شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
كيف تعلمتُ أن أكفّ عن القلق وأحب كرة القدم؟ عن الدوران في فلك لؤي فوزي

كيف تعلمتُ أن أكفّ عن القلق وأحب كرة القدم؟ عن الدوران في فلك لؤي فوزي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والتنوّع

الخميس 25 أبريل 202411:21 ص

قبل أيام؛ حدثني من لا أشك في خصوصية رأيه، صديقي الكاتب يوسف حمدي، قائلاً: "إن أجمل ما في لؤي فوزي؛ أنه لا يتعامل مع العالم على اعتبار أنه لؤي فوزي، أي أنه لا يدرك حتى هذه اللحظة أنه بهذا التأثير، وغالب الظن أنه لن يدرك ذلك مستقبلاً، وهذا تحديداً ما يجعله قادراً على إعادة تجديد نفسه، ومهما تبدلت الأماكن والظروف".

لا ضير من أن تختلف معه في بعض الأحيان، لأنك في النهاية ستحترمه وتقدره لمدى الجهد المبذول، وبعد مرور السنوات، سيظل بإمكانك أن تعيد اكتشافه مرة أخرى، كما لو كانت كهوف تلك الموهبة النقية والخالصة لم تكتشف بالكامل، وكأن معينها لن ينضب أبداً.

"والحقيقة أن تلك الحالة، شديدة الخصوصية من التفرّد والتألق الدائم، هي سمة الاستثنائيين في كل مكان وزمان، المجددون وطفرة الطفرات، وأصحاب الخيال الواسع والحس العالي؛ ليونيل ميسي في كرة القدم، موتسارت في الموسيقى، مايكل جوردان في كرة السلة، ليوناردو دافنشي في الرسم، ولؤي فوزي في الصحافة"، كما أردف الكاتب ومحلل الأداء الفردي صابر محمد.

اسمه لؤي... لؤي فوزي

المشهد ساكن للغاية، ولكنه لم يكن سكوناً يسبق العاصفة كما جرت العادة، بل كان سكوناً وثباتاً شبه دائم، ينذر بموت القضية، وموت أجيال وأجيال معها، وبفعل ريحها العاتية، الليل كئيب ومطبق على أنفاس الجميع، وضوء القمر يفترش الممرات والصخور والفيافي كما لو كان سيسحقها بين أنامله البيضاء، يمر كسراب مبثوث بين البيوت والمشربيات الهزيلة، فيحيلها علقماً في صدور الكادحين، وعسلاً مصفى في بلاط الخليفة، الهدوء موتر، ولا يقطعه إلا نباح بعض الكلاب آتياً من مناطق مُتفرقة.

كنت أحاور نفسي كل ليلة: "لقد ولدتَ لكي تكون صحفياً، هذا هو لبُّ الحياة بالنسبة لك؛ ولكن كيف السبيل؟"

كانت تلك هي الحالة المزرية للصحافة المصرية، نهايات العقد الثاني من قرننا التعس، خاصة بعد انحسار المد الثوري فيها، وخروج العديد من الكتاب والصحفيين المرموقين من الخدمة لأسباب مختلفة، كرهاً أو طواعية، لتدخل البلاد والصحافة بعدها، وحتى هذه اللحظة، في تلك الحالة البائسة من الغبن والترهل والسكون وانعدام المواهب. وللأسف الشديد، كانت تلك هي الفترة التي حاولت فيها الانتماء لمهنة الصحافة أيضاً، بعد أن اتجهت لكتابة الشعر والمسرحيات والأغاني حيناً من الدهر، لم يكن شيئاً مذكوراً لأني أصبحت أحلم بالصحافة وحدها، كما لو كانت الملجأ الأخير من براثن الزمن.

كنت أحاور نفسي كل ليلة: "لقد ولدتَ لكي تكون صحفياً، هذا هو لبُّ الحياة بالنسبة لك؛ ولكن كيف السبيل؟"، بالطبع فأنا لست متأكداً من موهبتي بشكل كامل، ولكن في نفس الوقت؛ لم يعد لي طاقة لعمل أي شيء آخر عدا الكتابة، ولا تستهويني سوى الكتابة للصحافة تحديداً، ولذلك؛ كانت الظروف السابقة مطبقة على أنفاسي بشكل قاس للغاية، وللأسف أيضاً؛ لم يكن أمامي سوى بعض الكتاب الشباب، والمنتشرين بشكل محدود للغاية عبر عدة مواقع صحفية حُجبت عن بلادنا بفعل فاعل، كمنتج دسم أشبع به رغبتي الجامحة في تعلم الأساليب الصحفية المختلفة من جانب، وفي قراءة منتج ثري ومختلف من جانب آخر، وبالطبع كان موقع "مدى مصر" هو إحدى تلك المنصات، التي وجدت فيها صحافة قوية ومتماسكة على المستوى اللغوي والسردي، وعلى مستوى المعلومات والقضايا المطروحة.

لذلك كان من المنطقي أن ألتقي بلؤي للمرة الأولى هناك، على شرف تلك المنصة، عندما صادفت في ليلة "سَكندرية" باردة الهوى والهوية، ككل ليالي تلك المدينة، غلافاً كاريكاتورياً وغريباً للغاية، يخصّ مقالاً عنوانه: "امنعوا الضحك: تصريحات مريرة في صحة الساخرة المستديرة"، أما مقدمته فكانت تتحدث عن كونفوشيوس وفضيلة الصمت، أما تصنيفه فكان تابعاً لقسم "الرياضة".

لم أفهم بالضبط ماهية العلاقة بين تلك المتغيرات، أو طبيعة السياق الذي قد يربط الفلسفة بالكوميديا وكرة القدم، ولكن ما أتذكره جيداً أني انتهيت منه وأنا عاقد حاجبي من فرط الاندهاش، وفجأة تحوّلت الإسكندرية من أغلظ بلاد الله على قلبي، إلى أحبها، فقد كان المقال عبارة عن: تجميعة لمقاولات وتصريحات غريبة، ألقاها مجموعة من اللاعبين والمحللين عبر شاشات التلفاز، ومربوط بينهم بذكاء وأسلوب نادر الوجود، أسلوب ساحر لا يمت للعبث المدار على شاشات التلفاز، أو العبث الذي يملأ الصحف الرياضية العربية بصلة.

حينها؛ كنت متيماً بكرة القدم أيضاً، كما كنت متابعاً جيداً لبرنامج "الكورة مع عفيفي" الغريب وقتها على الإعلام الرياضي، ولكن هذا الوله لم يكن يتعدّى فكرة التشجيع السطحي، أو محاولة فهم ما يحدث داخل الملعب على استحياء، لكي أستطيع كسب مناظرات "السوشيال ميديا" حامية الوطيس، لماذا؟ لأن لاعبي الكرة والمدربين ليسوا كتاباً بطبيعة الحال، وحتى المحللين الشباب الأكثر دراسة وعلماً، مثل أحمد عفيفي أو أحمد عطا أو تامر بدوي أو حتى محمد عواد، فليسوا كُتاباً بارعين بالمعنى الأدبي أو الصحفي، وبالتالي لم يكن لدي أدنى طموح للعمل في أي شيء له علاقة بالمحتوى الرياضي، كما لم تكن لدي نية واضحة لاقتحام الصحافة الرياضية، لأن علاقتنا بها ظلت محصورة في نوعية معينة من الصحافة "الخبرية" التقريرية، والتي لا تروق لشخص مثلي، أحبَّ الصحافة وتعلّق بها لكي يتمكن من فرد مساحات كتابية وإبداعية ضخمة، يخرج فيها ما علق في ذهنه بأساليب متشعبة ومختلفة.

وبالتالي؛ فما جذبني نحو لؤي فوزي، كانت قدرته الهائلة على تقديم محتوى رياضي قيِّم وسلس، من دون أن يفقد بوصلته ككاتب في المقام الأول، تلك الخلطة المغايرة التي طورها، وتحدث خلالها عن كرة القدم من مساحات لم يقربها كاتب عربي قبله، حيث تحدث عن الاقتصاد وعلم النفس والفلسفة، وعن الثورة الرقمية والمعلوماتية، وعن الهندسة والطب والتشريح العضلي والعصبي، كما فنّد الصراعات السياسية الكامنة داخل الرياضة، ونادى بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وبمناهضة العنصرية والتمييز ضد النساء، ثم أفرد مساحات ضخمة للحديث عن مآثر المقاومة الفلسطينية وأسبابها، وتشعّب نحو أكثر الأشياء عمقاً في تاريخنا البشري، وكل ذلك دون أن يخل للحظة واحدة بسياق الحديث عن كرة القدم نفسها، وأيضاً دون أن يخلّ بتعريف نفسه "ككاتب" قبل كل شيء، له مصطلحاته وصياغته وإيقاعاته البديعة.

ما جذبني نحو لؤي فوزي، كانت قدرته الهائلة على تقديم محتوى رياضي قيِّم وسلس، من دون أن يفقد بوصلته ككاتب في المقام الأول، تلك الخلطة المغايرة التي طورها، وتحدث خلالها عن كرة القدم من مساحات لم يقربها كاتب عربي قبله

وحتى عندما انتقل للمحتوى المرئي بالعامية المصرية، ظلّ يتعامل بنفس الأسلوب المحترف في البحث والتقصي والتفنيد، وفي ذات الوقت، ظل يتلذّذ بكتابة سيناريو الحلقات نفسه، ويتفنّن في إضافة التويستات والحبكات التي يذكرنا بها أنه كاتب وسيناريست محترف.

هكذا تعامل الرجل مع اللعبة الشعبية الأولى في العالم، هدهدها وطوعها وأنسنها في كتاباته، ورآها تتهادى ببطء أمامه بين الأقدام والرؤوس، كلعبة شعبوية ذات طابع انتقائي، تحمل في جعبتها المليارات من البشر الهائمين، والمليارات من الدولارات الهائمة، والمئات من الأندية ذات الطابع السلطوي، والتي تحاول الاستفادة من حالة الهياج الشديدة تلك لخدمة مصالحها الشخصية، فإن اختلست النظر من خلال تلك الأشياء، فيمكنك إذن أن ترى الحياة بشكل مختلف، وأن تفهمها بصورة أوضح من السياسيين والاقتصاديين وعلماء النفس والفلاسفة، لأن كرة القدم تجمع الكل والأضداد بدورها، وتصهرها معاً بصورة أكثر راديكالية من الاقتصاد والسياسة والفلسفة وعلم النفس، وإلا لما وقف شخص مثلي، معروف بأيديولوجيته اليسارية، وبحماسه الشديد للبُنى الثورية في هذا العالم، معرّفاً نفسه باعتباره مجرّد "صحفي رياضي".

لا يعرف أنه لؤي فوزي

بعد انتهاء واحد من تجارب العمل بيننا بشكل رسمي، بعثت إليه برسالة شكر طويلة على ما قدّمه من نصائح سديدة، كانت سبباً رئيسياً في تغيير نظرتي للحياة بشكل كامل، وبالطبع؛ أنتم تعلمون أن مثل هذه اللحظات تكون عاطفية للغاية، خاصة وأني مدين له بهذا العمل ابتداءً، بعد أن أصبح السبب الأول في اقتحامي للوسط الصحفي، ليس بالمعنى المجازي كما قلت سابقاً، ولكن بالمعنى الحرفي هذه المرة، بعد أن تحمّس لضمّي إلى فريق العمل بموقع "ميدان"، باعتباره منسق القسم الرياضي هناك.

وبعدما شاهد تلك الرسالة الطويلة والمليئة بالامتنان والمحبة، حاول مجادلتي بأن الأمر أبسط من ذلك، وأن تلك الخيالات لا تجري إلا في رأسي فقط، لأن ما قدمه فعلياً لي ولغيري من الكتاب عبر السنين، لم يكن إلا جزءاً بسيطاً من سلسلة أطول وأكبر منه، بل وحاول إقناعي أن العكس هو الصحيح، وأنه شخصياً أول المستفيدين من التعامل معنا، بعد أن استطاع بفضل هذا الزخم تطوير نهجه وأسلوبه، فاستغللت فرصة أن العمل بيننا قد انتهى، وأن فخ الـ "التعريص الوظيفي" قد أصبح بعيداً عني بالفعل، لأصرح له عمَّا يجول في خاطري، وعن مدى تأثيره الحقيقي علينا ككتاب وكأشخاص، وأنه سيظل بالنسبة لي على الأقل "أهم" كاتب رياضي في عالمنا العربي.

ليأتي رده كالعادة موسعاً، يحمل بداخله العديد من الإشكاليات والأفكار، ولذلك فضلت أن أنشره هنا كما أرسله دون اقتطاع أو حذف، وأنا واثق تماماً من أنه سيغفر لي هذا الخطأ المهني الجسيم:

"بص؛ هو سواء جملتك دي صحيحة أو غير صحيحة، فده حقيقي مش مهم، كل فكرتي بس إني فعلاً ما بقتش أشوف إنه مهم نقول مين أفضل، والعقيدة دي جاتلي من الكورة نفسها، عارف ليه؟ عشان لما بنقول على شخص ما إنه (أهم) أو (أفضل)، فده بينتج آثار سلبية أكثر منها إيجابية، الآثار الإيجابية بتنعكس عليه لوحده وعلى تقديره لذاته وإحساسه بنفسه، وحتى ده ممكن يبقى مضر ليه لما يبتدي يصدق نفسه، وبالتالي ده هيدفعه تلقائياً لمجهود وإتقان أقل، أما بالنسبة للناس فده بيخلق حالة من الاستقطاب الشديد، بين اللي مصدقين هذا التقييم، وبيعتبروا هذا الشخص فوق التشكيك والنقد والمحاسبة، وبين الناس اللي بتاخد موقف دفاعي عدواني، وبتبتدي تدور على أخطاء عشان تنسف بيها التقييم كله".

الطريقة المركبة والمتشعبة في التفكير، وهي أيضاً الطريقة التي لن تجدها كثيراً بين أبناء الدولة "المُباركية" التعسة، من أبناء الثمانينيات والتسعينيات تحديداً

"باختصار، ثقافة التطرف والاستقطاب، فبأحس أن الهيكل بتاع (أفعل) التفضيل ده بشكل عام مابيعملش حاجة غير إنه يزود التطرف بين الناس، بينما لو غرضنا تسليط الضوء على كاتب أو شخص معين، فهيكون كافي جداً إننا نقول فلان ده كاتب جيد فقط لا غير، كلمة أكثر هدوءاً، أقل عدوانية، أقل استقطاباً، أكثر منطقية، وبتدي الناس مساحة عادية تقدر تفكر فيها وتشتبك معاها، بدل ما تديهم تقييم مُصمت كدة، والأهم إن كل ده بيخليهم أكثر قابلية لمراجعة أفكارهم وأفكار هذا الكاتب، وهو المطلوب إثباته، وأعتقد إن النمط ده اهم بكتير من التقييم الشامل للكاتب أو للشخص".

الطريقة المركبة والمتشعبة في التفكير، ذلك هو الطابع الغالب على لؤي فوزي في تكوين آرائه، وهي أيضاً الطريقة التي لن تجدها كثيراً بين أبناء الدولة "المُباركية" التعسة، من أبناء الثمانينيات والتسعينيات تحديداً، تلك الأجيال التي جُهّلت بفعل فاعل، ونشأت غالبيتها في مدارس حكومية متداعية، بلا مكتبات أو قصور عامة للثقافة، فلم تشاهد إلا القنوات التلفزيونية المنساقة تماماً لتوجهات الدولة، ولم يكن لها من النهضة الثقافية نصيب، اللهم إلا بعض الكتب المنشورة في "مهرجان القراءة للجميع"، الموصى به من قبل سيدة مصر الأولى شخصياً، ولأغراض دعائية، حاولت بها غسل يديها من دماء بلادنا المنكوبة، ولذلك فخروج من هم في قدرة لؤي على الإلمام بالتفاصيل، والاشتباك مع أكثر القضايا إثارة بهدوء وفطنة، يعد في حد ذاته طفرةً لها رونقها في عالم الميديا، خاصةً في منطقتنا العربية المفطورة على حُب الإنسان ذو البعد الواحد.

لقد كان اكتشاف تلك المساحة مربكاً للغاية، لكنه كان أيضاً اختباراً مبكراً لقدراتي الحقيقية، وما أنا مهتم به حقاً، والغريب؛ أن تلك الحالة لم تكن تخصّني وحدي، بل سبقني إليها العديد من الكتاب والصحفيين الشباب، كان لهم الفضل الأول في تغيير معنى الصحافة الرياضية في عالمنا العربي، وبالطبع كان لؤي متواجداً وبقوة في بعض فترات حياتهم المهنية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard