انتهت حياة الشاب الجزائري عياش محجوبي، يوم الأحد 23 ديسمبر، بعد أن فشلت محاولات انتشاله حياً من داخل أنبوب يؤدي إلى بئر، ما تسبب بغضب عارم في صفوف الجزائريين نتيجة "فشل" السلطات في إنقاذه.
بقي عياش، البالغ من العمر 26 عاماً، نحو ستة أيام يصارع الموت داخل الأنبوب بقرية أم الشمل ببلدية الحوامد، بولاية (محافظة) المسيلة شرقي العاصمة الجزائر دون أن تتمكن السلطات من انتشاله.
ولقت قضية سقوط الشاب الجزائري منذ بدايتها تعاطفاً وتضامناً كبيرين في ولايات الجزائر، ما جعل محنته تتحول إلى قضية رأي عام.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مدير الحماية المدنية بولاية المسيلة العقيد فؤاد لعلاوي، قوله إن عناصر الحماية المدنية بذلوا جهوداً منذ الشروع بعملية الإنقاذ الثلاثاء الماضي، من خلال حفر عميق بمحيط الأنبوب في محاولة للوصول إلى الشاب، لكن لم يقنع كلام لعلاوي الكثير من الجزائريين الذين وجدوا في وفاة الشاب فشلاً حكومياً بحسب تعبيرهم.
وظل الشاب داخل أنبوب على عمق نحو أربعين متراً يصرخ طالباً إغاثته حتى خارت قواه وما عاد قادراً على الصراخ بعد مضي ستة أيام داخل أنبوب قطره نحو 35 سنتيمتراً، قدماه في الطين والماء، وهو يأمل بأن تصل إليه فرق الإنقاذ، لكن مع مرور الوقت وفشل كل محاولات إنقاذه بدأت الفرص في إخراجه حياً تتضاءل.
صورة والد عياش جالساً على الأرض ممسكاً برأسه، ووالدته وهي تبكي ولدها في مكان الحادث، إضافة إلى شقيقه وهو ينفجر غاضباً في وجه والي (محافظ) المسيلة الحاج مقداد، صورة لخصت للرأي العام الجزائري مأساة هذه الأسرة التي تابعت أمام أنظار العالم لحظة بلحظة كيف أسلم ابنها الروح عالقاً في بئر.
صورة والد عياش جالساً على الأرض ممسكاً برأسه، ووالدته وهي تبكي ولدها وشقيقه وهو ينفجر غاضباً في وجه الوالي.. صورة لخصت للرأي العام مأساة الأسرة التي تابعت أمام أنظار العالم لحظة بلحظة كيف أسلم ابنها الروح عالقاً في بئر.
تضامن شعبي
جمعت قصة عياش محجوبي مئات الجزائريين على هدف واحد: إنقاذه. وأكدت وسائل إعلام محلية أن معظم آلات الحفر الموجودة في المكان مملوكة لمواطنين وشركات خاصة وليست للحكومة الجزائرية، لم يتردد مالكوها في وضعها تحت تصرف فرق الإنقاذ، فيما تجمع المئات من المواطنين في مكان الحادث ناصبين خيامهم معلنين استعدادهم للمساعدة متى احتاجتهم فرق الإنقاذ.
لكن عياش توفي داخل البئر، بعد أن فقد جسمه القدرة على الصمود.
على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقد مستخدمون ما اعتبروه تقصيراً من السلطات، التي كان "يمكنها" إنقاذ الشاب لو قامت بواجبها على أكمل وجه، على حد تعبيرهم. وتحدث آخرون عن الإهمال الحكومي الذي أدى إلى سقوط الضحية في الأنبوب قائلين إن إجراءات السلامة تتطلب منع الناس من الاقتراب من أنابيب أو أماكن قد تشكل خطراً على حياتهم.
وانتقد آخرون وصول والي ولاية المسيلة (المحافظ) الحاج مقداد إلى مكان الحادث بعد عدة أيام، قائلين إنه أنه كان بالإمكان جلب رافعات كبيرة وطلب مساعدة شركات حكومية أو أجنبية عاملة في الجزائر ولديها الإمكانيات والخبرة في عمليات الحفر والتنقيب، وأنه لو تم التحرك بسرعة لخرج عياش من الأنبوب حياً.
لكن الوالي نفى الاتهامات الموجهة له وأكد أنه كان يتابع تطورات القضية منذ البداية، وأن كل الإمكانيات سُخرت من أجل إنقاذ عياش، لكن القضاء والقدر كان أقوى، بحسب تعبيره.
وانتشر وسم "أنقذوا عياش" على موقع تويتر، وكتب مغرد جزائري "اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، حكومة فاشلة".
ونشر مستخدم آخر صورة والد عياش واصفاً إياه بأنه "ينتعل حذاءً بلاستيكياً دون جوارب في هذا الجو البارد"، معتبراً أن الصورة "عنوان لقصة فقر مريرة تخللها سيناريو فقدان فلذة الكبد في أغرب قصة وفاة مع أغرب قصة إنقاذ باءت بالفشل، فشلت الحكومة ولم يفشل الشعب".
لكن في المقابل, وجه بعض المستخدمين الشكر لرجال الحماية المدنية، معتبرين أنهم بذلوا ما بوسعهم لإنقاذ الشاب. ونشر مستخدم صورة أفراد فرق الإنقاذ وهم يبكون الشاب, مغرداً: "شكراً للرجال ألف تحية .. شكراً لرجال الحماية المدنية".
كما غردت مستخدمة: "كل الاحترام والتقدير لرجال الحماية المدنية والأفراد المتطوعين وكل من ساهم ولايزال يساهم في إنقاذ جسد أخينا عياش رحمه الله".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...