شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"للابتكار دور مهم في الاقتصاد"... مشاريع هدفها "صون الكرامة" وتوفير "حياة كريمة"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 23 أكتوبر 202110:00 ص
Read in English:

Innovation’s key role in the economy: Projects aiming at preserving dignity and providing a lifeline

حوالي 30 ألف أسرة نازحة تعيش في إقليم كردستان العراق، موزَّعة على 26 مخيماً، وفق أرقام وزارة الهجرة والمهجرين. معاناة هؤلاء ليست خفيّة على أحد، لكن النساء اللاجئات والنازحات في وضعية أكثر هشاشة، بالنظر إلى ارتفاع معدلات الفقر بينهن والأزمات النفسية التي يعانين منها إثر الحرب والتهجير القسري وما تعرّضن له على أيدي الميليشيات المسلحة، لا سيّما تنظيم داعش.

وفيما يُعَدّ تمكين النساء اقتصادياً أحد السبل الرئيسية لإنهاء معاناتهنّ الاجتماعية والنفسية، وتطوير مجتمعاتهن، ظهرت العديد من المبادرات التي تهتم بهذه المسألة ومن بينها حاضنة "زهرة اللوتس" THE LOTUS FLOWER.

"زهرة اللوتس" في العراق

"زهرة اللوتس" هي حاضنة للأعمال النسائية تسعى إلى تمكين النساء في مجتمعات اللاجئين والنازحين في كردستان العراق، عبر مساعدتهنّ على إطلاق أعمال تجارية خاصة صغيرة.

توفّر الحاضنة دعماً مالياً وإرشادياً للنساء اللاجئات والنازحات داخلياً، ومنهنّ أيزيديات ومسيحيات ومسلمات، بما يعزز التعايش السلمي في الإقليم. وساهمت حتى الآن في تأسيس قائمة طويلة من المطاعم وصالونات التجميل ومحلات الملابس وغيرها من المشاريع الصغيرة التي تعتاش منها هؤلاء النسوة.

تحصل النساء المستهدفات/ المدعومات، ومعظمهن ناجيات من تنظيم داعش وضحايا عنف قائم على النوع الاجتماعي، وبينهنّ أرامل ومطلقات وذوات دخل محدود، على تدريبات لتنمية مهارات العمل في أبحاث السوق وإدارة الأعمال والمحاسبة والتوظيف والتسويق الإلكتروني وما شابه.

كما تركز الحاضنة على تأهيل هؤلاء النساء ليصبحن قادرات على إدارة مشروعاتهن من الألف إلى الياء. وتهتم أيضاً بتعليمهن اللغة الإنكليزية. ولمعالجة الزيادة في مشاكل الصحة النفسية التي يعانيها منها، توفّر لهنّ أخصائيين نفسيين أكفاء.

"فابريك إيد" في لبنان والأردن و"زهرة اللوتس" في كردستان العراق… مبادرات مبتكرة لتوفير "حياة كريمة" للأفراد في المجتمعات الهشّة

وهناك أيضاً قائمة من البرامج الشاملة لتحسين رفاهية النساء والفتيات، تقدّمها الحاضنة، وتشمل حصصاً أسبوعية في اليوغا والملاكمة، والعلاج بالفن، وجلسات توعية في مجال النظافة والإسعافات الأولية وفقر الدورة الشهرية.

تستهدف البرامج كذلك تأهيل النساء ليكن صانعات سلام في مجتمعاتهن، ويصل بعضها إلى الرجال والفتية لتوعيتهم بأهمية دعمهم للنساء في إطار تشجيع "الذكورة الإيجابية".

الهدف الأسمى للحاضنة هو أن "تصبح النسوة اللاجئات والنازحات صانعات قرار، ومستقلات مالياً داخل أسرهن ومجتمعاتهن، وقادرات على إعالة أنفسهن وأسرهن، وإعادة الاستثمار في أعمالهن الخاصة، وبناء ثقتهن ومهاراتهن وشبكاتهن الاجتماعية، بما ينعكس بالإيجاب على دورهن في إحداث التغيير في المجتمع"، تقول المديرة الإقليمية للحاضنة فيان أحمد.

وتضيف لرصيف22: "هدفنا العام هو توفير الأساس للنساء لإعادة بناء أنفسهن وأسرهن ومستقبلهن. وبصفتنا منفّذين محليين، نعمل على المستوى الشعبي للوصول إلى قلب المجتمعات، والاستماع إلى الاحتياجات المحلية وتوظيف النساء المحليات لتنفيذ برامجنا".

بدأت "زهرة اللوتس" عملها في العراق عام 2016، ودعمت منذ ذلك الحين، والحديث لأحمد، نحو 44 ألف سيدة وفتاة في وضعية هشة. وتأسست الحاضنة الأم ومقرها لندن على أيدي موظفة الإغاثة البريطانية عراقية الأصل تابان شوريش، وهي مواطنة كردية نجت من إبادة جماعية ارتكبها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

"FABRICAID" و"تجربة تسوق كريمة"

لا يستطيع أكثر من 77 مليون شخص في العالم العربي شراء ثياب لائقة بطريقة تصون كرامتهم على الرغم من أن التبرّع بالثياب هو واحدة من العادات الاجتماعية الراسخة في المنطقة.

قد يرجع هذا جزئياً إلى أن الجمعيّات المعنية بتوفير الثياب للأسر الفقيرة والمهمّشة غالباً ما تعجز عن تأمين ثياب في حالة جيدة ومناسبة، بسبب الكلفة العالية لعمليات فرز الثياب وتنظيفها وتوزيعها.

لمواجهة هذا الوضع، انطلقت "فابريك إيد" FABRICAID، وهي مؤسسة اجتماعية لبنانية تنشط في لبنان والأردن، وتُعنى بجمع الملابس وفرزها وإعادة توزيعها على المجتمعات محدودة الدخل بأسعار رمزية (القطعة بين 2000 و10 آلاف ليرة في لبنان - وبين 0.25 و2 دينار في الأردن)، لخلق "تجربة تسوق كريمة".

عن جهود المؤسسة التي أنشأها رائد الأعمال اللبناني عمر عيتاني عام 2017، تقول مديرة التسوق في "فابريك إيد" لوليا حلواني لرصيف22: "يزيد نموذجنا الدائري من كفاءة جمع الملابس المستعملة وفرزها وتوزيعها مع تقليل نفايات النسيج".

"للابتكار دور مهم في مجال الاقتصاد. أنت تقرأ هذا المقال على الإنترنت الذي كان في وقت ما اختراعاً وقد أثار الكثير من الابتكارات في الطريقة التي نتواصل بها مع بعضنا البعض"

تشير إلى أن "خدماتنا تصون كرامة زبائننا في بلد متعدد الأزمات"، بالإشارة إلى لبنان الذي يمر بأزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث. وتتابع: "مشروعنا لا يقدّم مساعدات مجانية. زبائننا يمكنهم أن يعيشوا تجربة تسوق كريمة. لديهم حرية الاختيار بحسب أذواقهم ومقاساتهم وأسلوب حياتهم. بالإضافة إلى ذلك، تخوّلنا مبيعات الثياب من دعم مؤسستنا وافتتاح مزيد من المحلات وتأمين فرص عمل".

منذ تأسيسها، استطاعت "فابريك إيد"، والحديث لا يزال لحلواني، جمع أكثر من نصف مليون قطعة ثياب ودعم أكثر من 65 ألف شخص.

وأدى تدهور الأحوال الاقتصادية في لبنان إلى زيادة الطلب على سوق الثياب المستعملة، ما مكّن "فابريك إيد" من التوسع عبر افتتاح محلّات جديدة في البلاد وكذلك في الأردن.

الابتكار في مجال الاقتصاد وفرص العمل

"فابريك إيد" و"زهرة اللوتس" هما من ضمن 25 مشروعاً وصلت إلى المرحلة النهائية من مسابقة مشروع iValues، وهو مشروع تطلقه للمرة الأولى مؤسسة "فريدريش ناومان من أجل الحرية" الألمانية وهدفه "إعادة التفكير في السياسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، بالتعاون مع معهد الابتكار في السياسة في ألمانيا، وذلك من أصل 280 مشروعاً تقدّمت للمسابقة.

تتوزّع المشاريع الـ25 المتنافسة على خمس مجالات: "الديمقراطية والمجتمع"، "الاقتصاد وفرص العمل"، "حقوق الإنسان"، "جودة الحياة" و"التنمية الإقليمية". عن كل فئة يفوز مشروع ويحصل فريقه على دعم يتحدد وفق الاحتياجات، مع إمكانية تقديم تدريب لفريق العمل، بحسب الحاجة أيضاً.

علاوة على هذين المشروعين، تتنافس ثلاثة مشاريع أخرى ضمن فئة الابتكار في مجال الاقتصاد وفرص العمل، هي: "THE MAKERS HUB" ويهدف إلى تحويل الأفراد ضمن الفئة العمرية (7 - 18 عاماً) في لبنان من مستهلكين للتكنولوجيا إلى صنّاع ومصممين في ما يتعلق بالأجهزة والإلكترونيات وما شابه، و"JERUSALEM ORGANIC YOUTH" الذي يستهدف تدريب 200 فتى فلسطيني (تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً) في القدس الشرقية على مهارات القيادة وريادة الأعمال، و"WOMENPRENEUR DIGITAL HUB" ويهدف إلى توفير وصول مجاني إلى مهارات ريادة وإدارة الأعمال ومحو الأمية التقنية للنساء في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

"خدماتنا تصون كرامة زبائننا في بلد متعدد الأزمات"... كيف يمّكننا الابتكار من حل الأزمات الاقتصادية بشكل يكفل "حياة كريمة" بعيداً عن الشعور بالذل ومدّ الأيدي؟

هذه السنة، سيُعلَن عن المشاريع الفائزة خلال احتفال تستضيفه العاصمة الأردنية عمّان، في 26 تشرين الأول/ أكتوبر.

تقول المديرة الإستراتيجية الإقليمية في مؤسسة فريدريش ناومان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يارا الأسمر لرصيف22، إن مسابقة iValues-2021 هي بمثابة مبادرة لتقريب وجهات النظر بين المبتكرين في المنطقة وواضعي السياسات العامة، مشيرةً على أن "المنطقة بحاجة ماسة إلى تحديث في مقاربة السياسات العامة والعمل الديمقراطي".

وتشرح أن هنالك ثلاثة معايير لتقييم المبادرات/ المشاريع المرشحة لاختيار الأفضل وهي "توفر الابتكار وقابلية المشروع للتطبيق على أرض الواقع، ومدى إفادته للمجتمع وقدرته على تحسين أوضاع الناس، واستدامة المشروع".

من جانبه، يشدد مدير المكتب الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمؤسسة فريدريش ناومان ديرك كونتسه على أن "الابتكار في حد ذاته، شيء لا يمكن للفرد أن يحققه بمفرده. قال أحد الحكماء ذات مرة: يمكنك أن تخترع وحدك ولكن لا يمكنك أن تبتكر وحدك. فالابتكار هو جهد جماعي لإحداث التغيير، بمعنى فهم تحديات الآخر والتعاون مع بعضنا البعض"، مضيفاً لرصيف22 أنه "يمكن رؤية هذا من خلال المشاريع المقدمة: كلها وُضِعت إما نتيجة لعملية إبداعية مجتمعية أو تعالج قضايا في المجتمع تؤثر على الكثير من الناس".

وعن أهمية الابتكار في تعزيز الاقتصاد وخلق فرص العمل تحديداً، يضيف كونتسه: "للابتكار دور مهم في مجال الاقتصاد. أنت تقرأ هذا المقال على الإنترنت الذي كان في وقت ما اختراعاً وقد أثار الكثير من الابتكارات في الطريقة التي نتواصل بها مع بعضنا البعض، والطريقة التي نتداول بها، والطريقة التي يمكن للأفراد المشاركة بها في النشاط الاقتصادي العالمي".

تعتقد أحمد أن الحصول على دعم "فريدريش ناومان" سيساعد حاضنة "زهرة اللوتس" على توسيع نشاطاتها لتشمل مناطق ومجتمعات مختلفة، بما يمكّن عدداً أكبر من النازحات واللاجئات من إطلاق مشاريعهن التجارية الخاصة، إذ تعتبر أن "نجاح" الحاضنة الأولى يسهّل تكرارها بفعالية.

تقول أيضاً إنهم قد يلجأون إلى منح الفرصة لمتدربات شابات للتدرب على المهارات الخاصة للأعمال التجارية النسائية، ما قد يمنحهن خبرةً قيّمةً وفرصاً إضافية محتملة.

بدورها، تأمل حلواني في الفوز لتوظيف الدعم المحتمل في افتتاح فروع جديدة لـ"سوق الخلنج" حيث يسوقون الملابس المستعملة للمجتمعات الهشة في الأردن ولبنان، بالإضافة إلى توسيع نشاطاتها إلى السوق المصري.

يطمح فريق FABRICAID أيضاً إلى خلق نقاط تجميع للثياب في جميع الدول العربية لدعم المجتمعات ذات الدخل المحدود في المنطقة العربية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image