شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"خياران كلاهما مر"... زوجات غزاويات بين "المطلقة" و"الزوجة الأولى"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 22 سبتمبر 202004:52 م

تتأرجح  بعض الزوجات في غزة في منطقة خطرة، بين لقبين كلاهما مر، بين أن تحظى بلقب "الزوجة الأولى" أو أن تحظى بلقب "مطلقة". وكونها واعية حيال نظرة المجتمع الذكوري للمطلقة، فقد تقرر ألا تترك زوجها، حيث لا رفاهية في الاختيار هنا، أن تبقى على "ذمة رجل"، كما يقولون، هرباً من سياط الشك التي ستضطر لتحملها في حال الطلاق، أو هربا من الوحدة التي ستحيط بها بقية عمرها.

في كثير من مجتمعاتنا العربية يعدّ لقب "مطلقة" وصماً اجتماعياً لا تحمد عقباه، حيث يحمّل المجتمع المطلقة، بطريقة أو بأخرى، ذنب حدوث الطلاق، حتى وإن كانت مظلومة، الأمر الذي ترسب في عقل الكثير من النساء، ومن هنا يأتي رفضها للطلاق.

ترفض الزوجة أن تشاركها أخرى زوجها، تماما مثل الرجل، ولكن نساء هذا التقرير قررن أن يقبلن بلقب الزوجة الأولى، بعد أن اختبرن مشاعر الوحدة والنبذ الاجتماعي، من الأسرة، والمجتمع، حتى صديقاتهن المتزوجات.

"أكره لقب مطلقة"

ريهام سعدي، 35 عاماً، ربة بيت، كانت تعيش مع زوجها حياة تصفها بـ"السعيدة"، إلا أنها لاحظت تغيرات على مشاعر زوجها حيالها بعد مرور خمس سنوات على زواجها، حتى علمت علمت بعلاقته مع سكرتيرته الخاصة، تقول لرصيف22: "أخذ يبكي مثل الأطفال، وأخبرني أنه قد تزوجها".

وتضيف: "ثرت كالعاصفة الهوجاء وقررت الطلاق، فأنا لا أحتمل العيش مع نصف رجل، ولا أحتمل أن تشاركني زوجي أخرى، ولكن بعدما توجهت لبيت عائلتي، جلست مع نفسي وتخيلت شكل حياتي بدون زوجي، فعدت إليه".

تبرر سعدي رجوعها لزوجها بعد زواجه بأخرى، معددة الخيارات التي يتيحها لها المجتمع قائلة:"لا أريد أن أحمل لقب مطلقة، ولا أريد أن أعيش بلا رجل، كما لا أريد أن أواجه نظرة المجتمع الى المطلقات"

تشرح سعدي موقفها أكثر، معددة الخيارات "المرة" التي يتيحها المجتمع للمطلقات، قائلة: "لا أريد أن أحمل لقب مطلقة، ولا أريد أن أعيش بقية حياتي بلا رجل، كما لا أريد أن أواجه نظرة المجتمع الى المطلقات".

"صديقتي ترفض استقبالي"

أما عبير رشاد، 24 عاماً، فحدث لها موقف بعد طلاقها هزّها كثيراً، ودفعها للرجوع لطليقها، تقول: "بعد طلاقي، عدت لحياتي الطبيعية، ولكنني صدمت صدمة العمر حين اتصلت بيوم بصديقتي وأخبرتها أني أريد زيارتها، فما كان منها إلا أن ارتبكت بشدة وتحججت بأنها ليست في البيت، رفضاً لاستقبالي".

وتضيف: "أنا أعلم أن صديقتي تغار على زوجها مني، خوفاً عليه لأنني أصبحت بلا رجل، وكان هذا الموقف مفصلياً في حياتي. قررت بعدها التواصل مع طليقي الذي كان قد تزوج بعدي".

تسرد رشاد هي الأخرى قائمة الأسباب نفسها التي دفعتها للعودة إلى طليقها، قائلة لرصيف22: "لا أريد أن أرى نظرات الشماتة في عيون النساء، لا أحب أن ترفض صديقاتي المتزوجات استقبالي في بيوتهن خوفاً على أزواجهن لأنني امرأة بلا رجل، كما أنني لا أتخيل أنني سوف أعيش بين جدران بيت لا تدفئه أنفاس رجل".

"أمران كلاهما مر"

أما إيلاف شهدي، 40 عاماً، تعمل أخصائية اجتماعية، فترى أنه من الصعب على المرأة أن تكون زوجة أولى وأيضاً أن تحمل لقب مطلقة، فكلا الأمرين صعب عليها.

تقول شهدي لرصيف22: "المجتمع ينظر إلى المطلقة على أنها مقصرة، استهانت بالحياة الزوجية وفيها خلل دفع زوجها لطلاقها، كما وينظر إلى الزوجة الأولى نظرة تشكيك في أنها مقصرة بحق زوجها وبالتالي (نفض إيده منها)".

وتضيف شهدي وهي زوجة تانية: "اضطررت للقبول بهذا اللقب هرباً من لقب مطلقة، الذي وصمت به اجتماعياً على مدى 7 سنوات، إلى أن تزوجت مؤخراً. جربت شعور المطلقة وكيف تلاحقها النظرات أينما ذهبت وأينما حلت، فالمجتمع ينظر للمطلقة أنها محرومة جنسياً، وبالتالي يمطرها بسياط من الشك في كل حركة تتحركها".

"الأمر مؤلم، لذلك قررت الرضى بلقب "زوجة تانية" كي أتخلص من موروثات اجتماعية بائسة تتعلق بالمطلقة"، تقول شهدي.

"من أجل أولادي"

تقول مها شعبان، 32 عاماً، وهي زوجة أولى: "على مدار 25 عاماً، عشت حياة مليئة بالمشاكل مع زوج متطلب في العلاقة الجنسية، وفي آخر مشكلة حدثت بيننا هجرني لمدة 9 أشهر، وبعدها تفاجأت بأنه قد تقدم لخطبة إحدى الفتيات".

وتضيف: "عشت صدمة لا مثيل لها، فأنا ما زلت صغيرة، ولكنني لم أفعل شيئاً، بل بقيت في بيتي من أجل أطفالي الخمسة، فأنا لا أريدهم أن يدفعوا ثمن نزوة أبيهم، خاصة مع ما نراه من آثار سلبية للطلاق على نفسية الأطفال الذين يتمزقون بين الأم والأب وفي المحاكم".

"المجتمع ينظر إلى المطلقة على أنها مقصرة، استهانت بالحياة الزوجية وفيها خلل دفع زوجها لطلاقها، كما وينظر إلى الزوجة الأولى نظرة تشكيك في أنها مقصرة بحق زوجها وبالتالي (نفض إيده منها)"

"لا يزال المجتمع ينظر إلى المطلقة على أنها مذنبة وإن كانت بريئة، ويتردد الرجال في الاقتران بها خوفاً من أن تفشل مرة أخرى في زواجها، إضافة إلى تضييق المجتمع الخناق على المطلقة ومحاسبتها على كل صغيرة وكبيرة، في دخولها وخروجها، الأمر الذي يؤثر سلباً على نفسيتها"، تقول مها.

تعلق الأخصائية النفسية، نيبال حلس، قائلة لرصيف22: "تعاني المرأة المطلقة من العديد من المشكلات بسبب النظرة السلبية لها من قبل المجتمع، فتتكون لديها نظرة سلبية قاسية عن الذات، لحملها لقب مطلقة، وقلة ثقة بالنفس".

وتشرح نيبال رأيها أكثر: "كثير من مجتمعاتنا العربية ذكورية، تأتي بالنقمة واللوم على الأنثى في غالب المشكلات، والطلاق جزء من تلك المشكلات، حيث تلاقي المرأة المطلقة انتقادات لاذعة في كل تصرفاتها وحياتها، بسبب الوصمة الاجتماعية للمرأة المطلقة ونظرة المجتمع لها".

"لذلك تعاني الكثير من النساء مع أزواجهن، ولا يلجئن للطلاق خوفاً من الوصمة الاجتماعية، وما يترتب عليها من آثار وعلامات استفهام"، تقول حلس.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard