أعلن الرئيس السوداني عمر البشير، مساء الجمعة، حالة الطوارئ لمدة عام بجميع أنحاء البلاد وحَلَّ حكومةَ الوفاق الوطني داعياً البرلمان إلى إعادة النظر في تعديلات دستورية كانت تعد لتمكينه من الترشح لفترة رئاسة جديدة في انتخابات عام 2020.
ويواجه البشير منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكبر حراك شعبي ضده منذ وصوله السلطة قبل 30 عاماً. وبدأ الحراك بالاحتجاج على غلاء الأسعار وندرة السلع الأساسية، لكن سرعان ما رفع سقف مطالبه لتشمل إسقاط نظام البشير.
هذا التحول اللافت في موقف البشير من الحراك يأتي بعد مضي شهر على تصريحه في 21 يناير بأن المحتجين السودانيين يحاولون استنساخ "الربيع العربي" مشدداً على أن الإعلام “يُضخّم" الأزمة التي تشهدها السودان بهدف زعزعة استقراره على حد قوله.
غير أن خطاب البشير الجمعة لم ينزع فتيل الأزمة، وفور انتهاء كلمته التي بثها التلفزيون، اندلعت مظاهرات تطالب بإسقاط النظام. ودعا تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الاحتجاجات إلى مظاهرات السبت معلناً تخصيص يوم الإثنين لخروج “موكب الرفض” في الخرطوم إلى القصر الرئاسي والولايات.
وخصصت الصحف السودانية الصادرة السبت 23 فبراير صفحاتها الأولى للحديث عن حل الحكومة وإعلان حالة الطوارئ، وقالت صحيفة المجهر السياسي: انقلاب سياسي: إعلان حالة الطوارئ بالبلاد وحل الحكومة وحكومات الولايات. وفي عنوان ثان: الرئيس يعلن قوميته ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الأحزاب. فيما قالت صحيفة اليوم التالي: مدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبد الله قوش: البشير سيقود عملية التغيير بنفسه عبر حكومة كفاءات. فيما اختارت صحيفة السوداني عنوان: قوش: البشير لن يترشح مرة أخرى.
البشير يمد يده للمحتجين..لماذا؟
وفي ساعة متأخرة من يوم الجمعة، بث التلفزيون السوداني خطاباً للبشير من القصر الرئاسي، أعلن فيه حل الحكومة المركزية وحكومات الولايات، داعياً الحكومة الجديدة "لاتخاذ إجراءات اقتصادية حازمة" مضيفاً أنه "سيوكل هذه المهمة لفريق مؤهل".
وطالب البشير، في كلمته، المعارضة بالمشاركة في حوار بناء قائلاً إن قوى المعارضة التي لا تزال خارج مسار الوفاق الوطني ووثيقته عليها أن تتحرك للأمام وتنخرط في التشاور حول القضايا الراهنة والمستقبل عبر آلية حوار يتفق حولها".
ولفت البشير إلى أن قراراته تأتي في إطار: "تهيئة البلاد للحوار مع كافة القوى السياسية بما فيها الحركات المتمردة"، مشيراً إلى أنه "سيتخذ قرارات وتدابير إضافية".
وفي بيان ثان للرئاسة السودانية بعد خطاب البشير، أُعلن عن تشكيل حكومة تصريف أعمال حافظت على وزراء الدفاع عوض محمد بن عوف، والخارجية الدرديري محمد أحمد، والعدل محمد أحمد سالم.
الجيش يَحكُم الولايات
و عين البشير 18 والياً جديداً، جميعهم ينتمون للأجهزة العسكرية من شرطة وجيش وأمن. وكلف وزراء وأمناء عامين ووكلاء الوزارات بتصريف مهام وزاراتهم في الحكومة الاتحادية.
وقبل أسبوعين من اندلاع الاحتجاجات، دعت أغلبية من نواب البرلمان السوداني إلى تعديلات دستورية تسمح للبشير بالسعي إلى ولاية جديدة. لكن اللجنة البرلمانية المكلفة بهذا التعديل أعلنت السبت 23 فبراير "تأجيل اجتماعات صياغة هذه التعديلات إلى أجل غير مسمى".
وكان البشير دعا البرلمان في خطابه إلى "إعادة النظر في التعديلات المقترحة"، ملمحاً إلى أن دعوته تهدف "لإثراء الساحة السياسة بالحوار البناء والمبادرات الوطنية الخالصة".
أعلن البشير حالة الطوارئ لمدة عام وحَلَّ حكومةَ الوفاق الوطني داعياً البرلمان إلى إعادة النظر في تعديلات دستورية كانت تعد لتمكينه من الترشح لفترة رئاسة جديدة في انتخابات عام 2020. كيف غيّر البشير موقفه من المحتجين بعد أن اتهمهم قبل شهر باستنساخ الربيع العربي؟
الاحتجاجات مستمرة
عقب خطاب البشير، هتف محتجون غاضبون في أم درمان مطالبين بـ "الحرية"، وأضرموا النار في إطارات سيارات فيما قام آخرون بإغلاق طريق رئيسية حسبما قال شاهد لوكالة رويترز. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وطاردت المحتجين عبر الشوارع الضيقة.
وتؤكد تقارير إن أكثر من 1000 شخص اعتقلوا منذ بداية الاحتجاجات، وأن قرابة 60 شخصاً قتلوا. لكن التقديرات الرسمية تشير إلى مقتل 32 شخصاً فقط بينهم ثلاثة رجال الأمن.
يذكر أن البشير مطلوب في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في منطقة دارفور لكنه ينفي التهم الموجهة إليه. وسبق أن أكد جهازا الأمن الوطني والاستخبارات السودانيين أن البشير سيتنحى عن الحكم.
وكان البشير قد أعلن يوم 21 يناير من القاهرة: "هنالك مشكلة. نحن لا ندّعي أنّه لا توجد مشكلة، لكنها ليست بالحجم أو بالأبعاد التي يُثيرها بعض الإعلام" متهماً ما أسماه بـ "منظمات سالبة" بالعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في السودان.
وقال البشير: "هناك محاولة لاستنساخ ما يسمّى بالربيع العربي ..نفس الشعارات والبرامج والنداءات واستخدام واسع لوسائط التواصل الاجتماعي"، في إشارة إلى الثورات التي شهدتها عدة دول عربية بين عامي 2010 و2011.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين