تظاهرات عنيفة شهدتها الأربعاء بعض المدن السودانية على غرار عطبرة وبورتسودان والنهود، احتجاجاً على غلاء المعيشة وندرة بعض السلع الأساسية، حيث أحرق المتظاهرون أحد مقار الحزب الحاكم، فيما ردت السلطات بفرض حظر التجوال في عطبرة وعطلت الدراسة لأجل غير مسمى، رغم أن شرارة الاحتجاجات لم تصل العاصمة الخرطوم أو المدن الكبرى بعد.
وقال رئيس الوزراء السوداني، معتز موسي، إن حكومته ستواصل دعم بعض السلع الأساسية العام القادم، وأوضح أن "الدعم الحكومي لن يرفع مرة واحدة، العائلات ذات الدخل المحدود ستبقى تشتري حاجاتها بأسعار مخفضة".
لماذا انتفض السودانيون؟
وأضاف موسى خلال مؤتمر صحافي عقب تقديم موازنة العام الجديد (2019) للبرلمان: "خصصت الحكومة 66 مليار جنيه لدعم القمح والوقود"، لافتاً إلى أن الوقود يكلف خزينة الدولة 80 مليون دولار شهرياً. "سيتم وضع حلول لضبط وتوجيه الدعم لمستحقيه"، قال موسى مشدداً على أن موازنة العام الجديد تهدف إلى معالجة تراجع الإنتاج ودفع الصادرات.
لكن تصريحات موسى لم تنطلِ على المحتجين الذين يعانون "ندرة كبيرة في الخبز وتضاعف أسعاره، وندرة سلع أخرى أساسية مثل الأدوية والوقود، مع توقعات بتفاقم الأمر مع رفع الحكومة المزمع للدعم الحكومي، فانتفض المئات في عطبرة والنهود في ولاية شمال كردفان وبورتسودان، منددين بالأوضاع المعيشية المتردية.
وقام المحتجون بتحطيم محتويات مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بمدينة عطبرة، وأضرموا فيه النيران، محاولين القيام بنفس الفعل في مؤسسات حكومية أخرى لكن الشرطة تصدت لهم، بحسب وسائل إعلام محلية.
ولمواجهة الغضب الشعبي، أعلنت السلطات ممثلة في حكومة ولاية نهر النيل فرض حالة الطوارئ وتعليق الدراسة بجميع مدارس التعليم الأساسي والثانوي الحكومية والخاصة في مدينة عطبرة اعتباراً من الخميس الموافق 20 ديسمبر/ كانون الأول حتى إشعارٍ آخر، حسبما أوردت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا).
مدينة بورتسودان، شرقي البلاد، شهدت أيضاً تظاهرات شارك فيها طلاب المرحلتين الثانوية والجامعية، وهتف المحتجون ضد "غلاء المعيشة وبإسقاط النظام"، رغم تأكيد مغردين وتقارير إعلامية "استخدام الشرطة العنف ضد المتظاهرين وإطلاق الغاز المسيل للدموع"، قال إبراهيم الصديق، رئيس قطاع الإعلام بالحزب الحاكم لسونا إن "أجهزة الأمن التزمت بدرجة عالية من ضبط النفس والمهنية في تعاملها مع (الاحتجاجات العنيفة)" على حد وصفه.
وكذّب ناشطون هذه المزاعم الحكومية وبثوا مقاطع فيديو لأفراد أمن يسيئون للمتظاهرين ومقطعاً آخر لأحد منسوبي الأمن يهدد أي شخص "يفكر في الخروج إلى الشارع".
مكابرة وإنكار حكومي
إزاء امتداد الاحتجاجات، وصف المتحدث باسم بالحزب الحاكم الحراك الشعبي في بعض المدن السودانية بأنها مجرد: "محاولات من بعض القوى السياسية لإثارة الفتنة وتقويض أمن واستقرار البلاد بالعمل على إثارة القلاقل ونسف الاستقرار وتخريب مقدرات الشعب وممتلكاته".
وأدان الصديق ما سماه "التخريب" قائلاً: "حق التعبير عن المواقف والآراء مكفول بنص الدستور، لكن التخريب غير مقبول ومرفوض"، مشدداً على أن: "ما جرى في عطبرة من بعض المتظاهرين لا يتسق مع مفهوم التظاهرات السلمية"، وعاد ليصف التظاهرات بـ "محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار"، في محاولة لتسليط الضوء على إحراق مقر الحزب بعطبرة بعيداً عن الفشل الحكومي في تحسين الأوضاع الاقتصادية التي تزداد سوءاً منذ أعوام.
وردت الإعلامية رفيدة ياسين، مذيعة قناة العربية، والمؤيدة للاحتجاجات، على الإعلامي الحكومي بشأن حرق أحد مقار الحزب واعتبار التظاهرات بذلك غير شرعية أو مقبولة بالقول: " مجرد سؤال إلى الذين يولولون بسبب حريق دار حزب المؤتمر الوطني في عطبرة: هل بإمكانكم اعتباره قضاء وقدراً كما حدث عند حريق محالّ سوق أدرمان أم أن عرق الغلابة لا ثمن له؟"
وتشكك ياسين بتغريدتها في قيام المحتجين بحرق مقر الحزب، ملمحة إلى وجود مندسين هدفهم تشويه الاحتجاجات.
، وصف المتحدث باسم بالحزب الحاكم الاحتجاجات بأنها مجرد: "محاولات من بعض القوى السياسية لإثارة الفتنة وتقويض أمن واستقرار البلاد بالعمل على إثارة القلاقل ونسف الاستقرار وتخريب مقدرات الشعب وممتلكاته".
ثورة في تويتر
وعبر تويتر، دارت ثورة أخرى لا تقل نشاطاً أو حدةً، إذ قامت مجموعة من الشباب والناشطين السودانيين ببث مقاطع فيديو وصور من الاحتجاجات على من وصفوهم بـ "اللصوص".
واعتبروا هذه الاحتجاجات "شرارة الصبح" الذي حتماً سيزيل عتمة سنوات القمع الذي عاشه السودان.
وشددوا على أن معركتهم ليست معركة الجوع بل الحرية.
وناشد المغردون بقية المدن بالثورة على غرار عطبرة خاصة العاصمة الخرطوم.
ووثق البعض انطلاق مسيرات طلابية احتجاجية في مدن أخرى الخميس.
وغرد مصريون دعماً للحراك في السودان مطلقين عليها عبارة انتفاضة "الأشقاء ضد الديكتاتور عمر البشير".
وبالتزامن مع التظاهرات، عاد زعيم المعارضة السودانية البارز الصادق المهدي إلى السودان، الأربعاء، وسط احتشاد الآلاف من مؤيديه لاستقباله، وقال المهدي وهو آخر رئيس وزراء سوداني منتخب بشكل ديموقراطي وأطاحه تحالف من الإسلاميين والعسكريين 1989، أن " النظام فشل وهناك تردٍ اقتصادي وتهافت قيمة العملة الوطنية"، فيما ردد مستقبلوه : "الشعب يريد نظاماً جديداً".
يشار إلى أن السودان الذي يعاني اقتصادياً خاصة مع انفصال دولة جنوب السودان التي تسيطر على ثلاثة أرباع إنتاج البلاد للنفط 2011، يقبع في قبضة الرئيس عمر حسن البشير منذ عام 1989، في ظل حالة من قمع المعارضين وفقر الحريات، ورغم أن مدة حكمه الحالية تنتهي 2020، فإن "نواباً برلمانيين" تقدموا بطلب لتعديل الدستور الحالي تعديلاً يسمح بترشيحه لفترة رئاسية جديدة، وهذا ما يزيد وضع البلاد سوءاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.