شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"الحرية لمريم النعيمي"... سجال حاد حول إدانة ناشطين في تهم تجديف بالسلطنة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

أثارت أحكام بالسجن في حق ناشط وناشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإحالة ناشطين آخرين إلى المحاكمة، في تهم تتعلق بالتجديف وإساءة استخدام تقنية المعلومات في سلطنة عمان، تفاعلاً واسعاً خلال الساعات الماضية.

اعتبر فريق هذه الأحكام انتهاكاً صارخاً للحقوق والحريات الشخصية، بينما أظهر آخرون تأييداً واسعاً لقمع كل من يمس "الخطوط الحمراء" بما في ذلك المعتقدات الدينية السائدة هناك.

وكان المركز العماني لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية غير حكومية مقرها لندن، قد أفاد الثلاثاء 7 حزيران/ يونيو، بأن جلسة النطق في القضية المعروفة بـ"مساحات غيث" عُقدت في اليوم ذاته وشهدت حكماً ببراءة المتهم الرئيسي، الناشط غيث الشبلي، لعدم المسؤولية، وبالسجن ثلاث سنوات على مريم النعيمي، وبالسجن خمس سنوات على علي الغافري مع إحالة ناشط رابع هو عبد الله حسن لمحكمة الجنح المختصة.

تعود القضية إلى تنظيم الناشط عبر تويتر غيث الشبلي مساحة نقاشية عبر تويتر حول مسألة الحريات الدينية وحرية التعبير وتجريم الإلحاد في السلطنة، ترتب عليها اعتقال الناشطين الأربعة بين 24 تموز/ يوليو و2 آب/ أغسطس 2021. واستمرت محاكمتهم منذ ذاك الحين في تهم بينها التجديف، والإساءة إلى الذات الإلهية، وسوء استخدام تقنية المعلومات. علماً أنه أطلق سراح الأربعة بكفالة على ذمة القضية في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.

على خلفية #مساحات_غيث حول الإلحاد وحرية التعبير… أحكام بالسجن 5 و3 سنوات ضد ناشطين عمانيين في تهم بينها الإساءة للذات الإلهية، وإحالة آخرين للمحاكمة. تضامن في وجه انتهاك الحريات والخصوصية يقابله تشدد ضد "المساس بالدين"

تأكيد رسمي

ومع تصدّر وسم #الحرية_لمريم_النعيمي قائمة المتداول في البلاد، أصدر الادعاء العام في عُمان بياناً يؤكد صدور الأحكام المشار إليها سلفاً بحق الناشطين، مع اختلافات طفيفة. أكد الادعاء العام أن محكمة الاستئناف بصحار قضت بـ"إدانة علي بن مرهون بجناية التطاول على الذات الإلهية والإساءة إليها" وحكمت بسجنه خمس سنوات، وإدانة مريم بنت يوسف بجناية الإساءة إلى الأديان السماوية وأمرت بسجنها ثلاث سنوات. علاوة على مصادرة هاتفيهما وحذف حسابيهما في تويتر وإلزامهما المصاريف القانونية.

وأضاف البيان أن المحكمة انتهت إلى عدم مؤاخذة غيث بن مطر في تهم التطاول على الذات الإلهية والإساءة إليها، واستخدام الشبكة المعلوماتية ووسائل تقنية في التحريض والإغواء على ارتكاب الفجور لانعدام المسؤولية الجزائية.

كما أشار إلى قرار المحكمة عدم الاختصاص في نظر كافة الجنح المنسوبة إلى جميع المتهمين، وإحالة كلاً من غيث وعبد الله بن حسن إلى محكمة الجنح المختصة.

تعاقب المادة 269 من قانون الجزاء العماني بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، كل من قد تصف السلطات نشاطه بأنه معادٍ للدين الإسلامي أو ينال من القيم الإسلامية. وتستغل هذه المادة عادةً للتضييق على أي نشاط تصفه السلطات بـ"الإلحادي" وملاحقة صاحبه والتنكيل به على غرار الدبلوماسي العماني الراحل حسن البشام الذي قضى عام 2018 عن 52 عاماً في زنزانته بينما كان يقضي حكماً بالسجن ثلاث سنوات بتهمتي العيب في الذات الإلهية والسلطان قابوس بن سعيد.

#الحرية_لمريم_النعيمي… حملة دعم لناشطة عُمانية حُكمت بالسجن ثلاث سنوات بسبب عبارة كتبتها في واتساب قبل سنوات واستُخرِجت من هاتفها خلال التحقيق معها في قضية #مساحات_غيث

وسبق للسلطات حجب تطبيق "كلوب هاوس" في البلاد. كما تكرر استدعاء و/ أو توقيف مواطنين على خلفيات منشورات أو تعليقات عبر الإنترنت.

سجال حاد

أثارت الأحكام تعليقات شديدة التباين في السلطنة حيث استنكر البعض الأحكام القاسية التي اعتبروها غير مبررة، فيما طالب آخرون بأحكام أشد قسوة بحق المدانين في قضايا التجديف والإساءة للأديان. بعض الآراء حثت على "العفو" عن النشطاء لحداثة سنهم.

وتحسر عمانيون على أنه في عام 2022 لا يزال هناك قوانين تبرر قمع حرية التعبير، لافتين إلى أن "الفكر يواجه بالفكر". وندد معلقون بالأحكام واستهجنوا على نحو خاص معاقبة مريم على رسالة خاصة عبر واتساب.

قالت أميمة صالح: "بنت شباب توها في بداية عمرها تضيع ثلاث سنوات من حياتها بكل بساطه كذا عشان جملة… غير الاعتقال اللي صار لها والحبس الانفرادي والضرر الصحي والنفسي والوظيفي اللي تعرضت له. كل ذا عشان أربع كلمات انقالت في واتساب خاص تم استخراجها من هاتفها عند التحقيق. اللي جالس يصير لها ممكن يصير لأي شخص حرفياً".

ودعا حمد: "المحادثات الخاصة والشخصية التي لا تهدد أمن الدولة وكيانها السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا يجب تصنيفها كجريمة. بالمعنى الحرفي، الحرية لدينا على مقياس العقول المجتمعية التي تشتهي تأليب العامة على المخالفين في الرأي والمعتقد".

بعض المختلفين مع آراء الناشطين وأفكارهم أيضاً دعوا إلى "تفهّم أسئلتهم الوجودية واحتوائهم" عوضاً عن السجن والمحاكمة. من هؤلاء علوي مشهور الذي كتب محذراً من التأييد الشعبي للأحكام السجنية في قضايا الرأي: "أتمنى الحرية لجميع سجناء الرأي في عمان. اتركونا نختلف ونتحاور في ما بيننا. ولا تقحموا السلطة في كل مسألة. سيندم الجميع على خسارة هامش الحرية إذا لم نتمسك بحقنا في الاختلاف والتعبير عن الرأي. كل الأطراف ستشملها هذه السياسات المتعسفة في تقليص الحريات".

"اتركونا نختلف ونتحاور في ما بيننا. ولا تقحموا السلطة في كل مسألة. سيندم الجميع على خسارة هامش الحرية إذا لم نتمسك بحقنا في الاختلاف والتعبير عن الرأي. كل الأطراف ستشملها هذه السياسات المتعسفة في تقليص الحريات"

على الجانب الآخر، شدد معلقون على أنه "ليس من الحرية الاعتداء على الذات الإلهية او الإساءة لدينه ولنبيه"، داعين إلى إدراك حدود حرية التعبير والتزامها. وعدّ هؤلاء المطالبة بالحرية للنشطاء الأربعة بمثابة تشكيك في نزاهة القضاء العماني، لافتين إلى أن السلطنة تحترم الخصوصيات والحريات لكن "على الجميع أن ينتبه لما يكتبه أو يقوله".

غلبت الحدة والتشدد على تعليقات بعض أفراد هذا الفريق، وبينهم أكاديميون وشخصيات عامة، حيث دعوا إلى عدم التسامح مطلقاً مع مساس بـ"قيم المجتمع" أو إساءة للدين، وشنّوا هجوماً خاصاً على النسوية والمدافعين عن الحريات.

وطالبت أصوات بـ"العفو" عن الناشطين. غرّد إسحاق الأغبري: "رغم عدم إلمامي بحيثيات قضية الشباب المحكوم عليهم، إلا أن قسوة خبر السجن لـ 3 و5 سنوات لمجموعة كتابات أو آراء مهما كانت خاطئة تدعوني إلى الالتماس بالعفو والصفح سيما كقضية تمس حق دين يتسع ولا يضيق، وحق إلٓهٍ عفو كريم يحب العفو، وحق نبيٍّ سبق حلمه غضبه".

في حين قال الإعلامي العماني عادل الكاسبي إن "الجهات المعنية تتعامل مع مثل هذه الحالات بحكمة، وسياسة العفو حاضرة بقوة في نهج بلدنا الحبيب"، مستطرداً بأنه "في الوقت ذاته لا يمكن ترك اللجام دون قبضة صلبة لما فيه خير المجتمع والمصلحة العامة، لا نرجو الحبس لأحد ولكن علينا معرفة ما هي الخطوط الحمراء".

"فرصة حقيقية لاختبار جديّة التسامح"

من جهته، قال المركز العماني لحقوق الإنسان إن قضية "مساحات غيث" هي "اختبار للحريات الفكرية والدينية" و"فرصة حقيقية لاختبار مدى جدية التسامح والانفتاح الفكري اللذين طالما ادَّعتهما السلطة في عمان" برغم تناقضه مع "قوانينها وممارساتها على أرض الواقع".

ونبّه المركز الحقوقي بأن الأدلة التي استندت إليها المحكمة "تقع ضمن النطاق الخاص للمتهمين كالمحادثات الإلكترونية الخاصة، في انتهاك للخصوصية والحريات الشخصية".

ودعا المركز السلطات العمانية إلى ضرورة إسقاط كافة التهم والأحكام عن المعتقلين الأربعة ووقف أي محاكمة مترتبة على نشاطهم السلمي عبر الإنترنت، وإلى حماية حق حرية الرأي والتعبير وإلغاء المادة 269 من قانون الجزاء العماني أو أي مادة قانونية تنتهك الحقوق والحريات العامة والفردية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard