شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"من الخطر رميها في الطبيعة أو المطامر"... كيف نتخلص من ألواح الطاقة الشمسية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الاثنين 12 سبتمبر 202202:31 م


لم يعد من المستغرب اليوم، ونحن نسير في أي من المدن والقرى اللبنانية، أن نرى أسطح المنازل وهي تمتلئ بألواح الطاقة الشمسية، فالأمر بات أشبه بظاهرة عامة، ومعظم اللبنانيين يعدّونها الخلاص الأوحد لهم في ظل انقطاع التيار الكهربائي المستمر منذ سنوات عن المنازل والمؤسسات العامة والخاصة، وسيطرة مافيا المولدات على الأسواق.

ولبنان اليوم ليس وحيداً، فمع الدعوات لتخفيض الانبعاثات والغازات الدفيئة، تبحث كثير من الدول عن مصادر طاقة صديقة للبيئة، ولا شك أن الطاقة الشمسية هي أهم هذه المصادر، لذا بدأت عشرات الدول وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة الأميريكية بتصنيع هذه الألواح للاعتماد عليها كمصدر للطاقة المتجددة، ولتصدرها إلى دول العالم.

لكن، مع انتهاء صلاحية هذه الألواح التي تعطينا الطاقة النظيفة، أو خروجها من الخدمة، ستصبح من أكبر الملوّثات للبيئة في حال رُميت في الطبيعة ولم تُعالج بالطرق العلميّة الصحيحة، فهي تتكون من السيليكون والألمينوم والزجاج والنحاس وثلاثي فلوريد النايتروجين وسداسي فلوريد الكبريت والكادميوم والرصاص والفضة. لذا لا بد من معالجتها بالشكل الصحيح، كي لا نكون أمام كارثة بيئية حقيقية.

مع انتهاء صلاحية ألواح الطاقة الشمسية، أو خروجها من الخدمة، ستصبح من أكبر الملوّثات للبيئة في حال رُميت في الطبيعة.

نفايات إلكترونية

يفتقر لبنان إلى الشركات المتخصصة في معالجة ألواح الطاقة الشمسية، وهو العاجز عن معالجة نفاياته العضوية في الأساس، ومصير هذه الألواح سيكون على الأغلب المطامر والمكبّات، مما يعني تسرب المواد المكونة لها إلى التربة وتلوثها وتالياً تسمم المياه الجوفية.

وفي هذا السيّاق، يحذّر خبير الطاقة والكهرباء الدكتور بسّام تقي، من خطورة رمي الألواح في الطبيعة، لكيلا تتسمم التربة والمياه الجوفية، ويقول لرصيف22: "نفاياتنا تُرمى في المكبّات بشكل عشوائي، فما بالك بالألواح الشمسية؟ وأنا أتوقع أن يتم تكسيرها وإعادة تصديرها إلى الخارج، لأن هذا البلد لا يوجد فيه من يقف أمام مسؤولياته ليعالج الأزمة من جذورها".

بدوره، يؤكد المتخصص في علم الطاقة وعضو الجمعيّة اللبنانية لترشيد الطاقة والبيئة البروفيسور عادل مرتضى، أن لبنان سيصبح مليئاً بالنفايات الإلكترونية نتيجة وصول كميات كبيرة جدّاً من الألواح الشمسية والبطاريات ومستلزمات أنظمة الطاقة، وفي نهاية المطاف ستصبح هذه القطع نفايات إلكترونيةً بعد انتهاء صلاحيتها، وسترمى في الحاويات ومنها إلى المطامر والمكبات، وحتماً ستتسرب موادها إلى الآبار الجوفية التي يستخدمها الناس في ري المزروعات والشرب والاحتياجات اليومية، ما سيؤدي إلى نتائج كارثية على صحتهم.

ويتراوح العمر الفعلي لهذه الألواح بحسب المختصين، بين خمس إلى عشرين عاماً، وبما أن الدول المتقدمّة بدأت باستعمال هذه الألواح عام 2000، أي أنها أصبحت في نهاية عمرها، وفي هذا السياق يشير تقي، إلى أن بعض الدول تطلب من دول العالم الثالث أن تأتي وتأخذ الألواح القديمة، فتتخلص من كلفة فكها ونقلها ومعالجتها، وبهذا تصبح الدول الفقيرة مزبلةً للنفايات الإلكترونية بعد دخول مئات الأنواع من الألواح غير الصالحة للاستعمال إلى سوقها المحلّي.

لبنان سيصبح مليئاً بالنفايات الإلكترونية نتيجة وصول كميات كبيرة جدّاً من الألواح الشمسية والبطاريات ومستلزمات أنظمة الطاقة، وفي نهاية المطاف ستصبح هذه القطع نفايات إلكترونيةً بعد انتهاء صلاحيتها، وسترمى في الحاويات ومنها إلى المطامر والمكبات

ويشير مصدر خاص لرصيف22، إلى أن بعض التجار يستقدمون الألواح المستعملة من أوروبا، ويطبعون عليها شعارات لشركات تجارية معروفة في العالم، ويبيعونها في السوق المحلّي بسعر الألواح الجديدة نفسه، من دون حسيب أو رقيب. لكن في الأيام المقبلة ستتكشف عيوبها كونها أصبحت في نهاية عمرها الافتراضي.

لا معامل مختصةً في لبنان

تعمل المعامل المتخصّصة على إعادة تدوير هذه الألواح بعد معالجتها بطريقة دقيقة جدّاً، فكل معدن موجود داخلها بحاجة إلى طريقة خاصّة للمعالجة، ويلفت تقي إلى أن هذه المواد مهمّة ويمكن استرجاعها وتنقيتها وإضافة بعض المواد إليها وتالياً إعادتها إلى الخدمة، وهي ثمينة جدّاً وأصبحت نادرةً مع الوقت. لكن هذه المعامل غير موجودة في لبنان.

بدوره، أكّد مرتضى أن لبنان يفتقر إلى شركات إعادة تدوير المواد الملوّثة، وتحدث عن تجربته في موضوع مشابه لإعادة تنقية وتدوير مواد ملوثة بمشتقات نفطية، الأمر الذي حتّم تصديرها إلى الخارج بعد أن تكفّل الاتحاد الاوروبي بأخذها ومعالجتها.

ويلفت مرتضى إلى أن هناك شركات عدة تهتم بمعالجة البطاريات، فتعيد تدويرها وتستخرج منها المعادن اللازمة وترمي القسم الأكبر من مخلفاتها في الطبيعة، وهذه مشكلة كبيرة، وبعضها يجمع البطاريات ويعيد تصديرها إلى الخارج، فالبطاريات القادمة من أوروبا تُصدَّر إلى اليونان، والقادمة من تركيا تعاد إليها، أما تلك القادمة من الصين فيعاد تصديرها إلى قبرص، ويضيف مرتضى: "إعادة تدوير البطاريات لا تكفي وحدها، فالعديد من الأجهزة التي تدخل في هذه الأنظمة وتحديداً ألواح الطاقة الشمسيّة لا تتم معالجتها".

من أين يبدأ الحل؟

1- إيجاد التشريعات اللازمة لتنظيم القطاع

يبدأ الحل من إيجاد التشريعات الضرورية لتنظيم هذا القطاع، فتلحظ بوضوح معالجة النفايات الإلكترونية، ومراقبة دخولها إلى لبنان، وتوزيعها، وجمعها فور خروجها من الخدمة، وعملية تلفها وكيفيّة معالجتها، وفي هذا السياق يشير مرتضى إلى أن وزارة البيئة تضم في تنظيمها الداخلي التشريعات الصارمة التي تلحظ الأمور البيئية والصحيّة، مثل استيراد المواد الكيميائية الضارة والسامة، لكن حتى هذه اللحظة لا توجد تشريعات تلحظ النفايات الإلكترونية وموضوع استيرادها ونقلها.

لبنان يفتقر إلى شركات إعادة تدوير المواد الملوّثة.

ويضيف مرتضى: "المطلوب اليوم أن يكون موضوع إعادة التدوير إلزامياً عبر سن القوانين التي تتعلق بالنفايات السامة وطريقة فرزها ومعالجتها والكلفة اللازمة لهذه العملية، عندها يمكن أن تتشجع الشركات اللبنانية التي تهتم بمثل هذه القضايا".

وجدير ذكر أن هناك دولاً، منها دول الاتحاد الأوروبي، تضيف تكلفة معالجة الألواح إلى سعرها، سواء كانت مصنَّعةً محلياً أو مستوردةً، وبذلك تُدفع كلفة المعالجة منذ دخول الألواح إلى السوق، وتذهب إلى الشركات التي تعمل في هذا المجال والتي تكون قد استحصلت على تراخيص من الدولة، وتعمل ضمن المواصفات العالمية وفق ما يؤكّد مرتضى.

2- أهمية دور الدولة

عدم استباق المشكلة وتركها للأجيال القادمة سيزيدان الأمور تعقيداً وكلفةً، وفي هذا السياق يدعو تقي إلى حل المشكلة قبل وقوعها، فلا يمكن أن تبقى الدولة غير مكترثة لأمور الناس وصحتهم، فلبنان ينتحر لأن هواءه ومياهه وتربته ملوّثة.

بذلك يجب أن يُنظَّم هذا القطاع بالقوانين اللازمة والضرورية التي تلحظ طريقة تركيب هذه الأنظمة وكذلك فكّها ومعالجتها بإشراف مهندس مختص، حتى توضع الأمور في نصابها وتذهب هذه الألواح إلى الأماكن المخصصة للمعالجة.

ويدعو تقي لضرورة إقامة حملات توعية لتنبيه المواطنين من خطورة الموضوع، لأن كثيرين لا يدركون خطورة طمر هذه المواد أو رميها في الطبيعة.

يبدأ الحل من إيجاد التشريعات الضرورية لتنظيم هذا القطاع، فتلحظ بوضوح معالجة النفايات الإلكترونية، ومراقبة دخولها إلى لبنان، وتوزيعها، وجمعها فور خروجها من الخدمة، وعملية تلفها وكيفيّة معالجتها

3- الجمعيات البيئية والمجتمع المدني

على الجمعيات والمجتمع المدني أن تقوم دورها على الصعيد التوعوي وفق ما يؤكّد مرتضى، ويلفت إلى أن هناك قصوراً معرفياً لناحية خطورة هذه النفايات الإلكترونية، وهنا يقع على الجمعيات والناشطين دور التوعية وتعريف المجتمع المحلي بأهمية إعادة تدوير هذه النفايات الخطرة.

ويدعو مرتضى الجمعيات البيئية للدخول في عالم تدوير هذه النفايات ومراقبتها لآليات العمل في جمعها ونقلها وتفكيكها وتدويرها بالطرق العلميّة.

كل القضايا المتعلّقة بالطاقة الشمسية أو الطاقة المتجددة، أي كل الأجهزة التي نستعملها في هذه الأنظمة، يجب أن نسأل أنفسنا ماذا سنفعل بها في نهاية عمرها، إذ لا يجوز أن تتحول هذه المواد إلى نفايات مرميّة في المكبّات والمطامر على غرار كل النفايات في لبنان، وإنما يجب تنظيم هذا القطاع بالقوانين اللازمة ليلحظ شروط دخول هذه الأجهزة إلى لبنان ومراقبة استعمالها والإشراف على معالجتها فور خروجها من الخدمة، حتى لا نحمّل الأجيال القادمة المزيد من الأعباء الصحيّة الباهظة، ولكي نحافظ على ما تبقى من بيئتنا وطبيعتنا.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image