تتوقع الأمم المتحدة أن يعاني أكثر من نصف السكان (نحو 16 مليون يمني/ة) الجوع خلال العام الجاري، إلا أن هذه المجاعة المنتظرة لا ترجع إلى نقص الغذاء، وإنما إلى ارتفاع تكلفة المنتجات المستوردة إلى اليمن، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السوق، والتأثير سلبًا في قدرة اليمنيين على الحصول على الغذاء.
يستورد اليمن ما يقارب 90% من المواد الغذاذيّة عبر موانئ البلاد، التي تضرّرت بشكل كبير وتمّ تبادل السيطرة عليها خلال سنوات الحرب الأخيرة بين أطراف النزاع المختلفة.
يستورد اليمن ما يقارب 90% من المواد الغذائيّة عبر موانئه التي تضرّرت بشكل كبير، وتبدلت السيطرة عليها خلال سنوات الحرب الأخيرة بين أطراف النزاع المختلفة، وهذا ما أدى إلى عدم القدرة على صيانة هذه الموانئ بشكل دوري، وتالياً إلى تأخير طويل في نقل المواد الغذائيّة، وارتفاع التكاليف. "ومع تزايد تكلفة الغذاء والوقود والأدويّة وصعوبة حصول المواطن عليها، يتحول خطر المجاعة إلى حقيقة متزايدة بالنسبة للملايين من اليمنيين"، وذلك حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، الذي أصدر في نيسان/ أبريل الماضي تقريرًا بعنوان "تقييم الأضرار والقدرات: ميناء عدن وميناء المكلا"، بهدف المساعدة على الحد من "أكبر مجاعة متوقعة في العالم منذ 40 عامًا" وفق الأمم المتحدة، وذلك عن طريق تحديد الاحتياجات من بناء القدرات الضروريّة والبنيّة التحتيّة للموانئ في عدن والمكلا.
ويعتمد معظم سكّان اليمن على المساعدات الإنسانيّة التي تصل عن طريق المنظمات الدوليّة عبر الموانئ البحريّة التي تربط اليمن بدول العالم.
منح الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح شركة موانئ دبي حق إدارة ميناء عدن مئة عام. لكن، بعد قيام الثورة اليمنيّة وخلع صالح قررت إدارة ميناء عدن إلغاء الاتفاقية لأنّها "مجحفة بحق اليمن".
توزيع السيطرة
في اليمن ستة موانئ بحريّة دوليّة (عدن والحديدة والمكلا والمخا والصليف ونشطون) مجهّزة لاستقبال السفن والبضائع وتقديم خدمات الشحن، وثلاثة موانئ نفطيّة (رأس عيسى والشحر وبلحاف) تتمتع بأهميّة إستراتيجيّة بسبب وجودها على طريق نقل النفط من دول الخليج العربي إلى العالم عبر قناة السويس، إضافة إلى ثمانيّة موانئ محليّة.
تسيطر القوى المتنازعة في الحرب اليمنيّة على هذه الموانئ. جماعة أنصار الله المعروفة باسم الحوثيين تسيطر على ميناء الحديدة، أكبر موانئ البلاد، وعلى ميناء الصليف. ويعتقد أنه عن طريق هذين الميناءين يصل الدعم الإيراني للحوثيين، إذ تعد إيران الداعم الأول والأكبر لهم، ومنها أحيانًا يصل الدعم إلى سوريا، حيث تدعم إيران النظام السوري بقيادة بشار الأسد.
وكان وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنيّة، معمر الإرياني، قد صرّح أخيرًا بأنّ جماعة أنصار الله تستخدم موانئ اليمن التي تقع تحت سيطرتها "لتنفيذ أجندات إيرانيّة".
ويشكّل الدعم الإيراني مصدر السلاح الرئيسي للحوثيين، إضافة إلى المعونات الغذائيّة والنفط وغيرهما، مما يحتاجه الحوثيون في حربهم. ورغم اقتراب المعارك كثيرًا من ميناء الحديدة عدة مرات لا يزال الحوثيون يسيطرون عليه منذ العام 2014، كونه الميناء الأقرب للعاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون كذلك، إلّا أنّ قوات التحالف العربي استطاعت السيطرة على ميناء المخا وعلى مضيق باب المندب، ومن المنتظر أن تقوى هذه السيطرة مع بناء قاعدة عسكرية تابعة للتحالف نفسه على جزيرة ميون القريبة من باب المندب، من دون موافقة السلطات اليمنية الرسمية التي يدعمها التحالف نفسه.
بالإضافة إلى ميناء المخا، فإنّ الحكومة الشرعيّة المدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربيّة السعوديّة تسيطر بشكل رئيسي على موانئ باب المندب وعدن والمكلا، وبسبب أضرار الحرب وقلّة الصيانة لم تسطع هذه الموانئ استقبال الكثير من السفن.
غنيمة الحرب الإماراتية
بدأ النفوذ الإماراتي في السنوات الأخيرة بالانتشار في دول القرن الأفريقي واليمن، عبر الاستثمار في الموانئ البحريّة، لتبسط الإمارات نفوذها على هذه الموانئ، وتضمها إلى نحو سبعين ميناء في العالم تديرها هي، بما في ذلك ميناء الجزائر، أكبر ميناء في إفريقيا، وموانئ أخرى في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينيّة، كما تعمل الإمارات على تطوير بعض الموانئ المصرية مقابل التمتع بحق إدارتها كلياً بنظام POT وأولها ميناء "السخنة" الذي من المنتظر أن يكون من أهم موانئ التصدير والسياحة في مصر.
إيرادات الموانئ اليمنيّة التي تسيطر عليها الإمارات قد بلغت في العام الماضي نحو 516 مليون دولار أمريكي، تستفيد منها الإمارات بشكل رئيسي.
في وقت سابق، بالتحديد عام 2008، منح الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح شركة موانئ دبي، حق إدارة ميناء عدن مئة عام. لكن، بعد قيام الثورة اليمنيّة وخلع علي عبد الله صالح، قررت إدارة ميناء عدن إلغاء الاتفاقية لأنّها "مجحفة بحق اليمن"، حسب تعبير وزير النقل اليمني آنذاك.
لكن، في الوقت الحالي وبدعم عسكري، تسيطر الإمارات عن طريق حلفائها المحليين على موانئ عديدة في البلاد، أبرزها عدن والمخا وشبوة والمكلا وسقطرى، كما عمدت إلى إقامة قواعد عسكريّة في أريتريا وجيبوتي وسقطرى وفي باب المندب والصومال، لتقيم بذلك حزامًا عسكريًا واقتصاديًا لحماية هذه الموانئ من تمدد دول أخرى مثل الصين وروسيا اللتين تسعيان إلى التمدد إفريقيًا، وكان رصيف22 قد نشرتقريرًا قبل أيام قليلة عن إنشاء قاعدة جويّة إمارتيّة على جزيرة ميون قبالة باب المندب.
يذكر تقرير موسّع حول دور الإمارات في الموانئ اليمنيّة نشرته صحيفة "العربي الجديد" المُموّلة قطريًا، أنّ الإمارات تبسط سيطرتها بشكل مباشر على ميناء بلحاف (شبوة) والضبة (المكلا)، وبعض الجزر مثل سقطرى وميون قبالة باب المندب. وبيّن التقرير أنّ الإمارات "تضع يدها على ميناء اليمن الأول حاليًا في الاستيراد والتصدير، وهو ميناء عدن" حيث تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على عدن، وكذلك الأمر مع ميناء المخا على الساحل الغربي.
يضيف التقرير أنّ إيرادات الموانئ اليمنيّة التي تسيطر عليها الإمارات قد بلغت في العام الماضي نحو 516 مليون دولار أمريكي، تستفيد منها الإمارات بشكل رئيسي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...