اختيار مجموعة من الصور التي تلخّص أبرز ما عاشته الشعوب العربية في أي عام هو تحدٍ كبير، لكنه يتعاظم على نحو خاص في 2025 الذي شهد تطورات عدة لا يمكن إغفالها والتي ارتبطت بمشاهد وأحداث لافتة ومهمة.
فبينما وثّقت الصور استمرار المعاناة الإنسانية جراء الحروب والتجويع في غزة والسودان، والجرائم الإسرائيلية المروّعة في فلسطين ولبنان، برزت لحظات تاريخية فارقة تمثّلت في اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع وعودة الأسرى.
ولم يخلُ العام من مشاهد الفخر، بدءاً من التتويج العالمي لمنتخب المغرب للشباب تحت 20 عاماً بكأس العالم لكرة القدم، مروراً بافتتاح المتحف المصري الكبير، وصولاً إلى زيارة البابا للبنان والإفراج عن معتقلة بارزة في تونس.
في هذا التقرير، يقدّم رصيف22 بانوراما بصرية لعام 2025 في العالم العربي، راصداً مشهداً عاماً متأرجحاً بحدة بين قسوة المآسي وعودة الأمل في توثيق لعامٍ تداخلت فيه أحزان الفقد والنزوح مع هتافات الحرية والانتصارات الثقافية والرياضية.
1- عام الغزّيين في صور

لا يمكن اختيار صورة واحدة لتلخيص ما عاشه الغزيّون/ات هذا العام حيث كان عام 2025 عامراً بالتقلّبات والأحداث التي عاشها القطاع وسكانه. البداية كانت مع الهدنة الهشّة في كانون الثاني/ يناير، ومشهد العودة اللافت لآلاف الغزّيين/ات إلى مدينتهم الأثيرة، غزّة، رغم الدمار الذي لحق بها.


استُئنفت الحرب لاحقاً، وتكرّر النزوح القسري، لا سيّما في نهاية آب/ أغسطس، ولم يكن أقل قسوة من ذي قبل.

وعلى مدار العام، كان التجويع الممنهج الذي تمارسه إسرائيل على الغزّيين/ات هو المشهد الأكثر وضوحاً الذي وثّقته عدسات المصورين في القطاع.


ومن بين المجازر والجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزّة خلال 2025، كان استهداف مقهى الباقة، على شاطئ غزّة، في 30 حزيران/ يونيو، مروّعاً. في هذه الجريمة، تعمّدت إسرائيل القضاء على هذه المساحة العامة التي اعتاد الطلاب والفنانون والصحافيون ارتيادها للعمل في هدوء وأمان، فقتلت وأصابت العشرات منهم في وضح النهار.

على الرغم من كل ما سبق، كان بصيص الأمل في المشهد الغزّي نابعاً من التضامن الشعبي الواسع على مستوى العالم والذي تجسّد على مدار العام في الوقفات والاحتجاجات المنتظمة وفي الشوارع والجامعات وأمام المؤسسات الأممية والإسرائيلية وغيرها من الجهات المتورطة في حرب الإبادة الإسرائيلية.

وبعد كل ما عانوه على مدار أكثر من عامين، أعقب إعلان التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة، في قمة شرم الشيخ "السلام 2025"، الكثير من الاحتفالات في غزّة الجريحة، بالزغاريد والدموع والرقصات وغيرها، احتفل الغزّيون بأنباء انتهاء الحرب على الرغم من إدراكهم ما ينتظرهم في سبيل إحياء القطاع.
بين دمار الحرب وفرحة وقف إطلاق النار، عاشت غزة عاماً متقلباً في 2025. زغاريد عودة الأسرى امتزجت بدموع الشتاء القاسي الذي يواجه أهل القطاع في الخيام المهترئة، ليبقى مشهد الصمود هو العنوان الأبرز رغم قسوة التجويع والمجازر الإسرائيلية… عام غزّة في صور

عودة الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة كانت لحظة مهمة وفارقة في حياة الفلسطينيين/ات أينما وجدوا. كان الهزال والضعف وآثار التعذيب والتنكيل جميعها ظاهرة بقوة على أجسادهم النحيلة، مع ذلك، احتفى كثيرون بهذه العودة مع إظهار التقدير والاحترام للدماء التي سالت لأجل هذه اللحظة.

وعلى الرغم من انتهاء الحرب، إلا أن معاناة الغزّيين/ات لم تنتهِ إذ عمدت إسرائيل إلى القضاء على كل مقومات الحياة الأساسية في القطاع، ويواجه سكان غزّة في فصل الشتاء منخفضات جوية متتالية وأمطاراً غزيرة، في خيام مهترئة، أو تحت أنقاض منازل منهارة أو معرضة للانهيار.

2- اعتقال أب يحمل رضيعته في أثناء احتجاجات جيل زد في المغرب

في حين كانت احتجاجات جيل زد في المغرب حدثاً مفصلياً في 2025، وغير مسبوق منذ عقود في البلاد، كانت هناك مشاهد عدة تلخّص هذا الحراك الذي جسّد بدوره معاناة ملايين المغاربة المهمّشين في ما يتعلّق بالخدمات الأساسية بما فيها الصحة والتعليم والعمل.
مشهد اعتقال أب يحمل رضيعته بالقوة والعنف كان صادماً للكثيرين داخل المغرب وخارجه، وعكس التعامل الأمني مع المطالب الشعبية الحقّة والسلمية. قوبل هذا المشهد بالغضب والألم وحظي بانتشار واسع.
3- استقبال البابا في لبنان

في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، وصل بابا الفاتيكان، لاون الرابع عشر، إلى لبنان في أول زيارة من نوعها إلى البلاد منذ عام 2012.
فيما أُقيمت مراسم استقبال رسمية له في مطار رفيق الحريري الدولي بالعاصمة بيروت، أطلقت خلالها مدفعية الجيش قذائف ترحيبية بوصوله، وأطلقت السفن في مرفأ بيروت أبواقها ابتهاجاً به، في حضور رئيس الدولة جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه برّي، كان الاستقبال الشعبي للبابا أكثر من لافت.
اصطف اللبنانيون على طول طريق القصر الجمهوري، رغم المطر، وحملوا أعلام الفاتيكان والأعلام اللبنانية ولوّحوا بها، وعلا قرع الطبول ونثر الأرز على وقع رقص الدبكة. وجاءت زيارة البابا بمثابة التعويض لكثير من اللبنانيين بعد فترة مليئة بالمآسي والأزمات والاعتداءات الإسرائيلية، وقد صلّى البابا صلاةً صامتة في موقع انفجار مرفأ بيروت، مظهراً تعاطفه وتضامنه مع أهالي 218 قتيلاً وأكثر من 7 آلاف مصاب لم تتحقّق لهم العدالة إلى اللحظة.
من ظهور فيروز في تشييع زياد الرحباني ومجزرة بنت جبيل إلى أجراس الأمل بزيارة البابا للبنان. جمع عام 2025 بين آلام الفقد ووحشية الحرب ولحظات التضامن الإنساني… صور تلخّص ما عاشه لبنان والعرب في 2025
4- عام سوري حافل بالصور…
كما في غزّة، ربما يصعب اختصار عام 2025 في سوريا في صورة واحدة. من مشاهد العنف الطائفي في الساحل السوري، والحصار والاعتداءات على السويداء، مروراً بتفجير كنيسة مار إلياس في العاصمة دمشق، كان الحزن العامل المشترك الأبرز في هذه المشاهد.
لكن لقطة العم منير الرجمة، الدرزي الذي أُعدم ميدانياً في السويداء لأسباب طائفية، بعدما سئل عن هويته، فأجاب بتلقائية وبراءة جملته الأيقونية: "سوري أنا يا أخي"، ربما تكون اللقطة الأكثر رسوخاً وألماً في أذهان السوريين/ات في 2025.

ختام 2025 كان أقل قسوة على السوريين/ات، فكانت مشاهد الاحتفال غير المسبوقة بالذكرى الأولى لإسقاط نظام الأسد، لا سيّما لأولئك الذين سنحت لهم الفرصة للعودة أخيراً إلى الوطن عقب سنوات من التهجير القسري، كان لها وقع خاص.


5- الإفراج عن المحامية التونسية سنية الدهماني من السجن

كما كانت صورتها داخل قاعة محاكمتها واحدة من المشاهد القاسية بالنسبة إلى الكثير من التونسيين/ات، كانت المشاهد الأولى لخروج المحامية والإعلامية التونسية سنية الدهماني، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، من سجن منوبة في العاصمة تونس، عقب احتجاز دام عاماً ونصف العام، من أهم اللقطات في تونس هذه السنة.
في أول تصريح عقب خروجها، قالت سنية: "آمل أن يكون هذا نهاية كابوس لي وكل السجناء الآخرين"، منبهةً إلى أنها لا تزال مهدّدة بالسجن ومتابعة قضائياً، فيما هتف المحتفون بها: "هذي البداية وما زال ما زال"، في إشارة إلى العشرات من المعارضين/ات في سجون نظام الرئيس قيس سعيد لمجرد انتقاد السلطة أو التعبير عن آرائهم. رغم إدراك الجميع هذه الحقيقة، إن قمع السلطة في تونس لم يتوقّف بالإفراج عن سنية، كانت لحظة الإفراج عنها كفيلة بمنح التونسيين/ات بعض الأمل والكثير من السعادة.
6- فيروز في وداع نجلها زياد

فيما شيّع لبنان والعالم العربي واحداً من عمالقة الفن، في 28 تموز/ يوليو، كان المشهد استثنائياً على نحو خاص، مؤلماً بدرجة فائقة حين ظهرت فيروز وهي تشارك بثبات ظاهر، تسندها ابنتها ريما، في تشييع نجلها الأكبر، زياد الرحباني.
اعتادت فيروز أن تغيب لسنوات، وبات متوقعاً دائماً أن يكون ظهورها قوياً ومؤثراً وأن تتردّد أصداؤه في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والأحاديث. لكن الظهور الأخير، في تشييع زياد، آلم الكثيرين، تعاطفاً مع فيروز الأم هذه المرة.
7- احتفاء المصريين بـ"متحفهم الكبير"

فيما احتفى المصريون رسمياً بافتتاح "المتحف المصري الكبير"، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، وملأت مشاهد الاحتفالات الفنية والثقافية أرجاء البلاد، كان التفاعل الشعبي مع الحدث أكثر قوة إذ راجت العديد من اللقطات الإنسانية اللافتة التي تعكس فخر المصريين بمتحفهم الجديد.
مشهد تمثال رمسيس الثاني ومن حوله آلاف الزوار، بعدسة مصطفى الشوربجي، الذي عكس الإقبال الكبير على المتحف، وكذا مشهد المواطن المصري وهو ينظر إلى قناع توت عنخ آمون الذهبي، بعدسة علي فهيم، من أبرز اللقطات التي اقترنت بحدث المصريين المهم.

8- نتنياهو وخطابه في الأمم المتحدة أمام كراسي فارغة

في 26 أيلول/ سبتمبر، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليقول كلمته ضمن أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، فانسحبت غالبية الوفود الدبلوماسية، ليجد نفسه أمام قاعة شبه فارغة.
كان لهذا المشهد دلالة قوية، حيث عكس الرفض الدولي المتزايد للجرائم والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في حق الشعب الفلسطيني لا سيّما في قطاع غزّة. وخلال 2025، ظهر بوضوح كم باتت إسرائيل معزولة بسبب حرب الإبادة على غزّة.
9- معاناة السودانيين في الفاشر وخارجها

بعد مرور أكثر من عامين على الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لا تزال معاناة السودانيين تتفاقم على كافة الأصعدة. وبعد فترة من التفوّق العسكري للجيش، عاد "الدعم السريع" ليفرض سيطرته على عدة مواقع حيوية، وكانت البداية من مدينة الفاشر التي أعلنت الميليشيا السيطرة عليها، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، عقب حصار وحشي امتدّ 18 شهراً.
سقوط الفاشر رافقته العديد من الانتهاكات والمجازر في حق المدنيين العزل، بما فيها الإعدامات الميدانية والتصفيات الجسدية والتعذيب والإذلال والانتهاكات الجنسية والإخفاء القسري والنزوح القسري والحصار والتجويع وغيرها. لم يكن ما حدث في الفاشر - على قسوته ووحشيته - سوى فصل آخر من فصول الحرب المستعرة بين طرفين وثّقت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية تورطهما في كافة أشكال العنف والانتهاكات في حق المدنيين/ات.
فخر "أشبال الأطلس" بكأس العالم لكرة القدم، ودهشة العالم أمام المتحف المصري الكبير، والاحتفالات بالذكرى الأولى لإسقاط الأسد… مشاهد ثقافية ورياضية وازنت قسوة السياسة والصراعات في العالم العربي خلال 2025 وخلّدت لحظات الفخر والحزن في الذاكرة العربية
10- مجزرة بنت جبيل

ارتكبت إسرائيل مجزرة في حق عائلة لبنانية مكونة من ستة أفراد، حيث قتلت الأب وثلاثة أبناء، وتركت الأم مصابة بإصابات عدة وطفلتها في حالة حرجة.
ما حلّ بعائلة شرارة، بعدما استهدفت إسرائيل العائلة في سيارتها، وقتل الأب وثلاثة من أطفاله، وترك الأم، أماني بزي، وطفلتها أسيل، تعانيان الإصابات وألم الفزع والفقد، كان أحد فصول الوحشية والإجرام الإسرائيليين اللذين تمادت فيهما إسرائيل على الأراضي اللبنانية خلال العام المنقضي.
11- الاحتفال بـ"أشبال الأطلس" ولقب كأس العالم التاريخي في كرة القدم

في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، توّج المنتخب المغربي لكرة القدم تحت 20 عاماً بطلاً للعالم على حساب الأرجنتين، ليصبح بذلك أول منتخب عربي يحقّق هذا الإنجاز. كانت جميع فئات المجتمع المغربي تقريباً في استقبال الفريق البطل لدى عودته إلى البلاد، حيث جاب اللاعبون وجهازهم الفني والإداري الشوارع في حافلة مكشوفة.
وفي حين استقبلهم ولي العهد المغربي، الأمير الحسن بن محمد، في القصر الملكي في الرباط وتوّجهم بالأوسمة، كان للاحتفال الشعبي وقع خاص، حيث ارتدى الآلاف من الكبار والأطفال قمصان المنتخب المغربي وحملوا أعلام المغرب ولوحوا بها وهتفوا للاعبين الذين بادلوهم التحية في مشهد خيّمت عليه مشاعر الفخر والسعادة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



