"مريضة"؟ "في شي"؟ "ليه هيك وجهك"؟.. أسئلةٌ قد تبلغ مسامع الفتاة كُلما قررت الخروج من بيتها دون كريم أساس (فاونديشن)، وأحمر الخدود (بلَشَرْ)، والقليل من أحمر الشفاه، على الأقل. دون مكياج، قد تتعرض الفتاة لسلسلة من الأسئلة وقد يتمادى البعض بالمقارنة بين وجهها بالمكياج ودونه. هل هي أقل جمالاً وجاذبيةً دون مكياج أم على العكس هي أكثر نضارة؟
لكسر فكرة الجمال المكتسبة عبر استخدام مستحضرات التجميل التي تنفق عليها النساء مليارات الدولارات حول العالم سنوياً، أطلقت مُنظمة "الباحثون السوريون" حملة بعنوان "#خلي_البدر_يطلع_شهر"، أو "#No_Makeup_January" بالإنجليزية، وهي أشبه بالتحدي لحثّ النساء على الامتناع عن وضع مستحضرات التجميل على وجوههن خلال شهر يناير للتوعية من مخاطرها وتعزيز ثقافة "الجمال الطبيعي" التي نسيناها مع ما يُقدمه الإعلام لنا من معايير جمال "مُستوردة".
وتعد "الباحثون السوريون" إحدى أكبر المنظمات العلمية العربية على شبكة الإنترنت وشعارها: العلم هو الحل.
تقول مديرة فريق الكيمياء والصيدلة بمنظمة "الباحثون السوريون"، ربى الخلف، لرصيف22 إن المُنظمة اختارت الشهر الأول من السنة لإطلاق حملة "بلا مكياج" لأنه نقطة انطلاقة جديدة لأي قرار جديد أو مصيري يجرؤ الشخص على اتخاذه مطلع كل عام وهو ينشد التغيير في حياته، مُضيفة: هُناك الكثير ممن يبدؤون عامهم الجديد بلائحة من الأهداف يريدون تحقيقها على أصعدة مُختلفة.
ولفتت الخلف إلى أن نساء كثيرات يجهلن خطورة مُستحضرات التجميل على بشرتهن، وتربط بعضهن الجمال بتلك المُستحضرات قائلةً: نُريد أن نؤكد أن لا وجود لـ "قالب مُعيّن" للجمال مشيرة إلى أن الفتيات يعشن تحت ضغط مستمر بسبب المعايير المفروضة عليهن، ولذلك أرادت المُنظمة الرفع من ثقتهن بأنفسهن وتعزيز مفهوم الجمال الطبيعي لديهن.
ورداً على التعليقات الساخرة التي وصلت المنظمة من قبيل: "خلي جعفر يطلع شهر" و"خلي أبو بدر يطلع شهر" (بدلاً من خلي البدر يطلع شهر) في إشارة إلى الرجال المتربصين بالنساء والمنتقدين لهن وضعن مكياجاً أم لا، والذين كثيراً ما يحولون هذه الحملات إلى فرص إضافية للتنمر على النساء بدل الرفع من شأنهن وتخليصهن من قيود المجتمع، مما يزيد من الصور النمطية عن المرأة ولا يخفف منها بالعكس، قالت الخلف لرصيف22 إن التعليقات هذه تندرج تحت مسمى "التنمر الإلكتروني"، مُضيفةً أن كاتبيها نسوا أو تناسوا أن فتيات يقرأن ما يكتبونه ويُشعرن بالأذى النفسي مُضيفةً: أتمنى أن نكون أكثر وعياً بالتحلي بأخلاقيات التعامل مع الآخرين.
وأشارت الخلف إلى أن المُنظمة تُرحب بأي فكر مُخالف شرطَ أن يُقدم الناقد دراسة تُثبت كلامه، لأن "العلم قابل للتفاوض والنقاش دائماً” على حد تعبيرها.
وعن تجربتها الشخصية، تقول لرصيف22 إنها امرأة تحب وضع المكياج وتراه نوعاً من أنواع الفنون لكنها خاضت التحدي رغم ذلك، لافتةً إلى أنها "أطول فترة" تقضيها دون مستحضرات تجميلية (من الأول من يناير وحتى الآن). ولفتت إلى أنها شعرت بفرق لافت من حيث نضارةُ بشرتها وصحّتُها النفسية.
وأوضحت ربى أن مسامات وجهها باتت أصغر، وبشرتها أصبحت أكثر نقاءً. أما على الصعيد النفسي، فقالت إنها كأي فتاة تخوض التحدي: بحس برياحة كبيرة وقت بدي أطلع من البيت..مافي وقت ضايع لزبّط مكياجي، فصرت بحتاج ربع ساعة لأطلع من البيت مُقارنة بنص ساعة لساعة وقت كون مع مكياج.. مُضيفةً "عم حب ملامحي الطبيعية أكتر".
وتقول ربى إن أحد أهداف المُنظمة هي "التوعية" سواء كانت صحيّة أو ثقافية، مُشيرةً إلى أنها تُطلق حملات توعوية بين الفينة والأُخرى، آخرها كانت حملة توعوية ضد سرطان البروستات في نوفمبر الماضي، وهو الشهر المُخصص للتوعية من هذا المرض، وهو ما دفعهم للتفكير بموضوع خاص بالنساء مثل "يناير دون مكياج".
حجابي يُقلل من جمالي؟
تعتقد سارة خلف، 22 عاماً، أن الحجاب "يُقلل" من جمال المرأة، فتضع المكياج لتُبرز جمال وجهها. وتُضيف في حديثها مع رصيف22 أن لا علاقة لوضع مستحضرات التجميل بقلة الثقة بالنفس، لافتةً إلى أن وضع المكياج يعكس الاهتمام بذاتها، مُصرحة أنه من الصعب عليها مُقابلة شخصياتٍ هامة في مجالها الإعلامي دون مكياج لأنها تبدو غير مهتمة بنفسها وغير مهتمة بمن تُقابله، ولذلك تُقرّ بأنها لم ولن تخوض تحدي حملة "خلي البدر يطلع شهر" التي انطلقت من سوريا وامتدت نحو دول عربية أُخرى عبر هاشتاغ #NoMakeUpChallenge كانت مُعظم المُشاركات فيه (التحدي) من مصر والإمارات والسعودية.
وفيما تجرأت بعض الفتيات على مُشاركة صورهن دون مكياج على تويتر لإعلان خوضهن التحدي، علّقت إحداهن: رُبما أحذف الصور لاحقاً.. بينما قالت أُخرى بعد نشرها صورتها: وجه شاحب وعيون ناعسة.. وجاء تعليق آخر: أبدو قبيحة دون مكياج.. ولكن لنُجرّب.. فيما قالت إحدى الفتيات مازحة: نعتذر عن قساوة المشهد.. بس حبيت أشارك.
ما مضمون الحملة؟
تقول كريستينا جبر، وهي مُحررة في موقع "جمالك" لرصيف22 إنها لا ترى مضموناً في حملة "خلي البدر يطلع شهر" لافتةً إلى أن "المكياج لم يُؤذِ أحداً"، بحسب تعبيرها، مؤكدة أن الحملات التوعوية تُطلق حينما يكون هُناك خلل ما.
ولفتت إلى أن الفتاة تحتفظ بتكوين وجهها حتى بوجود المكياج.. مُتسائلةً عن القصد وراء تعزيز الجمال الطبيعي إن كانت الملامح لا تتغير. وقالت لرصيف22 إنها لا ترى ضرراً من وضع مساحيق المكياج على البشرة بل الضرر سببه نوعية المكياج التي تستخدمها الفتيات مُضيفة: لو كنت مسؤولة عن الحملة، لغيّرتها بـ "استخدمي النوع الصح من المكياج" لا "خوضي تحدي شهر كامل دون مكياج"... أريد توعية الفتيات باستخدام المنتجات الصحيحة.
واعتبرت كريستينا جبر أن #خلي_البدر_يطلع_شهر مُجردَ تحدٍّ مثل أيّ تحدٍ أُطلق في العالم الافتراضي مؤخراً "ليس شرطاً أن يكون هادفاً"، بحسب تعبيرها.
ماذا قالت مسؤولة حملة "خلي البدر يطلع شهر" للذين قالوا إنها حملة "خلي جعفر يطلع شهر"؟
تبيّن أن الأنف هو أكثر ما تكرهه الفتاة في وجهها، ماذا يأتي بعده مُباشرة؟
دون مكياج، قد تتعرض الفتاة لسلسلة من الأسئلة "مريضة"؟ "في شي"؟ "ليه هيك وجهك"؟..وقد يتمادى البعض بالمقارنة بين وجهها بالمكياج ودونه. هل هي أقل جمالاً وجاذبيةً دونه أم على العكس؟
2% من الفتيات يعتقدن أنهن فائقات الجمال
بيّنت دراسة أجراها موقع skinstore أن 2% فقط من الفتيات يعتقدن أنهم فائقات الجمال، فيما تعتقد 60% من الفتيات أن لا شيء يُميزهن وأنهن يتمتعن بجمال "متوسط".
وأظهرت الدراسة التي أُجريت عام 2016 أن واحدةً من بين كُل ثلاث فتيات لا تستطيع "أبداً" الخروج من منزلها دون وضع مستحضرات تجميلية لاعتقادها بأن المكياج يجعلها أكثر "جاذبية"، ويُعطيها ثقة عالية بنفسها.
وتبيّن أن الأنف هو أكثر ما تكرهه الفتاة في وجهها، ثم تأتي بعده مُباشرة أسنانها لأن المكياج لا يصلح الأول ولا الثانية. واتفقت 70% من الفتيات على أن العيون هي أكثر ما يحبونه بوجوههن. ومع ذلك تتجنب 50% من الفتيات "التقاء العيون" دون "قلم الكحل" و"المسكارا".
وتقول 1 من بين كل 3 فتيات إنها لا تستطيع الخروج من منزلها دون وضع كريم الأساس أو "الفاونديشن". واختارت الغالبية العظمى من الفتيات كريم الأساس كالمستحضر التجميلي "الأهم" الذي يزيد ثقتهن بأنفسهن، وجاءت المسكارا في المرتبة الثانية، إذ اعترفت الفتيات بأن ذلك السائل الأسود وفرشاته اللولبية العجيبة تُزيد من جاذبية النظرات.
وتقول 50% من النساء العاملات إنهن لا يستطعن الذهاب إلى مكان عملهن دون وضع المكياج، وإن لم يكن مكياجاً "كاملاً" Full makeup، فيكون كريم الأساس فاونديشن، وماحي الهالات تحت العينين أي كونسيلر، والمسكارا وأحمر الشفاه على الأقل. وصوّتت النساء العاملات للون "النيود" كلونهم "المُفضل"، وجاء في المرتبة الثانية اللون الوردي الفاتح، فيما جاء في المرتبة الثالثة اللون الأحمر القاني. وبيّنت دراسة skinstore أن الفتيات قد يمتنعن عن وضع المكياج ليوم واحد في الأسبوع، وعادةً ما يكون في عطلة نهاية الأسبوع.
من الأكثر إنفاقاً للمكياج؟
تعد المرأة السعودية الأكثر إنفاقاً على مستحضرات التجميل على مستوى العالم وفق ما أكدته تقارير اقتصادية خاصة بهذا القطاع.
وأظهرت إحصائية تعود لعام 2015 تجاوزَ قيمة واردات السعودية من مستحضرات التجميل 2.3 مليار ريال سعودي (نحو 613 مليون دولار)، بكميات بلغت نحو 44.6 مليون كيلوغرام.
وكشف تقرير أصدره المعرض السعودي الدولي للصحة و الجمال Saudi Health and Beauty أن متوسط إنفاق السعوديات على مستحضرات التجميل هو 3800 دولاراً سنوياً، أي نحو 14 ألف ريال سعودي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون