"أريد أن أحافظ على وزني، ومن أجل ذلك أتناول قليلاً من الطعام طوال النهار، لكن المشكلة أنني أستيقظ في وقت متأخر من الليل، وفي داخلي رغبة جامحة في تناول الطعام، لذلك أتوجه إلى المطبخ رغماً عني". كثيراً ما يسمع أطباء التغذية الجملة السابقة من أشخاص يترددون إلى عياداتهم. وطبيبة التغذية رشا حسين واحدة من هؤلاء الذي يقولون أن الجملة السابقة تتكرّر دائماً في عياداتهم. تقول لرصيف22: "هناك مَن يشعر بأن قوة كالسحر تجذبه إلى ثلاجة المنزل حين يستيقظ في ساعة متأخرة من الليل، على الرغم من أن إرادته تكون قوية جداً أثناء النهار". بحسب الطبيبة المصرية، فإن الأمر يسبب مشكلة كبيرة لمن يعيش هذه الحالة، "فهو يشعر بأن كل المجهود الكبير الذي يقوم به أثناء النهار يتبخر في الليل، وبسبب ذلك يبدأ ما نطلق عليه الشعور بالذنب". لكن، هل حقاً يمكن اعتبار الأمر ضعف إرادة من صاحبه؟ تفسر حسين ما يحدث لأشخاص يشعرون بأنهم يتحركون كالمنومين مغناطيسياً إلى المطبخ في الليل، خصوصاً أصحاب السّمنة الزائدة، بأن له علاقة بهرمونات داخل أجسامهم، وهو الأمر الذي يتسبب أحياناً في اضطراب البرنامج الغذائي الذي يتبعونه، لأن جوعهم الشديد يجعلهم يتناولون أطعمة قد تضر نظامهم الغذائي. الهرمونات التي تتحدث عنها طبيبة التغذية أمر علمي بحت، أكدته أيضاً دراسة صدرت حديثاً، وكشفت أن الذين يشعرون بالجوع الشديد خلال وقت متأخر من الليل، لديهم هرمونات تجبرهم على فعل ذلك. بحسب الدراسة التي نشرت نتائجها في المجلة الدولية للسمنة في ديسمبر عام 2017، فإن تناول الطعام في ساعات متأخرة من الليل، لا يعني أن إرادة من يقوم به ضعيفة، حيث إن المشكلة أكبر من ذلك بكثير. تؤكد الدراسة التي ستجعل كثراً يكفّون عن الشعور بالذنب، أن السبب العلمي هو وجود مجموعة معقدة من الهرمونات تجعل أشخاصاً يشعرون بجوع شديد أو بشبع حتى من دون تناول طعام في أوقات معينة من اليوم، وهذه الهرمونات تتسبب في إثارة مشاعر الشبع، أو الجوع. وجد الباحثون الذين عملوا على الدراسة أيضاً، أن هذه الهرمونات تفسر أيضاً ما الذي يجعل أشخاصاً يفضلون عدم تناول وجبة الفطور في الصباح، ويشعرون بأن لا رغبة لديهم في تناول الأكل حين يستيقظون من النوم، على الرغم من معرفتهم بأهمية هذه الوجبة. تشير الدراسة التي أجريت على عدد لا يمكننا وصفه بالكبير، إلى أن فقط 32 من الرجال والنساء الذين يعانون من السمنة المفرطة، هرمونات الشبع لديهم تكون قليلة مساء، في حين ترتفع هرمونات الجوع.
ما لا تعرفونه عن "غريلين" و "ليبتين"
"أحد هذه الهرمونات نطلق عليه "غريلين"، تقول حسين لرصيف22، وتكمل أن هرموناً في منطقة الأمعاء، يتسبب في إثارة الجسم البشري ويجعله يشعر بالجوع، بينما يوجد هرمون آخر يطلق عليه هرمون "ليبتين" وهو المتسبب في إحساسنا بالشبع. توصل الباحثون الذين عملوا على هذه الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة مفرطة في أوزانهم قد يكونون عرضة لتقلبات الهرمونات خلال أوقات مختلفة من اليوم. تقول سوزان كارنيل، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، وهي واحدة من فريق الدراسة أن هناك أسباباً عدة تجعل البشر يشعرون برغبة جامحة في تناول الطعام في وقت متأخر من الليل، وتؤكد أن الهرمونات من أبرز الأمور التي يمكن أن تحفز هذه الرغبة. ولكن، كيف تمكننا السيطرة على الرغبة في تناول طعام أثناء الليل التي تدمر نظامنا الغذائي؟ تقول حسين أن هناك حلّاً للتقليل من الرغبة الجامحة في تناول الطعام ليلاً وهو تناول وجبة عشاء متكاملة تحوي جميع العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم على أن يكون ذلك في وقت مبكر من المساء لا قبل النوم مباشرة. وهناك فكرة بسيطة يمكننا تنفيذها وهي وضع ملصق على باب الثلاجة نكتب عليه جملة محفزة مثل "لا لتناول طعام غير صحي ليلاً"، حتى تذكرنا بأننا لو كنا مضطرين لأن نأكل في الليل، فيجب أن يكون الأكل صحياً ومفيداً. تكمل الطبيبة أنه يمكن وضع أكلات مفيدة في ثلاجة المنزل مثل الفاكهة أو الزبادي لتكون بديلاً صحيّاً جيداً لمن يضطرون لتناول الطعام ليلاً حين يستيقظون من النوم في وقت متأخر.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...