق على الجدل الذي خلفه إعلانها برغبتها بالزواج من صديقتها نوران.
ويحظر القانون المصري نشاط المثليين والمثليات، ويجرمها بعقوبات جنائية ضدهم باعتبار أن ما يقومون به "تحريض على الفسق والفجور".
رُهاب المثلية الجنسية
وبحسب تقرير حقوقي صدر في القاهرة في العام 2017، فإن العديد من وسائل الإعلام المصرية صارت راعياً إعلامياً للحملة التي يقوم بها الأمن المصري ضد مثليي الجنس بهدف شيطنة الاختلاف الجنسي واعتباره جريمة وليس حقا من حقوق الإنسان.
التقرير الذي أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعنوان "المصيدة.. عقاب الاختلاف الجنسي في مصر" يوثق للحملة غير المسبوقة التي يقوم بها الأمن المصري السنواتِ الأخيرةَ ضد المثليين جنسياً، والتي بلغت ذروتها، في أكتوبر عام 2017 بإلقاء القبض على أكثر من 75 شخصاً على الأقل على خلفية واقعة التلويح بعلم قوس قزح، شعار المثلية في العالم، خلال حفلٍ غنائي لفرقة "مشروع ليلى" اللبنانية بأحد المراكز التجارية بالقاهرة.
يظهر التقرير أن الطريقة التي تغطي بها غالبية وسائل الإعلام المصرية أخبار المثليين ومتغيري الجنس "الترانس" تهدف إلى نشر حالة من الفزع الأخلاقي في المجتمع، من خلال صياغة إخبارية يتم من خلالها شيطنتهم وتشويههم وتصويرهم على أنهم ليسوا بشراً، ونشر تقارير بعناوين ساخنة مبالغ فيها تظهر المثليين بوصفهم يشكلون تهديداً لقيم المجتمع، ويمثلون خطراً على عموم المواطنين في ما يسميه الحقوقيون "رُهاب المثلية الجنسية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...