لعنة تُطارد اللاجئين، وأُخرى تُلاحق المُهاجرين. طفولة مُشردة، ومُهمشة ومُغتصبة، تدفع طفلاً في الـ12 من عمره لرفع قضية في المحكمة ضد والديه لأنهما ببساطة أنجباه. هذه لمحة عن فيلم "كفرناحوم" للمخرجة اللبنانية نادين لبكي التي تمكنت من الوصول إلى القائمة المُختصرة لترشيحات جوائز "الأوسكار" عن فئة أفضل فيلم أجنبي، مع 8 أفلام أُخرى، غير عربية، تم انتقائها من 87 فيلماً.
?s=21بعد تصوير 500 ساعة على مدار 6 أشهر، ومونتاج دام سنةً ونصفاً، تمّكن فيلم لبكي من الوصول بمُفرده، عربياً، إلى القائمة المختصرة، وسط ترّشح 7 أفلام عربية، ما يدفعنا لنتساءل هُنا: لماذا نادين لبكي؟
- بدي اشتكي على أهلي.
- ليه؟
- لأنهم خلّفوني.
"الدور سهل"
اعتمدت لبكي على اختيار ممثلين يعيشون واقعاً مُشابهاً لشخصيات الفيلم. جسّد دور بطولته زين الرفيع الذي اكتشفته المخرجة في أحد أفقر أحياء بيروت. فرّت أسرته من درعا في جنوب سوريا عام 2012 بحثاً عن ملاذ آمن في لبنان، لم يكن يملك أي وثائق ثبوتية، وكان يعمل لإعالة أسرته بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، وحين سئل عن دوره، قال إنه "سهل"، مُضيفاً أن لبكي كانت فقط تطلب منه أن يبدو أكثر حزناً أو أكثر فرحاً أحياناً. وتؤدي دور رحيل، يوردانوس شيفراو، وهي لاجئة من إريتريا، كشف القائمون على العمل أنها سُجنت بالفعل أثناء تصويرها الفيلم، وبعد أسبوعين تمكنوا من إطلاق سراحها لاستكمال التصوير. أما الرضيع يوناس، فهي وُلدت في بيروت لأب نيجيري وأم كينية، تم ترحيلها، مارس الماضي، إلى كينيا مع والدتها، كما تم ترحيل والدها إلى وطنه نيجيريا. كيف يكون "كفرناحوم" فيلماً بشخصيات حقيقية؟ تقول مُخرجته التي لعبت دور محامية زين فيه إنها "أكذوبته الوحيدة" لأنها ليست محامية، رغم إحساسها بقربها من شخصية المحامية، مُشيرة إلى أن “جميع أبطال الفيلم يلعبون أدوارهم ويمثلون حياتهم والمصاعب التي يواجهونها ومحنهم بطريقة أو بأخرى". وكشفت أن زين قد ارتجل بعض العبارات وحده عدة مرات خلال التصوير قائلةً "بالكاد يستطيع زين كتابة اسمه، ومع ذلك تحمل عبء التصوير طوال ستة أشهر على كتفيه الصغيرتين، حتى أنه أضاف تعابيره وكلماته وحركاته الخاصة بصورة عفوية مما جعل المشاهد تبدو أقوى".لم يكن فيلم نادين لبكي فيلماً عابراً، ولم يسلط الضوء على الحياة المُهمشة التي يعيشها زين ورحيل ويوناس لكسب بعض "الدولارات" على حساب الفئات الأكثر تعرضاً للظلم في المُجتمعات، ولكنها تمكنت من خلاله نقل زين من المخيم إلى السجادة الحمراء وصولاً إلى منحه حق اللجوء في النرويج.
بعد تصوير 500 ساعة على مدار 6 أشهر، ومونتاج دام سنةً ونصفاً، تمّكن فيلم "كفرناحوم" للمخرجة نادين لبكي من الوصول بمُفرده، عربياً، إلى القائمة المختصرة لترشيحات جوائز "الأوسكار"، وسط ترّشح 7 أفلام عربية، ما يدفعنا لنتساءل هُنا: لماذا نادين لبكي؟
كيف يكون "كفرناحوم" فيلماً بشخصيات حقيقية؟... تقول مُخرجته نادين لبكي التي لعبت دور محامية زين فيه إنها "أكذوبته الوحيدة" لأنها ليست محامية.
من حياة اللجوء إلى البساط الأحمر
لم يكن فيلم لبكي فيلماً عابراً، ولم يسلط الضوء على الحياة المُهمشة التي يعيشها زين ورحيل ويوناس لكسب بعض "الدولارات" على حساب الفئات الأكثر تعرضاً للظلم في المُجتمعات، ولكنها تمكنت من خلاله نقل زين من المخيم إلى السجادة الحمراء في مهرجان كان، مايو الماضي، حين فاز الفيلم بجائزة "لجنة التحكيم"، وصولاً إلى منحه حق اللجوء في النرويج مع عائلته، ليبدأ حياة جديدة هُناك. https://www.instagram.com/p/BoEqpvfn32O/ "تساءلت كيف أشعر لو كنت مكانه؟ بما أشعر لو كنت منسياً وغير مرئي مثله؟ لو منحت هذا الطفل صوتاً، ماذا سيقول؟"، تساءلت لبكي، مُشيرة إلى أن "الفوضى عمت في لبنان"، ومن هُنا جاء اسم "كفرناحوم"، الذي يعني الخراب، وهو من تأليف جهاد حجيلي، ونادين لبكي، وميشال كسرواني، بمشاركة جورج خباز وخالد مزنر. ودّعت لبكي زين برسالة نشرتها عبر حسابها على إنستاغرام : "لم يكن زين سورياً، أو لبنانياً، أو نرويجياً، أو مسيحياً، أو مسلماً. كان طفلاً يدفع ثمن حروبنا السخيفة دون أن يدري سبب وقوعها." ولفتت إلى أنه بكى أثناء وداع مُخيمه في لبنان، وقال لها إنه سيفتقد "أصدقاءه والعصافير وبيروت وحياته فيها رغم الخوف والصعوبات"، إلا أنها متيقنة أن "مستقبلاً فريداً" سيكون في انتظاره في النرويج لأنه "يحمل كل القوة والحكمة". تقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إن زين يتأقلم الآن مع حياته الجديدة في النرويج، لافتةً إلى أنه "أصبح لديه سرير ينام عليه وبدأ بالذهاب إلى المدرسة كالأطفال الآخرين في سنّه"، ونقلت عنه قوله: "يمكننا رؤية البحر من نافذتنا. أحب الجلوس مقابل البحر لكنني لا أستطيع السباحة فيه لأن المياه باردة جداً!". النهايات السعيدة في الأفلام ممكنة، حال زين يشبه النهاية السعيدة، بدأت قصته "تراجيدية" في الفيلم، وانتهت مُنتصرة على الظلم، لا في الفيلم، بل في الواقع. ومن المقرر إقامة حفل توزيع جوائز الأوسكار يوم الأحد 24 فبراير 2019، على أمل أن يشهد مسرح دولبي في هوليوود فوز "كفرناحوم"، ليكون رسمياً ثاني فيلم عربي يحظى بشرف الفوز بالجائزة العالمية، بعد الفيلم الجزائري "زد"، الذي فاز مُنذ 48 عاماً، وكذلك فوز الوثائقي السوري "عن الآباء والأبناء" للمخرج طلال ديركي الذي تمكن أيضاً من الوصول إلي القائمة المُختصرة لترشيحات جوائز "الأوسكار" عن فئة أفضل فيلم وثائقي التي تضم 15 فيلماً.7 أفلام عربية خارج القائمة
خرجت 7 أفلام عربية من قائمة جوائز "الأوسكار" عن فئة أفضل فيلم أجنبي، ليكون "كفرناحوم" العربي الوحيد بالقائمة. هي الفيلم المصري "يوم الدين" من تأليف وإخراج أبوبكر شوقي، يحكي قصة رجل يُدعى "بشاي" يعيش في مستعمرة للمصابين بمرض الجذام. بعد وفاة زوجته المصابة بالمرض نفسه، يُقرر برفقة صديقه النوبي "أوباما" وحماره مغادرة المستعمرة بحثاً عن عائلته بهدف الوصول إلى قريته في محافظة غانا، في رحلة بحث كوميدية تراجيدية. https://youtu.be/8jO6pmjHs3U?t=1 والفيلم الجزائري "إلى آخر الزمان" للمخرجة ياسمين شويخ، تدور أحداثه في مقبرة حيث تأتي سيدة لزيارة قبر أختها لأول مرة بعد سنوات من منع زوجها لها. تبدأ بتجهيز قبر لترقد فيه إلى جوار شقيقتها الراحلة، بمُساعدة حفار القبور الذي يقع في حبها ويحاول إقناعها بالبقاء على قيد الحياة. https://youtu.be/inbUUG5irrE?t=58 والفيلم العراقي "الرحلة" للمخرج محمد الدراجي، يحكي قصة فتاة تُدعى "سارة" تقرر أن تقوم بعملية انتحارية في محطة القطارات، فيما يحاول شاب يُدعى "سلام" إنقاذ نفسه ومن في المحطّة من مُحاولتها الانتحارية. الفيلم يتناول قرارات الإنسان التي قد يتخذها في "الحياة أو الموت". https://youtu.be/DNDnRWEOW7Y?t=20 وفيلم "Burn Out" المغربي للمخرج نور الدين الخماري، يروي قصة مجموعة من الأشخاص يعيشون في الدار البيضاء من مستويات اجتماعية مختلفة. ويسلط الضوء على الاضطرابات النفسية التي تسببها هذه المفارقات الاجتماعية. https://youtu.be/72PBh-mIj14?t=28 وفيلم "اصطياد أشباح" الفلسطيني للمخرج رائد أنضوني، يروي تجربة المُخرج الشخصية عندما اعتقل وهو في الثامنة عشرة من عمره. يُسلط الضوء على معاناة السجناء الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي. https://youtu.be/cfSUrW_apIQ?t=5 وفيلم "على كف عفريت" التونسي للمخرجة كوثر بن هنية، يتناول قصة فتاة تتعرض للاغتصاب من قبل رجلي شرطة عام 2012. تدور أحداثه في ليلة واحدة بين أقسام الشرطة والمستشفيات وهو من وحي قصة حقيقية. https://youtu.be/6wA2EkhkpC4?t=19 ويحكي فيلم "10 أيام قبل الزفة" اليمني، الذي أنتجه وأخرجه عمرو جمال، قصة حُب بين فتاة وشاب في عدن وكيف تغيّرت ظروفهم إثر الحرب المُندلعة منذ نحو 3 سنوات، وهو أول فيلم يمني يُعرض في دور السينما في عدن، يقول جلال إنه يتطرق لأحلام الشباب التي تتبدد خلال الحرب وما بعدها. https://youtu.be/HA-qriyIk9o?t=22رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...