التخوين، التعتيم الإعلامي والطوارئ رداً على "مدن السودان تنتفض"... ما جديد التظاهرات؟
الجمعة 21 ديسمبر 201804:40 م
نقلت محطة تلفزيونية محليّة عن مسؤولين سودانيين قولهما إن ثمانية أشخاص قُتلوا في احتجاجات في مدينة القضارف السودانية وولاية نهر النيل، بحسب ما نشرته وكالة "رويترز"، فيما قال الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية اليوم الجمعة إن "مندسّين" أبعدوا التظاهرات السلمية عن مسارها وحوّلوها إلى "نشاط تخريبي". تأتي تلك التطورات متزامنة مع فرض السلطات لحالة الطوارىء في القضارف، في وقت نقلت "رويترز" عن شهود عيان قولهم إن الشرطة السودانية أطلقت الغاز المُسيّل للدموع على أكثر من 500 محتجّ على بعد نحو كيلومتر واحد من قصر الرئاسة في العاصمة الخرطوم. وكان الآلاف من السودانيين قد خرجوا إلى الشوارع في أنحاء متفرقة من البلاد للاحتجاج على ارتفاع الأسعار والتضخّم وغيرهما من المصاعب الاقتصادية خاصة مضاعفة تكلفة الخبز هذا العام ووضع حدود للسحب من البنوك.
وفي عطبرة، شمالي شرقي البلاد، خرج محتجون ملثمون للاحتجاج وهم يرددون "حرية"، كما أضرموا النيران في إطارات السيارات.
وقال المهدي، الذي يرأس "حزب الأمة"، إن "النظام فشل وهناك تردّ اقتصادي وتهاوَتْ قيمة العملة الوطنية". ويُذكر أن الصادق المهدي هو آخر رئيس وزراء سوداني منتخب ديمقراطياً.
"الشعب يريد إسقاط النظام"
دعا بعض المتظاهرين إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير، في وقت أطلقت الشرطة في الخرطوم الغاز المسيل للدموع على المئات الذي ردّد بعضهم هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهو الهتاف الذي انتشر استخدامه خلال ثورات الربيع العربي عام 2011. ويقول مراقبون إن الاحتجاجات التي يشهدها السودان حالياً هي الأكبر منذ عام 2013، حين خرجت حشود للشوارع احتجاجاً على تقليص الدعم الحكومي والمطالبة بحكومة جديدة، في مشهد لا يتكرّر كثيراً في بلد يهيمن عليه الجيش وقوات الأمن. ونقل موقع "يورو نيوز" عن شهود عيان قولهم إن محتجّين أضرموا النار في مكاتب تابعة لـ"حزب المؤتمر الوطني" الحاكم الذي يتزعمه البشير، في مدينة دنقلا.
في تصريح رسمي يُذكّر بمحاولات تخوين التظاهرات التي شهدتها دول عربية أخرى، طمعاً بنزع شرعيتها، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية إن "التظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحوّلت بفعل المندسين إلي نشاط تخريبي"
ينوي البشير ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 2020، وهو ما تعارضه العديد من القوى السياسية المعارضة في البلاد، والتي أطلقت قبل نحو شهرين حملة باسم "كفاكم"...وتضرّر اقتصاد السودان بشدة عند انفصال الجنوب عام 2011، وهو ما أدى إلى فقدانه ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي الذي يعد مصدراً أساسياً للنقد الأجنبي.
الموقف الرسمي: تخوين التظاهرات
في تصريح رسمي يُذكّر بمحاولات تخوين التظاهرات التي شهدتها دول عربية أخرى، طمعاً بنزع شرعيتها، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية بشارة جمعة في بيان إن "التظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحوّلت بفعل المندسين إلي نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة". ومن دون أن يذكر جهة بعينها، قال جمعة إن جهات سياسية استغلت الاحتجاجات "لزعزعة الأمن والاستقرار تحقيقاً لأجندتها السياسية". وتابع قائلاً إن الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن خلال اليومين الماضيين "تعاملت معها قوات الشرطة والأمن بصورة حضارية دون كبحها أو اعتراضها بحكم أن المواطنين يمارسون حقاً دستورياً مكفولاً لهم وبحكم أن الأزمة معلومة للحكومة وتعكف على معالجتها"، على حد قوله. تأتي الاحتجاجات في وقت متزامن مع عودة زعيم المعارضة البارز الصادق المهدي إلى السودان، حيث وصل، يوم الأربعاء الماضي، بعدما أمضى نحو عام في الخارج، داعياً إلى انتقال ديمقراطي في البلاد أمام آلاف من مؤيديه كانوا في استقباله.