شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
استثمارات الصين تتضاعف في مصر… فرصة اقتصادية أم فخّ سياسيّ؟

استثمارات الصين تتضاعف في مصر… فرصة اقتصادية أم فخّ سياسيّ؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الثلاثاء 24 سبتمبر 202412:19 م

عقود استثمار نهائية في منطقة قناة السويس تصل قيمتها المتوقعة إلى مليار دولار، ومذكرات تفاهم لإنشاء مصانع جديدة. هذه هي حصيلة زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي للصين، التي انتهت في السادس من أيلول/ سبتمبر الجاري. 

وفي حين أن تبادل الزيارات الرسمية بين المسؤولين المصريين والصينيين أمر معهود في ظل علاقات البلدين التي تتسم بالاستقرار الطويل الأمد، لكن زيادة وتيرتها خلال فترة حكم الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، ومستواها الرفيع الذي شمل جميع القيادات السياسية وصولاً إلى رئيس الجمهورية، مؤشّران إلى توطّد هذه العلاقات خلال السنوات العشر الأخيرة. 

هذه الزيارات الرسمية التي احتضنتها بكين أو القاهرة عنوانها الأساسي هو الاستثمار الصيني في مصر، البلد الذي يحاول إيجاد مخرج من أزمات اقتصادية متلاحقة، كلما نجا من واحدة، عصفت به الأخرى. 

كيف زادت هذه الزيارات، ومعها تضاعفت الاستثمارات الصينية في مصر خلال الأشهر الأخيرة؟ وهل تنذر هذه الاستثمارات بالخير أم تحمل معها مخاطر من نوع جديد؟ هذا ما نناقشه في هذا التقرير.

علاقات رفيعة المستوى

حتى نفهم المستوى الذي وصلته العلاقات المصرية الصينية في العقد المنقضي، علينا أن نعود قليلاً إلى الوراء. ففي أيار/ مايو 2024، استقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، في قصر الشعب في العاصمة الصينية بكين، وأعلنا معاً تدشين ما سُمّي في حينه "عام الشراكة المصرية الصينية"، على أن يشهد فعاليات دبلوماسية وتجارية واستثمارية. 

التعاون مع الصين يفرض على مصر تحديات بقدر ما يمنحها فرصاً، لكن في الوقت نفسه لا يمكن التكهّن بما يحمله المستقبل… فأي تصعيد عسكري بين الصين وتايوان مثلاً، أو حرب تجارية بين واشنطن وبكين، قد يضع مصر في موقف حرج لا يكون فيه الحياد خياراً، وقد تضطر القاهرة إلى الاختيار بين حليف سياسي وشريك تجاري

لم يكن هذا أول لقاء بين الرئيسين، فمنذ تولّى شي جين بينغ السلطة في الصين عام 2012، تطوّرت العلاقات بين مصر والصين بشكل مطرد. وبعد وقت قصير من تولّي السيسي حكم مصر في عام 2014، زار الصين، ووقّع البلدان "اتفاقية شراكة إستراتيجية"، في مجالات الدفاع، والتكنولوجيا، والاقتصاد، ومكافحة الإرهاب، ومكافحة الجرائم الإلكترونية.

منذ ذلك الحين، تعدّدت زيارات السيسي إلى الصين. ثم التقى الرئيسان في جدة بالسعودية، في كانون الأول/ ديسمبر 2022، وذلك على هامش القمة الصينية العربية الافتتاحية التي استضافتها المملكة العربية السعودية، وتعهّدا مواصلة خطة الحزام والطريق.

تايم لاين لقاءات الرئيس السيسي ونظيره الصيني.

تايم لاين لقاءات الرئيس السيسي ونظيره الصيني.

لاحقاً في 2016، زار الرئيس بينغ مصر وقدّم خلالها "دعماً مالياً وسياسياً"، حيث وقّع البلدان 21 صفقة، بما في ذلك استثمارات صينية بقيمة 15 مليار دولار في مشاريع مختلفة.

تاريخ بدأه عبد الناصر وعزّزته "الحزام والطريق" 

ويتمتع البلدان بتاريخ طويل من العلاقات الدبلوماسية منذ بدأت في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956. وكانت مصر آنذاك أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. كما قدّمت الصين لمصر مساعدات مالية كبيرة لأجل مواجهة ما يُعرف بـ"العدوان الثلاثي على مصر" الذي شنّته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على البلاد عام 1952.

مصر هي إحدى أبرز الدول المنضوية في مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، أو ما يعرف بـ"طريق الحرير الجديد" الذي يربط الصين ودول شرق آسيا من جانب، وأوروبا من جانب آخر، عبر مسارين، أحدهما بري، والآخر بحري، وهو بمثابة إحياء لطريق تجارة الحرير القديم بين الشرق والغرب. دُشِّنت هذه المبادرة قبل 10 سنوات، ومع انطلاقها، بدأت مصر والصين ما أطلقتا عليه "شراكة اقتصادية شاملة" بين البلدين. 

تجدر الإشارة إلى أن قناة السويس هي نقطة محورية في هذا الطريق حيث تعد ممرّاً حيوياً تعبر منه التجارة القادمة من المحيط الهادي الذي تطل عليه الصين، مروراً بالبحر الأحمر، وصولاً إلى البحر المتوسط حيث الموانئ الأوروبية. كما أن موانئ القناة تُعد مدخلاً لقارة أفريقيا، بما فيها من استثمارات صينية ضخمة. 

يعني هذا أن قناة السويس التي تصل البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، فرصة لا تعوض للمبادرة الصينية. وقد انعكست هذه الأهمية على اختيارات الصين لمواقع استثماراتها داخل مصر.

خريطة مصر وطريق الحرير البحري.

خريطة مصر وطريق الحرير البحري.

في آذار/ مارس 2024، وقع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي "عقد نقل حق انتفاع مساحة من الأرض تُقدر بنحو 270 ألف متر مربع" في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى شركة "شين شينغ" الصينية المتخصصة في صناعة المواسير الحديدية، بعد عودته من زيارة رسمية إلى الصين، التقى خلالها الرئيس الصيني. 

هناك مشروع محتمل آخر على البحر المتوسط، إذ أعلن الطرفان في الشهر نفسه عن دراسة إنشاء منطقة صناعية صينية ضخمة على البحر المتوسط، لتوفير احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى أوروبا وأمريكا. وأوضح وزير التجارة والصناعة المصري أحمد سمير، في حينه، أن المقترح الذي يناقشه البلدان "يتضمن إنشاء منطقة صناعية تقليدية وأخرى متخصصة في الصناعات التكنولوجية ذات القيمة المضافة العالية الأمر الذي سيسهم في نقل الخبرات وتوفير أحدث التكنولوجيات للعمالة المصرية وجعل مصر محوراً صناعياً وتصديرياً للمنتجات الصينية لا سيما في ظل تزايد طلبات الشركات الصينية الراغبة في الحصول على قطع أراضي لإنشاء مصانع عليها".

في هذا الصدد، يقول الباحث الاقتصادي محمد رمضان، لرصيف22، إن الاستثمارات الصينية هي خليط من المشروعات في مجالات النقل والتجارة والبناء، مضيفاً "الأمر المفيد أن الصين تسمح جزئياً بنقل التكنولوجيا إلى الدول التي تعمل فيها، بشكل أكثر مرونة من الأوروبيين والأمريكيين. والأكثر أهمية أن استثمارات الصينيين تعد استثمارات إستراتيجية، وهم معتادون التكيّف مع عدم الاستقرار السياسي أحياناً ونقص الحوكمة أحياناً، كما هو الحال في الدول النامية باعتبار الصين هي الأخرى جزء من العالم النامي". 

لكن ما يلفت نظر رمضان أن الاستثمارات الصينية تتركز على الوجود قرب قناة السويس وسواحل البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وعلى إنشاء مصانع وخدمات في قطاعات مختلفة، أكثر من سعيها إلى الاستحواذ على الموانئ في هذه الأماكن. 

بحسب رمضان، "الأمر المفيد أن الصين تسمح جزئياً بنقل التكنولوجيا إلى الدول التي تعمل فيها، بشكل أكثر مرونة من الأوروبيين والأمريكيين. والأكثر أهمية أن استثمارات الصينيين تعد استثمارات إستراتيجية، وهم معتادون التكيّف مع عدم الاستقرار السياسي أحياناً ونقص الحوكمة أحياناً". لكن ما يلفته أن الاستثمارات الصينية تتركز قرب قناة السويس

ويعزو رمضان السبب إلى أن الموانئ المصرية لم تكن مطروحة للاستحواذ حتى وقت قريب، وعند طُرح بعضها، كان هناك تنافس كبير، وكانت كفّته تميل إلى دولة الإمارات وهي دولة ذات حضور أكبر من حيث نشاطها الواسع في تشغيل الموانئ في المنطقة، كما أن علاقاتها مع النظام المصري الحالي أقوى.

فرص متبادلة

تُدر العلاقات المصرية الصينية منافع اقتصادية على البلدين. فمن ناحية، ارتفع التبادل التجاري بين البلدين في وقت تعاني مصر أزمة اقتصادية طاحنة، أحد أبرز عناوينها نقص العملات الأجنبية، وهو ما دفع البلدين إلى التعامل بالعملات المحلية بعيداً عن الدولار الأمريكي. كما انضمّت مصر إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية الجديد، وأصبحت عضوة في مجموعة بريكس، وكلها مبادرات تقدّم تسهيلات نقدية وقروضاً وتتعامل بعملات غير الدولار.

بدا ذلك جلياً في كلام السفير الصيني لدى القاهرة، لياو لي تشيانغ، الذي صرّح قائلاً: "لن تخرج الشركات الصينية من مصر بسبب العملة الأجنبية. نحن الآن نتعامل مع مصر بالعملات المحلية فضلاً عن التيسيرات الكبيرة التي نقدمها للجانب المصري، وأعتقد أن انضمام مصر لـ'بريكس' يساهم بشكل كبير في حل تلك المشكلات، والحكومة الصينية تسعى حالياً إلى تعزيز استيراد المزيد من المنتجات الزراعية من السوق المصرية".

من ناحية أخرى، تستثمر الصين فوائضها المالية في بيئة مناسبة. يقول رمضان إن "الصين راكمت - عبر عقود - فوائض مالية ضخمة كانت تحفظ بها في استثمارات في الولايات المتحدة وأوروبا. ومع اضطراب العلاقات بين الجانبين (بين الولايات المتحدة وأوروبا من جانب، وبين الصين والولايات المتحدة من جانب آخر)، يحاول الصينيون تنويع استثماراتهم في أفريقيا وآسيا، ومن أهمها طريق الحرير". 

"الصين تفعل ذلك كجزء من التوسّع الاقتصادي والسياسي أيضاً، باعتبارها صارت قوى عظمى"، يتابع الباحث المصري. 

كان نتيجة هذا التعاون أن حجم الاستثمارات الصينية في مصر ارتفع من 500 مليون دولار إلى 1.5 مليار دولار، بين عامي 2012 و 2022. كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر من 10 مليارات دولار إلى 20 ملياراً في الفترة نفسها، بحسب آخر إحصائية كشفت عنها السفارة الصينية في القاهرة.  

الاستثمارات الصينية في مصر

حجم التبادل التجاري بين مصر والصين

ماذا عن التحدّيات؟ 

بالرغم من كل ذلك، هناك العديد من المخاوف التي تكتنف هذه الاستثمارات الصينية المتزايدة في مصر، ولعل أبرزها ما يلي:

1- فخ السياسة 

تعتبر الصين من أكثر الدول استثماراً في منطقة الشرق الأوسط، وهي تنافس في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية. لكن البعض يتخوف من تبعات سياسية لهذه الاستثمارات إذ يعتبرون أن الصين تتبع سياسة شراء النفوذ السياسي بالاستثمارات، ويستشهدون في التدليل على ذلك بأن المشاريع التي قامت الشركات الصينية بإتمامها في مصر مرتبطة بشكل ما بالمشروعات ذات اللون السياسي. 

فعلى سبيل المثال، كانت مشروعات مثل "أطول مبنى في أفريقيا" في العاصمة الإدارية الجديدة، وأبراج مدينة العلمين، التي تم بناؤها بالتعاون بين الشركات الصينية والمصرية، من أبرز ما أنجزه الصينيون في مصر. 

ويشير تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن "النفوذ الصيني في مصر يمتد إلى ما وراء المجال الاقتصادي، ويشكّل تهديدات خطيرة لمصالح مصر الأمنية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية". ربما كان لهذا القلق ما يبرّره على أرض الواقع، فمصر التي تحاول إمساك العصا من المنتصف في معظم النزاعات الدولية، يبدو أنها تقف في صف الصين في بعض الملفات الخلافية بين بكين وواشنطن.

البعض في مصر يتخوّف من تبعات سياسية لهذه الاستثمارات إذ يعتبرون أن الصين تتبع سياسة شراء النفوذ السياسي بالاستثمارات، ويستشهدون في التدليل على ذلك بأن المشاريع التي قامت الشركات الصينية بإتمامها في مصر مرتبطة بشكل ما بالمشروعات ذات اللون السياسي. كيف؟

في كانون الثاني/ يناير 2024، التقى وزيرا الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره المصري آنذاك سامح شكري في القاهرة. خلال اللقاء، شكر وانغ مصر على "الدعم القيّم الذي تقدّمه في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية للصين، خاصة مسألة تايوان". 

تعد قضية تايوان من أبرز قضايا الخلاف بين بكين وواشنطن، إذ تدعم الأخيرة استقلال تايوان، بينما تصر بكين على أنها جزء من ترابها الوطني. ويتصاعد التوتر بين القطبين العالميين بسبب هذا الملف، لدرجة التحذير من الصدام العسكري أحياناً. 

وقد كرّر السيسي تأكيده أن سياسة مصر نحو الصين لا تتغير، وقال: "مصر تؤيد سياسة الصين الواحدة لأنها تصب في مصلحة الأمن والاستقرار العالميين".

تقرير معهد واشنطن للسياسات يرى أيضاً أن ما يصفه بـ"التوغّل الصيني" في مصر "لم يعد مقتصراً على مشروعات التشييد والبناء فحسب، بل اتسع ليشمل حتى المناحي الثقافية. وتحوّلت العديد من المنابر الإعلامية، لا سيما الرسمية والموالية للنظام السياسي منها إلى أبواق دعاية للحزب الشيوعي الصيني".

ويستشهد التقرير بأن الإعلام المصري الحكومي الذي ينتقد السجل الحقوقي الأمريكي في سجون في غوانتانامو أو أبو غريب، يتناسى التعليق بشكل مباشر على اضطهاد الأويغور في الصين، وهم مجموعات من المسلمين الصينيين، تتهم الحكومة الصينية بمحاولة تطهيرهم عرقيّاً. علاوة على ذلك، تواجه السلطات المصرية بين الحين والآخر تهماً بترحيل عدد من طلبة الأويغور في مصر، وتسليمهم إلى السلطات الصينية برغم التحذيرات والمناشدات الحقوقية. 

ولم تبد الولايات المتحدة الأمريكية أي رد فعل على التقارب المصري الصيني مؤخراً، لكن تقرير معهد واشنطن يخلص إلى أن "الشراكة الإستراتيجية" بين مصر والصين قد تؤثر في نهاية المطاف سلباً على علاقات مصر الخاصة بالولايات المتحدة، سيّما وأن الاستثمارات الصينية المتنامية في مصر، قد تهدد المصالح الاقتصادية لواشنطن في البلاد خلال العقد المقبل. 

2- فخ الديون

من الناحية الاقتصادية، تُثير الاستثمارات الصينية في مصر قلق شخصيات وتيارات معارضة تحذّر من تحوّلها إلى "كابوس" خاصةً أنها تقوم بالأساس على قروض منخفضة الفائدة، في بلد لجأ إلى الاقتراض بوتيرة غير مسبوقة خلال السنوات العشر الأخيرة. 

تُثير الاستثمارات الصينية في مصر قلق شخصيات وتيارات معارضة تحذّر من تحوّلها إلى "كابوس" خاصةً أنها تقوم بالأساس على قروض منخفضة الفائدة، في بلد لجأ إلى الاقتراض بوتيرة غير مسبوقة.

تتعزّز هذه المخاوف لدى كثيرين بسبب الاتهامات التي تلاحق الصين بأنها تستخدم الديون كـ"مصيدة"، إذ تقوم بالإقراض من أجل كسب النفوذ في الدول التي تتجه إلى حافة الانهيار وتعجز عن السداد، وهي تهمٌ ترفضها الصين وتصفها بأنها "دعاية غربية كاذبة". 

في موازاة ذلك، أعلنت وزارة التعاون الدولي المصرية في تقريرها الختامي لعام 2023 عن توقيع أول اتفاقية لـ"مبادلة الديون" في تاريخ العلاقات المصرية الصينية و"كذلك الأولى التي توقعها الصين مع دول أخرى"، لافتةً إلى أن ذلك يأتي "من أجل تنفيذ مشروعات تنموية" بما "يعكس قوة التعاون بين البلدين، ورغبتهما في استكشاف آفاق ومجالات جديدة للتعاون، وذلك لتعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين".

إلى ذلك، لا يعتبر الباحث رمضان أن مستوى الديون الصينية الحالي يشكّل خطراً كبيراً إذ تُعدّ الصين رابع أكبر دائن لمصر، وتقدّر الديون الصينية على مصر بنحو 8 مليارات دولار، أي ما يعادل 5% من إجمالي الديون الخارجية لمصر والبالغة قيمتها 160 مليار دولار، وفق نشرة البنك المركزي المصري الصادرة في تموز/ يوليو 2024.

كذلك يستبعد أن يسبب مستوى التعاون الحالي بين البلدين أزمة لمصر مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن "سياسة مصر الخارجية مبنية على التحالف الطويل الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية. وحتّى الآن، لم تبلغ مستويات التعاون المصري الصيني مستوى ينذر بالخطر بالنسبة لواشنطن، كأن تقدم مصر لبكين ميناءاً كبيراً على البحر الأحمر أو قاعدة عسكرية مثلاً، أو ما قد يعتبر تهديداً للأمن الاقتصادي لأوروبا ولنقل الطاقة إلى الغرب". "ما يجري حالياً قد يُنظر إليه باعتباره استثماراً أجنبياً في بعض المصانع في دولة مأزومة"، يردف رمضان. 

ختاماً، يمكن القول إن التعاون مع الصين يفرض على مصر تحديات بقدر ما يمنحها فرصاً، لكن في الوقت نفسه لا يمكن التكهّن بما يحمله المستقبل، حسبما يقول رمضان، فأي تصعيد عسكري بين الصين وتايوان مثلاً، أو صراع تجاري بين واشنطن وبكين، قد يضع مصر في موقف حرج لا يكون فيه الحياد خياراً، وقد تضطر القاهرة إلى الاختيار بين حليف سياسي وشريك تجاري.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard
Popup Image