شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"النساء حليفاته، أما أنا فعدوّه اللدود!"... لماذا لا يؤمن بعض الرجال بزوجاتهم؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 30 أكتوبر 202104:28 م

"قبل الزواج، وتحديداً في بداية فترة تعارفنا، كان عندي شغف كبير بالحياة والنجاح. كنت أتمنى أن أصبح أهم صحافية في مصر، والوطن العربي، وعندما كنت أخبره بذلك، كان يقول إنه ليس عنده أدنى شك. كنت أطير فرحاً بكلماته، فقد وجدت رجلاً يؤمن بي، ويساعدني على تحقيق أحلامي، وعندما بدأت علاقتنا بالتحوّل تدريجياً، من مجرد معرفة عمل، إلى إعجاب متبادل، ثم حب جارف، فارتباط رسمي. ثم شعرت أن كلامه عن مستقبلي وأحلامي بدأ يتغير، وصار ينصحني بالتركيز أكثر على مجال عملٍ آخر"، تقول ريهام علي، لرصيف22.

وتضيف السيدة التي تعيش في الجيزة في مصر: "هنا بدأت أشعر بالخوف، لكن حبه الكبير، ووعوده بتقديم الدعم لي، كانت تطمئنني بعض الشيء. ولكن، بعد الزواج، فوجئت بشخص آخر يراني؛ لا أُجدي نفعاً في أي شيء، فهو لا يدع فرصةً، إلا ويُظهِر لي فيها مدى جهلي بالأمور، وأنني لا أفهم شيئاً، وأنني دائماً على خطأ، وأنه هو الصواب الوحيد في حياتي".

توقفت الفتاة لحظات عن الكلام، ثم تابعت مستنكرةً: "لا أستطيع أن أفهم كيف تحوّل هذا الشخص، من إنسان يؤمن بي، ويخبرني بأنه سيظل بجانبي، حتى أحقق جميع أحلامي، إلى شخص يراني لا شيء، ويخبر الجميع بذلك؟".

تأسف ريهام لأن زوجها نجح في هزّ ثقتها بنفسها، لتتحول إلى إنسانة عاجزة عن المحاولة، خوفاً من الفشل. "ربما الشيء الوحيد الذي يجعلني أتمسك بتحقيق ما أحلم به، هو أمي التي تؤمن بي، وتثق بقدراتي، وتخبرني دائماً بأنني سأكون ما أريد، وسوف أصبح قدوةً لأولادي، يفتخرون بها كما أتمنى".

لا أستطيع أن أفهم كيف تحوّل هذا الشخص، من إنسان يؤمن بي، ويخبرني بأنه سيظل بجانبي، حتى أحقق جميع أحلامي، إلى شخص يراني لا شيء؟

الأصل في التربية

ماذا إذا كان هذا الرجل هو العقبة الأولى والأساسية في طريق المرأة؟ وماذا إذا كان يعيدها ألف خطوة إلى الوراء، بدلاً من أن يدعمها في المضي نحو المستقبل؟ وماذا لو صدرت هذه التصرفات عن شريكها الذي تنتظر منه المساندة أكثر من أي شخص آخر؟

يقول استشاري العلاقات الأسرية والاجتماعية، الدكتور أحمد علام، لرصيف22: "الرجل قبل الزواج يخبر الفتاة بأنه موافق على أمور معينة تخص مستقبلها، وأنه سيكون مصدر الدعم الأول والأساسي لها، ثم بعد الزواج تتفاجأ بتحولٍ كبير في العلاقة. هو على الأغلب يرغب باستمالة المرأة، والتودد إليها، كي تعترف به كمناصر لها، وبأنه ذو عقلية منفتحة، وهو الرجل نفسه الذي لا يدعم زوجته، ويستمر في إحباطها، وعندما تنجح وتصل إلى ما تريد، قد ينسب الأمر إلى نفسه".

ويضيف الاستشاري: "الأصل كله يعود إلى التربية، فالولد ينشأ على أنه يُخطئ، أما أخته فلا، والبيئة المحيطة بها عامل كبير، ولها دور أساسي في تكوين شخصية الذكر منذ الصغر".

"برافو... تستحقين أكثر"

عن تجربتها الشخصية، تحكي لمياء صلاح، لرصيف22: "كانت صديقتي في زيارة لنا ذات مرة، وكانت تتحدث معي ومع زوجي عن عملها. كان يتابع الحديث، وكلّه آذان صاغية، ثم أخبرها أنه في خلال سنوات قليلة، سوف تصل إلى مكانة عالية، كما أثنى على روح المثابرة العالية لديها".

ومع كون لمياء فقدت عملها قبل فترة، اقترحت الصديقة بأن تعمل معها في المكان نفسه، كونهما تخرجتا من الكلية نفسها. وهنا فاجأها رد زوجها: "هي ليست مثلك، ولا يمكنها أن تكون! فهي لم تنجح في عملها السابق، ولذا تركته". تضيف السيدة: "كان يتحدث بسخرية قاتلة، لكنها كانت أسوأ مزحة في حياتي، فهو يتحدث من دون النظر إلى ما يثيره كلامه في داخلي".

"برافو... عاش... تستحقين أكثر..."؛ هذا التعليق على منشور زميلةٍ سابقة له، والتي بدأت عملاً جديداً في مؤسسة كبيرة. رأيته ذات يوم، وشعرت بغصة شديدة في قلبي، والحال نفسه عندما أراه يتابع صديقته الكاتبة التي يخبرني دوماً بمدى موهبتها في الكتابة، وبأنه ينتظر دوماً أن ترسل له كل جديد لديها، ليمتّع عقله بكلماتها، وفق تعبيره. ربما شعرت بالغيرة، إذ أرى بأن من حقي أن أحصل على هذا الدعم منه أيضاً"، تقول لمياء.

"يجعلني أشعر بأن النساء جميعهن حليفاته، أما أنا فعدوّه اللدود. لا يدعمني، ولا يساندني، ولا يقف بجانبي وقت أزماتي، بل يقنعني بأنه لا مكان لي سوى البيت، والأعمال المنزلية غير المدفوعة الأجر"

"لا توجد مقارنة بينك وبين أمي"

وفي حكاية مشابهة، روت لنا هند تجربتها، قائلةً في حديث لرصيف22، باسم مستعار: "ربما تكون تجربة صديقتي المقربة مع زوجها، هي ما أظهر لي حقيقة زوجي بهذا الشكل، فهي دائماً تحكي لي عن مساعدته لها، وكيف يدعمها مادياً ومعنوياً، خاصةً عندما قررت أن تؤسس مشروع حلويات خاصاً بها، كما أنه يبذل قصارى جهده لكي يتطور مشروعها وينمو. تخبرني صديقتي بأن مستقبلها يشغل زوجها أكثر من مستقبله".

وتضيف: "قررت أن أفعل مثلها، وأفتح محلاً لبيع الورد، فهو كان حلمي مذ كنت طفلة. عندما فاتحت زوجي بالأمر، قال إن محلات الورد لا تُجني أموالاً هذه الأيام، كما أن العمل خارج المنزل سوف يشغلني عن الأولاد، وعندما قُلت له إن والدته ما زالت تعمل حتى الآن، ولديها كيانها الخاص، كما أنها مستقلة مادياً عن والده، أجاب بأنه لا توجد مقارنة بيني وبينها، فهي امرأة قوية، وتستطيع تحمّل المسؤولية كاملةً وحدها، وظل يحدثني عن مدى نجاحها في عملها، وكيف أنها لم تقصّر معه، ومع أخوته، بل عملت على تربيتهم، ومساندة والده في أعباء الحياة".

واختتمت حديثها: "أخبرني أنه إذا أراد أن يموّل، أو يساعد في إنشاء مشروع جديد، سيكون لوالدته، التي يثق في قدراتها جيداً، ومن ثم يمكنني أن أعمل معها إذا أردت، لكنه لن يساعدني في مشروع أعمل فيه بمفردي".

ربما شعرت بالغيرة، إذ أرى بأن من حقي أن أحصل على هذا الدعم منه أيضاً.

"مشكلته الوحيدة معي"

"لا يجمعني بزوجي سوى الطعام، ومشاهدة التلفاز، والفراش. وحتى خلال تشارُكنا هذه الأشياء، يبقى صامتاً. وعندما أبادره بالحديث، وأطلب منه أن يشاركني أفكاره، وأحلامه، وما يتطلع إليه في المستقبل، يفاجئني بردّه الحاسم، بأنني لست على قدر من الثقافة كي يتحدث معي في هذه الأشياء. كان يضيق صدري بكلماته، فأنا كنت أرى دعمه لزميلاته في العمل، وكيف يشجعهن على المثابرة، ليصلن إلى ما يحلمن به".

هذا ما بدأت به رضوى مصطفى، وهي سيدة مصرية تزوجت منذ عامين، حديثها لرصيف22. وتتابع بأنها عندما قررت أن تعمل، وتبدأ مشوارها الخاص، تفاجأت برد فعل زوجها الساخر: "أخبرني أنني لن أنفع سوى في المطبخ، وأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنني النجاح فيه. وحتى عندما بدأت بالعمل، كان يهزأ مني في كل مرة أرتكب فيها أي خطأ، وأنا لم يكن لي من ملجأ سوى البكاء وحيدةً أمام المرآة".

وتضيف رضوى أن زوجها ليست لديه مشكلة في عمل المرأة بشكل عام، وتحقيق ذاتها، وإنما مشكلته الوحيدة معها: "يجعلني أشعر بأن النساء جميعهن حليفاته، أما أنا فعدوّه اللدود. لا يدعمني، ولا يساندني، ولا يقف بجانبي وقت أزماتي، بل يقنعني بأنه لا مكان لي سوى البيت، والأعمال المنزلية غير المدفوعة الأجر". وتختم السيدة حكايتها، بأن أسوأ ما فعله زوجها بها، أنه جعلها تشك بنفسها، وتسألها كل يوم: هل أنا حقاً على هذا القدر من الفشل؟

"هناك نوع من الرجال يخشى نجاح زوجته، ولا يريدها أن تصبح أفضل منه، فإذا نجحت نساء العالم أجمع، لا مشكلة. أما زوجته التي تعيش معه في منزل واحد، إذا شعر بأن نجاحها سوف يطغى على نجاحه، أو أنها تستطيع إثبات ذاتها أكثر منه، فيشعره هذا بنقصٍ في قرارة نفسه"

"رجال يخشون نجاح زوجاتهم"

وفي تفسير الأمر وتحليله، تقول الاستشارية الأسرية والتربوية، الدكتورة إيمان الريّس: "هناك نوع من الرجال يخشى نجاح زوجته، ولا يريدها أن تصبح أفضل منه، ويريد أن يظل هو الأهم، فإذا نجحت نساء العالم أجمع، لا مشكلة. أما زوجته التي تعيش معه في منزل واحد، إذا شعر بأن نجاحها سوف يطغى على نجاحه، أو أنها تستطيع إثبات ذاتها أكثر منه، فيشعره هذا بنقصٍ في قرارة نفسه".

هذا النوع من الرجال، وفق المتحدثة، يجد متعةً في شعور زوجته دائماً بالحاجة إليه، فلا يريدها أن تصبح مستقلةً مادياً، أو أن تفعل شيئاً ملفتاً للانتباه أكثر منه، فتجده دائماً يفخر أمام الجميع بإنجازات ابنته، أو أمه، ولكن تظل عنده تحفّظات على التحدث عن إنجازات زوجته.

وتضيف الريّس، طارحةً بعض الحلول للأمر: "يمكن للمرأة أن تُشعِر الرجل بأن نجاحها من نجاحه، بل من نجاح الأسرة كلها، ولا يجب عليها أن تشعره بمدى تأثير كلامه السيئ في داخلها، حتى لا يتمادى في الأمر، أو يعدّها نقطة ضعفٍ يضغط عليها من خلالها في ما بعد. الحوار الصريح يفيد في هذه المرحلة، فلتخبره بأن رأيه وتشجيعه لها يدفعانها إلى الأمام، ويرفعان من روحها المعنوية، لتحقق المزيد من النجاح، وأن نجاحهما معاً يجعلهما قدوةً لأولادهما، سواء في حياتهم، أو حتى في علاقاتهم المستقبلية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image