"بدأت فكرة مشروع المستحضرات التجميلية لدي دون تدخلات كيميائية، عند التعرض لحالات إصابة بأمراض مزمنة جراء المستحضرات الكيميائية"، بهذه الكلمات بدأ الدكتور المصري راجي السيد موسى، وهو باحث في استخلاص الأعشاب الطبية، حديثه إلى رصيف22.
ويتابع موسى (33 عاماً) المقيم في القاهرة وهو يحمل ماجستير الكيمياء الحيوية: "أؤيد بقوة العودة إلى الطبيعة وتجنب الكيماويات الضارة، وهذا لا ينفي وجود كيماويات نافعة، ولكن إذا أُحسن استخدامها من قبل مختصي التصنيع والمستهلكين في آن واحد".
ويوضح: "فكرة اللجوء إلى استبدال الكيماويات بالأعشاب في تصنيع المستحضرات التجميلية فعالة جداً، لأنها لا تسبب مشكلات أو آثاراً جانبية للشعر والبشرة. فهي بذلك تحافظ على الصحة العامة، والبيئة بأسرها".
فكرة اللجوء إلى استبدال الكيماويات بالأعشاب في تصنيع المستحضرات التجميلية فعالة جداً.
وعن تقبل المستهلكين لهذه المنتجات، يجيب:" يحاول المستهلك الابتعاد قدر المستطاع عن الكيماويات بسبب أضرارها، وتالياً، عندما يجد أن هناك منتجاً أكثر أماناً وجودة في آن واحد، بمعنى أنه يؤدي نفس الغرض التجميلي، فسوف ينساق وراءه، بل يكون مستهلكاً دائماً له، لأنه ذو مصداقية ناجمة عن تجربة حقيقية".
ومن أهم بدائل المستحضرات التجميلية ذات المواد الكيميائية التي يصنعها موسى، كريمات إنبات الشعر المصنعة من خلاصات زيوت المورينجا والجوجوبا والخروع، وهي تعطي نفس نتيجة إنبات الشعر عوضاً عن مادة المينوكسيديل، كذلك منتجات فرد الشعر المعتمدة على مادة كبريتات الكالسيوم أو الهيبوكلورايت، والتي استبدلها بكريمات طبيعية معتمدة على الكولاجين الطبيعي وزبدة الشيا واللانولين أو دهن الصوف ودهن النعام، وكذلك الحال بالنسبة إلى كريمات البشرة ومنتجات الشامبو والبلسم.
وقد توصلت دراسات حديثة إلى أن مستحضرات التجميل المصنعة من مواد كيميائية يمكن أن تضر بصحة الإنسان، إذ تحتوي على مواد سامة تسبب أمراضاً حرجة كسرطان الثدي عند النساء، وتقليل وزن المواليد عند الولادة. وبحسب الدراسات، فإن أكثر من نصف مستحضرات التجميل الشائعة الاستخدام والتي توضع على الوجوه كل يوم، تحتوي على مستويات عالية من مادة الفلور التي يمكن أن تتراكم في الدم وتسبب مخاطر مباشرة على الصحة، وتلوثاً بيئياً مرتبطاً بطرق تصنيعها والتخلص منها.
منظفات صديقة للبيئة بتكاليف أقل
يقول لرصيف22 حسام الدين أحمد، وهو كيميائي يقيم في مدينة الإسكندرية، إن المنظفات المنزلية التقليدية تعتمد في تصنيعها على الكثير من المواد المضرة بصحة الإنسان والبيئة، مثل الفورمالدهايد والفورمالين. وهي مواد خطيرة، لكنها تستخدم من قبل بعض الشركات بنسب عالية حتى تعطي رغوة أكثر في التنظيف.
ويضيف أحمد (33 عاماً): "إلى جانب ذلك هناك هواة التصنيع غير المحترفين علمياً وعملياً، وهؤلاء أصبحوا يمارسون مهنة تصنيع المنظفات عن غير وعي و إدراك كامل بالنسب المحددة والمتفق عليها ضمن معايير الجودة، مما يؤدي إلى زيادة أضرار هذه المواد بالبيئة. فهذه المنظفات، كمنظف الزجاج والأسطح تتطاير ذراتها في الهواء، مما يضر بطبقة الأوزون والغلاف الجوي. كما أن النفايات الخاصة بها كالمواد البلاستيكية التي تعبأ فيها مواد التصنيع، لا يتم التخلص منها بشكل سليم، لأن الغالبية العظمى منها ترمى في الأنهار والبحار، مما يضر بالنظام البيئي البحري والمائي، ثم تنتقل إلى الإنسان مباشرة عند تناوله المأكولات البحرية".
أما عن طريقة تصنيعه للمنظفات المنزلية صديقة البيئة، فيقول: "في تصنيعي داخل معملي الخاص، أعتمد على الماء كعنصر أساسي كونه أحد عناصر الطبيعة، كما أستخدم المواد الكيميائية بنسب أقل من 5%، وهذه النسبة ضئيلة جداً مقارنة بالنسب الضخمة المقررة لدى شركات تصنيع المنظفات المتداولة في الأسواق المصرية، كي تصبح أكثر رغوة، سواء كان غسول الأطباق أو منظفات الزجاج والأسطح. وأضيف مواد آمنة كالغليسرين السائل وملح الليمون والزيوت العطرية".
لهذه المنتجات تأثير إيجابي، كونها مصنعة من مكونات ومواد نباتية طبيعية، وذلك يعني أنها تنتج ملوثات أقل من نظيرتها الكيميائية، وبالتالي تساعد في تقليل تلوث الهواء والماء والأرض، كما أنها تقلل النفايات، لأنها تُصنع من مواد قابلة لإعادة التدوير أو التحلل
ويتحدث عن جانب آخر إيجابي لهذه المنتجات: "تعتبر المنظفات المتداولة في الأسواق المصرية باهظة الثمن، إذ يصل سعر العبوة الواحدة إلى 40 جنيهاً (قرابة دولار وثلث)، وتحتاج العائلة إلى استهلاك ثلاث عبوات شهرياً. أما المنظفات المنزلية التي أصنعها، فيبلغ سعر الكيلو الواحد من غسول الأطباق أو منظف الزجاج أو المطهر الأرضي من ثمانية إلى عشرة جنيهات، أي أقل من دولار، وبذلك يكون المستهلك قد عمل على الادخار والحفاظ على البيئة في آن واحد".
وقد استنتجت دراسة أمريكية نشرتها صحيفة الغارديان عام 2018 أن مواد التنظيف الكيميائية تحتوي على مركبات عضوية تتطاير في الغلاف الجوي وتسبب تلوث الهواء بمستويات عالية، ولا بد من أخذها بعين الاعتبار عند وضع السياسات الخاصة بتخفيض الانبعاثات على مستوى العالم. ويصنف موقع Medical News Today المعايير التي تجب مراعاتها في منتجات التنظيف الآمنة أو "الخضراء" ضمن مجموعة من النقاط، مثل قابليتها للتحلل، وكونها غير سامة وخالية من الفوسفات والأصباغ والكلور، وتستخدم العطور الطبيعية، وأيضاً توضع في عبوات قابلة لإعادة التدوير.
صابون طبيعي
منذ قرابة ست سنوات، بدأت منال سالم وهي سيدة ثلاثينية مقيمة في مدينة الإسكندرية، مشروعها لتصنيع الصابون المنزلي المتعدد الأغراض، بالاعتماد على خامات طبيعية، مثل زيت جوز الهند وزيت الزيتون وزيت الخروع ومستخلصات الأعشاب.
تقول لرصيف22: "نسبة الإقبال على شراء الصابون الطبيعي عالية، فسعره في متناول الجميع، إذ يبلغ سعر الصابونة الواحدة حسب الحجم والنوع ما بين 45 و 80 جنيهاً (بين دولار ونصف وثلاثة دولارات تقريباً)". وتختم: "أعشق الطبيعة، واكتشفت شغفي وعشقي لها بصناعة الصابون الطبيعي".
وعن أهمية هذه المنتجات، يتحدث الدكتور ممدوح رشوان الأمين العام للاتحاد العربي للشباب والبيئة: "أصبح العالم مدركاً بشكل متزايد لتأثير المواد الكيميائية على البيئة، لذلك يتجه المزيد من الأفراد إلى المنتجات صديقة البيئة، من منتجات التنظيف إلى مستحضرات التجميل".
ويضيف: "لهذه المنتجات تأثير إيجابي، كونها مصنعة من مكونات ومواد نباتية طبيعية، مثل تصنيع فرشاة المكياج من مواد مستدامة كالخشب والخيزران، وذلك يعني أنها تنتج ملوثات أقل من نظيرتها الكيميائية، وبالتالي تساعد في تقليل تلوث الهواء والماء والأرض، كما أنها تقلل النفايات، لأنها تُصنع من مواد قابلة لإعادة التدوير أو التحلل، وتالياً تقليل كمية النفايات التي ينتهي بها المطاف في البحار والمحيطات".
ويختم:" باستخدام منتجات صديقة للبيئة، يمكننا المساعدة في تقليل تأثير المواد الكيميائية على البيئة، وضمان بقاء كوكبنا نظيفاً وحيوياً للأجيال القادمة".
وصفات سهلة
تقدم لنا بعض المواقع الطبية الموثوق بها وصفات وطرق تحضير سهلة يمكن اتباعها في المنزل لمن يرغب بالحصول على منتجات تنظيف صديقة للبيئة واستخدامها، مع الحرص على اتباعها بشكل دقيق بالنسبة للطرق والكميات.
في تصنيعي داخل معملي الخاص، أعتمد على الماء كعنصر أساسي كونه أحد عناصر الطبيعة، كما أستخدم المواد الكيميائية بنسب أقل من 5%، وهذه النسبة ضئيلة جداً مقارنة بالنسب الضخمة المقررة لدى الشركات، وأضيف مواد آمنة كالغليسرين السائل وملح الليمون والزيوت العطرية
مثلاً، يمكن خلط أجزاء متساوية من الخل والماء لصنع منظف للأسطح الصلبة، وإضافة قشور الليمون إليها. وبالنسبة للزجاج يمكن خلط ربع كوب من الخل الأبيض مع ربع كوب من الكحول وكوبين من الماء الدافئ وملعقة كبيرة من نشاء الذرة، ووضعها في زجاجة رذاذ. ولدى تنظيف مصرف مسدود، يمكن صب نصف كوب من صودا الخبز فيه ومن ثم كوباً من الخل وتركهما ربع ساعة ثم صب الماء المغلي.
وبالنسبة لمعطر الجو، يمكن غلي الماء مع الفانيليا أو القرفة أو شرائح الليمون أو البرتقال أو أي بهارات مرغوبة فتنتشر رائحتها في كل أرجاء المنزل. ولدى إزالة الروائح الكريهة من السجادة يمكن رشها بصودا الخبز. أما الخزانات والأوعية النحاسية فيمكن تنظيفها وإزالة البقع عنها بترطيب إسفنجة بالخل أو عصير الليمون ثم رش الملح ثم المسح بقطعة قماش مبللة والتجفيف.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يومينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...