لليوم الرابع على التوالي، تتواصل الاحتجاجات في السودان السبت مع اتساع رقعتها وارتفاع حصيلة ضحايا استخدام الشرطة الرصاص الحي. مدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات، صلاح عبد الله قوش، أقرّ لأول مرة، الجمعة، باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، تزامن ذلك مع حجب السلطات مواقع التواصل الاجتماعي التي ساعدت بحشد المتظاهرين منذ بداية الاحتجاجات واتهامات حكومية بضلوع إسرائيل في الحراك الشعبي.
وانضمت السبت نقابة أطباء السودان الشرعية إلى الحراك معلنة تضامنها مع التظاهرات الشعبية وأعلنت الإضراب في بيان رسمي ذيلته بعبارة "عاش نضال الشعب السوداني".
بدأت الاحتجاجات، بخروج آلاف المحتجين في عدة مدن سودانية يوم الأربعاء ثائرين على غلاء المعيشة وندرة بعض السلع الأساسية، واستخدمت السلطات الغاز المسيل للدموع لتفرقهم، إلا أن الاحتجاجات تصاعدت إثر مقتل 8 متظاهرين على الأقل الخميس، وتحولت إلى دعوات لإسقاط نظام الرئيس عمر البشير.
وعكست الطوابير الطويلة المصطفة أمام ماكينات الصرف الآلي والمخابز في الخرطوم، الجمعة، عمق معاناة الشعب السوداني، في بلد يعرف أزمة اقتصادية منذ 2011 عقب انفصال جنوب السودان الذي سيطر على ثلاثة أرباع إنتاج النفط مصدر النقد الأجنبي.
محاولات يائسة للتهدئة
وفي محاولة يائسة لتهدئة حدة التظاهرات، حجبت السلطات السودانية منذ ليل الخميس مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر وواتساب، ولم يتمكن مستخدموها من الدخول إليها إلا عبر "في بي إن VPN "، ونفت الشركات المزودة للخدمة صلتها بالإجراء، وامتنعت الحكومة عن التأكيد أو النفي.
وتزايدت حدة الاحتجاجات في عطبرة إثر مقتل متظاهر على الأقل، وتصاعد الدخان من عدة مبان حكومية، وقال شهود عيان إن تظاهرات صغيرة حدثت في ثماني ضواحٍ، على الأقل، بالعاصمة الخرطوم الجمعة التي وصلتها الاحتجاجات، لافتين إلى أنها "تفرقت سريعاً بفعل الوجود الأمني المكثف خاصة خارج المساجد الكبرى”. في الأثناء، شهدت مدينة كربك احتجاجات عارمة أحرق خلالها متظاهرون مقر الحزب الحاكم وعدداً من المباني الحكومية.
وزعمت وسائل إعلام محلية سيطرة المتظاهرين على ولاية النيل الأبيض، وهروب الوالي، صباح السبت.
وفي ظل تعتيم إعلامي وحجب لوسائل التواصل الاجتماعي، يصعب إحصاء الضحايا، وإن كانت التقارير الإعلامية أشارت إلى مقتل متظاهر على الأقل الأربعاء، وثمانية الخميس، وستة الجمعة، بينما يشير بعض المغردين إلى أن العدد يصل إلى 23 قتيلاً في أيام التظاهر الثلاثة الماضية.
وبالتزامن مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول في أربع من ولايات السودان البالغ عددها 18، أكدت وسائل إعلام محلية أن وزارة التعليم علقت الدراسة في بعض المدارس والجامعات في ولايات القضارف والنيل الأبيض ونهر النيل والعاصمة، وفق وكالة أنباء السودان (سونا).
رصاص بوجه المحتجين
ورغم إنكار الحكومة السودانية استخدام العنف ضد المتظاهرين منذ بداية الاحتجاجات، اعترف مدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات، خلال مؤتمر صحافي الجمعة، أن " أفراد الشرطة استخدموا الرصاص الحي تجاه المتظاهرين، بعدما حاولوا الدخول إلى مقار الشرطة"، مقراً بوجود "ضائقة معيشية يعانيها المواطن، وبأحقية المواطنين في التعبير عن رفضها"، لكنه شدد في الوقت نفسه على عدم التهاون مع من يلجأ إلى "العنف والتخريب".
وأضاف: "ندرك أننا يجب أن نتحلى بضبط النفس وندير الأمور بحكمة ونحافظ على أرواح الناس والممتلكات العامة ولا تزعجنا التظاهرات لكن يزعجنا انفلات عقد الأمن".
وبرر الناطق الرسمي باسم الحكومة بشارة جمعة التعامل الأمني بأن "التظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بفعل المندسين إلى نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة" في أول تعليق له منذ اندلاع التظاهرات.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات كالت الحكومة الاتهامات لقوى المعارضة بمحاولة تبني الحراك الجماهيري ضد الغلاء بغرض تحقيق أهداف سياسية، لكن رفض المعارضة دفع الحكومة لتوجيه الاتهام إلى إسرائيل هذه المرة، فقال صلاح قوش: "متمردون تربطهم صلات بإسرائيل وراء هذه التظاهرات، (شبكة) في العاصمة الكينية نيروبي جاءت بهم إلى السودان لإثارة أعمال العنف".
تويتر صامد رغم الحجب
تصريحات المسؤول الأمني عكست حالة “عجز الحكومة السودانية عن التعامل مع المتظاهرين أو تهدئتهم على الأقل” بحسب تعليقات السودانيين في مواقع التواصل، بعد أن استطاعوا التغريد في تويتر رغم الحجب.
وتحدث مغردون عن "العجز الحكومي والأمني" في مواجهة المحتجين
كما حرصوا على فضح الممارسات القمعية وتحدثوا عن أعداد أكبر من الضحايا وسخروا من اتهامات الحكومة لإسرائيل بالوقوف خلف الاحتجاجات ونعوا "شهداءهم" وبثوا للعالم مشاهد القتل الوحشي واستمر البعض في نقل أخبار الاحتجاجات واستنكرت الإعلامية السودانية رفيدة ياسين إطلاق الرصاص الحي على الشباب كما عبر المنتج في قناة العربية خالد عويس عن غضبه تجاه "الصمت الدولي والإقليمي" جراء ما يرتكب ضد المتظاهرين السلميين بالسودان من انتهاكات يشار إلى أن نقابة أطباء السودان الشرعية هي أول جهة تعلن تضامنها، السبت، مع التظاهرات الشعبية وأعلنت الإضراب في بيان رسمي ذيلته بعبارة "عاش نضال الشعب السوداني".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...