شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"أنا بالشاليه، مين بايسك؟ يا قطّة تعي"... شهادات توثّق تحرّش أستاذ بطالباته في طرابلس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 6 ديسمبر 202106:47 م

تحوّلت باحة ثانوية جورج صرّاف للبنات في طرابلس، لبنان، صباح اليوم الإثنين، إلى باحة اعتصام ملآى بطالبات ناجيات قرّرن البوح لوسائل الإعلام عن التحرّش اللفظي والجسدي الذي يتعرّضن له منذ سنوات من قبل أستاذ التربية المدنية والقيم الإنسانية، سامر مولوي.

مولوي الذي يعرّف عن نفسه ناشطاً حقوقياً ورئيس تحرير مجلّة "سامريات" الإلكترونية، تبيّن، وفقاً لشهادات عدة ناجيات، أنه متحرّش استغلّ منصبه التعليمي ليدعو الطالبات إلى اللقاءات الخاصّة وليتحكّم بهنّ من خلال السلطة التي يملكها.

بدأت القصّة التي تتكشف تفاصيلها ساعة تلو أخرى، حين قرّرت الطالبة غنى ضنّاوي فضح الأستاذ عبر صفحتها الخاصّة على فيسبوك بعدما تجاهلت الإدارة شكاوى الفتيات ورفضت اتّخاذ الإجراءات اللاّزمة بحقّ الجاني الذي بقي ضمن الكادر التعليمي على الرغم من الخطر الذي يشكّله على الطالبات.

"كل القصص التي يتم تداولها اليوم صحيحة، ونحن شاهدات عليها. وعلى الرغم من مطالباتنا المتكرّرة بمحاسبته تجاهلتنا الإدارة التي وصل بها الأمر إلى تهديدنا بمقاضاتنا بحجّة أننا نشهّر بأستاذ".

كتبت غنى في منشورها الذي شاركته في 3 كانون الأول/ديسمبر الجاري والمثبّت أعلى صفحتها:

"الرجاء النشر على أوسع نطاق

سامر مولوي إعلامي لدى سامريات نيوز وأستاذ "تربية مدنية وقيم إنسانية". في صف البنات، خلّص شرح الدرس يلي بيحكي عن المبادئ والاحترام والأخلاق لتلميذاته، بعدين وقف ياخد صورة مع بعض تلميذات صفه. طبعاً الأستاذ اللي ييمسك إيد تلميذاته وبهدّدهن إنو علاماتهن رح تنحدر لو رفضن تصرفاته رح يضايقه وجود بنات مش حابين يتصوروا معه.

خلصت الصورة فتوجّه الأستاذ لتلميذة معيّنة بكلام جداً مذلّ مثل:"يا حقيرة، يا حيوانة، اخرسي". الكل سكت، بعدين في بنت طلبت الذهاب الى الحمام فقال لها: "روحي عمليا بالزاوية ". صرنا نجرب نرد على كلامه فقال: "انتوا بدكن صرماية تدعس عراسكن" وهو معلا إجرو.

طبعاً توجهنا للإدارة اللي ما استجابت و تجاهلت طلباتنا مشان هيك اليوم رح احكي هون عن هالشخص و تصرفاته وأطلب منكم إنتو توصلوا إنو في بنات مش حاسة بالأمان بوجود هيك شخص بمنصب استاذ".


فعل البوح الذي مارسته غنى دفع بطالبات أخريات إلى مشاركة قصصهنّ الخاصّة مع مولوي، وتحوّلت قضيّة تحرّش استاذهن داخل الصف إلى قضيّة رأي عام وتم نشر دعوة إلى الاعتصام أمام المدرسة للمطالبة بمحاسبته وعزله.

"قومي يا قطّة... ومين بايسك؟"

تروي لرصيف22 طالبة في ثانوية جورج صراف للبنات، فضّلت عدم البوح باسمها، حوادث التحرّش التي تعرّضت لها على يد سامر مولوي وحوادث أخرى سمعتها أو شهدتها. تقول: "أنا طالبة في ثانوية جورج صرّاف منذ أربع سنوات، وكل القصص التي يتم تداولها اليوم صحيحة، ونحن شاهدات عليها. وعلى الرغم من مطالباتنا المتكرّرة بمحاسبته تجاهلتنا الإدارة التي وصل بها الأمر إلى تهديدنا بمقاضاتنا بحجّة أننا نشهّر بأستاذ".

وتضيف أنها في إحدى المرات تواصلت مع مولوي بهدف الاستفسار عن بداية العام الدراسي القادم لأنها طالبة شهادة رسمية، فجاء جوابه على الشكل التالي: "أنا بالشاليه بالبالما، إذا بدّك تعي".

وتكمل: "أسلوبه يعتمد على تمرير التحرّش ضمن إطار مهنته، فهو يحاول قدر الإمكان أن يظهر أقواله على أساس أنها عادية. فكان يفرض علينا استخدام الكاميرا للتواصل معه بدلاً من التراسل في ما يخص شؤون المدرسة".

وتتابع: "مرّة، كنت في طور إجراء امتحان، وتحرّش بي لفظياً، فقلت له "قليل الأدب" وبدأت بالصراخ في القاعة حتى أن أستاذاً في القاعة المجاورة فوجىء بما يحدث. لكن كما يحصل دائماً، لا يهتم مولوي بردود أفعالنا نحن الطالبات، فهو يتباهى أنه مدعوم جداً ولا يمكن لأحد أن يحاسبه".

وتشير إلى أن قرار غنى بفضح مولوي كان فردياً، لكنّه أدى إلى تكتّل الطالبات اللواتي قرّرن الإدلاء بشهادتهن ودعم بعضهنّ بعضاً. وتزيد: "الإدارة والمنظومة غطّتا على أفعاله لأنه مدعوم. ونحن بناءً على معرفتنا بتوجّهات المدرسة قرّرنا أن الحل الوحيد هو عبر مشاركة تجاربنا، إذ لا مفر من التواصل معه وحضور حصصه".

الفتيات اللواتي فضحنه، وقرّرن التحدّث بلسان جميع الفتيات، برهنّ أن المنظومة الاجتماعية والإدارية لا تحمي النساء والفتيات حماية كافية. وأكّدن أنه يمكن لطالبات قاصرات محاسبة منظومة تنتهك أجسادهن وحقوقهن واسقاطها ومقاضاة كل متحرّش مدعوماً كان أو لا.

وتلفت إلى أن مولوي كان يدخل إلى الصف فيفتح كتاب التربية ويقرأ منه 10 دقائق من دون أن يشرح المحتوى ثمّ يقضي ما تبقّى من الحصة باللهو على هاتفه والتحرّش بالطالبات بعبارات مثل: "يقبرني جمالك. يقبرني شكلك. يا قطّة تعي سمعي الدّرس. مين بايسك؟". وتختم: "بعدما فقدنا احترامنا التام له وبهدف حماية أنفسنا صرنا نلتزم مقاعدنا، لا نصعد نحو اللوح، ونهاجمه حين يتحرّش بنا".

وعند سؤالها عن مطالبها هي وزميلاتها، أجابت: "لن نكتفي بطرده من السلك التعليمي فقط، فهذا الشخص المدعوم الذي يتّخذ مهناً عدّة يجب أن يحاسب ويُنبذ من المناصب التي يشغلها. هو لا يستحق هذه القيمة الاجتماعية. يجب أن يفقد سلطته التي يستخدمها ضدّ النساء والفتيات. فنحن اليوم نكتشف أن تحرّشه طال نساء خارج المدرسة أيضاً. ونطالب بطرد المدير وكل من طبّق سياسته، لأنه حين وُجب عليه حماية الطالبات دعم المتحرّش. وحين بدأت قصصنا بالانتشار طالب بمعرفة هويات الفتيات اللواتي تكلّمن بهدف محاسبتهنّ".

المدير الذكوري وشهادات الإدانة

فور انتشار الأخبار حول الجرائم التي ارتكبها مولوي بغطاء من المدرسة، تمّ اقتحام مكتب مدير الثانوية ومحاسبته على المواقف التي اتّخذها. في مقطع فيديو يوثّق عملية المواجهة، توجّه له الطلاب بعبارة: "ذكوري... ذكوري" من دون أن يتفوّه بكلمة أثناء الخروج من مكتبه.

في مقابلات مصوّرة نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تروي طالبة من عائلة السمّان حوادث التحرّش التي تعرّضت لها. تقول: "كلّما رفضنا تصرّفاته حاول أكثر. كنت في الصف الثانوي الأوّل أكتب على اللوح حين بدأ بلمس جسدي من الخلف ولم يتوقّف بعد أن واجهته. كان يختار اللّحظات التي لا يمكننا الدفاع فيها عن أنفسنا. مثلاً: يلمس فخذي وأنا أجري الامتحان ليضمن أنّني مشغولة. أضافت السمّان في مقابلتها أن مولوي كان يؤذي الفتيات بإعطائهن علامات متدنية وكان يختارهن على أساس الشكل الخارجي.

بحسب الأخبار المتداولة وتصريحات الطالبات، ستُشكّل لجنة من عشر طالبات وطالبين كي تقدم باسمها الدعوى القضائية بعد سرد قصص الناجيات على شكل عريضة ترفع إلى الجهات المسؤولة بغية محاسبة سامر مولوي.

من جهة أخرى، حضر فريق من وزارة التربية إلى المدرسة برئاسة رئيسة جهاز الإرشاد والتوجيه، هيلدا الخوري التي حققت مع مدير المدرسة كما وتم التحقيق مع الطلاب. لكن لم تصدر تصريحات رسمية عن وزارة التربية والتعليم، وتم تداول تصريح واحد أدلى به مصدر من وزارة الداخلية لموقع قناة "الجديد"، يفيد أن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي "لا يغطي أي فعل شائن قام به أستاذ التربية المشكو من أفعاله في ثانوية جورج صراف في طرابلس. ويدعو إلى التحقيق والتوقيف في حال ثبوت التهم".

"كان يدخل إلى الصف فيفتح كتاب التربية ويقرأ منه 10 دقائق من دون أن يشرح المحتوى ثمّ يقضي ما تبقّى من الحصة باللهو على هاتفه والتحرّش بالطالبات بعبارات مثل: "يقبرني جمالك. يقبرني شكلك. يا قطّة تعي سمعي الدّرس".

في ظل غياب القوانين والخطط الواضحة التي تحمي الفتيات والنساء في لبنان من التحرّش، ما يحصل اليوم في ثانوية جورج صراف في طرابلس، وعلى الرغم من كل الآلام الناجمة عنه، هو فعل استثنائي. الطالبات اللواتي قرّرن البوح بدّلن المعايير وتحوّلن مصدراً للسلطة والمحاسبة. طبعاً، لن تُعلن كل القصص المتصلة بهذه الفضيحة الفظيعة، فلكل ناجية طريقتها الخاصّة في التعامل مع ما تعرّضت له. لكنّ الفتيات اللواتي فضحنه، وقرّرن التحدّث بلسان جميع الفتيات، برهنّ أن المنظومة الاجتماعية والإدارية لا تحمي النساء والفتيات حماية كافية. وأكّدن أنه يمكن لطالبات قاصرات محاسبة منظومة تنتهك أجسادهن وحقوقهن واسقاطها ومقاضاة كل متحرّش مدعوماً كان أو لا.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard