قبل سنوات، لفتت أهمية المحافظة على البيئة، والممارسات التي يمكن أن تساهم في حماية كوكبنا من الاحتباس الحراري، نظر أمهات مصريات، سعين إلى تطبيقها في المنازل ومع عائلاتهن وأولادهن.
واليوم، مع اقتراب استضافة مصر لمؤتمر أطراف المناخ في شرم الشيخ، هؤلاء الأمهات يرين أنها فرصة لنشر هذه الأفكار والممارسات على نطاق أوسع، لذا خرجن من إطار المنازل إلى مواقع التواصل والمدارس والنوادي، للتوعية بكيفية جعل الأطفال أصدقاء للبيئة، وما هي الحلول التي يمكن اتّباعها للتخلص من مشكلة التلوث، وغيرها من الممارسات، وقد تحدّث رصيف22 مع عدد منهن.
"شجعت ابنتي على الاستمرار"
تشارك فريدة محمد (10 سنوات)، وهي في الصف الخامس الابتدائي، من منزلها، وبتشجيع من والدتها، أفكارها حول أهمية أن نكون أصدقاء للبيئة.
كان زملاء فريدة يسخرون منها لكني شجعتها على الاستمرار، وبعد فترة بدأوا بالتفاعل معها والبحث عن حلول.
وفي لقاء مع الفتاة بحضور والدتها، تقول لرصيف22، إنها أسست مبادرةً تحت مسمى "ابدأ بنفسك"، الغرض منها توعية زملائها بخطورة الاحتباس الحراري والتغّير المناخي، وقد بدأت بنشر مقاطع فيديو لشرح هذه المبادرة من خلال صفحة خاصة بها على فيسبوك. وتضيف: "أنفّذ المبادرة في الشوارع والنادي والمدرسة، وأشرح للأطفال ما هو الاحتباس الحراري، وما هي أضرار البلاستيك، لأنه يتفاعل مع البيئة، وكيف يمكن أن نستبدله بالكرتون مثلاً، وكيف نزرع أشياءً بسيطةً في المنزل أو في الفصل".
وتشير الفتاة إلى تركيزها على أهمية زراعة أشجار صغيرة أمام المنزل، حتى تكون كل مدن مصر خاليةً من التلوث.
بدورها، تشير غادة محمد، والدة فريدة، إلى أنها تشجعها بوسائل عدة، مثل البحث عبر الإنترنت للحصول على كافة المعلومات التي تريد الحديث عنها، وتصوير الفيديوهات لها ومساعدتها على ترويجها. "بدايةً، كان زملاء فريدة يسخرون منها لكني شجعتها على الاستمرار، وبعد فترة بدأوا بالتفاعل معها والبحث عن حلول"، تقول.
وتضيف السيدة أن توعية الأطفال والشباب بقضية التغير المناخي مهمة للغاية، لأن المستقبل القادم لهم، وتشير إلى أن ابنتها بات لديها الوعي بأنه مثلما كان الإنسان السبب في التغيّر المناخي، فهو يستطيع أن يعمل على إعادة الطبيعة إلى حالتها الصحيحة، وحل المشكلات التي تسبب ضرراً لها.
واهتمام فريدة بهذه القضايا لم يكن وليد اللحظة، كما تنوّه والدتها: "ابنتي دائمة البحث عن المعلومات والتدقيق فيها، وقبل شهور، عندما بدأ الاعلام المصري بالتركيز على قمة المناخ، بحثت فريدة عنها لمعرفة كافة التفاصيل، وتمت استضافتها على إحدى القنوات المصرية ضمن حلقة تتحدث عن كيفية جعل بيئتنا ومدرستنا نظيفتين وخاليتين من التلوث، ومنذ ذلك الحين بدأت بأفكار التوعية التي أطلقتها من مدرستها، ثم ركّزت بعد ذلك على مواقع التواصل كي تنتشر".
أنفّذ المبادرة في الشوارع والنادي والمدرسة، وأشرح للأطفال ما هو الاحتباس الحراري، وما هي أضرار البلاستيك، لأنه يتفاعل مع البيئة، وكيف يمكن أن نستبدله بالكرتون مثلاً، وكيف نزرع أشياءً بسيطةً في المنزل أو في الفصل
"توعيتي جاءت من المنزل أولاً"
ترى سارة رجب (32 عاماً)، وهي أم ياسين السيد، في الصف الخامس الابتدائي، أن مشكلة التغير المناخي تؤثر على العالم بأكمله، وعلى الأطفال بشكل خاص، "لذا وجب علينا نشر التوعية بهذه المشكلة وكيفية مواجهتها وخاصةً بين الأطفال، لأن التأثير الأكبر سيكون عليهم إذا لم نتحرك جاهدين لحل هذه الأزمة العالمية، وأنا شخصياً رغبت في أن يكون أطفالي مشاركين فعليين في ذلك".
ومع هواية ابنها ياسين، بمجال البرمجة وصناعة الروبوتات، وبعد بحثه واطلاعه على أسباب التغير المناخي وأضراره على الأرض والحلول المقترحة والمعمول بها عالمياً، توصل إلى اختراع روبوت يساهم في حل هذه المشكلة والحد منها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتشرح عنه لرصيف22، بقولها: "وجد ياسين أن من أكبر مسببات تلوث الهواء في مصر، القمامة وحرق المخلّفات، التي تُنتج الكثير من الانبعاثات الضارة. هذا الروبوت يفصل المخلفات حسب نوعها، وله محطات في الشوارع والميادين، ويمكن تتبعه عن طريق نظام GPS العالمي، وبجواره صرّاف آلي لإعطاء مقابل مادي لمستخدميه كتحفيز وتشجيع لهم على استخدامه، ومن ثم تُعطى المكونات المفصولة للمصانع لإعادة تدويرها مرةً أخرى. هذا الروبوت هو تطبيق عملي لما درسه ياسين، لمواجهة المشكلات المستقبلية باستخدام التكنولوجيا".
تشير السيدة إلى أنها تعلّم أبناءها في المنزل العديد من الممارسات الصديقة للبيئة، مثل التقليل من استخدام البلاستيك، وتخزين الزيوت وعدم إلقائها بهدف إعادة استخدامها، وفصل الأجهزة الكهربائية في حال عدم استعمالها، لأن تركها متصلةً بالكهرباء يزيد من الانبعاثات الضارة، واستخدام المصابيح الموفرة للطاقة، وإطفائها عند الخروج من الغرفة، واستخدام أكياس الكرتون أو القماش بدلاً من الأكياس البلاستيكية، لأنها ملوثة للبيئة، إلى جانب زراعة النباتات على الشرفة والسطح لزيادة نسبة الأوكسجين في الجو، والمساعدة على تشجير المدرسة والحفاظ على المياه.
"منذ الصغر"
تعمل ناديا مبروك (35 عاماً)، صحافيةً في إحدى الجرائد المصرية، واعتادت أن تكون هي وطفلتها سُلاف (9 سنوات، الثالث الابتدائي)، صديقتين، واليوم باتت الطفلة تفهم معنى أن تكون صديقةً للبيئة من خلال توعية والدتها لها.
تقول نادية لرصيف22: "أتّبع مع سلاف منذ الصغر نمطاً صحياً سليماً، في ما يخص الطعام لأنه مرتبط بشكل مباشر بالبيئة، مع ابتعادنا عن المعلبات والأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة، بالإضافة إلى توعيتها دائماً بالحفاظ على الموارد من ماء وكهرباء، وهي من أكثر الأشياء استخداماً خلال اليوم الاعتيادي، لذلك أعلّمها ترشيد المياه وعدم التفريط فيها، وفصل الأجهزة الكهربائية عقب استخدامها من مصدر الطاقة".
وتتفق ناديا مع غادة وسارة، على أهمية غرس الأشجار والنباتات داخل المنزل، مؤكدةً أنها تشجع ابنتها على هذا الأمر أيضاً، وأشارت أيضاً إلى أنها علّمت ابنتها منذ أن كان عمرها 6 سنوات، أن هناك بعض المخلفات التي لا يمكن إلقاؤها في القمامة، مثل الزجاج والبلاستيك وزيت الطعام المستخدم، مشيرةً إلى أنها تتفق مع شركة لإعادة تدوير النفايات وتتواصل معها كل فترة وتعطيها هذه المخلفات لإعادة تدويرها، وباتت ابنتها واعيةً بأهمية هذا الأمر.
أتّبع مع سلاف منذ الصغر نمطاً صحياً سليماً، في ما يخص الطعام لأنه مرتبط بشكل مباشر بالبيئة، مع ابتعادنا عن المعلبات والأطعمة التي تحتوي على مواد حافظة، بالإضافة إلى توعيتها دائماً بالحفاظ على الموارد من ماء وكهرباء، وهي من أكثر الأشياء استخداماً خلال اليوم
"توجيه الأطفال ليكونوا أصدقاء للبيئة"
وضمن هذا السياق، تقول عبير أحمد، مؤسسة "اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم"، وائتلاف أولياء أمور المدارس الخاصة في مصر، إن "علينا كأولياء أمور وخاصةً الأمهات منا، توجيه أطفالنا نحو أن يكونوا أصدقاء للبيئة، مما ينعكس علينا جميعاً في حياة صحية وآمنة، إذ تمثّل المشكلات التي تعاني منها الطبيعة، كالتلوث البيئي، تحدياً كبيراً في مصر اليوم".
وأضافت عبير، في تصريحاتها لرصيف22: "يجب أن نعلّم أطفالنا ترشيد استهلاك الطاقة داخل المنزل، عن طريق تقليل استخدام الأجهزة الكهربائية، مثل التلفاز والسخّان الكهربائي وغيرهما، وتوعيتهم بأن ترشيد استهلاكهما سيحدث فرقاً كبيراً".
وتشير أحمد إلى ضرورة توعية الأطفال بموضوع القمامة والمخلّفات، مما يساهم في الحد من التلوث البيئي بشكل كبير، بمشاركة الأبناء: "علينا أن نتحدث معهم عن أهمية تقليل المخلّفات، وفرزها جيداً داخل المنزل، والمحافظة على عدم تلويث الماء والهواء، ورمي المخلفات في الأماكن المخصصة لها، وكذلك إخبارهم عن فرز القمامة وإعادة التدوير، وأن نوضح لهم المخلفات القابلة للتدوير، مثل الورق والكرتون، مع الاستفادة من الأماكن والفاعليات في مصر، والتي تدعم هذه الثقافة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون