"لكل بنت بتسوق تكفين التزمي في لبسك وشكلك وبدون مكياج مبالغ، وكوني خير من يمثل المرأة السعودية، وتكفين لا تسوين أشياء تشوه سمعة المرأة السعودية".
بهذه العبارات، خاطبت الممثلة والمغنية السعودية وعد بكر يونس السعوديات قبل ساعات قليلة من السماح لهن بقيادة السيارة في السعودية اليوم الأحد.
ولم تكن وعد، المقيمة في دبي، تتوقع أن نصيحتها ستفتح عليها أبواب النقد على مصراعيه. ومن باب "ينصحون الناس وينسون أنفسهم"، شنّت عليها السعوديات حملة قاسية خلال اليومين الماضيين، فالفنانة السعودية ذاتها كانت من أشدّ معارضات قيادة المرأة في السابق، وتحاول الآن أن "تستشرف" عليهن، وطالبن إياها بالبدء بنفسها قبل أن تنصحهن.
الهجوم اللاذع الذي تعرضت له وعد دفعها للردّ بحدة، فكتبت على حسابها الشخصي على تويتر:"وأنا أختكم واللي يقول أنتِ تغنين وتمثلين هذا شغلي، وبالنسبة للعباية أنا مستقرة في دبي وأقدر أطلع من دون عباية، وأوقات أطلع، لكن كثير ألبس عباية ومحد جبرني، بس سبحان الله لها هيبة، وبس حبيت أقلكم والله يستر عليكم ويكفيكم شر الحوادث"، قبل أن تمسح تغريدتها من "توتير" و"إنستغرام".
بين الهجوم على وعد والدفاع عنها، كان الجدل على "تويتر" ساخناً، وطالبها عدد كبير من المتابعين بالاهتمام بنفسها، فيما دافع كُثر عنها. وتداول ناشطون صوراً لوعد وهي تقود سيارتها بكامل زينتها، مرددين عبارات منتقدة مثل: "مغنية غير محجبة ومتخلية عن العبايه تنصح السعوديات الالتزام بلبس العباية والحشمة"، فيما أيّد آخرون ما قالته بعيداً عن تصرفاتها الفردية.
استفزاز متعمد - المستشرفات
رفض السعوديات لنصيحة وعد، مع أنها كانت منطقية، جاء من باب رفضهن الوصاية من اللواتي لا يعملن بالنصيحة، ويطلق عليهن لقب "المستشرفات"، وأيضاً من باب اتهامهن بأنهن يردن المزايدة من أجل المزيد من الشهرة. هذا الجدل أعاد الحديث عن ظاهرة "الاستشراف" التي باتت تميّز وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية. وعد لم تكن الأولى، سبقها عدد كبير من الفنانات، منهن أحلام التي عارضت قيادة المرأة للسيارة بحجة أنها بلاد الحرمين، فيما تمتلك هي أسطولاً من السيارات الفارهة. "هم يبحثون عن الإثارة وزيادة عدد المتابعين"، هكذا يلخص الخبير في التواصل الرقمي " سلطان الشيباني" من يتصرف بطريقة تختلف عن التي يعيشها، مشدداً على أنهن يعرفن جيداً ما يقلن، وكيف ستكون ردة الفعل تجاههن، ولكنهن يتعمدن ذلك. وقال لـ"رصيف22" :"هذا النوع من الأشخاص يُدرك أن حياته الشخصية تختلف عن القيم التي ينادي بها، ومحاولته توجيه المجتمع، ويحاول بذلك استفزاز الجمهور ليرفع عدد متابعيه ويبقى في دائرة الحدث".وعد، لم تكن الأولى، سبقتها كثير من الفنانات، منهن أحلام التي عارضت قيادة المرأة للسيارة بحجة أنها بلاد الحرمين، فيما تمتلك هي ذاتها أسطولاً من السيارات الفارهة.
يحاولن أن يتطهروا من آثامهم من خلال الأخريات، عبر فرض وصايتهن عليهن، ودفعهن لفعل ما لا يستطيبون فعله.وأكد أن "محاولة البعض توجيه المجتمع من خلال الترويج لمبادئ وقيم لا يطبقها شخصياً تُعتبر أمراً مستفزاً"، مستشهداً بما قامت به وعد. وأضاف:"هي تُدرك جيداً أنها بعيدة عن ما تطالب به، وأن ما ستقوله سيكون محل انتقاد، ولكنها تبحث عن ذلك مستغلة حدثاً مهماً مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية، لتبقى في دائرة الحدث، وهذا ما حدث فعلاً، وللأسف عدد كبير من الناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي يمارسن ذلك".
وصاية مرفوضة
هل هي محاولة لتعويض نقص، أو محاولة الظهور بمظهر الخائف على المجتمع بطريقة فجة؟ بحسب مقدمة برنامج "من الخليج" على شاشة "الحرة" الإعلامية سكينة المشيخص، هم يعرفون، ونحن نعرف أنهم يفعلون ما يخالف ما يدعون له، ومع ذلك يتطوعون لتقديم النصح بطريقة مثالية، من دون أن يتقيدوا بما ينصحون به. وقالت لـ"رصيف22": "من يطالب بمثاليات لا يتقيد بها، يحاولون فرض وصايتهم على المجتمع بطريقة غريبة، وعلى وعد وغيرها عدم التدخل في حريّات الأخريات، ولا تفرض عليهن كيف يتصرفن". وأضافت:"منذ سنوات ونحن نعاني في الحصول على حق القيادة، وحاولت إحدى المغنيات أن تستغل ذلك، وغردت بأن المرأة السعودية لا تستحق القيادة في بلاد الحرمين، مع أنها هي ذاتها تغني في بلاد الحرمين". وأشارت إلى أن "هذا النوع من الأشخاص يعاني نقصاً معيناً، يحاولون تعويضه من خلال محاولة فرض وصايتهم على المجتمع، وكأنهم يقولون بأنكم غير جيدين تماماً". وختمت :"قد تكون هناك أسباب أخرى، منها أنهم يحاولون أن يعوضوا من القصور الذي يعانون منه بسبب نظرة المجتمع لهم، الأمر يحتاج فعلاً دراسة نفسية".تعويض نقص
يُعرف الاستشراف بأنه نوع من التنبؤ بالمستقبل، ولكن على "تويتر" هو محاولة الظهور بمظهر يختلف عن الحقيقة، من خلال تقديم نصائح لا يعمل بها من يقولها. قد لا يكون الأمر استفزازاً للمجتمع، ومحاولة من المستشرف الصعود على أكتافه فقط، بل قد يكون للأمر أبعاد أكبر، وهو ما أكده أستاذ علم النفس التربوي في "جامعة الملك سعود" سعد الشقيح. وقال إن "من يقوم بمثل هذه التصرفات، يحاول أن يتطهر من آثامه من خلال الآخرين". وأكد لـ"رصيف22":"هم وجدوا أن الطريقة المثلى لذلك أن يتحولوا إلى أوصياء على المجتمع لفعل ما لا يستطيعون فعله، كمن يعجز عن السير فيحضّ الأخرين على المشي كثيراً، لتعويض جزء من نقص يعانيه، ولكن الأمر بالنسبة للاستشراف وصل حدّ الاختناق، ولم يعد السعوديون يقبلونه، فلا يمكن أن أقبل نصيحة عن ضرر التدخين من مدخّن".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...