شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"الزفاف": قصة شاب يعيش صراعاً داخلياً للتوفيق بين مثليته ودينه وزفافه

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 24 أغسطس 201805:46 م
عند مشاهدة الترايلر الأول لفيلم The wedding يعتقد المشاهد للوهلة الأولى أن القصة تدور حول موضوع البرودة الجنسية التي يعززها العصر الرقمي وتسلل الأجهزة التكنولوجية إلى السرير، إلا أن الفيلم يتحدث عن وجود ثغرةٍ أساسيةٍ في العلاقة العاطفية بين البطلين: الصراع مع الهوية الجندرية ومحاولة الهروب من الواقع المرير. إليكم نظرة خاطفة على فيلم "الزفاف" The wedding للمخرج "سام عباس" ومن المرجح أن يحدث "ضجة" في الشرق الأوسط عند عرضه في قاعات السينما.

الدين في وجه الخيارات الجنسية

تدور قصة فيلم "الزفاف" حول شاب يواجه "التابوهات" الموجودة داخل الثقافة الإسلامية بهدف استكشاف حياته الجنسية. في الفيلم، يلعب "عباس سام" دور "رامي" وهو رجلٌ مسلم يعيش في نيويورك ويستعد لحفل زفافه مع سارة التي تجسّد دورها الممثلة الكندية "نيكول بوشيري".
سبق أن ألقت الشرطة المصرية القبض على منظم حفلات مثلي واتهمته بالفجور.. لذا فإن معظم الناس المهتمين بالفيلم لن يذهبوا لمشاهدته من باب الخوف.
إذا كنت تعيش في بلدٍ معادٍ للLGBTQ فهذا الفيلم من شأنه أن يظهر لك أنك لست وحدك.
وبالرغم من انهماكه في تحضيرات الزفاف، فإن رامي يعيش صراعاً داخلياً في السرّ للتوفيق بين مثليته الجنسية وبين معتقداته الدينية. ما يميّز فيلم "الزفاف" عن سواه هو قربه من الواقع، خاصة أن "سام عباس" استلهم أحداث الفيلم من حياته الخاصة وما مرّ به من تجارب شخصية، إذ كشف لصحيفة "هافيغتون بوست" أن هذا الفيلم قريب جداً منه:"يتحدث عن جزء من حياتي"، مؤكداً أن التنشئة الثقافية والدينية تؤثر على حياة المرء اليومية بغض النظر عن وجهة النظر الشخصية التي يكون قد اتخذها. فيلم "الزفاف" ليس الأول من نوعه لـ"عباس" الذي سبق أن أنتج فيلماً جريئاً في العام 2016 بعنوان Time to Come وهو عبارة عن روايةٍ قصيرةٍ تدور أحداثها حول موضوع المثلية الجنسية والشريعة الإسلامية، إضافةً إلى مناقشة تأثير الثقافة والدين على العلاقات العاطفية: رامي شاب مسلم من الشرق الأوسط مرتبط بعلاقةٍ عاطفيةٍ مع "لي" وهو شابٌ من أصول آسيوية-أميركية، وتصبح العلاقة بينهما "على المحك" حين يطلب "لي" من رامي إخبار والدته عن حقيقة ارتباطهما. https://vimeo.com/204296486

تضييق الخناق

تنظر غالبية دول الشرق الأوسط إلى المثلية الجنسية على اعتبار أنها مسألة "محرّمة وغير قانونية"، ففي مصر مثلاً ترفض الغالبية العظمى من المواطنين تقبّل المثلية، وفق ما أظهره إستطلاع أجراه مركز "Pew" للأبحاث في العام 2013 وكشف أن 95% من المصريين الذين شملهم الاستطلاع اعتبروا أن المثلية الجنسية يجب ألا تكون جزءاً من المجتمع. وفي خضم سياسة "تضييق الخناق" التي تمارسها الحكومات العربية على مجتمع الميم، سواء كان ذلك عن طريق "موجات" الاعتقالات والاستدعاءات واتهام الأفراد بنشر الفسق والفجور انطلاقاً من اعتبار المثلية الجنسية "جريمة" يعاقب عليها القانون، تحاول بعض الأسماء "كسر" التابوهات والإفلات من القيود الاجتماعية من خلال طرح مواضيع جريئة تتناول الحريات الشخصية وحقوق الإنسان، وخاصة الحق في ممارسة الحرية الجنسية. ومن بين هذه الأسماء الساعية إلى إحداث "تغيير" في عقلية المجتمع العربي وجعله يتقبل مختلف التوجهات، يبرز إسم المخرج المصري- الأميركي "سام عباس" الذي يحاول من خلال أعماله الجريئة تسليط الضوء على قضايا حيوية تثير الكثير من الجدل، لعلّ أهمها معركة المثليين والمثليات في المجتمعات العربية والصراع الداخلي الذي يعيشه الفرد بين ميوله الجنسية والإملاءات الدينية المفروضة عليه من قبل البيئة التي يعيش بها.

التحديات

واجه "عباس سام" تحدياتٍ كبيرة لجعل فيلم "الزفاف" يبصر النور، وبعد إطلاقه لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي لعام 2018، من المقرر عرضه في نوفمبر القادم في الشرق الأوسط فقط،في عروض "خاصة" بناء على دعواتٍ معيّنةٍ. وقد علّق "عباس" على هذا الموضوع: "لقد كافحنا طويلاً لإيجاد طريقةٍ لعرض الفيلم في قاعات السينما إلى أن تمكنّا من إيجاد طريقةٍ مناسبةٍ لعرضه في جميع أنحاء الشرق الأوسط". أدرك المخرج المصري مسبقاً صعوبة إقناع الناس في الشرق الأوسط بمشاهدة الفيلم، ومع ذلك قرر الانخراط في هذه المواجهة المحتدمة والتي تتحكم بها الكثير من الاعتبارات، شارحاّ ذلك بالقول:"سبق أن ألقت الشرطة المصرية القبض على منظم حفلات مثلي واتهمته بالفجور، لذا حتى وإن كنا نعرض الأفلام في قاعات السينما فإن معظم الناس المهتمين به لن يذهبوا لمشاهدته من باب الخوف". بالرغم من ثقافة الخوف السائدة في مجتمعاتنا، يبدو أن هناك "بصيص أمل" و"ترحيبًا شعبيًا"، فقد أوضح المخرج المصري لموقع Hollywood reporter أنه سبق أن قام بعرض عملٍ خاصٍ في مصر نجح في استقطاب جمهورٍ رائعٍ وحصل على ردود أفعال مذهلة. وعن هذه التجربة قال:" كان من الجميل رؤية مثل هذا الرد على فيلم فني"، مضيفاً: "يمكنك أن تعتبر هذا النظام نوعًا من "الحداثة" في العصر الحديث، فعوضاً عن تقديم المشروبات الكحولية، نقدم أفلاماً تتحدث عن مجتمع الميم".

نحو سينما داعمة لمجتمع الميم

يعتبر The wedding أول فيلم لـ"عباس" يصدر عن شركة ArabQ التي تهتم بإصدار الأفلام التي تدور حول مجتمع الميم. تسعى هذه الشركة التي تتخذ من الإسكندرية، مقراً، إلى إنتاج أفلام ووثائق تتحدث عن تجربة الLGBTQ التي لها صلة بالشرق الأوسط، الأمر الذي يتطلب مديراً أو منتجاً من مجتمع الميم، وفق ما تؤكده الشركة نفسها.
التنشئة الثقافية والدينية تؤثر على حياة المرء اليومية بغض النظر عن وجهة النظر الشخصية التي يكون قد اتخذها.
في هذا الصدد، يفضل "عباس" أن يبقي أسماء الداعمين والذين يقفون وراء هذه الشركة، مجهولة بسبب "الوصمة" التي تلاحق أفراد مجتمع الميم ومسألة التمييز على أساس الجنس التي لا تزال شائعة في مصر. وفي حديثه مع "هوليوود ريبورتر" أكد "سام" أنه كان من السهل تأسيس شركة ArabQ في نيويورك أو في أي مكانٍ آخر في أميركا، إلا أن اختيار مصر جاء من باب "التشجيع على المزيد من السينما التي تحكي عن المثلية والتي لديها ارتباط وثيق بالشرق الأوسط". في الختام يأمل "عباس" من فيلمه الجديد The wedding أن يتمكن من الدخول إلى عقلية الجمهور وفتح أذهانه على واقع حياة المثليين والمثليات في الشرق الأوسط، قائلاً:"لا يدرك الناس خطورة أن تكون عضواً في مجتمع الميم في بعض الأجزاء من الشرق الأوسط، ومع ذلك لا يزال هناك مجتمع قائم ونشيط للغاية في أكثر الطرق السرية". وعليه يسعى المخرج المصري إلى جعل المشاهد يفهم الخطر الذي يواجهه الشخص المثلي لناحية "القمع والإبعاد"، موجهاً الرسالة التالية: "إذا كنت تعيش في دولةٍ صديقةٍ للLGBTQ فمن المحتمل أن يفتح الفيلم عينيك لكي تكون صادقاً مع نفسك كما يسمح لك بأن تكون صادقاً مع الناس من حولك، بغض النظر عن القيم الأخلاقية التي تعلمتها، أما إذا كنت تعيش في بلدٍ معادٍ للLGBTQ فهذا الفيلم من شأنه أن يظهر لك أنك لست وحدك".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image