"هل خُلقنا لنتخفّى؟"، هكذا تساءلتْ فتاةٌ سعوديّة وهي تشارك في حملة "العباية المقلوبة" رفضاً للقيود الاجتماعية والرسمية التي تتحكّم في ما ترتديه النساء في السعودية.
فكرة الحملة تقوم على دعوة النساء إلى ارتداء عباءاتهنّ بالمقلوب في مواقع العمل (18.2% نسبة العاملات من إجمالي القوى العاملة) والأماكن العامة، ورسالتهنّ الغاضبة تقول "نفذتْ طاقتنا على السكوت".
بهذه الحملة تخطو المرأة السعودية خطوة أخرى إلى الأمام للمطالبة بحريّتها في اختيار ما ترتديه، في وقت مازالت ناشطات حملة المطالبة بحقِّ المساء في قيادة السيارات، قيد الاحتجاز في المملكة رُغم صدورِ أمرٍ ملكيّ في يونيو الماضي يمنحُ النساء حقّ قيادة السيارة.
"طول عمري أتمنى أمشي وأشوف ألوان وحياة"
تَحَكِّم الدولة في ملابس النساء لا يقتصر فقط على السعوديات، بل يمتدّ إلى لحظة التحليق في السماء، ففي وقت سابق أثارت شركة الخطوط الجويّة السعوديّة جدلاً واسعاً حول "كود الزي" الذي يجب أن تراعيه المسافرات على مَتْن رحلاتها الجوية. ونشرت الشركة في موقعها على شبكة الإنترنت آب/أغسطس الماضي، طالبة من ركّاب طائراتها "الالتزام بكود وقواعد اللباس، حيث يرتدون ملابس بطريقة تتوافق مع الذوق العام أو لا تُسيء للركّاب الآخرين". وفي تويتر، نَشط وسم #العباية_المقلوبة وانتشر بشكلٍ كبيرٍ حيث نشرتْ سعوديات صورهنّ بعباءات مقلوبةٍ بالفعل. وكتبت إحداهنّ: "#العباية_المقلوبة ابتداءً من اليوم سأرتدي عباءتي بالمقلوب احتجاجاً على العادات وأنظمة الدولة التي جعلتنا تحت التهديد لو تجرّأنا وأظهرنا هويّاتنا، نضطرّ نشتغل دوام كامل بالنقاب والعباية بحجّة أن المكان مُختلط وهذا الحمل ثقيل ثقيل على الكائن البشري، أنا لستُ منقّبة يا بشر". ?s=21 في حين روتْ طالبة جامعية ما حدث لها عندما كانت دون غطاء يُخفي شعرها، مؤكّدة أنها أُحِيلتْ إلى "مركز التوجيه والإرشاد الطلابي" الذي أجبرها على تغطية رأسها، وكشفت عن تهديدها بعرقلة إنهاء دراستها وتخرّجها من الجامعة إذا ما لاحظوا شعرها مرّة أخرى. وانضمتْ إلى حملة التدوين الناشطة النسوية السعوديّة، ملاك الشهري، التي اعتقلتها السلطات في ديسمبر 2016 عندما كانت تسير في شوارع الرياض دون غطاء على شعرها مع تنورةٍ ملوّنةٍ أسفل سترة سوداء."طول عمري أتمنى أمشي وأشوف ألوان وحياة" أحلام السعوديات الممنوعة تحتوي الأفلام السينمائيّة وبعض الملابس الملونة لا غير
إلى جانب منع الاختلاط مع الذكور ووضع غطاء الرأس، تتمثّل غالبية القيود المفروضة على السعوديّات في نظام الدولة المعروف بـ"الولاية والوصايّة على المرأة" الذي يَمْنح الرجال صلاحيات واسعة للتحكّم في مصيرهنّ بدعوى أنهنّ "قاصرات"وكتبتْ ملاك: "ماراح يفهم الشعور اللي يعطيك إيّاه الاحتجاج على شي مغصوب عليه إلا اللي يسويّه، شعور عظيم أنّ تعبيرك عن الرفض ولو بأبسط الأفعال يستفزّ اللي يعارض خيارك وحريتك". وأعربتْ فتيات أخريات عن رغبتهن في ارتداء ملابس ذات ألوان زاهية بدلاً عن اللون الأسود للعباءة.
طريق طويل
في يوليو 2017، أوقفتْ السلطات فتاة اسمها "خلود مودل"، بعد ظهورها في مقطع فيديو، بتنورةٍ قصيرةٍ وهي تسير في منطقة أثريّة في الرياض، وسط مطالبات من سعودييّن بمحاكمتها بدعوى مخالفتها تقاليد وقوانين المملكة. بدعمٍ من ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، اتسمت حياة السعوديات مؤخرًا ببعض المرونة، حيث أصبح بإمكانهن قيادة السيارة وحضور المباريات الرياضيّة والحفلات الموسيقيّة وعروض السينما. رؤية 2030 وهي الخطة التي وضعها ولي العهد للعبور إلى مرحلة ما بعد النفط، تولي اهتماماً بشكلٍ أكبر لمشاركة المرأة في المجتمع والاقتصاد، لكن ما يجري على أرض الواقع يثير الكثير من التساؤلات عن حقوقٍ أساسيّة مُجمّدة، بينها حقّ النساء في ارتداء ما يشأن من ملابس. وإلى جانب منع الاختلاط مع الذكور، تتمثّل غالبية القيود المفروضة على السعوديّات في نظام الدولة المعروف بـ"الولاية والوصايّة على المرأة" الذي يَمْنح الرجال صلاحيات واسعة للتحكّم في مصيرهنّ بدعوى أنهنّ "قاصرات". إذ لا يمكن للمرأة فتح حساب بنكي أو استخراج جواز سفر أو اتخاذ قرار السفر دون موافقة وليّ أمرها (الوالد، الشقيق، الزوج أو العم) وتسري هذه الوصاية كذلك على الزواج والطلاق. وفي أكتوبر الماضي، أيّدتْ محكمةٌ سعودية رفضَ دعوى "عضل" رفعتْها فتاة للزواج من شاب ترفضُ أسرتها الزواج منه، بحجّة "عدم التكافؤ الديني" بسبب عزفه للموسيقى. والعضل في الشرع هو: منعُ الأب أو من ينوب عنه كالأخِ أو العم البنت من الزواج ممن اختارته. وقبل النطق بالحكم، قالت الفتاة أن شقيقها (ولي أمرها) قام بتزييف شهادته حتى يمنعها من إتمام زواجها من الشاب الذي جمعتها به قصّة حب لأكثر من 15 عامًا. وفي أبريل 2017، تدخّلت السلطات السعودية لقطع طريق فتاة، اسمها دينا علي، خلال تواجدها في مطار بالفلبين، في محاولتها الفرار إلى أستراليا قبل أن يتمّ إجبارها على العودة إلى البلاد بطلب من أسرتها.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...