قد لا يُصدّق البعض أن في إيران يوجد من ينحاز لإسرائيل. في الدولة التي طالما نادت بـ"محو إسرائيل" وأسّست ودعمت حركات المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين، يوجد تعاطف شعبي مع إسرائيل. هذا قد يُفاجئ البعض، لأنه يخالف الصورة التي يحملها الكثير عن إيران الإسلامية، ولكنه واقع تعكسه بعض قنوات المعارضة الإيرانية وشبكات التواصل الاجتماعي بوضوح، وقد يُرى ويُسمع في الحافلة والمترو وفي الأسواق، على الرغم من تاريخ الشعب الإيراني الحافل بمناصرة الشعب الفلسطيني. وبالتأكيد هذا لا يعني دعم كل مكوّنات الشعب الإيراني لإسرائيل. فمن هي الفئة الإيرانية الداعمة لإسرائيل؟ ومن أين أتى هذا الموقف الشعبي الإيراني الشاذ تجاه القضية الفلسطينية؟
القضية الفلسطينية قبل الثورة الإيرانية... تأييد شعبي وتقلُّب حكومي
إيران الحكومة وإيران الشعب، توجهان أساسيان كانا يسيران ضمن مسارات متقاطعة في إيران الملكية خلال عهد محمد رضا شاه البهلوي، ومن النقاط التي شكلت اختلافاً بينهما هي القضية الفلسطينية، إذ رفضت حكومة إيران في عام 1947، أن تصوّت لصالح إقامة دولة إسرائيل، إلا أنه تغير موقفها عام 1950، واعترفت بإسرائيل وأنشأت سفارتها هناك. بينما سرعان ما تراجعت وقامت بإغلاقها في عام 1952، ولكن بقيت الرغبة لدى الشاه في استئناف العلاقات.
في إيران، الدولة التي طالما نادت بـ"محو إسرائيل" وأسّست ودعمت حركات المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين، أصبح التعاطف الشعبي مع إسرائيل يتزايد. كيف ومن أين نشأ هذا الموقف؟
وللحفاظ على علاقاتها مع الدول العربية لم تستضف إيران سفارة إسرائيلية على أراضيها، بل قامت بتأسيس ما أسمته بـ"مركز اليهود"، وهو مركز عمل لسنوات تحت إشراف إسرائيلي وقام بدور أوسع مما كان ممكن أن تقوم به أي سفارة، حيث أشرف على عقد صفقات كبيرة بين إيران وإسرائيل في مجالات الزراعة والبناء والكهرباء والطاقة وأيضاً في المجالين الأمني والعسكري، وقادت هذه العلاقات الشاهَ إلى إعادة فتح سفارته في تل أبيب عام 1958، ثم القيام بإغلاقها عام 1960، ولم يعد فتحها حتى سقوطه عام 1979.
وجاء هذا المد والجزر في العلاقات بسبب رغبة حكومية إيرانية غير مدعومة بدعم شعبي وأيضاً رغبة إسرائيلية شديدة أساسها نظرية بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيل، الذي كان يؤمن بضرورة إنشاء علاقات مع كل من إيران وتركيا وإثيوبيا، ليحصر العرب ويخرج من العزلة، وهو نجح في ذلك مع تركيا عام 1949، كما نجح مع إثيوبيا عام 1991 فور انتهائها من الحرب الداخلية التي أجّلت نشأة العلاقات لسنوات. أما بالنسبة لإيران فكان الأمر مختلفاً ولم تسر عملية بناء العلاقات كما خططت لها إسرائيل، فكانت إيران عصيّة على تلك العلاقة برغم وجود رغبة وتخطيط إسرائيليين لبناء العلاقة.
أما على الجانب غير الحكومي، فكان الوضع مختلفاً، والرصيد الشعبي الإيراني حافل بالمواقف الإيجابية الداعمة للقضية الفلسطينية والرافضة لإنشاء إسرائيل؛ فعلى مستوى القيادات الدينية، رفع كبار علماء الشيعة راية النضال ضد إسرائيل منذ تأسيسها حيث أصدر كل من الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ عبد الكريم الزَّنجاني، فتاوى جهاد ضد بريطانيا و"الكيان الصهيوني"، وتكاثرت تلك الفتاوى في مدينتي قم والنجف، مركزي الفتوى الشيعية.
وزار زعيم حركة فدائيي إسلام الإيرانية، مجتبى نواب صفوي، -الذي أعدمه نظام الشاه رمياً بالرصاص بسبب مواقفه المعارضة للنظام- الحدودَ الإسرائيلية وأعلن تجنيده 500 شخص من طهران لإيفادهم لمحاربة إسرائيل، ولاقى ذلك تأييداً شعبياً آنذاك.
وفي إطار الانحياز الديني الشيعي للقضية الفلسطينية قبل الثورة الإيرانية، كتب رجل الدين والكاتب، علي دَواني، عام 1956 قصيدة بالفارسية عن فلسطين استهلها بــ: "عجباً من هؤلاء القوم المشردين المجرمين المسيئين/كم من خطط خطيرة يحملون لهذا العالم".
لم يكن التيار الديني الداعم الوحيد للقضية الفلسطينية في إيران، بل أيضاً رفض التيار اليساري الذي كان ذا نفوذ كبير في إيران كما في الدول الأخرى آنذاك، كالعراق ومصر وسوريا، الاعتراف بإسرائيل، وبدأ دعم فلسطين بكتابة مقالات وقصائد في وقت كان يتفوق على المجتمع الأمي بمستوى الثقافة والوعي، وفي هذا الإطار كتب الشاعر الإيراني اليساري، محمد علي سِبانلو، قصيدته "الفدائيون العرب" لفلسطين عام 1968، والتي منع النظام نشرها، وكتب أيضاً قصيدة "فلسطين أرضنا" إلى جانب قصائد ومقالات لشعراء وكتّاب آخرين.
ودافع المفكر الإيراني الشيعي، علي شريعتي، والذي كان من مؤسسي الخطاب الثوري الإيراني، في مقال كتبه عام 1967، عن القضية الفلسطينية وردّ على المفكر الإيراني، داريوش آشوري، الذي كان يدافع عن إسرائيل ونشأتها، وكان يتهم العرب بالممارسات الفاشية ضد الأقلية اليهودية، قائلاً: "هل الوحدة الوطنية لمليون ونصف المليون يهودي جُمعوا من مشارق الأرض ومغاربها وجاءوا إلى فلسطين العربية هو أمر طبيعي وليس فاشياً، بينما وحدة العرب الذين يجمعهم الدين والعرق واللغة والأرض الواحدة هو أمر غير طبيعي؟ وهل الوحدة العربية أمام الاستعمار هو عمل فاشي؟".
إيران تتبنّى القضية الفلسطينية
وتواصل الدعم الشعبي والمدني للقضية الفلسطينية مقابل الدعم الحكومي لإسرائيل من 1948 لغاية عام 1979 حيث تأسست الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ثورة أدت إلى سقوط الشاه. ورفع الثوار شعار دعم فلسطين كـ مبدأ أساسي للثورة التي تبنّت القضايا الإسلامية دون اعتبار الحدود بين الدول وفي إطار رؤيتها الموحدة للأراضي الإسلامية. إن القضية الفلسطينية كانت مطلب شعبي ومع انتصار الثورة أصبح مطلب شعبي وحكومي وتوحّد لأول مرة مساري الشعب والحكومة فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
وكان الرئيس الفلسطيني السابق، ياسر عرفات، أول المرحبّين بانتصار الثورة الإيرانية حيث زار العاصمة طهران في التاسع عشر من شباط/فبراير 1979 أي بعد انتصار الثورة الإيرانية بـ 8 أيام فقط واستقبله زعيم الثورة الإمام الخميني الذي سلّمه على يد ابنه، أحمد الخميني، المركز اليهودي في طهران ليصبح سفارة لفلسطين وأطلق تسمية فلسطين على الشارع الذي توجد فيه السفارة. ورغم انحياز عرفات إلى العراق في حربها ضد إيران والصفقة المزعومة لشراء إيران السلاح من إسرائيل خلال الحرب مع العراق إذ أن التوجه الإيراني الاستراتيجي تجاه القضية الفلسطينية لم يتغيّر بشكل مبدئي.
لأول مرة... ظهور فئة مساندة لإسرائيل
اتخذت الجمهورية الإسلامية بعد تأسيسها موقفاً مبدئياً تجاه القضية الفلسطينية بلغ حد التبني لهذه القضية، وهذه هي الصورة المعروفة عند العرب من هيكلة السياسة الخارجية الإيرانية. لكن ما لا يعرفه معظم الناس أن هناك أصواتاً جديدة لربما تثير الاستغراب والدهشة عند كل من لم يُجدد معرفته بالشعب الإيراني منذ عقد من الزمان. فهناك تطورات قلبت طاولة أفكار فئات من الشارع الإيراني وجعلتها تعيد رسم خارطة توجهاتها نحو القضية الفلسطينية لتكون على النقيض من توجه وموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
خاصة وأن القضية الفلسطينية في خطاب الجمهورية الإسلامية الإيرانية المتأرجح بين الإسلام والقومية اللا إسلامية، أصبحت ضمن المكوّنات الإسلامية للخطاب السياسي الحاكم، فأصبح شعار "الموت لإسرائيل" جزءاً من طقوس ما بعد الصلاة في المساجد وخُطب الجمعة، وأصبحت المشاركة بمسيرة يوم القدس، التي اعتبرها مؤسس الثورة الإيرانية فعلاً دينياً، ضرورةً. ومن هنا ظهرت الإشكالية؛ فعندما تم اختلاق ثنائية الإسلام–القومية اضطر الإيرانيون إلى الانحياز إلى طرف على حساب الآخر.
من الواضح أن الدفاع عن إسرائيل وأفعالها من قِبَل الفئة غير المتديّنة لا يتعلّق أساساً بالصراع بين فلسطين وإسرائيل، بل أساسه منطق "عدوّ عدوّي هو صديقي"، أي أن معارضة النظام تتم عبر معارضة حلفائه ودعم أعدائه، ومن هذا المنطق يصل المواطن الإيراني إلى قناعة بدعم إسرائيل.
انتشر هذا الدعم في شبكات التواصل الاجتماعي حتى أصبحت الحسابات الإيرانية تشهد موجة تعاطف كبيرة مع إسرائيل مهما فعلت، بل إن سوء أفعالها قد يكون مطلوباً من منظور هؤلاء.
سَخِر بعض مستخدمي شبكات التواصل الاجتماع من الدعم الأعمى الذي يقوم به هؤلاء الإيرانيين لإسرائيل. "(النبي) موسى لو كان موجوداً لم يدافع عن اليهود كما يدافع بعض الإيرانيين"؛ هي عبارة راجت هذه الأيام وتسخر من تطرّف بعض مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في تبرير قتل الجيش الإسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين.
وبرغم ذلك فقد انحاز، بل تعاطف بعض الإيرانيين مع حركة حماس في حربها ضد إسرائيل، وذلك من منطلقات عديدة منها التوجه الديني الذي طالما تضمّن دعم فلسطين المُسلمة في مواجهة إسرائيل اليهودية أو التوجهات التقليدية التي أورثتهم دعم فلسطين المضطهدة أو القرب من النظام الرافع لشعار دعم فلسطين أو الوعي السياسي الإسلامي المستقل عن الخطاب الحداثي وما بعد الحداثي الغربيين.
يقع بعض المواطنين الإيرانيين المعارضين للنظام الحاكم في تدرّج يؤدي به إلى حبهم إسرائيل وبُغضهم فلسطين، فهو يبدأ من معارضة النظام ويصل إلى معارضة الدين الإسلامي الذي طالما تبنّته الحكومة في إيران، ثم معارضة العرب، لأنهم، بالنسبة لهؤلاء، مصدر الإسلام، وفي النهاية معارضة القضايا التي طالما تبنّتها الجمهورية الإسلامية وأبرزها القضية الفلسطينية.
ليس هؤلاء قلة قليلة وهم لا يُخفون ميولهم النقيضة لنظام طهران، فقد تعاطف بعضهم مع الإساءة للمصحف في السويد، وقام بعضهم بإعادة العمل المُسيء في شوارع الولايات المتحدّة الأمريكية وذلك بغضاً بالنظام.
في الجانب السياسي، إسرائيل هي أكبر عدو للنظام الحاكم في إيران وهي التي تدعم نجل شاه إيران السابق، رضا بهلوي، الذي يقود قسماً من المعارضة الإيرانية، والذي زار إسرائيل في نيسان/أبريل 2023، عقب الاحتجاجات الشعبية الواسعة في إيران.
ويستغيث الإعلام المعارض ببعض البيانات غير الدقيقة للترويج لهذا العداء الإيراني–العربي أو الإيراني–الإسلامي، ويرتّبها بطريقة تؤدي إلى نتائج غير صحيحة، وذلك لخلق صورة تؤكد وجود عداء عربي أو فلسطيني أو حتى إسلامي لدولة إيران التاريخية.
ومن ضمن الأمور التي تعزز هذه الازدواجية عند المواطن الإيراني، القول بأن النظام أطلق تسمية "فلسطين" على أحد أهم الميادين في مركز طهران بينما أطلق الفلسطينيون اسم "صدام حسين"، وهو العدو اللدود لإيران، على أحد أشهر ميادينهم، وإسرائيل هي الوحيدة التي أطلقت تسمية الملك الإيراني "كوروش"، على أحد ميادينها الرئيسية. ومن خلال هذه البيانات التي قد تكون صحيحة، يريد المعارضون إقناع المواطن البعيد عن السياسة بأن إسرائيل هي الصديقة وفلسطين هي العدوة للشعب الإيراني.
دهشة داخلية من المواقف المساندة لإسرائيل
يعاني المثقف الإيراني من هذا التخبط الذي اجتاح المجتمع الإيراني وبعثر أفكار وتوجهات فئة لا يستهان بها من الشارع الإيراني، وأصبح في توّسع مستمر، فكتب الأكاديمي الإيراني المدرس في جامعة طهران، ناصر فكوهي: "نحن في إيران كأننا نعيش في كوكب آخر، لا يمكن مقارنته حتى بإسرائيل أو بالدول الداعمة لإسرائيل، ولفهمِ ذلك عليكم متابعة ما حصل أخيراً في تجمع "حثالة فكرية" في ملعب كرة قدم، حيث رفعوا شعارات مناهضة لفلسطين، وأيضاً أنظروا إلى تجمع للفنانين والمتنورين وهم من أرقى الفئات الفكرية في المجتمع، في مراسم تشييع جثمان المخرج الإيراني، داريوش مهرجويي، حيث رددّوا شعارات مناهضة لفلسطين".
وطالب الصحافي الإيراني ميثم سعادت عبر منشور على صفحته في الإنستغرام، الشارع الإيراني بالكف عن الازدواجية مضيفاً: "إذا كنا رافضين لقطع الإنترنت في البلاد فعلينا أن نرفض ذلك في أي مكان آخر وإذا كنا نحزن لقتل الطفل بير فلك والطفلة نيكا شاكرمي (قتلا خلال الاحتجاجات خريف 2022) فعلينا أن نحزن لقتل الأطفال الذين يموتون رمياً بالرصاص أو بالقصف الصاروخي في أي مكان".
وكتب الصحافي جواد كاشي عبر حسابه على الإنستغرام تحت عنوان "الغابة الميّتة": "الصور من حرب غزة وإسرائيل مثيرة للدهشة ولكن الضمير المجتمعي لشعبنا يتأثر أقل من أي شعب آخر و(ينظر إلى الحرب في غزة) كأنها مباراة كرة قدم، ويشجع فيها كل فئة طرفاً على حساب الآخر والأهداف هي الخراب الذي يحصل في الميدان".
وتطرقت صحيفة "فرهيختِكان" الإيرانية إلى الازدواجية عند هذه الفئة من المعارضة التي رفعت شعار "المرأة، الحياة، الحرية" في احتجاجات خريف 2022 وأسمتها بثورة المرأة، وكتبت: "الذين رفعوا شعار 'المرأة، الحياة، الحرية'، يجب أن يكون لديهم إيمان راسخ بحق الحياة والدفاع عن كرامة المرأة ومبدأ الحرية، وبالتالي يتعاملون من منطلق مبادئهم مع أكبر سجن مفتوح في العالم، وهو سجن قطاع غزة، فعليهم أن يستغلوا طاقاتهم لدعم حياة الأطفال والنساء عند المجتمع الدولي".
وأصدرت نقابة الكتّاب الإيرانيين -المعارضة لسياسات النظام- بياناً عبّرت خلاله عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وطالبت "الكتّابَ الأحرار بالكشف عن الكارثة التي تحصل للضمائر اليقظة، وتوعيتها".
ما هي أسباب انقلاب بعض الإيرانيين على القضية الفلسطينية؟
شرحت الناشطة السياسية الإصلاحية، آذر منصوري، في مقال بصحيفة "اعتماد" الإيرانية أسباب تراجع التضامن الشعبي الإيراني مع القضية الفلسطينية مؤكدة "في بداية الثورة كان الرأي العام الإيراني أكثر تضامناً مع فلسطين لكن تغيّر الوضع" وأوضحت "بعد اتساع الفجوة بين النظام والشعب أصبح الشعب الإيراني لا يتضامن كثيراً مع من يعتبره حليفاً أو صديقاً للنظام".
وكتب الناشط السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، مقالاً بصحيفة "اعتماد" تطرق فيه إلى أسباب وجذور التغيير في موقف الشارع الإيراني من القضية الفلسطينية، وأوضح عبدي أن مواقف النظام الرسمية من هذه القضية أيضاً لها دور وتأثير في تحول موقف الشارع الإيراني، ونوه عبدي إلى أن النظام الإيراني مستمر في اعتقاده بأن المجتمع الإيراني لا يزال مجتمعاً متدينا و "إن غالبيته تدافع عن الوضع والقيم التي يؤمن بها النظام، في حين أن الحقيقة عكس ذلك لكن متى يقر المسؤولون بهذه الحقائق؟ الله أعلم".
ويبرر الأكاديمي والخبير السياسي، حاتم قادري، مثل هذه المواقف المساندة لإسرائيل قائلاً: النظام الإيراني أدار ظهره لشعبه وبالمقابل الشعب الإيراني أدار ظهره للقضية الفلسطينية".
الخلاف حول القضية الفلسطينية في إيران لن يزول في المستقبل القريب خصوصاً في ظل تزايد قوة النظام والمعارضة يوماً بعد يوم، وربما قد يزول إلى الأبد بحل القضية الفلسطينية
ويقول الأستاذ الشهير لعلم الاجتماع في جامعة طهران، يوسف أباذري، في معرض رده على طلاب رفعوا شعار "لا غزة، لا لبنان، روحي فداء لإيران" بأن هذا الشعار من صُنع الأيديولوجيا النيوليبرالية التي يتبنّاها الغرب ويروّج لمفاهيمها الإعلام الغربي، ويؤكد بأن هناك فرضيات وهمية لدى بعض المواطنين الإيرانيين يروّج لها الإعلام الغربي.
وعقب اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، حاول بعض الشخصيات المعتدلة والتي تقف في حد وسط من المعارضة والنظام الإيراني كالرئيس الإصلاحي الأسبق، محمد خاتمي، مخاطبة جمهور المعارضة الذي كان ينتمي معظمه إلى التيار الإصلاحي الذي تزعمه في الماضي، ومعالجة الخبط لديه بالقول: "أنا لا أفرح لمقتل إنسان، ولكن علينا أن نعرف (في الحرب بين حماس وإسرائيل) من هو المُنتهك الرئيسي؟".
الفئة المتماهية تفرض نفسها على الساحة السياسية
وتوسُّع الرؤية عند هذه الفئة من المعارضة جعل بعض الأحزاب السياسية أكثر تعاطفاً مع توجهاتها التي قد لا تنسجم مع رؤية الحزب، ما جعل بعض السياسيين يتجنبون التعليق على موضوع فلسطين أو إصدار بيان مدين لإسرائيل ومؤيد للقضية الفلسطينية بعد أكثر من أسبوع كما فعل حزب "نهضت آزادي" (حركة الحرية) الذي ترأس الحكومة في مطلع الثورة الإيرانية.
وما يقشعر له الجسد هو رفع شعار "لا غزة، لا لبنان، روحي فداء لإيران" يوم الأربعاء 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بعد قصف إسرائيل لمستشفى المعمدانية في غزة، والذي راح ضحيته 500 مدنياً، وهو الأمر الذي فرض التعاطف مع الفلسطينيين على جميع شعوب العالم، إلا فئة من المعارضة الإيرانية لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وبرغم ذلك فإن الخلاف حول القضية الفلسطينية في إيران لن يزول في المستقبل القريب خصوصاً في ظل تزايد قوة النظام والمعارضة يوماً بعد يوم، وربما قد يزول إلى الأبد بحل القضية الفلسطينية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...