طالبت مجموعة من الأحزاب البريطانية الحكومة بتعيين وزير للجوع لمواجهة "انعدام الأمن الغذائي" المنتشر في المملكة رابع أغى دولة في العالم، خاصةً في صفوف الأطفال متهمةً الوزراء بالإخفاق في إدراك المشكلة والتعاطي معها.
وأبرزت لجنة التدقيق البيئي في البرلمان البريطاني الأرقام التي أعلنتها منظمة اليونيسيف عام 2017 ورصدت أن 19٪ من الأطفال (دون سن الخامسة عشرة) في المملكة المتحدة يعيشون مع بالغين يكافحون من أجل توفير الطعام.
فيما قالت مديرة مدرسة في موركام البريطانية، شيفون كولينغوود، لبي بي سي إن الأطفال يأتون المدرسة وهم يشعرون بالجوع ويبحثون عن الطعام في صناديق القمامة. وأكدت أن 35 طفلاً في مدرستها تعيش أسرهم على المساعدات الغذائية من الحكومة مرجحة أن تكون "أعدداهم أكبر".
وحذرت المديرة “حين يحرم الأطفال من الطعام، فإن ذلك يغير سلوكهم ويصبحون مهووسين بالأكل، لدينا أطفال يأكلون بقايا الفواكه من صناديق القمامة".
وتحدثت مديرة المدرسة كيف ينفطر قلبها حين يصل الآباء إلى المدرسة وينفجرون بالبكاء ويقولون لها إنهم "لا يستطيعون تأمين المال لإطعام أطفالهم".
أزمة مخجلة وحكومة مغيبة
وأكد تقرير اللجنة البرلمانية المكونة الصادر في 56 صفحة أن واحداً من بين خمسة أطفال في بريطانيا ينشؤون في عائلات لا تمكّنها ظروفها المالية من شراء ما يطيب لها من الطعام.
وأضاف التقرير أن بريطانيا التي تعد رابع أغنى دولة في العالم تشهد واحداً من أعلى مستويات الجوع ارتفاعاً في أوروبا، وأن أعداد الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على طعامٍ مغذٍ بأسعار معقولة "مرعبة وفي تزايد" مع احتمالات تعرض البعض للمرض أو الإصابة بما يعطلهم عن العمل ويفاقم المشكلة.
وألمح التقرير إلى وجود علاقة وثيقة بين انتشار الجوع والسمنة، لأن "عدم الحصول على الغذاء الكافي قد يؤدي إلى عادات شرائية تنذر بالمخاطر منها شراء الأطعمة ذات الأسعار المنخفضة والتي غالباً ما تكون فقيرة بالمغذيات وغنية بالسعرات الحرارية في الوقت نفسه".
وطالبت ماري كريغ، رئيسة اللجنة "الحكومة بالتركيز على قضية الجوع داخل بريطانيا واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجتها عوضاً عن مساعيها لمكافحة الجوع في البلدان الأخرى"، لافتةً إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الأجور وإطلاق نظام جديد لاستحقاقات الرعاية الاجتماعية "اضطر الكثير من المواطنين للتعايش مع الجوع".
في المقابل زعمت المتحدثة باسم وزارة العمل والمعاشات أن "مداخيل الأسر البريطانية لم تكن أعلى مما هي عليه الآن في أي وقت مضى" مضيفةً "نعرف أن هناك المزيد الذي يجب عمله لضمان حصول كل أسرة على طعام مغذي وصحي".
وشددت على أنه "تم إخراج مليون شخص من دائرة الفقر المدقع منذ عام 2010، بما في ذلك 300000 طفل". وأشارت إلى " الدعم المقدم من خلال وجبات مدرسية مجانية وقسائم البداية الصحية".
في حين أكدت كريغ أن أعداداً أكبر من الأطفال ينمون الآن في منازل لا يملك فيها الآباء ما يكفي من المال لوضع الطعام على المائدة، واصفةً ذلك بأنه " فضيحة لا يمكن السماح باستمرارها" وأنه "لا يمكن معالجة ذلك إلا بوضع أهداف واضحة على نطاق المملكة المتحدة وتعيين وزير للجوع لمعالجة الكارثة".
ماذا عساه أن يفعل وزير الجوع؟
وبحسب اللجنة، ينبغي تكليف وزير جديد يتحمل "المسؤولية والمساءلة عن مكافحة الجوع وانعدام الأمن الغذائي داخل البلاد" على أن تشمل مهام وظيفته "استكشاف حجم وأسباب وتأثير مشاكل الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وإيجاد وتنفيذ استراتيجيات لتحسين الوضع".
إيما ريفي، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "تروسيل ترست" التي تدير أكثر من 420 بنكاً غذائياً في المملكة المتحدة، رحبت بفكرة تعيين وزير الجوع قائلةً "لقد حان الوقت للحكومة لاتخاذ خطوات ملموسة نحو الأزمة".
وأضافت "على الرغم من أن متطوعي بنك الطعام يقدمون دعماً فعالاً لمن يعانون من الأزمة، إلا أنه لا يمكن لأي مؤسسة خيرية أن توفر المال للجميع لشراء الطعام الذي يحلو لهم".
الجوع كافر
وعن سوء الأوضاع المعيشية تلفت جو ميلنر (43 عاماً) وتعيش في يورك في أسرة مكونة من الزوجين وطفل واحد (6 سنوات)، وتتطوع في بنك الطعام إلى أنه "من الجيد وجود وزير للجوع ولكنهم بحاجة إلى شخص عادي (من المواطنين) يتحمل تلك الحقيبة".
وتوضح ميلنر أنها وزوجها يعملان بدوام كامل في وظيفتين ورغم ذلك ما زالا يجاهدان لتوفير الطعام لأسرتهما. وتؤكد: "لا تملك الحكومة أي فكرة عما يحدث في الواقع، لا ترى بكاء الناس لعجزهم عن شراء كيس معكرونة".
وأشارت إلى أنه "بعد دفع إيجار المسكن، لا يتبقى مال يكفي لشراء الطعام. لذا تعتمد الأسرة على بنوك الطعام والدعم الذي تقدمه والدتها من أجل البقاء".
وتردف " نعيش على المعكرونة والأرز، ولا نستطيع أن نتحمل شراء الفواكه الطازجة والخضار باستثناء ما نحصل عليه في بنك الطعام ونمنحه لابننا لينمو بصحة جيدة". واستطردت قائلة: "تتطلب الأزمة جعل جميع الوزراء يتعاونون معاً لمعالجة الفقر".
معاناة خاصة للأطفال
وقالت كولينغوود، مديرة مدرسة موركامب إن واحداً من كل عشرة من تلاميذها ينحدرون من عائلات تعتمد على بنوك الطعام، لافتةً إلى أن لديها "35 طالباً في مدرستها يعتمدون على بنوك الطعام" وأن "هؤلاء هم المعروفون لدينا وربما يكون الواقع أكبر بكثير".
كولينغوود أوضحت أن: "حرمان الأطفال من الطعام تسبب بتغيير سلوكهم وأصبحوا مهووسين بالأكل (يعانون الشره)، وأشارت إلى أن "بعض الأطفال يسرقون حتى بقايا الفواكه من القمامة".
وأردفت مديرة المدرسة "كان من المفجع وصول بعض الآباء إلى المدرسة وهم يبكون ويطلبون منا إطعام أطفالهم لعجزهم عن ذلك" مستطردةً "تجربتي اليومية تقول لي إن هذه المشكلة تتنامى".
وتلعب بنوك الطعام في المدارس دوراً مهماً في تخفيف معاناة الأطفال الذين لا تستطيع أسرهم تأمين الطعام الصحي لهم، لكن فترات العطلات الرسمية والغياب لأسباب خاصة أو مرضية يبقي الأطفال عرضةً للجوع ما يجعل التعويل على هذه البنوك المدرسية للغذاء أمراً غير ممكن. ويأتي هذا في وقتٍ تزعم الحكومة أن عدد الأطفال الذين يعانون من الجوع "انخفض بشكل قياسي".
قالت مديرة مدرسة في موركام البريطانية، شيفون كولينغوودزإن الأطفال يأتون المدرسة وهم يشعرون بالجوع ويبحثون عن الطعام في صناديق القمامة. وأكدت أن 35 طفلاً في مدرستها تعيش أسرهم على المساعدات الغذائية من الحكومة مرجحة أن تكون "أعدداهم أكبر".
كد تقرير اللجنة البرلمانية المكونة الصادر في 56 صفحة أن واحداً من بين خمسة أطفال في بريطانيا ينشؤون في عائلات لا تمكّنها ظروفها المالية من شراء ما يطيب لها من الطعام.
كولينغوود أوضحت أن: "حرمان الأطفال من الطعام تسبب بتغيير سلوكهم وأصبحوا مهووسين بالأكل (يعانون الشره)، وأشارت إلى أن "بعض الأطفال يسرقون حتى بقايا الفواكه من القمامة".
بداية الأزمة
وشهدت بريطانيا أزمةً مالية ضخمة في 2008 وأدى ارتفاع الأسعار إلى أزمة سوء تغذية تطورت بمرور الوقت إلى جوعٍ وفقر واعتماد على المعونات خاصة في الأسر التي لا يعمل عائلها.
وتضاعفت أعداد بنوك الطعام الخيرية في بريطانيا أربع مرات منذ 2012 ويوجد حالياً قرابة 2000 بنك غذائي منتشرة في أنحاء البلاد، مقابل 29 بنكاً في ذروة الأزمة المالية ما يعكس خطورة الأزمة إذ يعاني مليونا شخص إلى ثلاثة ملايين شخص من "نقص التغذية" في البلد البالغ عدد سكانه 66 مليون نسمة.
وفي أغسطس/ آب 2018، حذرت صحيفة الغارديان البريطانية من نفاد الطعام وتفشي الجوع في المملكة المتحدة بحلول العام الجاري 2019، معتبرةً أن قطاع الزراعة سيكون أكثر القطاعات تأثراً بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
ومع مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي 29 مارس/ آذار القادم، ترتفع احتمالات وقوع المزيد من البريطانيين فريسةً الجوع مع توقعات بنك إنجلترا بانكماش الاقتصاد بما يعادل 8 % في غضون عام واحد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...