شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
لأن السلطات تأخرت في تعبيدها...جزائريون يزرعون الطريق ثوماً وبصلاً 

لأن السلطات تأخرت في تعبيدها...جزائريون يزرعون الطريق ثوماً وبصلاً 

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 23 يناير 201902:03 م

هي الطريقة الاحتجاجية الأكثر طرافة وشداً للانتباه والأكثر نجاعة كذلك، أقدم على ابتكارها وتنفيذها سكان بلدة بغلية بولاية بومرداس شمال الجزائر بعد أن تأخرت السلطات في تعبيد شارع بحيّهم فقاموا بحرث الشارع الذي يمتد على طول 200 متر وزرعوه بصلاً وثوماً وبطاطا.

ورغم أن السكان نفذوا مبادرتهم الفريدة من نوعها الأسبوع الماضي، إلا أن صداها لم يبلغ العاصمة إلا حين تناقل صورها الساعات الأخيرة وبشكل مكثف رواد مواقع التواصل الاجتماعي بنشر مقاطع الفيديو لعملية حرث الشارع وزرعه.

شارع الثوم والبصل...احتجاج مثمر

ونشر سكان القرية صوراً للطريق المزروعة عبر حساب القرية الرسمي على فيسبوك، وعلقوا "ردة فعل سكان وتجار حي سوماني حوسين بلدية بغلية ولاية بومرداس بعد فشل المشروع الذي تجاوزت مدته 5 أشهر حيث قرروا تحويل الطريق إلى مزرعة نظراً لخصوبة التربة التي تم تفريشها (وضعها) فيها.." مع إيموجي ضاحك.

وانهالت على الصفحة التعليقاتُ المشيدةُ والداعمةُ والساخرةُ تفاعلاً مع ما أقدم عليه سكان الحي، كما تداولت الشبكات الصور على نطاق واسع عبر تويتر وفيسبوك، مع تنديدات بـ"تكاسل المسؤولين" و"الفساد" على حد قول المعلقين.

وتفاعلت وسائل الإعلام الجزائرية مع ما قام به سكان بغلية ولفتت إلى معاناة القرية والقرى المجاورة لها من نقص الخدمات وتردي البنى التحتية.

وقال أحد سكان القرية في لقاء مع قناة البلاد” الجزائرية الخاصة: "منذ أكثر من خمسة أشهر ونحن ننتظر أشغال تزفيت الطريق ولم يحدث أي جديد".

 كما اشتكى أصحاب محلات بيع قطع غيار السيارات في ذلك الشارع من تداعيات هذا التأخير على مبيعاتهم. وقال أحدهم ساخراً "لم يعد الناس يمرون من هنا بسبب الطين، ما نتج عنه انخفاض في المبيعات. لذا قررنا الشروع في زراعة الشارع، ربما نحصِّل بعض الدخل".

في المقابل، أوضح رئيس بلدية بغلية التي يقطنها 20 ألف ساكن، أن الأشغال انطلقت في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018، لكنها توقفت بسبب تساقط الأمطار الأسابيع الأخيرة، على حد قوله في مقابلة مع قناة "النهار" الخاصة.

ونجح السكان في تحقيق هدفهم، وفور تسليط الإعلام الضوء على ما قاموا به، استؤنفت أشغال تمهيد الطريق ما دفع برواد مواقع التواصل إلى مطالبة سكان المناطق الجزائرية الأخرى بالاقتداء بسكان قرية بغلية.

معاناة أكبر للقرية

نجحت مبادرة زراعة الطريق على عدة أصعدة إذ ألقت الضوء على معاناة أهل القرية وكشفت المشكلات الحيوية بها من سوء مياه الشرب وتعكرها ما يهدد صحة السكان.

وركزت الصحافة المحلية على ما يقاسيه السكان بسبب تدهور سبل العيش الكريم، لا سيما رداءة شبكة الطرقات التي تحتاج تهيئةً عاجلة وكثيراً ما كانت تسبب زحاماً خانقاً. ويعد قطاع النقل الجامعي الأكثر تأثراً وتأزماً.

يشكو السكان أيضاً تأخر إنجاز 550 وحدة سكنية من مشروع عمومي للسكن بالإيجار بالتزامن مع شكاوى عديدة من مستلمي 140 مسكناً اجتماعياً من غياب تام للتهيئة، بما في ذلك غياب إمدادات الغاز وانعدام الإنارة العمومية وغياب جدار واق يحمي الحي من انزلاق التربة إذ يقع الحي على مستوى منخفض.

هي طريقة الاحتجاج الأكثر طرافة ونجاعة: سكان قرية جزائرية حرثوا الطريق التي لم تقم السلطات بتعبيدها وزرعوها ثوماً وبصلاً. النتيجة مذهلة.

على أبواب الانتخابات 

ويعاني عموم الجزائر من أزمة اقتصادية تفاقمت على مدار السنوات الخمس الأخيرة، رغم ثراء البلاد بالنفط والغاز ويرتقب الجزائريون الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل/نيسان 2019، لإحداث تغيير لكن الآمال المعقودة ليست كبيرة.

ويخشى الجزائريون من ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة (81 عاماً) الذي يحكم البلاد منذ أبريل/نيسان 1999، ويشكو وضعاً صحياً مزمناً أقعده في كرسي متحرك، لولاية رئاسية خامسة فيما يدعم أنصاره منذ أشهر ترشحه، لكن حتى الآن يكتنف الغموض ترشحه من عدمه.

وتدهورت صحة بوتفليقة بشكل ملحوظ بعد إصابته بجلطة دماغية في العام 2013، وأصبح يتحرك على كرسي متحرك، ولا يظهر إلا نادراً ولم يعد يدلي بتصريحات رسمية ويكتفى بوضع صورة كبيرة له في المراسم الرسمية كما لو كان حاضراً مع إنابة أحد مسؤوليه ليحل محله.

وبحسب وزارة الداخلية الجزائرية فقد تقدم 32 شخصاً لانتخابات الرئاسية بعد ثلاثة أيام فقط من فتح باب الترشيحات، وتمثل الطلبات 9 رؤساء أحزاب و23 مرشحاً مستقلاً.

ويرى محللون أن المعارضة قد تضغط بورقة الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية من أجل الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

يشار إلى أن محافظ بنك الجزائر (البنك المركزي) محمد لوكال، أعلن في الآونة الأخيرة فقدان الدينار 34% من قيمته خلال العام الماضي 2018، في حين اعتمد البنك "سياسة التعويم الموجه" لمواجهة تبعات تراجع عائدات النفط وكبح فاتورة الواردات، ما ينذر بمزيد من الغلاء.

ويلفت الخبير المالي والمستشار السابق لدى الحكومة الجزائرية عبد الرحمان مبتول إلى أنه "من المنتظر أن تسجل الحكومة عجزاً غير مسبوق في الموازنة العامة في العام الحالي 2019، إذ تشير توقعات الحكومة في موازنة البلاد للسنة الحالية إلى ارتفاعه فوق 16 مليار دولار، وتملك الحكومة الجزائرية حلولاً قليلة لمواجهة هذه المعضلة المالية أحلاها مر، إما سد العجز عن طريق اللجوء إلى احتياطي الصرف أو التوجه نحو الاقتراض من الخزينة العمومية، التي تعاني هي الأخرى عجزاً سنوياً يفوق 30 مليار دولار" حسبما يؤكد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image