شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"تزوجته خوفاً من شبح الوحدة"... عن مصريات قبلن الارتباط برجل متزوج

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 17 يناير 202102:22 م
بين غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج، وغلاء المعيشة وزيادة نسبة البطالة خاصة بين الشباب، يتحدث آخر الإحصاءات المصرية عن انخفاض معدلات الزواج في مصر، أي عدد عقود الزواج المبرمة خلال كل عام، وفي الوقت ذاته عن ارتفاع عدد حالات عدم الزواج بعد سن الخامسة والثلاثين، مما يرجح الاستمرار بحياة العزوبة بشكل نهائي.

وقد لا يشكّل هذا الأمر معضلة للبعض، في حين أن البعض الآخر ينظر لفكرة التأخر بالزواج على أنها شبح يلاحقه، فيسعى للارتباط دون اقتناع كامل، وضمن ظروف غير مرضية، ومن هؤلاء فتيات يقبلن منصب الزوجة الثانية في حياة رجل متزوج، كحلٍ سريع وحاسم لمأساة الانتظار.

ورغم تعدد المبررات، لكل فتاة أسرارها ودوافعها التي اتخذتها كأرض صلبة وقفت عليها، أمام لعنة الحب وشبح البقاء دون زواج، ومرارة وألم الوحدة وحلم الأمومة. وبين هذا وذاك، يرصد رصيف22 مجموعة من الحكايات لمصريات وقعن في لعنة حب رجل متزوج ولم يبحثن عن الدواء، بل أصبحن "زوجة ثانية".


نضج عقلي كثيراً فأحببته

"أحببته رغماً عني"، هكذا بدأت روفيدة محمود، البالغة من العمر 29 عاماً حديثها مع رصيف22، حول الشاب الذي يكبرها بثماني سنوات وقد قابلته في إحدى المناسبات الخاصة بعملها قبل أربعة أعوام.

فتيات مصريات يقبلن منصب الزوجة الثانية في حياة رجل متزوج، كحلٍ سريع وحاسم لمأساة الانتظار، وفي ظل انخفاض معدلات الزواج في البلاد.

تقول روفيدة إنها تعمل في مجال الصحافة منذ أن كانت في الصف الأول الجامعي، مؤكدة أنها مستقلة مادياً وتعتمد على نفسها بشكل كلي، ومضيفة أنها قابلت رجالاً ذوي شخصيات مختلفة السمات في حياتها ولم يجذبها أحد.

"عقلي كبر قبل سني بسبب شغلي"، تستكمل حديثها بأن تفكيرها قد نضج سريعاً بسبب طبيعة عملها وتعاملاتها مع الآخرين، ولذلك كان من الصعب أن يلفتها أو يجذبها رجال من سنها أو أكبر منها قليلاً، مشيرة إلى أنها تحتاج إلى رجل ناضج فكرياً تستطيع أن تستند عليه بعد كثير من التعب في حياتها.

وتتابع: "تعرفت إليه في مناسبة خاصة وبدأنا بعد ذلك بالعمل معاً. ذات لحظة أحسست بأنه الشخص الذي أريده. لم يلمس قلبي حينها لكن أحسست بأن تفكيره الذي يشبهني هو من خطفني. الحب أنواع وأحلاه من يتوافق معك في تفكيرك"، واصفة هذا الكلام بمقولة "كيمياء الدماغ أهم من كيمياء القلب".

أضافت روفيدة أنها اقتربت من هذا الشخص كثيراً وهو كذلك حتى بدأ التعلق ثم الحب رغم أنه متزوج، قائلة إنها تعلم منذ البداية بأنه متزوج ولديه أطفال ولكنها لم تستطع التخلي عنه: "أحببته رغماً عني. أبحث كل يوم عنه في يومي وساعات عملي ونومي وأجده حاضراً على الدوام. دائماً هو السند والعوض عن كل ما خذلني طوال حياتي".

وحول مبدأها بأن تكون زوجة ثانية تقول: "كنت أرفض ذلك قبل أن أقابله. ولكن بعدها فكرت كثيراً بأنه إن اكتملت قصتنا وساعدتني الظروف على أن أكون زوجة ثانية له فسأفعل. قد نجد كل يوم رجلاً يصلح لأن يكون زوجاً مناسباً، لكن يندر أن نجد رجلاً ليكون حبيباً وصديقاً وأخاً".


تزوجته خوفاً من شبح الوحدة

"تزوجته وما زال قلبي يؤلمني"، بهذه العبارة بدأت سامية ذات الأعوام الثلاثين في سرد حكايتها لرصيف22، وهي أصبحت زوجة ثانية خوفاً من أن تبقى كل حياتها دون زواج.

تؤكد سامية -وهو اسم مستعار- أنها تزوجت رجلاً يكبرها بعشر سنوات، بعدما فقدت الأمل في أن تجد أحداً من شباب جيلها قادراً على تحمل المسؤولية أو بظروف تساعده على الزواج، وتقول: "ليس الحب دائماً هو الذي يقودنا لنكون الشخص الثاني في حياة أحد، فهناك ظروف أصعب كالوحدة وعدم الزواج حتى سن متأخرة"، موضحة أنها تعيش منذ الصغر وحيدة بعد وفاة أمها وأبيها وليس لديها أخوة.

فكرة الزوجة الثانية رسخت في مصر من قبل صناع الدراما بشكل كبير، وأبرز مثال على ذلك مسلسل الحاج متولي الشهير للفنان أنور الشريف، ويتضمن زواج الرجل المصري أربع سيدات تطبيقاً للشرع

وتكمل بأنها تزوجت رجلاً تتقبله نفسياً لكنها لا تحبه بالشكل الذي يمكن أن تتمناه أي أنثى في حياتها الزوجية، مؤكدة أن قلبها ما زال يؤلمها من نظرات الناس حولها: "أحزن عندما أرى في عيني أحد اتهامات تقول بأني ‘خطافة رجال’. أنا لم أفعل شيئاً في الحرام، وتزوجته ليكون لي أنيساً في هذه الحياة وكي أستطيع أن أنجب أولاداً مثل أي امرأة أخرى".

وأضافت سامية أنها لم تلجأ للزواج بشخص في سنها أو من جيلها لأن "شباب هذه الأيام هذه ليسوا على قدر كبير من المسؤولية" حسب تعبيرها، مستدلة على ذلك بارتفاع نسبة الطلاق في مصر خاصة خلال السنوات الأولى من الزواج، وهي كانت تريد الاستقرار مع شخص ناضج يستطيع تعويضها عما فقدته منذ أن مات والداها.


لم أتخلَّ عن مستوى مادي يرضيني

أميرة جمال تبلغ من العمر 35 عاماً، ولم يسبق لها الزواج من قبل. قالت في بداية حديثها لرصيف22 إنها رفضت كثيراً من الشباب ممن هم في عمرها أو أقل بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة، فقد تقدم لها أكثر من شاب ولكن وظائفهم كانت ذات مرتب ضئيل نظراً للبطالة التي يعاني منها الشباب المصريون. تضيف: "أعيش بمستوى مادي متوسط ولا أريد أن ينخفض هذا المستوى وهذا ما جعلني أتزوج بعمر متأخر نسبياً".

تضيف أميرة أنها متزوجة الآن من رجل يكبرها اثني عشر عاماً، لكنه يوفر لها الحياة المعيشية التي تريدها سواء كانت مادية أو معنوية، وتؤكد أن الرجال بعد عمر الأربعين ناضجون أكثر وتفكيرهم مختلف تماماً عن عمر الشباب.

وتختتم حديثها بأنها تنصح الفتيات بعدم التسرع في الزواج من أجل التخلص من شبح "العنوسة"، والتمهل أثناء اختيار شريك الحياة، مؤكدة حسبما وصفت أنها "صبرت ونالت وأحسنت الاختيار".

أحزن عندما أرى في عيني أحد اتهامات تقول بأني ‘خطافة رجال’. أنا لم أفعل شيئاً في الحرام، وتزوجته ليكون لي أنيساً في هذه الحياة وكي أستطيع أن أنجب أولاداً مثل أي امرأة أخرى

بين قبول الفكرة ورفضها في المجتمع المصري

تقول الدكتورة أميرة الفيشاوي، استشارية العلاقات الاجتماعية والأسرية، إن فكرة الزوجة الثانية قد رسخت في مصر من قبل صناع الدراما بشكل كبير، وأبرز مثال على ذلك مسلسل الحاج متولي الشهير للفنان أنور الشريف، ويتضمن زواج الرجل المصري أربع سيدات تطبيقاً للشرع.

وتضيف: "الترسيخ لهذه الفكرة بدأ منذ خمسة عشر عاماً، لكنها انتشرت بكثرة خلال السنوات القليلة الماضية، ولذلك بدأ العقل يتقبلها في المجتمع المصري، وبدأت الفتيات اللواتي لم يسبق لهن الزواج من قبل بتقبل فكرة أن يكنّ زوجة ثانية".

أضافت الفيشاوي أن الزواج الثاني ليس حراماً شرعاً لكن العدل واجب فيه، والزواج الثاني المنتشر حالياً يخلو من شرط العدل بين الزوجتين الأولى والثانية: "الحالات المنتشرة حولنا في مصر يعيبها أمران، الأول إهمال الرجل لزوجته الأولى وأولاده مقابل الاهتمام بالزوجة الثانية، والآخر هو الزواج مرة ثانية من أجل المتعة فقط، وهذا يعني عدم العدل بينهما في نهاية المطاف". وتكمل أن الأعباء الاقتصادية والوظيفية التي يعاني منها معظم المصريين اليوم لا تتيح الفرصة للعدل بين الزوجتين.

أما عن قبول الفتيات اللواتي لم يسبق لهن الارتباط بهذا النوع من الزواج، فتقول الفيشاوي إن سبب ذلك يعود في المقام الأول لارتفاع نسبة التأخر في الزواج، وتضيف: "تشعر الكثير من الفتيات بالخوف من كلمة "العنوسة"، وعلى الرغم من أنني أرفض استخدام هذا اللفظ بشدة، فهو منتشر والرعب منه يدفع الفتيات للقبول بالارتباط كزوجة ثانية".

واختتمت الفيشاوي بالقول إن كثيراً من الرجال المصريين يشترطون عند اللجوء للزواج مرة ثانية، عدم إنجاب الزوجة الجديدة، فهم يريدون الأمر للمتعة فقط: "على الفتاة أن ترفض هذا المبدأ بشدة، وإن كان الزواج الثاني حلالاً شرعاً، فإن سلب حقوق المرأة عند اللجوء إليه هو حرام شرعاً"، بحسب قولها.

وتشدد هادية عبد الفتاح، وهي ناشطة نسوية وحقوقية، على ضرورة اتخاذ موقف رافض تماماً لتعدد الزوجات، وهو أمر "يمحو المساواة بين الرجل والمرأة في الزواج، فالفكرة نفسها تعني أن المرأة أقل من الرجل"، وفق تعبيرها.

لا يمكن إنكار زيادة حالات عدم الزواج في المجتمع المصري، وصعوبة الزواج اليوم مع تراجع الحالة الاقتصادية في البلاد، لكن كل هذه مجرد مبررات يستخدمها المجتمع لنشر فكرة الزوجة الثانية، وعلينا العمل مع النساء لتوعيتهن حول خطورة هذا الأمر المناهض لأبسط حقوقهن

وأشارت عبد الفتاح أثناء لقاء مع رصيف22 إلى استنكارها لمواقف كثير من السيدات المصريات اللواتي لا يرفضن فكرة الزواج من رجل متزوج، مضيفة أن وصم "خرابة البيوت" كان يطلق عليهن قديماً، أما اليوم فيبدو الأمر متاحاً وعادياً أكثر من قبل، خاصة مع ترسيخه من قبل الدراما المصرية في السنوات الأخيرة.

وعن التأخر في الزواج وأسبابه العديدة، تقول: "لا أنكر زيادة حالات عدم الزواج في المجتمع المصري، وصعوبة الزواج اليوم مع تراجع الحالة الاقتصادية في البلاد، لكن كل هذه مجرد مبررات يستخدمها المجتمع لنشر فكرة الزوجة الثانية، وعلينا العمل مع النساء لتوعيتهن حول خطورة هذا الأمر المناهض لأبسط حقوقهن".

وتتمنى عبد الفتاح أن يتبنى عدد من مشايخ وعلماء الدين المصريين مواقف مشابهة لتلك الموجودة في تونس، والتي ساهمت في نهاية المطاف بإقرار منع تعدد الزوجات، وتضيف: "أنا أؤمن بهذه الآراء وآمل اتخاذ خطوات مماثلة في مصر، فجميع البلدان تتقدم ونحن نتأخر".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard