شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أي دور لعبته السوشال ميديا في إبراز قصة رهف القنون والتعريف بقضايا السعوديات؟

أي دور لعبته السوشال ميديا في إبراز قصة رهف القنون والتعريف بقضايا السعوديات؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 9 يناير 201901:21 م

كشفت رهف محمد القنون الفتاة السعودية التي هربت من أسرتها إلى تايلند من خلال تغريدة نشرتها الثلاثاء تحمل مقطع فيديو لشخص قالت إنه مسؤول سفارة بلادها في بانكوك كيف يعترف صراحةً بسحب جواز سفر الفتاة قائلاً “كنت أتمنى لو سحبوا جوّالها أفضل من سحب جواز سفرها” مقِرًّا بذلك بقوة السوشال ميديا التي استخدمتها رهف لنشر قضيتها وفضح محاولات إرجاعها بالقوة إلى السعودية، وهو ما كان له انعكاس مباشر أولاً بجعل تايلند تتراجع عن ترحيلها بفعل الضغط الدولي وثانياً بتحريك مطالب السعوديات في الداخل اللاتي ضقن ذرعاً بنظام الولاية وهو ما كان واضحاً في حملتهن في تويتر للمطالبة بإسقاط الولاية مهددات بالهرب في حال لم يتم ذلك.

هذا الانقلاب الكبير على ما تسميه فئة من المحافظين في السعودية “مقدسات” و “مكاسب” ما كان العالم ليعلم بشأنه لولا تعبير السعوديات المعارضات لقانون الوصاية من خلال مواقع التواصل في ظل معالجة مختلفة يقوم بها الإعلام السعودي في الداخل والخارج لقضايا النساء في السعودية لا تتخلص من وصاية الدولة أو توجيهاتها، ناشراً صورة مغايرة للواقع الذي تفضحه مثيلات رهف.

رهف القنون رغم صغر سنها كانت فطنة فاستغلت تويتر لوقف ترحيلها، وعبر حسابها في تويتر أكدت الفتاة التي شرعت بالتغريد السبت الماضي أنها فرت بسبب انتهاكات عائلتها بحقها وأنها تركت الإسلام (وربما هذا ادعاء يجبر المنظمات على حمايتها أكثر لكون تارك الإسلام عقوبته الإعدام في السعودية) وتخشى أن تُجبر على العودة إلى السعودية وتقتل من قبل عائلتها بعد أن وصلت إلى مطار سوفارنابومي في بانكوك مساء السبت 5 يناير/كانون الثاني الجاري.

سلاح الجوّال بوجه الترسانة الدبلوماسية

وفي فيديو مدته 8 ثوانٍ فقط، بثته رهف الثلاثاء، يظهر شخص تقول الفتاة إنه القائم بالأعمال السعودي في تايلند، عبد الإله الشعيبي، يعلن بحضور مسؤول تايلندي "كنت أتمنى لو سحبوا جوالها بدلاً من جوازها" في إشارة واضحة إلى استخدام رهف هاتفها الجوّال للتغريد على حسابها في تويتر الذي فتحته لذلك الغرض وأصبح قناةً خاصة بها تبث من خلالها للعالم تطورات قصتها، ما جعلها تحوز اهتمام وسائل الإعلام الدولية ثم منظمات حقوقية دولية بعد التأكد من مصداقتيها. تنبه ذلك الشخص (المسؤول) إلى خطورة ما بيد رهف :هاتفها الجوال الذي أصبح سلاحاً بحد ذاته مكّنها من تغيير المعادلة لصالحها، رغم أنها كانت وحيدة في ترانزيت، مهددة بالترحيل مثلما حدث مع  فتيات سعوديات سبقنها في محاولة الهرب وفشلن حين أعادتهن تايلند أو الفليبين.

ومنذ بداية قضية رهف، 19 عاماً، دأب المسؤولون السعوديون على تكذيب رواية الفتاة فقالت إن أحد مسؤولي السفارة قابلها في مطار سوفارنابومي وسحب جوازها وأكدت السفارة السعودية في بانكوك في بيان أن لا صلاحية لها للقيام بذلك وأن السلطات التايلندية احتجزت الفتاة لانتهاكها قوانين الإقامة والهجرة وعدم امتلاكها تأشيرة للذهاب إلى أستراليا حيث كانت تنوي استكمال طريقها وهو ما كذبته القنون مراراً.

الشعيبي نفسه أكد قبل يومين في مداخلة هاتفية مع برنامج "يا هلا" على قناة "روتانا خليجية”، أن السفارة علمت بالقصة من والد القنون الذي تواصل معها قائلاً إن ابنته غادرت الكويت إلى تايلند، نافياً ما تردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسحب السفارة جواز القنون مؤكداً أن السفارة لا تملك مثل هذه السلطة في تايلند، ولم يتم السماح لهم بالوصول إليها في حجزها.

السوشال ميديا ملاذ المرأة السعودية

ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بتغيير النظرة النمطية عن المرأة العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص فلم تعد حصراً ربة المنزل المطيعة بل امرأة مثقفة وعاملة وأكثر استقلالية ووعياً خاصة وأن تخاذل الإعلام الرسمي عن تناول قضايا المرأة وإبراز دورها دفعها باللجوء إلى الإعلام البديل (السوشال ميديا) المتاح وغير المكلف للتعبير عن نفسها ومناقشة قضاياها بحرية تامة.

ودخلت قضية المرأة السعودية منصات مواقع التواصل الاجتماعي في البداية من باب الدفاع عن حقها في قيادة السيارة وساعدت هذه المواقع في فتح مساحة غير مسبوقة للنقاش المجتمعي بشأن قضايا يعتبرها العامة “خارج السرب". ووجدت الناشطات السعوديات في فيسبوك وتويتر ويوتيوب متنفساً للتعبير عن أطروحتهن وحشد مجموعات حول العالم للدفاع عنهن.

وتحظى مواقع التواصل الاجتماعي بدور مؤثر في السعودية ويعتبر تويتر حالة فريدة في السعودية إذ ينشط السعوديون في ذلك الفضاء الأزرق بشكل يفوق عدداً ما هو متاح في دول عربية أخرى، يناقشون عبره مختلف القضايا وأصبح تدريجياً منصة المرأة السعودية الأولى لطرح قضاياها وفرض مطالبها.

وكانت دراسة لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بالمملكة بيَّنت أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لها دور كبير في دعم المرأة السعودية لنيل حقوقها، ودعم الحراك النسوي الساعي للحصول على حقوق السعوديات في شتى المجالات.

وفي وثائقي بعنوان "النساء أولاً" أطلقته عام 2016، أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الوحيدة المتاحة للسعوديات للحديث عن حقوقهن في ظل حظر متشدد على مناقشتها في العلن.

وقالت النّاشِطة السُعودية في حقوق المرأة، خلود الفهد، لمجلة "المجلة” السعودية في يوليو 2012 إن "تويتر" ساهم بشكل مباشر في تشكيل مجموعات نسوية بالمملكة.

وشكلت وسائل التواصل الاجتماعي ملاذَ العديد من الفتيات السعوديات الهاربات من قمع ذويهن وعنفهم من بينهن دانة المعيوف التي فرت من زوجها الذي تزوجته رغماً عنها وسافرت إلى أمريكا حيث أنهت دراستها وتقدمت بطلب للهجرة.

كما هربت سعودية أخرى، 17 عاماً، إلى جورجيا بعد أن بثت عبر مواقع التواصل فيديو يظهر تعنيف والدها لها مؤكدةً أنها تتهم أخاها الأكبر بالتحرش بها وهو ما ترفض العائلة الإقرار به.

لجين الهذلول الصوت المكتوم

 و أجبر زوجها على تطليقها بعد اعتقالها قبل أشهر وفق روايات حقوقية دولية وسعودية وتعرضت للتعذيب والتحرش الجنسي في المعتقل وفق تقارير مؤكدة إلى جانب الناشطة مريم العتيبي التي اعتقلت وعنفت.

ومن بين الناشطات السعوديات ممن أثرن قضايا المرأة السعودية عبر السوشيال ميديا آلاء العنزي، 24 عاماً، التي اعتقلتها المملكة بعد دورها المؤثر في المطالبة بحق المرأة السعودية في حرية التنقل ووقف التعنيف الأسري ودينا علي السلوم الشابة السعودية التي حاولت الهجرة إلى أستراليا بعد أن فرت من زواج قسري وأوقفت في مطار مانيلا في الفلبين وسببت قضيتها انتقادات عالمية لنظام الولاية وللحكم في مانيلا لتواطئه مع السلطات السعودية وتعريض حياة سعوديات للخطر.

ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بتغيير النظرة النمطية عن المرأة العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص فلم تعد حصراً ربة المنزل المطيعة بل امرأة مثقفة وعاملة وأكثر استقلالية ووعياً خاصة وأن تخاذل الإعلام الرسمي عن تناول قضايا المرأة وإبراز دورها دفعها باللجوء إلى الإعلام البديل (السوشيال ميديا) المتاح وغير المكلف.
في فيديو مدته 8 ثوانٍ فقط، بثته رهف الثلاثاء، يظهر شخص تقول الفتاة إنه القائم بالأعمال السعودي في تايلند، عبد الإله الشعيبي، يعلن بحضور مسؤول تايلندي "كنت أتمنى لو سحبوا جوالها بدلاً من جوازها" في إشارة واضحة إلى استخدام رهف هاتفها الجوّال للتغريد في حسابها في تويتر الذي فتحته لذلك الغرض وأصبح قناةً خاصة بها تبث من خلالها للعالم تطورات قصتها.
قائمة الناشطات السعوديات المؤثرات عبر مواقع التواصل طويلة تنوعت مطالبهن بين إسقاط الولاية والسماح للسعوديات بالعمل والتعليم والتنقل ووقف العنف الأسري ولعل أبرز الناشطات على الإطلاق لجين الهذلول التي قادت حملات عدة على تويتر في سبيل حقوق النساء.

وربما هذا ما دفع المملكة لسن قوانين وتشديد العقوبات على النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي حيث حذرت مؤخراً من أن "إنتاج أو إرسال أو إعادة إرسال ما يتضمن السخرية أو الاستهزاء أو الإثارة، ومن شأنه المساس بالنظام العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أية وسيلة تقنية يعتبر جريمةً معلوماتية تصل عقوبتها السجنَ خمسَ سنواتٍ، وغرامةَ ثلاثةِ ملايينَ ريال (800 ألفِ دولار)".

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أغلقت الناشطةُ السعودية منال الشريف حسابَها على تويتر احتجاجاً على اختراقه من قبل الأنظمة الاستبدادية، وتركه الحبلَ على الغارب لمناصري النظام السعودي لتعقب المعارضين والتنمّر عليهم والتحريض ضدهم، دون أن يقوم تويتر بخطوات ملموسة لحماية المعارضين أو لكفّ أذية المناصرين.

تطورات قضية القنون

و أعلنت الحكومة الأسترالية الأربعاء أن الأمم المتحدة طلبت من أستراليا دراسة استقبال الشابة السعودية رهف القنون "كلاجئة".

وقالت وزارة الأمن الداخلي في أستراليا في رسالة عبر البريد الإلكتروني لوسائل الإعلام والوكالات العالمية: "أحالت المفوضية رهف محمد القنون إلى أستراليا لبحث استقبالها كلاجئة” تزامناً مع إعلان المفوضية العليا للاجئين الأربعاء أن رهف لاجئة، طالبة من أستراليا منحها صفة لاجئة.

ورفضت تايلند على نحو مفاجئ الاثنين إعادة القنون إلى الكويت حيث توجد أسرتها خوفاً على سلامتها. وتولت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة القضية وأعلنت أستراليا الثلاثاء أنها "ستدرس بعناية منحها اللجوء" بالتزامن مع وصول والد رهف وشقيقها إلى تايلند ومساعيهما لمقابلتها لكن الفتاة رفضت ذلك بشكل قاطع.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image