كشفت وكالة أسوشيتد برس، الثلاثاء 25 أيار/ مايو، عن بناء قاعدة جوية غامضة على جزيرة ميون البركانية اليمنية، التي تعد واحدة من أهم نقاط المرور البحرية في العالم لشحنات الطاقة والبضائع التجارية على السواء، لوقوعها في مدخل مضيق باب المندب.
وبينما لم تدّع أي دولة امتلاكها القاعدة المزعومة في "ميون"، وتعرف أيضاً بـ"جزيرة بريم"، قال مسؤولون في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إن الإماراتيين يقفون وراء هذا الجهد أيضاً، وهم الذين وجهوا اتهامات مماثلة للحكومة الإماراتية في السابق. علماً أن أبوظبي أعلنت، في عام 2019، سحب قواتها وإنهاء مشاركتها في الحملة العسكرية بقيادة حليفتها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن منذ عام 2015.
وقد أشارت أسوشيتد برس إلى أن "حركة الملاحة المرتبطة بمحاولة سابقة لبناء مدرج ضخم عبر الجزيرة التي يبلغ طولها 5.6 كيلومتر (3.5 ميل) منذ سنوات طويلة تعود إلى الإمارات".
"هدف إستراتيجي بعيد المدى"
وأوضح جيريمي بيني، محرر الشرق الأوسط في شركة الاستخبارات المفتوحة المصدر "جينيس"، الذي تابع أعمال البناء في "ميون" لسنوات، للوكالة: "يبدو أن هذا هدف إستراتيجي بعيد المدى لتأسيس وجود دائم نسبياً"، مضيفاً أن الأمر "ربما لا يتعلق فقط بحرب اليمن باعتبار أن وضع الشحن هناك أمر أساسي إلى حد ما".
"هدف إستراتيجي بعيد المدى لتأسيس وجود دائم نسبياً"... صور الأقمار الصناعية تكشف عن بناء قاعدة جوية في جزيرة ميون اليمنية الحيوية، الأصابع تُشير إلى جهد إماراتي وخبراء يؤكدون أن الهدف يتخطى نطاق النزاع العسكري
ويسمح المدرج في "ميون" لمن يسيطر عليه بإبراز قوته في المضيق وشن غارات جوية بسهولة على البر الرئيسي لليمن، الغارق في حرب دموية منذ عام 2014. كما أنه يوفر قاعدة لأي عملية في البحر الأحمر وخليج عدن وشرق أفريقيا القريب.
وكانت صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة "بلانيت لابز"، ومقرها سان فرانسيسكو، وحصلت عليها وكالة أسوشيتد برس، قد أظهرت، في 11 نيسان/ أبريل الماضي، شاحنات تفريغ وممهدات بناء لمدرج طوله 1.85 كيلومتراً على الجزيرة.
بمراجعة صور المكان في 18 أيار/ مايو، بدا هذا العمل مكتملاً، إذ تم تشييد ثلاث حظائر طائرات جنوب المدرج مباشرة. وقد يستوعب مدرج بهذا الطول طائرات الهجوم والاستطلاع والشحن.
بدأت الجهود السابقة لإنشاء هذه القاعدة الجوية في نهاية عام 2016 قبل التخلي عنها ثم محاولة بناء مدرج أكبر يزيد طوله عن ثلاثة كيلومترات، بما يسمح باستضافة أثقل قاذفات القنابل.
ويعتقد المسؤولون العسكريون في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أن الإمارات هي التي تبني المدرج.
قال المسؤولون، الذين تحدثوا إلى أسوشيتد برس شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، إن السفن الإماراتية نقلت أسلحة ومعدات عسكرية وقوات إلى "ميون" في الأسابيع الأخيرة.
كما زعموا أن التوتر الأخير بين الإمارات والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كان جزئياً بسبب مطالبة الإمارات لحكومته بتوقيع اتفاقية إيجار لمدة 20 عاماً للجزيرة الحيوية. ولم ترد الإمارات على طلب الوكالة التعليق. ولم تعترف بوجود خلاف مع الحكومة اليمنية.
في حين أن القرن الأفريقي "أصبح مكاناً خطيراً" على الإماراتيين بسبب المنافسين والحروب المحلية، توفّر "ميون" مع عدد قليل من السكان للبلد الخليجي موقعاً معتبراً لمراقبة البحر الأحمر
أدلة عديدة على تورط الإمارات
وكان مشروع البناء الأولي قد تزامن مع استعادة القوات الإماراتية والقوات المتحالفة معها الجزيرة من المتمردين الحوثيين في عام 2015. بحلول نهاية العام 2016، أظهرت صور الأقمار الصناعية أعمال البناء الجارية هناك.
دليل آخر على تورط الإمارات في المشروع تمثل في مشاركة المعدات والقاطرات والناقلات من شركتين في الإمارات، "Echo Cargo & Shipping LLC" ومقرها دبي و"Abu Dhabi-based Bin Nawi Marine Services LLC" في أبوظبي، في جلب المعدات إلى الجزيرة في مراحل البناء الأولى، وفق إشارات التتبع التي سجلتها شركة البيانات Refinitiv.
ولا توجد بيانات شحن حديثة حول وجود أي سفن مسجلة قرب "ميون"، ما يشير إلى أن إيقاف تشغيل أجهزة تتبع نظام التعرف التلقائي بالنسبة لجميع السفن التي شاركت في نقل المعدات للجزيرة ربما لتجنب التعرف عليها وعلى الجهات التي تعمل لديها.
توقف ذاك البناء الأولي في عام 2017، على الأرجح عندما أدرك المهندسون أنهم لا يستطيعون الحفر في جزء من صخور الجزيرة البركانية لدمج موقع المدرج القديم للجزيرة.
وأُعيد تشغيل المبنى بشكل جدي على المدرج الجديد في 22 شباط/ فبراير الماضي تقريباً، وفق صور الأقمار الصناعية، أي بعد عدة أسابيع من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن إنهاء دعم بلاده الحملة بقيادة السعودية في اليمن.
ويمكن الربط بين القرار الإماراتي المحتمل باستئناف بناء القاعدة الجوية بتفكيك الإمارات أجزاء من قاعدة عسكرية كانت تديرها في إريتريا، شرق أفريقيا، كنقطة انطلاق لحملتها في اليمن.
بحسب إليونورا أرديماغني، المحللة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI)، إنه في حين أن القرن الإفريقي "أصبح مكاناً خطيراً" على الإماراتيين بسبب المنافسين ومخاطر الحروب المحلية، فإن "ميون" مع عدد قليل من السكان توفر للبلد الخليجي موقعاً معتبراً لمراقبة البحر الأحمر.
وتابعت: "لقد تحول الإماراتيون من سياسة خارجية لاستعراض القوة إلى سياسة خارجية لحماية القوة" بحيث يزيدون من "قدرتهم على مراقبة ما يحدث ومنع التهديدات المحتملة من قبل جهات فاعلة مقربة من إيران".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين