شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
واشنطن بين إيران وإسرائيل... إدارة مسرحية الردّ والردّ المقابل

واشنطن بين إيران وإسرائيل... إدارة مسرحية الردّ والردّ المقابل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الاثنين 22 أبريل 202404:57 م

"خذ الفوز. لقد حققت الفوز"؛ قال الرئيس الأمريكي جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أعقاب صدّ الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل فجر يوم 14 نيسان/ أبريل الحالي. كما أخبر بايدن نتنياهو، أن الولايات المتحدة لن تشارك في أي عمليات هجومية ضد إيران ولن تدعمها. تزامن هذا مع ممارسة أمريكا ضغطاً دبلوماسياً مكثفاً على القيادة الإسرائيلية لعدم الرد بشكل استفزازي، من أجل "تحقيق النصر" حسب تعبير بايدن.

فالقوات الأمريكية ليست في وضع يسمح لها بصراع كبير ومستمرّ في الشرق الأوسط، وفقاً لمسؤولين أمريكيين، وهو ما قد يدفع وزارة الدفاع الأمريكية لإعادة النظر في الافتراضات المتعلقة بالاحتياجات العسكرية في المنطقة إذا تعمّقت الأزمة. نائب مساعد وزير الدفاع السابق للشرق الأوسط، مايكل مولروي، قال: "لا أعتقد أن لدينا كل القوّة التي نرغب في دعم إسرائيل بها إذا نشبت حرب مباشرة بينها وبين إيران". 

ويعتقد جوزيف فوتيل، وهو جنرال متقاعد قاد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط سابقاً، بعد أن كسرت إيران وإسرائيل محرّمات الضربات العسكرية المفتوحة ضد بعضهما البعض، أنه "بالنسبة للجيش الأمريكي، يجب إعادة النظر في هذه الفكرة حول القدرات العسكرية الضرورية والمستدامة التي يتعيّن علينا الحفاظ عليها في المنطقة". 

وعليه، حذّرت إدارة بايدن من أن التصعيد مع إيران لن يخدم المصالح الأمريكية أو الإسرائيلية، وحثّت إسرائيل على "توخّي الحذر" عند أي انتقام، حسب موقع أكسيوس. وتخشى واشنطن أن يؤدي استمرار الهجمات المضادة إلى تصعيد إقليمي أوسع، إذ إن "ضربةً إسرائيليةً صغيرةً" داخل إيران، ستؤدي على الأرجح إلى ردّ إيراني. لكن إدارة بايدن تأمل أن تكون الضربة الإسرائيلية محدودةً أكثر من الضربة الإيرانية على إسرائيل، وأن تنهي تبادل الهجمات بين البلدين، حسب ما قال مسؤول أمريكي للموقع، وهو ما جرى، عبر ضربة نُسبت إلى إسرائيل، طالت قاعدةً جويةً إيرانيةً في محافظة أصفهان صبيحة 19 نيسان/ أبريل الجاري. 

الاستهانة بإيران إحدى النظريات الخطأ في السياسة الغربية في الشرق الأوسط... "تشكّل إيران هاجساً حقيقياً للمشروع الغربي في المنطقة، الحديث عن إيران، لا يقتصر على إيران فحسب، وإنما يمتد إلى أذرعها في المنطقة، وهذه الأذرع تحيط بإسرائيل"

وعليه، "استطاعت واشنطن استخدام إستراتيجية ضبط الإيقاع المزدوج، في كل من إيران وإسرائيل، في الرد خلال العمليات المتبادلة"، حسب الأستاذ في جامعة القدس، والخبير في الشؤون الأمريكية والإسرائيلية، البروفيسور حسين الديك. ويشير الديك خلال حديثه لرصيف22، إلى أن واشنطن أفسحت المجال لإيران للرد على انتهاك سيادتها من خلال استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، لكن هذا الرد كان محدوداً وتم التعامل معه من قبل سلاح الجوّ الأمريكي والبريطاني والفرنسي. 

تهديد عسكري أكثر مصداقيةً

وفقاً لعبد الرسول ديفسلار، وهو أكاديمي إيراني يعمل في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح، الهجوم الإيراني "يمثل فشلاً في فهم مشترك من قبل إسرائيل وأمريكا للتفكير الإستراتيجي الإيراني. الثقة المفرطة بمعرفة إيران، والجزم بأنها لن ترد مباشرةً، أدّيا إلى خطأ إستراتيجي تمثل في مهاجمة القنصلية الإيرانية"، مضيفاً قبل رد إسرائيل على الهجوم الإيراني: "الطريقة الوحيدة المتبقية الآن لوقف التصعيد ومنع نشوب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، هي إقناع إسرائيل بالامتناع عن الردّ وتجنّبه". وبرأيه، "يمكن أن يكون للولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي دور رئيس في إدارة الصراع الآن، بدلاً من الانحياز".

الاستهانة بإيران إحدى النظريات الخطأ في السياسة الغربية في الشرق الأوسط. تشكّل إيران هاجساً حقيقياً للمشروع الغربي في المنطقة، حسب الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم كابان. يقول كابان خلال حديثه إلى رصيف22: "الحديث عن إيران، لا يقتصر على إيران فحسب، وإنما يمتد إلى أذرعها في المنطقة، وهذه الأذرع تحيط بإسرائيل من لبنان وسوريا ومن غزة واليمن، لذا، تشكّل إيران هاجساً حقيقياً لإسرائيل وأمنها. كما أن افتقار إسرائيل إلى العمق الإستراتيجي، بعدم امتلاكها مساحةً جغرافيةً كبيرةً، يصعّب عليها مواجهة قوة الردع الإيراني، لا سيما أن الأخيرة تستطيع محاربة إسرائيل دون أن تتحرك بذاتها، وإنما عبر أذرعها التي تستطيع الدخول مع إسرائيل في حرب مفتوحة". ويشير كابان إلى اتّباع واشنطن إستراتيجيةً صحيحةً، عبر تهدئة الأوضاع مع إيران، وفي الوقت ذاته قصقصة أذرعها في المنطقة.

يختلف مع ديفسلار، برايان كاتوليس، وهو زميل أقدم للسياسة الخارجية الأمريكية ومستشار أول لرئيس معهد الشرق الأوسط. ففي رأي كاتوليس، "انعدام المزامنة وتكامل نهج السياسة الأمنية والدبلوماسية الأمريكية في المنطقة، من أسباب الفشل الأمريكي في الشرق الأوسط. فالدبلوماسية المدعومة بأدوات عسكرية وتهديد معقول باستخدام القوة، أكثر فعاليةً في تحقيق الاستقرار والسلام من البعثات الدبلوماسية. مع ذلك، سعت إدارة بايدن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة إلى إعطاء الأولوية للدبلوماسية دون مزامنتها مع سياسة أمنية وعسكرية تفضي إلى تغيير حسابات الخصوم والمنافسين الذين تواجههم أمريكا وشركاؤها في المنطقة".

لخّص ذلك مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، في مذكراته "القناة الخلفية"، بقوله إن أكبر الأخطاء الأمريكية في المنطقة يأتي من "تطبيق وسائل الحد الأدنى لتحقيق غايات قصوى". كذلك فإن فشل واشنطن في ردع إيران ووكلائها الإقليميين خلال الأشهر الماضية، يدلّ على وجود فجوة في النهج الإستراتيجي الأمريكي الحالي. 

ويؤيد ذلك، مسؤول إسرائيلي تحدث إلى وكالة رويترز قائلاً: "بالنظر إلى رد طهران المنضبط على الهجوم الإسرائيلي على 'حماس'، يبدو أن إيران لا تسعى إلى حرب شاملة. يبدو أنهم يشعرون بأنهم يواجهون تهديداً عسكرياً ذا مصداقية. لكن هذا التهديد قد يحتاج إلى أن يصبح أكثر مصداقيةً". بدوره، يقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، عبد الغني الإرياني: "الإيرانيون براغماتيون ويخشون من توسع الحرب، ولو كانت إسرائيل وحدها، لقاتلوا، لكنهم يعلمون أنه إذا توسعت الحرب، فإن الولايات المتحدة ستنجرّ إليها". ويبدو أن الخشية مشتركة، لذا نشر محمد جمشيدي، وهو مستشار للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، على صفحته على منصة إكس، بياناً حذّر فيه "القيادة الأمريكية من الانجرار إلى فخّ نتنياهو"، قائلاً: "ابقوا بعيداً حتى لا تتأذوا". قابل ذلك طلب واشنطن عدم استهداف طهران للمنشآت الأمريكية.

التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل حلقة من حلقات ما يسمى بسياسة "حافة الهاوية" بين الدولتين، حسب قتيبة إدلبي، وهو زميل أول ومدير مكتب سوريا في المجلس الأطلنطي. و"المسار بينهما واضح جداً في هذا الأمر، فكلّ من البلدين يسعى حقيقةً إلى دفع الآخر للاستمرار في التصعيد، وفي الضغط، لكن دون أن يكون الطرف البادئ في حرب شاملة". 

يقول إدلبي خلال حديثه إلى رصيف22: "المشكلة في موقف واشنطن هنا، أنها حقيقةً في حالة يمكن تسميتها بالضياع السياسي. فهي راغبة في الحد من الخطر الأمني الإيراني في المنطقة، مع رغبة في تقديم دعم غير محدود لإسرائيل، بالإضافة إلى رغبة في تهدئة الوضع، من خلال إقامة علاقات تطبيع في المنطقة، أو عبر التوصل إلى صفقة نووية مع إيران. وطبعاً من المستحيلات الحصول على كل هذه الأمور في الوقت ذاته".

وتظل سياسة واشنطن في التعامل مع طهران واحدةً من أضعف حلقات نهجها في الشرق الأوسط، حسب معهد الشرق الأوسط. فبينما تكثّف إدارة بايدن مشاركتها الدبلوماسية في المنطقة، تواصل إيران تشكيل تحدٍّ للاستقرار والنظام الإقليميين من خلال برنامجها النووي، وزعزعة استقرار الإجراءات الإقليمية، ودعم الإرهاب، وقمع شعبها، وتكثيف الجهود لبناء طائرات عسكرية رخيصة من دون طيّارين توفرها للجهات الفاعلة الخبيثة الأخرى. وقد شكّل الهجوم الإيراني على إسرائيل، من أراضيها، تحوّلاً خطيراً نحو مواجهة أكثر انفتاحاً بين دولتين قاتلتا طويلاً في حرب ظلّ أو عبر الوكلاء. وتعرب إدارة بايدن عن هدفها خفض التصعيد، و"ردع" إيران ووكلائها، عبر الاستخدام الهادف للقوة، إلا أن توافق هذين الهدفين لا يزال ضبابياً.

"المشكلة في الرد الإسرائيلي على إيران، وليست في الرد الإيراني. فإيران ردّت بصواريخ مجنّحة وصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة بأعداد كبيرة تجاوزت 300 مقذوفاً. لكن في ما يخص الرد الإسرائيلي، كان هناك انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية..."

يجب الابتعاد عن إسرائيل

كان استقبال الجمهور الإسرائيلي للتوتر المتزايد مع إيران مختلطاً، حسب كارميئيل أربيت، وهي زميلة أقدم غير مقيمة لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلنطي. فمن ناحية، منذ إحباط هجمات إيران، كان توجه الليكود يتصدر استطلاعات الرأي، يقابله دفع مستمر للحكومة من قبل اليمين المتطرف للذهاب إلى أبعد الخيارات. كتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، على صفحته على منصة إكس، معلّقاً على قصف القاعدة الجوية في أصفهان، بالعامية العبرية: "دردلة!"، وتعني "ضعيف". وينظر التيار الذي يمثّله بن غفير إلى نتنياهو على أنه يخضع للإدارة الأمريكية التي طالبت بالهدوء، وقالت إنها لن تدعم أي تصعيد مع إيران.

يشير البروفيسور الديك، إلى "أن المشكلة في الرد الإسرائيلي على إيران، وليست في الرد الإيراني. فإيران ردّت بصواريخ مجنّحة وصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة بأعداد كبيرة تجاوزت 300 مقذوفاً. لكن في ما يخص الرد الإسرائيلي، كان هناك انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية؛ حزب 'شاس' ومعه حزب 'ياهودت هاتورا'، اللذان يمتلكان 16 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي، ولهما أعضاء في الحكومة، طالبا نتنياهو بعدم الرد على طهران وأعلنا ذلك، وهما ضد الدخول في حرب تقليدية مع طهران، فيما ضغط إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، وآخرون من اليمين القومي المتطرف، لأجل ضربة ضد إيران". 

يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق من أن تؤدي ضربة إسرائيلية مباشرة على المنشآت النووية الإيرانية إلى اندفاع رجال الدين الحاكمين نحو صنع قنبلة نووية وإطلاق العنان للحرب بسرعة ودفع خصوم إيران العرب مثل السعودية إلى السعي للحصول على أسلحة نووية بأنفسهم. لذا، مارست الولايات المتحدة ضغوطاً هادئةً على كل من إسرائيل وإيران لإبقاء ضرباتهما ضمن حدود معينة. تركزت "الجهود الدبلوماسية في الأسبوع الماضي إلى حد كبير على خفض التصعيد، ويبدو أنها كانت ناجحةً في الوقت الحالي"، حسب مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون، ميريسا خورما. مع ذلك، تصف خورما الهجمات الإيرانية والإسرائيلية المباشرة بأنها "علامة فارقة، لأنها غيّرت تماماً قواعد الاشتباك بين الخصمين".

يلحظ المعهد الدولي للدراسات الإيرانية "رصانة"، وجود مؤشرات عدة لتنسيق مسبق وترتيبات إيرانية-أمريكية لتحديد سقف الهجوم الإيراني على إسرائيل، انطلاقاً من المصلحة المشتركة لكلا البلدين، إذ أكد بايدن قبل ساعات من الهجوم، أن الردّ الإيراني سيكون عاجلاً وليس آجلاً. كذلك نقلت شبكة "سي إن إن"، رصد واشنطن تجهيز طهران قرابة 100 صاروخ كروز، لتنفيذ الضربة الانتقامية. 

وقبل يوم من الهجوم، تحدث مسؤولون عسكريون أمريكيون، بأن إيران ستستخدم أكثر من 100 طائرة مسيَّرة وعشرات الصواريخ، ضّد أهداف عسكرية داخل إسرائيل. كما يشير رفض المسؤولين الأمريكيين الواضح للتصعيد مع إيران، وحثّ بايدن إسرائيل على "التفكير بعناية" وهي تدرس الرد على الهجوم الإيراني، وتأكيد واشنطن عدم مشاركتها في أي هجوم مضاد على إيران، إلى نجاح إيران إلى حد ما في تحييد أمريكا، أو إقناعها بضرورة اتخاذ موقف رافض لأي توجه إسرائيلي للرد. ونتيجةً لذلك، "أرادت إسرائيل أن تُظهر لإيران ما يمكنها القيام به دون أن تفعل ذلك حقاً"، كما قال  مدير مكتب إيران في مجموعة الأزمات الدولية، علي فايز، معلّقاً على ابتعاد تل أبيب عن استهداف المنشآت النووية الإيرانية، برغم قصفها محافظة أصفهان، التي تحوي منشأة "نطنز" النووية الرئيسية في إيران.

بحسب إدلبي، "هناك حاجة لإيقاف إيران والضغط عليها عسكرياً ودبلوماسياً واقتصادياً، ومن جهة أخرى، لا تزال الإدارة الأمريكية تتمنى الوصول إلى صفقة في ما يخص البرنامج النووي الإيراني، تعتقد أنها تخدمها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة". ويشير إدلبي إلى عجز الإدارة الأمريكية عن التحكم في ما يمكن أن يصدر عن إيران، أو عن الميليشيات التابعة لها في المنطقة، بالإضافة إلى غياب القدرة، لناحية غياب الإرادة السياسية للرئيس الأمريكي، على الضغط اللازم على الحكومة الإسرائيلية لوقف العملية في رفح. وهنا تكمن حالة الضياع الأساسية لدى واشنطن.

"هناك حاجة لإيقاف إيران والضغط عليها عسكرياً ودبلوماسياً واقتصادياً، ومن جهة أخرى، لا تزال الإدارة الأمريكية تتمنى الوصول إلى صفقة في ما يخص البرنامج النووي الإيراني، تعتقد أنها تخدمها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة"

الحرب مع إيران ستكون بالغة الضرر على المصالح الأمريكية، حسب بول. ر. بيلار، وهو زميل أقدم غير مقيم في مركز الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، وزميل غير مقيم في معهد كوينسي. ولتجنّب هذه الحرب، يجب اقتران الحنكة السياسية البارعة في التعامل تكتيكياً مع الأزمات، بابتعاد إستراتيجي أكثر عن العلاقة الغريبة مع إسرائيل التي أدخلت أمريكا في وضعها الحالي الصعب والخطير. وعلى ذلك، تحتاج واشنطن للابتعاد عن المفاهيم البالية حول من هو الحليف ومن هو الخصم، والانتباه إلى من هو المعتدي ومن ليس كذلك. كما أن نأي واشنطن عن "حرب الظل" الإيرانية-الإسرائيلية، والتي تظهر نمطاً غير متماثل، إذ إن إسرائيل بدأت معظم أعمال العنف وكانت إيران ترد في الغالب، لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة فحسب، بل أيضاً لن يكون في مصلحة السلام والأمن الإقليميين، بحسب بيلار.

ووفقاً لكابان، "قد يُظهر النهج الأمريكي أن أمريكا تسعى إلى تهدئة الوضع بين إسرائيل وإيران لصالح الأخيرة، لكن الأمر ليس بهذا الشكل. فالولايات المتحدة تريد الخلاص من إيران، لكنها لا تستطيع الدخول في نزاع حقيقي معها، لأنها ستحتاج إلى قوات كبيرة جداً في المنطقة. كذلك، فإن حلفاء واشنطن في المنطقة، قد لا يمتلكون القوة الرادعة لمواجهة إيران. وفي المقابل، وجود إيران وسياستها في المنطقة يخدمان المصالح الأمريكية، عبر خلق توازنات بين القوى الإقليمية؛ إيران والسعودية، إيران وتركيا، إيران ومصر، إيران وباكستان وأفغانستان، وهذه التوازنات مهمة جداً لتمكين واشنطن من التحكم في المنطقة. لذا قد تبدو المسألة بأنها اتفاقات، لكن في واقع الأمر هناك حسابات تدخل في ميزان النزاع، وهذا النزاع والتعامل معه يجب أن يكونا دقيقين جداً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image