أطلق الرئيس السوداني، عمر البشير، تصريحاتٍ هجوميةً ضد الحزب الشيوعي في بلاده، مُقارناً الإلحاد بالشيوعية. تصريحات البشير جاءت على هامش مشاركته في مؤتمر الحركة الإسلامية بالخرطوم، السبت، قال فيها إن "الشيوعيةَ موجودةٌ من زمان وهي الإلحاد ذاته"، حسب تعبيره. ويشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها البشير السياسيين الشيوعيين، لا سيما أنهم مازالوا يحظون بقدرتهم على التأثير في المشهد السياسي رَغم التضييق. كانت المنطقة مركزًا لزراعة القطن منذ الاستعمار البريطاني، حيث 2.2 مليون فدان يتم زراعتها بالمحصول. وواكب ذلك نشاطٌ عماليٌّ قوي ينتمي إلى التيار الشيوعي. ويسيطر البشير (74 عامًا) على السلطة منذ 1989 بعد أن قاد انقلابًا على الحكومة المنتخبة برئاسة الصادق المهدي. وقتها، أعلن نفسه رئيسًا لمجلس قيادة ما سمَاه "ثورة الإنقاذ الوطني" في 30 يونيو من نفس العام بدعم من الجبهة الإسلامية (الإخوان المسلمون) التي تحولت لتصبح حزبَ المؤتمر الوطني الحاكم حاليًا. وظل الرجل جامعًا لمنصبي رئيسي الجمهورية والوزراء في قبضته حتى 2 مارس 2017.
"لسنا طلاب سلطة.. هدفنا حماية بيضة الدين"
وفي تصريحات نقلتها صحيفة "الجريدة" السودانية، قلّل البشيرُ مما يُثار عن انتشار الإلحاد والمخدرات، ودلل على نجاح مشروع الحركة الإسلامية في السودان بدعوته إلى المقارنة بين عدد المساجد وروادها قبل (انقلاب) الإنقاذ وبعده. وأضاف أن النفاقَ في عهد الرسول كان موجودًا وبلغ عدد المنافقين والذين في قلوبهم مرض 300 منافقٍ، فضلاً عن وجود "صعاليك يعاكسون النساء" حتى نزلت الآيات "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا". وزعم البشير الباقي في الحكم منذ ثلاثين عاماً أن السلطة "ليست مطلبه" قائلاً: "لسنا طلاب سلطة، إنما هدفنا حماية بيضة الدين فكانت هنالك حرب شعواء على قوانين الشريعة وأسموها بقوانين سبتمبر وهم يريدون بذلك محو الدين عن السودان، وكنا ندرك أن الأمر لم يكن سهلاً والطريق مليء بالابتلاءات". وطالب الرئيس السوداني الحركة الإسلامية بعدم الانهزام والتسليم بفشل المشروع، مُضيفاً: "مانسلم ونقول المشروع سقط" ومغازلةً للإسلاميين من جديد في بلاده، أضاف: "الإنقاذ (نظامه وحكومته) هي الحركة الإسلامية". وزعم البشير أن الأمينَ العام السابق لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، حسن الترابي، طالبه بتولي السلطة قبيل انقلابه، وأنه حينها رد عليه قائلاً "قلنا ليهم نحن جاهزين (لتسلم السلطة) بإذن الله". لكن الترابي، الذي توفي عام 2016، اعتاد توجيه انتقاداتٍ لاذعة للبشير طوال فترة حكمه. وفي إحدى مقابلاته مع شبكة "سكاي نيوز عربية"، قال إن النظام الحاكم في السودان لا يقوم على نهجٍ إسلامي كما يدعي، وإن النظام يصادر الحرياتِ ويستشري فيه الفساد.هل الشيوعية تهمة في السودان؟
هل تتذكرون الفتاة وئام شوقي التي دخلت سجالاً لاذعاً مع رئيس هيئة كبار العلماء في السودان، محمد صالح عثمان، عندما جادلته عن معاناة السودانيات من سيطرة وتحكم الرجال؟ بعد ظهورها مع "عثمان" في برنامج "شباب توك" المذاع على قناة "دوتشيه فيليه عربية"، اتهمت الفتاة بأنها "شيوعية مُتحررة"، إضافة إلى تهديدها بالقتل، لمجرد أنها انتقدت سلطةَ رجال الدين والذكورية. ظهر تيار الشيوعية في السودان مع بداية الحرب العالمية الثانية، حيث واكب انتشارَها في بلدان عربية عدة، بينها مصر والعراق، فضلاً عن شمال أفريقيا. إلا أن التيار ترسخ وجودُه مع نهاية الحرب وتأسيس الحزب الشيوعي السوداني عام 1946. وإليه نٌسبت محاولة الانقلاب الفاشلة في 19 يوليو 1971 ضد نظام الرئيس جعفر النميري. وبدعم من جبهة الميثاق الإسلامي (الإخوان المسلمين آنذاك) وأحزاب أخرى تعرضت مقار الحزب لهجوم مسلح قبل أن يصدر قرار بحلّه عام 1965. من وقت لآخر يوجه البشير اتهاماتٍ إلى الشيوعيين في البلاد، مثلما فعل عام 2014 حين هاجم أهالي "الجزيرة"، ويقصد بالجزيرة ذلك السهل الطيني الواقع بين النيلين الأبيض والأزرق، بداية من منطقة سنار حتى جنوب الخرطوم.الرئيس السوداني: "الشيوعية موجودة من زمان وهي الإلحاد ذاته"
تتذكرون وئام شوقي التي دخلت سجالاً لاذعاً مع رئيس هيئة كبار العلماء في السودان عندما جادلته عن معاناة السودانيات من سيطرة وتحكم الرجال؟ اتهمت بأنها "شيوعية مُتحررة"، والرئيس السوداني يقارن اليوم بدوره الشيوعية بالإلحاد
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...