هي الليلة التي ينتظرها عُشاق السينما سنوياً من كل أنحاء العالم ولكن ليلة الأوسكار الـ 91 مساء الأحد ستبقى خالدة في ذاكرة مُحبي الفن السابع والمشاهد العربي بعد فوز المُمثل الأمريكي المصري رامي مالك بجائزة أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم "Bohemian Rhapsody" الذي يروي قصة حياة مُغني الروك البريطاني فريدي ميركوري ومسيرته مع أعضاء فرقته Queen، مُتفوقاً على كريستيان بيل وبرادلي كوبر وويليام ديفو وفيجو مورتنسن.
"أنا ابن مهاجرين مصريين، وأنتمي أيضاً إلى الجيل الجديد من الأمريكيين، وجزء من قصّتي يُكتَب حالياً"، بهذه الكلمات شكّل رامي ملامح ملحمة نجاحه في سن مبكرة حين اعتلى الركح مانحاً ملايين المُهاجرين حول العالم حلماً بالنجاح وعدم اليأس من النضال. تقاطع مصير الراحل فريدي ميركوري مع مصير رامي مالك بعد عقود على رحيل الأول فكلاهما ابن مهاجرين، كلاهما نجح بالاجتهاد، وصعد نجمه عالياً في سماء الفن. ملحمة الأول أنجبت ملحمة الثاني، عبر فيلم "ملحمة بوهيمية" وهو اسم الفيلم الغنائي الأنجح في تاريخ السينما الذي سيخلده رامي.
حين اعتلى الركح، لم يكن مالك قادراً على تجميع كلماته بعد تسلّمه ذلك المجسّم الذهبي الأكثر رغبة من قبل ممثلي العالم قائلاً "يا إلهي.. أُمي هُنا في مكان ما.. أحبك.. والدي لم يستطع أن يكون هُنا ولكنه يُتابعني بالطبع الآن". وتابع: "لم أكن الخيار الأمثل رُبما لدور ميركوري ولكن يبدو أن الأمور سارت بشكل جيد"، في إشارة إلى اختياره لأداء الدور بعد اعتذار آخرين، إنه القدر الذي شاء أن يقع الاختيار على رامي لأداء الدور والنجاح فيه.
وأكّد رامي أنه "سيظل مديناً لأعضاء فرقة Queen إلى الأبد"، ووجه كلمة لكُل من "يعاني في مكان ما" قائلاً: اسمعوني.. قدّمنا فيلماً عن شاب مثلي ومُهاجر عاش حياته كما هي دون أن يغير شيئاً من نفسه، ووقوفي أمامكم هُنا اليوم لنحتفل بفريدي ميركوري دليل على أننا بحاجة لقصص مُشابهة".
https://youtu.be/iy4GL6RtVOk?t=2ورغم قُبلته لها فور إعلان فوزه بالأوسكار، لم ينسَ مالك توجيه شُكره لـ "حُب حياته" المُمثلة لوسى بوينتون التي شاركته في فيلم "Bohemian Rhapsody" مُجسدة دور حبيبة ميركوري ماري أوستن التي اضطر أن يبتعد عنها حين تأكد من مثليته الجنسية، قائلاً إنها "قلب الفيلم". وأضاف: أنتِ موهوبة واستوليتِ على قلبي.
عدم مقدرته على التعبير في أولى لحظات تسلّمه الجائزة لم تكن الأولى. رامي مالك، ابن المهاجرين المصريين، باغته فوزه بجائزة أفضل ممثل خلال حفل توزيع جوائز "غولدن غلوب" يوم 7 يناير الماضي فقال آنذاك إن ميركوري منحه "فرحة العمر". كما أن حصوله على جائزة "أفضل ممثل" عن دوره في الفيلم ذاته يوم 27 يناير في حفل توزيع جوائز SAG جعله يصرح أن ميركوري "منحه بعض القوة التي كان يمتلكها... قوة العيش مثلما يُريد وقوة تحقيق ما يريد".
تمكّن رامي مالك من تجسيد شخصية فريدي ميركوري المُتمردة والمُعقدة إلى حدٍ كبير بحِرفية عالية مُتقمصاً لُغة جسد الراحل وتعبيرات وجهه رغم الاختلاف الشكلي بينهما. وأجاد مالك مخارج الحروف العصيّة مُقدماً ميركوري بتمرّده وثقته وجنونه وليونته في أداء رقصات ألهبت المسارح.
أعاد رامي مالك في فيلم "Bohemian Rhapsody" إلى الأذهان شريط حياة فريدي ميركوري المليء بالمحطات المُخيبة للآمال، مقدماً كذلك جوانب من علاقته المُضطربة بعائلته الهندية الزرادشتية الديانة، والخلافات الكثيرة مع أعضاء فرقته كوين بلغت الانفصال بشكل مؤقت في فترة ما، مثلما كشف بعض أسرار قصّة حُبه الفاشلة مع ماري أوستن وانفصاله عنها بعد أن تأكد من مثليته الجنسية التي اكتفى صُنّاع العمل بالتلميح إليها. هذه التفاصيل التراجيدية في مسيرة ميركوري جسدها رامي مالك بإبداع لافت فاجأ الجمهور، أداء ساهم في تحقيق أرباح للفيلم تجاوزت 800 مليون دولار ليكون بذلك أنجح فيلم غنائي في تاريخ السينما رغم أنه لم يعرض بعد في الصين، وهو ما يجعل الرقم قابلاً للقفز إلى مستوى جنوني غير مسبوق في شباك التذاكر.
ينحدر المُمثل الشاب رامي سعيد مالك من أسرة قبطية أرثوذكسية مصرية هاجرت إلى الولايات المتحدة عام 1978 من مدينة سمالوط التابعة لمحافظة المنيا بمصر. له شقيق توأم وشقيقة كبرى تعمل طبيبة.
خلال المرحلة الثانوية، لاحظ مُعلّم رامي موهبته التمثيلية وشجّعه على التمثيل في مسرحية "Zooman and The Sign"، ثم قرر والده السماح له باختيار المهنة التي يُحبّها رغم أنه كان يتمنى أن يكون رامي مُحامياً، فدرس رامي المسرح في جامعة "إيفانسفيل" في ولاية إنديانا، وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة عام 2003.
لمع نجم رامي مالك بعد تجسيده شخصية إليوت ألديرسون في مسلسل "مستر روبوت" وحصل عن دوره فيه على جائزة إيمي عام 2016.
"أنا ابن مهاجرين مصريين.. وجزء من قصّتي يُكتَب حالياً"، بهذه الكلمات شكّل رامي مالك ملامح ملحمة نجاحه في سن مبكرة حين اعتلى الركح مانحاً ملايين المُهاجرين حول العالم حلماً بالنجاح وعدم اليأس من النضال
تقاطع مصير الراحل فريدي ميركوري مع مصير رامي مالك بعد عقود على رحيل الأول فكلاهما ابن مهاجرين، كلاهما نجح بالاجتهاد، وصعد نجمه عالياً في سماء الفن.. ملحمة الأول أنجبت ملحمة الثاني
"قدّمنا فيلماً عن شاب مثلي ومُهاجر عاش حياته كما هي دون أن يغير شيئاً من نفسه، ووقوفي أمامكم هُنا اليوم لنحتفل بفريدي ميركوري دليل على أننا بحاجة لقصص مُشابهة"... جزءٌ من كلمة رامي مالك بعد فوزه بالأوسكار
تمكّن رامي مالك من تجسيد شخصية فريدي ميركوري المُتمردة والمُعقدة إلى حدٍ كبير بحِرفية عالية مُتقمصاً لُغة جسد الراحل وتعبيرات وجهه مُقدماً إياه بتمرّده وثقته وجنونه وليونته في أداء رقصات ألهبت المسارح
نادين لبكي..تقدير دون أوسكار
رغم توقّعات الكثيرين بفوز فيلم "كفرناحوم" لمُخرجته اللبنانية نادين لبكي بجائزة أفضل فيلم أجنبي، إلا أنه لم يحظَ بها.
يُسلّط "كفرناحوم" الضوء على العشوائيات، وزواج القاصرات، والاتجار بالبشر، والعبودية المُعاصرة التي تعيشها العاملات الأجنبيات، وقضية اللاجئين والمهاجرين، من خلال قصص حقيقية تتداخل أبرزها قصة زين الذي ينوي رفع قضية في المحكمة ضد والديه لأنهما أنجباه.
تقول لبكي التي لعبت دور محامية زين فيه إنها "أكذوبته الوحيدة" لأنها ليست محامية، رغم إحساسها بقربها من شخصية المحامية، مُشيرة إلى أن "جميع أبطال الفيلم يلعبون أدوارهم ويمثلون حياتهم والمصاعب التي يواجهونها بطريقة أو بأخرى".
وكانت لبكي قد نشرت صورة على إنستغرام، التقطها زين لها ولزوجها مُنتج كفرناحوم خالد مزنر، قبل إعلان النتيجة وعلّقت عليها: "سواء ربحنا أم لا، فزنا بقلوبكم، منحبّك يا لبنان". وتمّكنت لبكي من خلال فيلمها من نقل زين من المخيم إلى السجادة الحمراء في مهرجان كان، مايو الماضي، ثم منحه حق اللجوء في النرويج مع عائلته، ليبدأ حياة جديدة هُناك. وكان الطفل السوري "مُرافقاً" لها على السجادة الحمراء في الأوسكار مُنذ ساعات قليلة.
https://www.instagram.com/p/BuSSPbdgvWn/?utm_source=ig_share_sheet&igshid=38iodtr0ar2jولم يفز الفيلم الوثائقي "عن الآباء والأبناء" لمُخرجة السوري طلال ديركي بعد أن تمكّن من الوصول إلى القائمة النهائية المُختصرة.
يقدم الوثائقي قضية الأطفال في الجماعات الإسلامية المتشددة ويرافق المخرج عينة من تلك الجماعات في سوريا، ويقدمها من خلال شخصية "أبو أسامة" الذي يحلم بإقامة دولة خلافة إسلامية.
ويوثق ديركي بعد أن سنحت له فرصة الدخول إلى قرية تسيطر عليها "جبهة النصرة" تأثير التعصب على طفليْ أبو أسامة: أسامة وأيمن في محاولة لاكتشاف طريقة تفكيرهم وتفاعلهم مع محيطهم في ظل البيئة المتشددة والأفكار السلفية التي تربوا عليها.
جوائز الأوسكار لعام 2019
جائزة أفضل فيلم: Green Book
جائزة أفضل مُمثل: رامي مالك عن دوره في Bohemian Rhapsody
جائزة أفضل مُمثلة: أوليفيا كولمان عن دورها في The Favourite
جائزة أفضل مُخرج: ألفونسو كوارون عن الفيلم المكسيكي Roma
جائزة أفضل ممثل مساعد: ماهرشالا علي عن فيلم Green Book
جائزة أفضل ممثل مساعدة: ريجينا كينغ عن دورها في If Beale Street Could Talk
جائزة أفضل فيلم أجنبي: Roma
جائزة أفضل فيلم وثائقي: Free Solo
جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة: Spider-Man: Into the Spider-Verse
جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة قصير: Bao
جائزة أفضل فيلم حي قصير: Skin
جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير: Period. End of Sentence
جائزة أفضل تصوير سينمائي: Roma
جائزة أفضل سيناريو أصلي: Green Book
جائزة أفضل سيناريو مقتبس: BlackKklansman
جائزة أفضل مونتاج: Bohemian Rhapsody
جائزة أفضل مونتاج صوتي: Bohemian Rhapsody
جائزة أفضل خلط أصوات: Bohemian Rhapsody
جائزة أفضل تأثيرات بصرية: First Man
جائزة أفضل أغنية أصلية: ليدي غاغا وبرادلي كوبر عن أغنيتهما "Shallow" ضمن فيلمهما A Star is Born (وصف الإعلام الأمريكي لحظات غنائهما بأفضل لحظات ليلة الأوسكار)
جائزة أفضل موسيقى تصويرية: Black Panther
جائزة أفضل تصميم إنتاج: Black Panther
جائزة أفضل تصميم أزياء: Black Panther
جائزة أفضل مكياج وتصفيف شعر: Vice
ويكون فيلم Bohemian Rhapsody بذلك قد حصل على أربعة جوائز في الحفل، فيما حصل كُل من فيلم Roma وBlack Panther على ثلاث جوائز، وGreen Book على جائزتين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...