بعض التجميل قاتل وعلى نحو مفاجئ، يحدث أن يدخل الإنسان قاعة العمليات آملاً بتحسين شكله فيخرج جثة هامدة، وهذا ما حدث لمغني الراي الجزائري هواري منار الذي فارق الحياة في ساعة متأخرة من مساء الاثنين أثناء عملية تجميل كان يخضع لها. وتضاربت التفسيرات بشأن وفاته هل كانت بسبب نوبة قلبية أدخلته في غيبوبة تامة خلال الجراحة أو كمية زائدة من المخدر، لكن أياً كانت الأسباب، موته شكل صدمةً للجزائريين.
خضع الفنان الشاب، 37 عاماً، الذي أثار الجدل مراراً بسبب ملابسه و"نعومته" لجراحة تجميلية بهدف شفط الدهون الزائدة في عيادة سيدي يحيى الخاصة بالعاصمة الجزائر قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. ثم نقل جثمانه إلى مستشفى بني مسوس لحين تشييع جنازته من مسقط رأسه بمدينة وهران (غرب الجزائر) اليوم الثلاثاء.
وأعلن هشام باي باي وكيل أعمال منار الخبر في تصريحات صحافية، مشدداً على أن الراحل "كان في صحة جيدة ودخل مصحة خاصة لشفط الدهون. إلا أنه توفي متأثراً بالمخدر الصحي كانت له تداعيات سلبية على قلبه".
من هو هواري منار؟
منار مغني راي وشاعر وملحن وعازف جزائري ولد عام 1981 في حي سيدي الهواري في ولاية وهران الجزائرية وعاش قسماً كبيراً من حياته في مارسيليا جنوب فرنسا ذات الجالية الجزائرية والعربية الكبيرة وعاد قبل سنوات إلى بلده الأم الجزائر حيث احترف الفن.
دخل منار مجال الغناء عام 1997 متأثراً بوالدته التي كانت من بين أشهر “المدّاحات” في مدينة وهران فكان يرافقها إلى الحفلات والمناسبات العائلية في وهران ومرسيليا. وكان يغني على سبيل التسلية فقط في البداية ويعمل في مجال الخدمات الفندقية في مرسيليا لكنه سرعان ما تفرغ للموسيقى.
واكتسب الفنان الراحل كنيته بعد أن عمل لفترة في بداية حياته في ملهى ليلي بمجمع المنار السياحي الشهير على شاطئ وهران، لكن شهرته الحقيقية اكتسبها صيف 2006 حين أطلق أغنية “عشقك إيمورتال” (عشقك خالد) التي حققت نجاحاً باهراً، ثم أدى أغنية “عشقك مون تراتمو” (عشقك دوائي) وحظيت هي الأخرى بانتشار واسع.
وتحظى أغانيه بنسبة استماع ومشاهدة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظيت أغنية "أنا لي قابرته" بأكثر من 27 مليون مشاهدة في أقل من 6 أشهر.
لماذا يوصف بـ"المثير للجدل"؟
ويعد هواري منار شخصاً منبوذاً من طرف العائلات الجزائرية المحافظة لارتياده الملاهي الليلية وظهوره عبر مواقع التواصل وعلى حلبات الغناء بملابس جريئة وصفت في كثير من الأحيان بأنها نسائية، واضعاً مساحيق التجميل والإكسسوارات النسائية. كان كذلك لافتاً بعباراته وأغانيه الجريئة المخالفة للشائع في مجتمعه.
كما مثلت التأويلات بشأن الميول الجنسية للفنان الجزائري الشاب سبباً أكبر بالجدل الواسع بشزنه، فكان مثلياً وحرص على التعبير عن الحب المثلي وقصصه الغرامية الشخصية أو حتى الخيالية مع الرجال من خلال أغانيه. ورغم ذلك رفض مراراً أن تصبح حياته الخاصة موضوع إثارة في وسائل الإعلام فتجنب خلال جميع مقابلاته الصحفية التعليق على أسباب غنائه عن الرجال أو ميوله الجنسية.
المثير أن الفنان الراحل ظل يعارض بشدة وصفه بـ"الشاذ" ملمحاً بأنه كان يدافع بشكل غير مباشر عن “طرح متوازن” للتعامل مع المثليين بعيداً عن الإدانة وعقلية محاكم التفتيش القادمة من القرون الوسطى.
وتسبب ذلك في منعه من الظهور في الإعلام المحلي، سواء في القنوات التلفزيونية الحكومية أو الخاصة، كما أنه منع من المشاركة في مهرجانات الجزائر. بالرغم من أن أغانيه حققت عشرات الملايين من المشاهدات عبر شبكة الإنترنت ولديه شعبية عريضة في الجزائر والمغرب العربي وأوروبا.
بعض التجميل قاتل وعلى نحو مفاجئ، يحدث أن يدخل الإنسان قاعة العمليات آملاً بتحسين شكله فيخرج جثة هامدة، وهذا ما حدث لمغني الراي الجزائري هواري منار الذي فارق الحياة في ساعة متأخرة من مساء الاثنين أثناء عملية تجميل كان يخضع لها.
يعد هواري منار شخصاً منبوذاً من طرف العائلات الجزائرية المحافظة لارتياده الملاهي الليلية وظهوره عبر مواقع التواصل وعلى حلبات الغناء بملابس جريئة وصفت في كثير من الأحيان بأنها نسائية، واضعاً مساحيق التجميل والإكسسوارات النسائية. كان كذلك لافتاً بعباراته وأغانيه الجريئة المخالفة للشائع في مجتمعه.
وشمت البعض بوفاة منار عبر تويتر ودعوا للاتعاظ من نهاية "المتشبهين بالنساء" في حين دعا له الكثيرون بالرحمة واتهموا الشامتين بالعنصرية وافتقاد الإنسانية.
هواري منار الذي لم يعرفه الكثيرون
ويقول الكاتب والباحث الجزائري سعيد خطيبي عن منار: كان يكفي التلفظ باسم هواري منار حتى تنتفض الجهات المحافظة والجماعات الإسلامية التي تعدّ الرجل رمزاً للفسق وانحلال الأخلاق”، لافتاً إلى أنه شخص مغاير في الحقيقة ويضيف: "حدّثني كثيرًا عن أمّه، وبدا لي كما لو كان طفل... تحدّث عن المدّاحات والشّيخات وعن جلسات الرّاي الأصيل”، واصفاً الراحل بأنه "كان أصيلاً في مجتمع غير أصيل".
أما عن فن منار وموهبته فيقول خطيبي: "قد يعتقد الكثيرون أنه مُجرد مغني كباريهات، لأنه لا أحد سمعه – مثلًا – وهو يردّد مقاطع لويتني هيوستن أو سيلين ديون". متابعاً "صحيح أنه عاش حياة تيهٍ في كباريهات داخل الجزائر وخارجها ولم تمنح له فرصة الظهور على تلفزيون خاصّ، سوى للكلام ولم تكن للغناء. لكنه كان الوحيد، الذي يملأ ملعبًا بأسره غرب الجزائر أيّام مهرجان الرّاي".
وفي آخر ظهور له عبر فيسبوك هنأ الفنان الراحل متابعيه بحلول العام الجديد عبر مقطع من آخر حفلاته في رأس السنة. وقبل ثلاثة أيام نشر صورة في إنستاغرام رفقة أحد أصدقائه بأحد المطاعم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...