دخلت الاحتجاجاتُ الشعبية في السودان، الاثنين، يومَها السادس بعد أن بلغ مداها شمال شرقي البلاد ووسطها. وبعد خمسة أيام من الحراك الشعبي، كشف الجيش السوداني، الأحد، عن موقفه "الداعم" للرئيس السوداني عمر البشير، في وقت حذرت عدة دول عربية رعاياها من خطورة الوضع بالسودان، فيما منع الأمن مئاتِ المتظاهرين من الوصول إلى قصر الرئاسة عقب مباراة كرة قدم جرت الأحد.
وتشهد العديد من المدن السودانية، في عدة ولايات، احتجاجاتٍ شعبيةً متصاعدة منذ الأربعاء الماضي، بسبب تضاعف أسعار بعض السلع وارتفاع معدل التضخم إلى ما يقرب من 70 % وانخفاض قيمة العملة المحلية، وندرة السلع الأساسية، ما أدى إلى فرض حظر التجوال وتعطيل الدراسة ببعض المناطق بما فيها العاصمة.
الجيش يلتف حول قيادته
وعقب الاجتماع الدوري لقادة القوات المسلحة، بمقر وزارة الدفاع، بحثت خلاله كافةَ تطورات الأحداث الجارية بالبلاد، أصدر الجيش السوداني تعميماً نُشر بجميع الصحف المحلية، جاء فيه أن القواتِ المسلحةَ تؤكد التفافها حول قيادتها، وحرصها على مكتسبات الشعب، وأمن وسلامة المواطن، "كما تؤكد استمرار عملها ضمن منظومة أمنية واحدة ومتجانسة، القوات المسلحة، وقوات الشرطة الموحدة، وقوات الدعم السريع، وقوات جهاز الأمن والمخابرات الوطني". في المقابل، أكدت جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، في بيان، وقوفها مع مطالب الشعب السوداني، "لأنها منه وفيه" على حد تعبيرها، وناشدت السلطات عدم استخدام القوة المفرطة تجاه المتظاهرين والحفاظ على سلامتهم. وصباح الاثنين، بدأت لجنة أطباء السودان المركزية إضراباً مفتوحاً عن العمل، أعلنت عنه قبل يومين، تضامناً مع الاحتجاجات والمطالب العادلة للشعب السوداني، لكنها أشارت في الوقت نفسها إلى أنها ستكرس جهودها "لتضميد جرحى المصادمات مع الأمن من المتظاهرين"، كما يستمر العمل في الأقسام التي تتعامل مع الحالات المرضية الحرجة.الأمن يستبق المظاهرات
ومنعت الشرطة السودانية، مساء الأحد، مئات المتظاهرين من التقدم عبر طريق رئيسي يؤدي إلى قلب العاصمة الخرطوم وقصر الرئاسة وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع بعد أن هتفوا: "الشعب يريد إسقاط النظام" و"حرية حرية" و"سلمية سلمية ضد الحرامية" عقب مباراة كرة القدم بين فريقي الهلال السوداني والأفريقي التونسي في أم درمان. وشهدت المباراة تعزيزات أمنية مكثفة من 30 شاحنةً تقل قواتِ الأمن، بحسب شهودٍ عيان. وقال المحتجون إن الأمن حاصر المتظاهرين في سيارات رباعية الدفع من الخلف وواجهوهم بالمركبات القادمة من جسر النيل الأبيض، ما أجبر بعض المتظاهرين على دخول المستشفى العسكري. وأكدت الإعلامية السودانية رفيدة ياسين، عبر حسابها على تويتر، أن الجيش قام بحماية المتظاهرين السلميين من الشرطة وحدثت مشادّات بينهما، انتهت بتفريق المحتجين عند السلاح الطبي. كما استنكرت ياسين إقدام بعض القنوات على تدليس هتافات الجماهير في مقابلة الهلال والأفريقي واستبدالها. ولفتت رويترز إلى تغيير الأمن السوداني تكتيكات التعامل مع المظاهرات، حيث أصبح أسرع تحركاً لتفريق أيّة مظاهرة فور خروجها. وذكرت صحف سودانية معارضة أن قوات الأمن صوبت طلقات الرصاص الحي تجاه أكثر من ألفي متظاهرٍ في مدينة أم روابة، جنوب مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان، الأحد، تسببت بوقوع إصاباتٍ بين المتظاهرين. ولفتت في الوقت نفسه إلى أن المتظاهرين الغاضبين قاموا بكسر مخازن ديوان الزكاة في المدينة وتوزيع كميات كبيرة من الدقيق والزيت والمواد الغذائية للفقراء والمساكين، كما أكدت اعتقال جهاز الأمن القومي والمخابرات عدداً من المعارضين، هم حاتم ميرغني عبد الرحمن، رئيس حزب المؤتمر السوداني بولاية شمال كردفان، وأنس عووضة ونادر محي الدين، وعثمان الضي سلامة، وعمر الفكي، وعبد الرحمن جعفر.الجيش السوداني يكشف عن دعمه للرئيس السوداني عمر البشير، والأمن يمنع مئاتِ المتظاهرين من الوصول إلى قصر الرئاسة عقب مباراة كرة قدم.. في وقت حذرت عدة دول عربية رعاياها من خطورة الوضع بالسودان.
الخارجية السودانية استدعت السفير الكويتي لدى الخرطوم على خلفية إطلاق السفارة الكويتية تحذيراتٍ لمواطنيها بشأن الأحداث الجارية في السودان
دول عربية تحذر رعاياها
على صعيد آخر، استدعت الخارجية السودانية السفير الكويتي لدى الخرطوم بسام محمد مبارك القنبدي، على خلفية إطلاق السفارة الكويتية تحذيرات لمواطنيها بشأن الأحداث الجارية في السودان. وأوضح بيانٌ للخارجية أن القنبدي استدعي للتفاهم حول "ما نقلته وسائل إعلام حول طلب السفارة الكويتية من المواطنين الكويتيين تجنب زيارة السودان، والطلب من الكويتيين الموجودين فيه مغادرة البلاد". وأشار إلى أن السفير الكويتي أكد: "أن هذا الإجراء لم يكن مقصوداً منه أيّة إشارات ذات بعدٍ سياسي أو أن الأوضاع في السودان غير آمنة، إنما قصد به تنبيه بعض المواطنين الكويتيين الذين يأتون إلى السودان دون علم السفارة لممارسة أعمال خيرية أو للصيد أو لقضايا خاصة بهم لأن ثمة أحداثٌ في بعض الولايات قد تعرض حياتهم للخطر". وبالتزامن، أوصت السفارة السعودية في الخرطوم رعاياها بالابتعاد عن مناطق الاحتجاجات وتجنب الاحتكاك بالمتظاهرين، وهي الخطوة التي أقدمت عليها السفارة البحرينية أيضاً. وفيما هدأت حدة "الاحتجاجات" قليلاً على تويتر، حذر مغردون من ضياع الهاشتاغ ( #مدن_السودان_تنتفض). وعمد آخرون على بث الحماسة من جديد بتداول مقاطع فيديو تبرز تضامن شعوب بلدان أخرى. فيما قام السودانيون في الخارج بنشر صور تضامنهم مع الحراك الشعبي في بلدهم الأم. وسخر آخرون من دفاع الأمن عن النظام. وركزوا كذلك على تظاهرات الأحد، وتصريحات المسؤولين المثيرة حول التظاهرات والأزمة المسببة لها. و توفي الأحد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في السودان، علي جاويش، وشيعته حشودٌ غفيرة بحضور رئيس الوزراء السوداني معتز موسى، وإبراهيم السنوسي مساعد الرئيس عمر البشير، والأمين العام للحركة الإسلامية السودانية الزبير أحمد الحسن، وعددٍ من قيادات الحركة الإسلامية ورموز الجماعة. يذكر أن جماعة الإخوان المسلمين أعلنت ثاني أيام الاحتجاجات، الخميس، مساندتَها للحراك الشعبي ووقوفها "صفاً واحداً مع المواطن الذي يعبر عن غضبه بصورة حضارية دون عنف أو إحراق الممتلكات الخاصة بالدولة أو المواطنين"، حسب ما أوردت في بيان.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه