مع إشراقة شمس كل صباح تبدأ عروبة، من منطقة سويب الزراعية غرب بغداد، حلب بقرتيها، تملأ بحليبهما بضع عبوات بلاستيكية سعة لتران، ثم ترسلها مع شقيقها الصغير وابن عم لهما، لبيعها في سوق الرابعة القريب.
روتين حياتي اعتادته منذ كانت طفلة صغيرة، ضمن حدود رسمت لها ولن تتمكن من تجاوزها مطلقاً، تقول هذا وهي تربت على رأس إحدى البقرتين الموشوم بياضها بالأصفر وتضيف: "لا شيء يحق لي، أنا موجودة فقط لخدمة الآخرين".
لا يبدو على السيدة العراقية الحزن وهي تردد هذه العبارة وإنما أكثر عدم اكتراث. تضع العبوات في صندوق بلاستيكي كبير داخل عربة جر خشبية، وتتابع بعدما لوّحت مودِّعةً الفتيين: "أول مرة اكتشفت فيها ذلك كان قبل سنوات، عندما سمح لي أبي - رحمه الله - وبعد توسل مني أن أشتري هاتفاً خاصاً بي. بعد أن اختارت واحداً مستعملاً، طلب مني البائع بطاقة الهوية من أجل أن يعطيني شريحة الاتصال".
تضع عروبة، يدها على فمها وكأنها تستعيد دهشة اكتشافها المتأخر: "كان عمري وقتها قد تجاوز العشرين عاماً، عرفت أنني لا أملك بطاقة شخصية، وأنه لا يمكن أن أشتري أو أسجل أي شيء باسمي دونها".
في ذلك اليوم، أخبرها والدها بأنها فضلاً عن شقيقتيها المتزوجتين لم يصدر لهن بطاقات هوية الأحوال المدنية. وهذا يعني أن لا وجود رسمي لثلاثتهن في سجلات الدولة، وأنهن محرومات من العديد من حقوقهن. تذكر أنه قال لها يومها مبرراً: "شقيقتاكِ في بيتي زوجيهما معزّزتان مكرمتان، وأنتِ برعايتي، لذلك لن تحتجن إلى شيء".
شيخ عشيرة: "زوجتي الأولى لا تمتلك وثيقة، والدها متوفٍ، وأعمامها غير متفرغين لكي يسجلوها في صفحتهم العائلية بالنفوس، فسجلت أبناءها باسم زوجتيّ الأخريين، وحقوق الجميع محفوظة"!
تضيف عروبة:"سألته بعد لحظات إن كان أشقائي يمتلكون بطاقات هوية، فردّ: نعم، لأنهم أرباب أسر وأصحاب أعمال، يحتاجون إلى شراء العقارات والآلات الزراعية وتسيير معاملات الدوائر الحكومية التي تحتاج إلى هوية ومستمسكات رسمية، كما أن أولادهم يسجلون في المدارس".
تمشي عروبة بخطوات متثاقلة لاستكمال مهامها المنزلية اليومية، وهي تقول: "حدودي هي بيتنا الذي فيه أمي العجوز وشقيقاي الأصغر غير المتزوجين، ومنازل أشقائي السبعة الآخرين المجاورة، وأيضاً بستاننا للمساعدة هناك في أعمال الزراعة". وتُردف: "المشكلة أنني كلما تقدّمت بالعمر يزداد حزني على عدم تعلمي للقراءة والكتابة... أفكر بالأحلام الكثيرة التي لم تتحقق في حياتي".
عروبة، ليست استثناءً بل واحدة من بين عشرات العراقيات اللواتي يولدن بدون أن تحرر لهن بيانات ولادة تثبت في سجل الأحوال المدنية لعائلاتهم، ويعشن حياتهن دون أن يتلقين تعليماً ويحرمن من الكثير من حقوقهن، ويمتن من دون أن تحرر لهن شهادات وفاة.
يفتح هذا التحقيق ملف العراقيات اللواتي لا يمتلكن وثائق رسمية، لأسباب عديدة على رأسها الذكورية السائدة في الكثير من مناطق البلاد وتعمّد حرمان النساء من حقوقهن في الإرث حيث ترى مجتمعات قبلية في الأنثى "مجرد وعاء للنسل، وكائناً تقتصر مهمته على خدمة الرجل".
وتتطلب محاولات الراغبات في مرحلة ما بالحصول على الوثائق والاعتراف الرسمي بوجودهن، المرور بقنوات قضائية وإدارية معقّدة بعضها تمتد لسنوات عديدة، ما قد يترتب عليه حرمانهن من حقوقهن في الإرث والتعليم والخدمة الصحية والاقتراع والحصول على جواز السفر وغيرها.
قبليّة المجتمع
الباحث الاجتماعي علي سالم يقول إن الدولة العراقية بالكاد اجتازت 100 عام من عمرها إذ أنها تأسّست عام 1923، وقضت أكثر من نصفها مشغولة بـ"الانقلابات والحروب والحصار الدولي والتدهور الأمني والأزمات الاقتصادية والصراعات السياسية".
ويضيف: "كما أن بلاد ما بين النهرين، كانت قبلها خاضعة ولأكثر من أربعة قرون لحكم الدولة العثمانية المتخلفة والمستندة في حكمها على سلطة شيوخ العشائر والبكوات" الذين فرضوا نظاماً اجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً يخدم استمرار سلطتهم ومصالحهم.
لذلك، حافظت القبليّة السائدة في المجتمع العراقي على أعرافها وقوانينها و"كانت السلطات الحاكمة في فترات ضعف الدولة وهي كثيرة ومتعددة تتغاضى عن ممارسات العشائر وما تفرضه من قوانين متعارضة مع حقوق الأفراد وقوانين ودستور الدولة، لأن العشائر كانت تمد الجيش والشرطة بالمقاتلين والمنتسبين، وتدعم كرسي الرئيس أو الأحزاب المتسيدة مقابل المال والامتيازات".
لهذا، فإن حقوق المرأة في أجزاء عديدة من العراق خاصة في القرى النائية جنوب البلاد وغربها، وعلى رأسها حقها في المواطنة بحصولها على وثائق ثبوتية "ظل من المظالم المسكوت عنها، على الرغم من وجود قوانين تنظم هذا الحق".
في العراق، "نساء كثر طوال عقود من الزمن، خاصة في فترات الأزمات، ولدن وعشن ومتن على هذه الأرض دون أن تعرف بهن الدولة، فلم يكن يدخلن المدارس ولا توثق عقود زواجهن في المحاكم ولا يرثن أو يورِّثن شيئاً أو تُستخرج لهن شهادات وفاة بعد وفاتهن". لماذا؟
ويقول الباحث سالم: "لذلك فإن نساء كثر طوال عقود من الزمن، خاصة في فترات الأزمات، ولدن وعشن ومتن على هذه الأرض دون أن تعرف بهن الدولة، فلم يكن يدخلن المدارس ولا توثق عقود زواجهن في المحاكم ولا يرثن أو يورِّثن شيئاً أو تُستخرج لهن شهادات وفاة بعد وفاتهن!".
ويستدرك:"إذا اقتضت الضرورة تسجيل أبناء بعضهن الذكور تحديداً، فيتم في أحيان كثيرة تسجيلهم باسم واحدة من زوجات الرجل، إذا كان لديه أكثر من واحدة وصودف أن إحداهن مسجّلة في السجلات الرسمية".
ويذكر أن سبب عدم تسجيل النساء واستصدار وثائق رسمية لهن يعود إلى "النظرة القبلية بأن المرأة في مرتبة أقل من الرجل وأنها لا تورث، لكي لا تذهب أموال وممتلكات العائلة أو العشيرة ولا سيما الأراضي إلى ملكية أزواجهن وبالتالي خروجها من ملكية العائلة أو العشيرة".
السبب الآخر الذي يسوقه الباحث الاجتماعي هو "الاعتقاد القبلي السائد بأن مكان المرأة هو بيت أهلها أو زوجها، لذلك فهي لا تحتاج إلى تعليم أو تَمَلُك أشياء باسمها، فهذه كلها أمور تخص الرجل دونها، ومهتمتها الرئيسية أن تنجب له ذكوراً قدر الإمكان!".
يؤكد الأكاديمي المختص بعلم الاجتماع، بيار أحمد، وجود ثقافة مجتمعية في العديد من مناطق البلاد، شجعت على حرمان النساء من حقوقهن بما فيه أحياناً حق الوجود في وثائق الدولة، مشيراً إلى واحدة من الأمثلة الشائعة على نظرة شريحة واسعة من المجتمع سواء في الريف أو المدينة للمرأة وهو التعامل مع وفاتها.
يقول: "لا يكفي أنها تعيش حياتها مثل شبح غير مرئي، لتقوم أسرتها بإعلان وفاتها دون ذكر أسمها، فكثيراً ما نشاهد لافتات عزاء نساء وهي تحمل عبارات مثل عقيلة أو كريمة أو والدة فلان الفلاني!".
ويواصل:"البعض يسجلون أرقام زوجاتهم في هواتفهم الجوالة باسم 'البيت'، وشائع جداً في العراق أن تسمع أحدهم يقول مثلاً: أخذت البيت إلى السوق أو الطبيب، والبعض الآخر يسميها 'الأولاد'. فيقول كانت معي الأولاد أو أخذت الأولاد أو العائلة… وهكذا".
التربوية إيناس هادي سعدون تقول إنها قابلت خلال مزاولة عملها في مدارس البنات الكثير من الأمهات ومعهن بناتهن الصغيرات اللواتي تراوح أعمارهن بين (8 -10) سنوات يرغبن بتسجيلهن مستمعات في تلك المدارس "وذلك لأنهن لا يمتلكن أوراقاً ثبوتية لتسجيلهن مثل باقي التلميذات".
وتعتقد سعدون أن العادات والتقاليد الاجتماعية المجحفة بحق الإناث، هي التي أدت إلى تفاقم المشكلة "لأنها تفرض تمييزاً في الحقوق بين الجنسين، وتمنح الرجال التفضيل في الحصول على المستندات الرسمية ومسؤولية تولي الأمور الأسرية وقراراتها مع تمثيل تلك الأسر أمام المجتمع والقانون".
وتشير سعدون إلى أنها على علم بنساء يرغبن في المضي في معاملات تسجيل بناتهن في السجلات الرسمية "لكن ذلك يفرض عليهن تحديات اجتماعية متمثلة في عقبة الزوج والأرباب الذكور فضلاً عن عوائق اقتصادية تجعل عملية استخراج المستندات أكثر صعوبة بالنسبة لهن مقارنة بالرجال". وتستدرك: "الصعوبة تتفاقم أمام النساء الأميات اللواتي يُمنع خروجهن من بيوتهن لأي سببٍ كان ويبقى اعتمادهن المباشر على الزوج أو الأب أو الشقيق".
وتعتقد سعدون كذلك أن انعدام الوعي في بعض المجتمعات الصغيرة "هو عامل أساسي في سلب حقوق الإناث باستخراج المستندات". وتضيف: "هذا فضلاً عن تزويج القاصرات الذي يمنعه القانون، فيلجأ الأهل إلى تزويجهن خارج المحكمة دون عقدٍ مصدق يضمن حق الزوجة، وبالتالي تنجب أطفالاً يظلون هم كذلك دون مستندات ايضاً ولا سيّما الإناث".
وتذكر سعدون أن سلسلة المشاكل لا تتوقف عند هذا الحد فقط، بل تكبر "عند طلاق هذه الفئة من النساء، ليظل الأبناء في حيز اللا اعتراف بهم كأبناء شرعيين من زواج حقيقي، وهي سلوكيات يمارسها البعض من الرجال للتنصّل من المسؤولية عن حقوق الزوجة والأطفال".
وتتهم التربوية العراقية الجهات المختصة في الدولة بالسكوت عن حالات منع استخراج المستمسكات للبنات و"كأن الأمر لا يحدث على أرض الواقع، فلا يوجد أي نص قانوني مباشر أو حتى غير مباشر في مثل هذه الأمور، وبالتالي لا عقوبات على ذلك الفعل الشائن".
حق مسلوب منذ القدم
بدوره، يعتبر رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن عدم حصول النساء على أوراق ومستمسكات ثبوتية "قديم بسبب القبلية" التي يصف بعض معتقداتها بالرجعية "لأنها تعامل النساء وكأنهن لسن بشراً. فتفكيرهم الجمعي السائد والمتوارَث، ينصبّ على فكرة أن النساء لا يحتجن وثائق رسمية، لأن المرأة لا تشتري ولا تبيع".
ويشير إلى أن ذلك لا يقتصر على عدم تسجيل مواليد الإناث فقط، بل يمتد كذلك إلى "التلاعب بوثائق النسب بتسجيل أحد الأبناء بأسماء الأخوة أو الأخوات أو أحد الأقارب".
وسبب ذلك هو "إما أن الأبوين لا يمتلكان وثائق رسمية، أو أنهما يرزقان فقط بالإناث فيهبونهن للآخرين، ونادراً ما يحدث ذلك مع الأبناء الذكور". ويلفت إلى أن التلاعب هذا لا يتم تثبيته رسمياً فور ولادة المولود "بل يهمل لسنوات طويلة حتى بلوغه سن المدرسة أو حتى سن الرشد، ويؤثر هذا بالتأكيد على حقوقه في التعليم والتملك".
يؤكد مالو أن هذا الأمر شائع في الكثير من العائلات العراقية حيث "نسمع أن هذه البنت أو ذاك الولد، بنت أو ابن فلان، لكنه مسجل باسم عمته أو خاله وغير ذلك". ويروي كيف أن الصراعات السياسية والحروب تؤدي إلى حرمان الكثيرين من الحصول على أوراق ومستمسكات رسمية، ويضرب مثالاً "في عهد النظام السابق، كان مقاتلو البيشمركة الكردية الداخلين في صراع مسلح مع القوات العراقية النظامية، يعانون من تسجيل أبنائهم، لأن الكثيرين كانوا يزورون منازلهم خلسة، وينتج عن ذلك حمل زوجاتهم، اللواتي يلدن في المنازل بواسطة القابلات وينشأ الطفل دون أوراق رسمية لأن السلطات الأمنية كانت ستكتشف أن المقاتلين أولئك كانوا يترددون على منازلهم على الرغم من أنهم ملاحقون".
يبدي شيخ القبيلة استغرابه من مشاكل يقول إنها ظهرت في السنوات الأخيرة مثل "قيام نساء بتقديم شكاوى ضد إخوانهم في المحاكم بسبب الميراث أو التعنيف أو غيرها"، مستطرداً "في عشيرتنا هذه الأشياء مرفوضة، المرأة عاطفية وعقلها صغير يمكن التلاعب بها بسهولة ولهذا أحرص على منعهن من امتلاك الهواتف واستخدام الإنترنت"!
إثبات النسب
القاضي سالم روضان يؤكد أن حالات التلاعب بالوثائق الرسمية وعدم تسجيل الأطفال فور ولادتهم، والمنتشرة في المجتمعات القبلية، تشكل خطراً على المجتمع "لأن الأفراد بدون وثائق محرومون من بعض حقوقهم ويصعب التعامل معهم".
ويقول إنه اطّلع خلال مزاولته لعمله في المحاكم العراقية على حالات كثيرة من هذا النوع وأن بعض معاملات تصحيح الوضع للحصول على المستمسكات الرسمية تطول لسنوات، مستشهداً بـ"امرأة راجعت المحاكم لتثبيت نسب ابنتها من سنة 1994 لغاية سنة 2017!".
ويعدد أسباب المشكلة في "فضلاً عن الفكر القبلي، كان التلاعب بوثائق الأطفال وتسجيلهم بغير أسماء آبائهم أو عدم تسجيلهم أصلاً أو تزوير وثائقهم، منتشراً في مناطق الجنوب العراقي. كما أن الأزمات والصراعات والتدهور الأمني في مناطق غربي العراق أفرزت الكثير من الخروقات في إصدار الوثائق الرسمية وغيرها".
ومن خلال إطّلاعه، يشير القاضي الروضاني إلى أهم مشكلتين تعترضان إصدار الوثائق الرسمية وهما "أن يكون الأب مفقوداً أو عدم وجود وثيقة زواج شرعي مصدّق عليها لدى المحكمة المختصة".
وقانوناً، فإن الشخص الذي لا يملك وثائق ثبوتية، يكون مجهول النسب، والذي هو "شخص لم يلحق بأبيه وأمه أو بأحدهما أو هو الذي لا يعرف أبويه أو أحدهما"، وفقاً للروضاني الذي يقول إنه لم يرد تعريف لمجهول النسب في المنظومة القانونية العراقية.
وبناء على أحكام القانون العراقي، فإن من لا يملك الوثائق الثبوتية ولم يسجل في دوائر الأحوال المدنية "لا يعد شخصاً عراقياً له أهلية التقاضي أو ممارسة حقوقه، إلا إذا أثبت نسبه المعلوم بالطرق القانونية، عندها لن يكون مجهول النسب وإنما شخص لم يسجل في سجلات الأحوال المدنية".
هذا، بحسب القاضي، يخص الشخص المعلوم الأبوين أو أحدهما فقط. أما في ما يتعلق بغير معلوم الأبوين أو أحد أبويه معلوم والآخر مجهول "كأن يكون معلوم الأم ومجهول الأب أو العكس وفي بعض الحالات معلوم الأب ومجهول الجد، فإن هناك عدة إجراءات لا بد من القيام بها لإثبات النسب".
ويعددها: "إجراءات تقوم بها المحكمة وأخرى إدارية تقوم بها دائرة الأحوال المدنية وبعض الجهات التنفيذية مثل دور الدولة المودع فيها الحدث (القاصر) مجهول النسب، وتختلف تلك الإجراءات تبعاً لعمر الشخص المجهول النسب".
في الأثناء، يوضح مدير الشرطة المجتمعية السابق، غالب العطية، أنه رصد خلال عمله العديد من الفتيات القاصرات اللواتي تم تزويجهن خارج المحكمة عن طريق عقود "رجل الدين" دون أن يمتلكن أوراقاً ثبوتية بما في ذلك "هوية أحوال مدنية وجنسية عراقية".
ويذكر أن الشرطة المجتمعية سجّلت الكثير من حالات حرمان فتيات ونساء من التعليم وحتى مراجعة الدوائر الحكومية وإبرام المعاملات فيها "لعدم امتلاكهن ما يثبت وجودهن، وقد يتعرض قسم من النساء إلى نكران من أزواجهن ونكران نسب أطفالهن إليهن، مما يعرضهن إلى مخاطر مختلفة حتّى أن بعضهن يصبحن لقمة سائغة لعصابات المخدرات وشبكات الدعارة والإتجار بالبشر".
هبة ع. (18 عاماً)، فتاة ريفية من محافظة الديوانية (جنوب العراق)، زُوِجت بعمر 15 عاماً، وتوفي زوجها متأثراً بفيروس كورونا في 2020 وكانت وقتها تبلغ 19 عاماً ولديها طفل واحد، فاضطرت بعدها إلى مراجعة دائرة الضمان الاجتماعي للحصول على راتب الرعاية بصفتها أرملة.
تقول: "كانت المرة الأولى التي أذهب فيها إلى دائرة حكومية، وهناك عرفت أنني لا أحتاج فقط إلى إثبات زواجي لأن عقد زواجي هو 'عقد سيد' (أي غير موثّق)، بل أيضاً إلى هوية أحوال مدنية كوني غير مسجلة أصلاً في دائرة النفوس". والنفوس هو اسم كان يطلق قبل عقود على دائرة الأحوال المدنية في العراق.
لم تمض هبة طويلاً في الإجراءات لدى الدوائر المعنية، إذ تخلّت عن ذلك بعد أن منعها شقيقها الأكبر من الخروج من المنزل. "قال إنني أرملة وعيب أن أخرج من البيت لأن الناس سيتحدثون عني وسمعتي ستسوء"، تشرح.
وتردف: "عند مراجعتي دائرة الضمان وسؤالي محامية لأعرف ما يجب أن أفعله، عرفت أنني لست مثل باقي النساء، وأن ابني مسجل باسم عمته، وأني أمام القانون والدولة لست أمه".
تواصلت معدة التحقيق، عبر الهاتف، مع أحد شيوخ العشائر من محافظة كربلاء جنوب العاصمة بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، أكد وجود بعض المشكلات المرتبطة بالتأخر المعتاد في تسجيل الأطفال عموماً.
يقول الشيخ إنهم يتأخرون في إصدار المستمسكات الرسمية للأطفال بعد الولادة "سواءً كان صبياً أو صبية، وبعد أن يتجاوز الطفل السبع أعوام، نستعجل إصدار مستمسكات الذكور لأنهم يحتاجونها أكثر من البنات في الدراسة والمعاملات التجارية".
تسجيل صوتي لشيخ العشيرة
ينفي الشيخ أن يكون تأخُر أو عدم إصدار مستمسكات الفتيات متعارضاً مع حقوقها، قائلاً: "المرأة تأكل وتشرب وتتزوج وعدم امتلاكها لتلك المستمسكات لا يضرها بشيء". ويدلل على ذلك بقوله: "زوجتي الأولى لا تمتلك وثيقة، والدها متوفٍ، وأعمامها غير متفرغين لكي يسجلوها في صفحتهم العائلية بالنفوس، فسجلت أبناءها باسم زوجتيّ الأخريين، وحقوق الجميع محفوظة".
ويبدي الشيخ استغرابه من مشاكل يقول إنها ظهرت في السنوات الأخيرة بـ"قيام نساء بتقديم شكاوى ضد إخوانهم في المحاكم بسبب الميراث أو التعنيف أو غيرها"، مستطرداً "في عشيرتنا هذه الأشياء مرفوضة، المرأة عاطفية وعقلها صغير يمكن التلاعب بها بسهولة ولهذا أحرص على منعهن من امتلاك الهواتف واستخدام الإنترنت".
النزوح من أسباب المشكلة
المحامي محمد أحمد يونس، المتخصص في دعاوى الأحوال الشخصية، يقول إنه من الصعب تحديد نسبة أو رقم معين لأعداد غير المسجلين في دائرة الأحوال المدنية في العراق، لأن الكثيرين من غير المسجلين يولدون ويعيشون مجمل حياتهم - ولا سيما الإناث - في القرى والأرياف والمناطق النائية.
ويتفق مع الآراء التي تقول إن عدم تسجيل المواليد الإناث مشكلة قديمة في المجتمع القبلي، وبروزها يرجع الى الهجرة من الريف إلى المدن خلال العقود الأربعة المنصرمة.
ويعدد بعضاً من أنواع الهجرات والنزوح التي شهدها العراق، وأبرزها بعد غزو الكويت في 1991، وتدهور الواقع الزراعي لاحقاً نتيجة الجفاف، والعقوبات الاقتصادية التي فرضت على البلاد لأكثر من عقد ما "اضطر عشرات الآلاف من سكان الأرياف والبوادي للهجرة صوب المدن بحثاً عن الماء وفرص العمل".
وبعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003، كان الكثير من أبناء القرى والأرياف "منتسبين في صنوف الأجهزة الأمنية ووجدوا أنفسهم عاطلين بعد قرار الحاكم الأمريكي وقتها بول بريمر، بإلغاء الأجهزة الأمنية المُشكَّلة في عهد حزب البعث، ولم يكن أمام الكثير منهم سوى اللجوء إلى المدن بحثاُ عن عمل".
يشير يونس كذلك إلى هجرة أخرى تسببت بها الجماعات الأصولية المسلحة التي دخلت في صراع مع القوات الأمريكية والعراقية بعد 2003 وحتى عام 2014 حيث أن "الكثير من سكان القرى نزحوا لا سيما الشيعة والإيزيديين والمسيحيين من مناطق وقرى السنة، والسنة من قرى ومناطق الشيعة".
وبعد سيطرة داعش على أربع محافظات، في حزيران/ يونيو 2014، "حدث أكبر نزوح عرفه العراق عبر تاريخه، إذ وصلت أعداد النازحين إلى نحو أربعة ملايين، توجهوا إلى مناطق ومخيمات اقليم كردستان أو بغداد وباقي محافظات البلاد".
ويذكر المحامي محمد أحمد، أن حركة الكتلة البشرية من الريف إلى المدينة أظهرت الحاجة إلى تسجيل الأبناء في المدارس أو حصول العائلة على بطاقة سكن أو الكفالة الأمنية أو البطاقة التموينية وكذلك مراجعات الدوائر والمؤسسات للمعاملات الأخرى "حينها ظهر أن الكثير من النساء لا يمتلكن وثائق ثبوتية، كي تنظم وفقها عقود زواج رسمية لهن بدلاً من "عقد الملا" أو الشيخ المبرم في القرية، وبعدها تثبيت نسب الأطفال للوالدين أو أحدهما ومن ثم تسجيلهم في دائرة الأحوال المدنية، لكي يسمح لهم بعد كل ذلك بدخول المدارس والتعامل مع الدوائر الحكومية".
ويتابع أن عدم امتلاك النساء للمستمسكات وتزويجهن شفاهةً يؤديان إلى مشاكل كبيرة في حال وقوع الطلاق "فلا الزواج معترف به، ولا الأطفال، ويحدث أن ينكر بعض الآباء أبوتهم لأطفالهم".
وبحكم خبرة المحامي أحمد، فإن الإجراءات التي تقوم بها المطلقة في هذه الحالة هي "تصديق الزواج لدى المحكمة ومن ثم تصديق الطلاق، وبعدها إجراء الفحص الجيني - تحليل دي أن إيه".
وفي ما يخص الإجراء الأخير، يضيف المحامي العراقي: "يرفض الرجال عادة الحضور وعمل الفحص بذريعة أن ذلك يمس 'شرفه' أو 'شرف' عائلة الأم، لذا فهي الأخرى قد ترفض إجراءه".
محامٍ آخر مختص بالدعاوى المدنية في محكمة الرصافة ببغداد، فضّل عدم ذكر اسمه، يقول إن "العشائر ذات قوة فاعلة في المجتمع وفي أجهزة الدولة عبر شخصيات تمثلها في السلطتين التنفيذية والتشريعية" وأن العشائر "تملك ترسانات أسلحة متوسطة وخفيفة تؤهلها لدخول معارك، وقد وقع العديد منها في السنوات الأخيرة لا سيما جنوب العراق، وهي بالقوة تستولي على أراضي عشائر تدخل معها في خصومات وتقف متحدية الدولة أحياناً، فكيف بنساء ضعيفات يطالبن بحقوقهن؟".
ويذكر المصدر أن مجلس النواب والحكومة يتجنبان الدخول في صدام مع العشائر التي تفرض قوانينها الخاصة بما يعرف بـ"الفصل العشائري وغسل العار والنهوة وغيرها"، مؤكداً أن قتل النساء في القرى والأرياف أمر واقع باستمرار ويتم التفاخر بذلك في بعض الأحيان بينما القوات الأمنية "تقف متفرجة دون القيام بشيء"، على حد تعبيره.
حياة بدائية
وبحسب الباحثة الاجتماعية رنا الجنابي، فإن هناك نساء في العراق "يعشن حياة بدائية وكأنهن في القرون الوسطى ولسن في عصر التطور والتكنولوجيا" بسبب هذه المشكلة. توضح: "عدم الاعتراف بوجودهن من خلال عدم تسجيل بيان ولادتهن ما هي إلا عادة قديمة درجت عليها بعض العشائر، لأن العقلية الذكورية المسيطرة تعتقد أن المرأة مجرد رحم أو وعاء للإنجاب ويتم احتقارها في كثير من الأحيان إذا لم يخرج رحمها سوى الإناث".
وتضيف الباحثة أنه رغم وجود التشريعات المدنية "إلا أن الكثير من النساء يُحرمن من حقوقهن في التركات، وتنبذ أو حتى تقتل التي تطالب بها، كما يحرمن من حق الحصول على أوراق تثبت وجودهن".
في قرية صغيرة على طريق (البطحاء) غرب مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوب بغداد، تقول راعية الأغنام لبيبة (45 عاماً) وهو اسم مستعار اختارته لنفسها: "لا أملك أي مستمسك مثل أشقائي وأبي، ولا أعرف من هذه الحياة غير رعاية الغنم والاهتمام بأولادي وزوجي". تشير إلى قطيعها الصغير وتضيف: "نعتمد عليها كثيراً إضافة إلى أرضنا في تدبر أمور المعيشة. هذا كل ما أعرفه من دنياي".
كانت لبيبة تضع لثاماً من القماش على وجهها لتمنع عن نفسها الغبار ولفحة الشمس، أرخته وقالت: "سأموت دون أن أترك حتّى ورقة عليها اسمي"، مستدركةً "مثلما حدث لأختي قبل أكثر من ثلاثين عاماً. عاشت مثلنا نحن شقيقاتها الأربع بلا وثائق وماتت ولم يبق منها سوى اسمها الذي نردده سراً أحياناً في ما بيننا". تصمت للحظات ثم تواصل بصوت هامس "لأنهم قتلوها".
شقيقتها التي كانت تكبرها بسنتين، وتخرج معها لرعي الغنم، بادلت شاباً من القرية نظرات الإعجاب، وحذرتها من الحديث عن ذلك لأي من زوجات أشقائهما، لكن الشقيقة أفضت بسرها في جلسة مسائية لواحدة من زوجات أشقائها. بعد أشهر نشب خلاف بينها وبين زوجة شقيقها بشأن أيهما عليها إعداد الخبر، وتحوّل إلى شجار، وانفعلت زوجة الأخ وأخبرت زوجها بأن شقيقته واقعة في حب شاب، فما كان من الفتاة إلا الهرب والاختباء في بيت خالة لها في قرية مجاورة.
تقول لبيبة: "لدي سبعة أشقاء، اجتمعوا في تلك الليلة مع والدي وأطفأوا الجمر من تحت دلو القهوة ونزع الكبير عقاله، وهذا يعني في تقاليدنا بأن شقيقتي ستقتل غسلاً للعار". بعدها بأيام، أطلق الشقيق الغاضب وابلاً من الرصاص على الفتاة التي لم تبادل الشاب ولا حتى كلمة واحدة، وفقاً لرواية لبيبة، ودُفنت دون مراسيم.
تذكر لبيبة جيداً عبارة قالها والدها في ذلك الوقت: "'أحسن شيء فعلته في حياتي أنني لم أسجلها في النفوس'... لهذا اعتبروا أنها لم تكن موجودة أصلاً!".
الإتجار بالبشر والاستغلال من قبل "عصابات التسول وشبكات الدعارة" والعنف الأسري وحتّى القتل، والحرمان من الميراث والحق في التعليم والصحة بعض من الجرائم التي تتعرض لها نساء وفتيات عراقيات نظراً لعدم إثباتهن في الوثائق الرسمية للدولة. كيف يمكن التغلّب على هذه الظاهرة المتجذّرة في العراق؟
معالجات وحلول
الحقوقية أنفال زكي مخلد تقول إن الفتيات والنساء اللاتي لا يملكن أوراقاً ثبوتية، أو كما تُسميِهن "البدون"، أكثر من أن يتم إحصاؤهن، لأن "هنالك قرويات وأيضاً ساكنات في العشوائيات والمناطق الشعبية في المدن، وهنالك أبناء عناصر داعش اللاتي ولدن في مخيمات الاحتجاز والمعتقلات وخارجهما، ومشردات الشوارع، وبنات البدو الرحل والغجر، كلهن بلا أوراق".
وتذكر أن "الحرمان من الوجود هو أكبر ظلم تتعرض له المرأة"، معربةً عن قناعتها أن عصابات التسول وشبكات الدعارة تستغل فتيات ونساء بلا مستمسكات، وترتكب بسبب ذلك جرائم الإتجار بالبشر. وتقترح على الحكومة الإسراع في إجراء التعداد السكاني العام في كل جزء من العراق، بعد عقود من تأجيله.
وتقر: "ذلك لن ينهي مشكلة عدم تسجيل الإناث في السجلات الرسمية، لكنه سيقلل أعداد غير المسجلات، بشرط أن يجرى التعداد بدقة وبمشاركة وتعاون مختاري القرى والأحياء".
من جهته، يوصي الكاتب والباحث عادل كمال بحلول أخرى يجدها عملية وجذرية، تتمثل في "عدم السماح لرجال الدين بتنظيم عقود الزواج خارج المحاكم، مع فرض عقوبات رادعة بحق رجال الدين وأولياء الأمور المخالفين وحتى طرفي العقد". ويقترح كذلك، منع القابلات من ممارسة العمل خارج المستشفيات: "وجود القابلات يعني عدم مراجعة المرأة المستشفى التي تحتاج إلى وثائقها لكي تستقبلها".
ويرى أنه من المهم أن تكون هناك رقابة حكومية على المواليد الجدد عبر قنواتها المختلفة، وإلزام أولياء الأمور بتسجيل الإناث في دائرة الأحوال. "أعتقد بأن تفعيل قانون إلزامية التعليم، يجعل الكثير من أولياء الأمور مضطرين إلى تسجيل بناتهم"، يردف.
وترى التربوية إيناس سعدون أنه ينبغي فتح فروع لدوائر الأحوال والجنسية والمحاكم في النواحي والمناطق النائية ذات الكثافة السكانية "حتى يتمكن الناس من الوصول إليها دون تكبد مشاق السفر إلى المدن"، وتوفير مكاتب استشارية توعوية بحقوق النساء في تلك المناطق تستهدف شرائح المجتمع كافة، مع "سن تشريعات قوية تحظر التمييز بين الجنسين في جميع القطاعات وتطبيقها بنحو فعال وصارم مع تعزيز المشاركة النسوية في مختلف المجالات".
وذلك علاوة على "الرصد والتقييم الدوري من خلال إجراء دراسات استطلاعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لمشكلة عدم حصول النساء على الوثائق الرسمية ومعالجتها".
الهروب إلى النور
ميرنا صموئيل، من مواليد محافظة البصرة، واحدة من اللواتي وجدن حلاً لهذه المشكلة. لكنه لم يكن سهلاً إذ اختارت الهجرة إلى ألمانيا وبدء حياتها الجديدة من هناك. تقول وملامحها واجمة: "كان اسمي سهاد وأنا في العراق، ولا أعرف سنة ولادتي بالضبط، كل الذي أعرفه أنني ولدت في السنوات الأولى من تسعينيات القرن الماضي".
والدتها لم تكن تملك وثائق ثبوتية، "كانت صغيرة عندما مُنحت كزوجة إلى أبي، في صفقة فصل عشائري، بعد أن قتل خالي شقيق أبي الأكبر"، تقول ذلك وهي تضع يدها على جبينها باستياء.
وتواصل: "الزواج تم خارج المحكمة طبعاً، بدون أي حقوق لأمي، ولا حتى غرفة خاصة بها وبعد فترة من ولادتي رفض أبي الاعتراف بي أو تسجيلي وتزوج للمرة الثانية والثالثة، وطوال فترة إقامتي مع عائلة أبي في ذلك المنزل كان مكان نومنا أنا وأمي هو المطبخ صيفاً وشتاء".
تستذكر ميرنا: "هكذا نشأتُ خادمة، أعمل مع أمي طوال اليوم في المنزل، وعمتي كانت تعتدي على أمي بالضرب كلما تذكرت شقيقها المقتول، وحين أحاول الدفاع عنها، أنال نصيبي من الضرب كذلك". تستسلم إلى نوبة بكاء ثم تضيف: "تعرضت للتحرش الجنسي من عدد من أبناء عمي الذين كانوا يعيشون في المنزل نفسه فضلاً عن عمتين لي، وفي سن بلوغي مرضت أمي دون أن يهتم بها أحد وكنت أنوب عنها بأداء أعمال المنزل وكل أوجاعها كانت تسكتها بأقراص باراسيتامول لا غير".
"سنوات كثيرة عشتها في العراق دون أوراق ثبوتية أو تعليم أو مستقبل... لقد وجدت فرصة للنجاة، أنا الآن مواطنة ألمانية، أحمل أسماً وجوازاً ألمانياً ولي كياني وحقوقي الخاصة، لو بقيت هناك لعشت عبدة ومت دون أن يكون لي أي حق".
وتردف: "ماتت أمي في المطبخ ورأسها في حضني، وكانت آخر كلماتها لي: 'اهربي من هنا بأي طريقة'".
بعد أشهر من وفاة والدتها، تمكّنت ميرنا من الهرب، واستطاعت بعد ساعات من الركض عبر البساتين الوصول إلى طريق رئيسي وتمكنت من ركوب حافلة كانت تقل مجاناً زائرين إلى المراقد الشيعية المقدسة في النجف، وهناك عملت في خدمة سيدة كانت تدير موكباً حسينياً.
"عملت لديها ثلاث سنوات في صنع خبز التنور، وخدمة الزوار مقابل راتب شهري وإقامتي وطعامي. وفي العام الثالث، وكان هذا في 2015، تعرّفت إلى فتاة أخرى كانت مثلي تريد الهروب من العراق، فترافقنا بعد أن جمعنا مدخراتنا واستعنا بمهرّب، وبالفعل وصلنا ألمانيا مطلع 2016"، تقول.
أول شيء فعلته عند حصولها على اللجوء هو تغيير اسمها من سهاد إلى ميرنا، ثم استعانت بطبيب نفسي لعلاج أثر ما عاشته في منزل عائلة والدها، وبدأت التعلم. وأكملت دراستها وتعمل حالياً ممرضة في أحد مستشفيات بيرمن الألمانية.
تقول بحسرة: "سنوات كثيرة عشتها في العراق دون أوراق ثبوتية أو تعليم أو مستقبل، وكان هنالك أقرباء ورجال دين يعرفون بوضعي لكن لا أحد ساعدني، بل بعضهم كان السبب في ما حدث لي ولأمي". وتختم: "لقد وجدت فرصة للنجاة، أنا الآن مواطنة ألمانية، أحمل أسماً وجوازاً ألمانياً ولي كياني وحقوقي الخاصة، لو بقيت هناك لعشت عبدة ومت دون أن يكون لي أي حق".
*بعض الأسماء الواردة في التحقيق هي أسماء مستعارة بناءً على طلب المصادر للحفاظ على سلامتهم.
*أُنجِز التحقيق تحت إشراف شبكة "نيريج" للتحقيقات الاستقصائية ومنظمة "سي إف آي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه