الأبدية
معاجم جاهلة
أحدهم يكتب: "ما هو معنى سوريا؟"
بينما أنا أستند إلى عمود نار، أفرك أحزاني ببعضها ولا تشتعل أو حتى تصرخ!
أحدهم يكمل حديثه عن معنى كلمة سوريا، بينما أزيح البنايات من مكانها، ثم أعيدها.
أفعل هذا مرّات عديدة كلّ يوم ولا أتعب، إنّه تدريب بسيط دون غاية محدّدة.
يقول إنها - أي سوريا – تعني: (....)
بينما أنا أقف فوقها مثل مارد أبله وبسيط، أمسك الصّغار من شعرهم وأرفعهم عالياً.
لاشكّ يتألّمون قليلاً، ومنهم من يعضّني عضّة لئيمة تنطبع لأيّام في معصمي، لكن لا يهم، من الضّروري أن أسرع، يجب أن يكونوا جميعهم وعلى الفور في مكان آخر خارج هذا القطران.
ويضيف أنّ أحد المصادر المغرقة بالقدم قالت إن معناها: (....)
بينما أنا أكنس روث الله والملائكة عن شرفتي وعن سطح البيت، بهدوء وتسليم ودونما تذمّر ولا حتّى شتائم بالسّر.
أمسكُ الحياة كعود كبريت وأشخطه على الجهة المخصّصة، يخذلني، إذ يتفتّت الرّأس الأحمر.
لا شيء مهمّ إنّه رطب فقط. نسيت كيف أكتب! ليس بهذا الشكل والأسلوب تكتب حادثة عود الثّقاب المبلل.
أحدهم يكتب: "ما معنى سوريا؟"، بينما أنا أقول للجار الجديد أن يخرس لأنّني متّ مرهقاً، ولا أحتمل الثُرثرة آخر الليل، ولا عصراً، ولا حتى في أيّ وقت من النهار.
أحدهم يكتب: "ما هو معنى سوريا؟". بينما أنا أستند إلى عمود نار، أفرك أحزاني ببعضها ولا تشتعل أو حتى تصرخ... مجاز
مرّة كتبت، وكانت سوريا آنذاك مثل مقتول لازال منتصباً ينظر بخذلان لا يوصف. يومها كتبت: "من يتوّهم أنّ الرّصاص لم يصبه فليتفقّد الأشباح خلف بيته، الجنيّات في الممر بين الصالون والمطبخ، فليتفقّد العفاريت الّلطيفة في قصص صغاره، فليتفقّد روحه. أو بأقّل تقدير حنجرته".
متفرّج يُقتَل في حادثة إطلاق نار بين قميصين على منشر طلّاب في مدينة جامعية.
متفرّج يُقتَل في حادثة تفجير قنبلة في شارع مكتظّ بالمنكانات المهشّمة لسبب ما.
متفرّج يُقتل في حادثة إطلاق نار عليه عن سابق إصرار وتعمّد،
مات مندهشاً، إذ لطالما كان يظن نفسه المتفرج البعيد.
لن يكون هنا والآن لؤي كيالي، يقول لي معاتباً: "لماذا أحصيتَ تقريباً جميع لوحاتي وتجاهلتَ التي فيها النّساء يلبسن الأسود بإفراط، بينما الأمّ في الوسط محنيّة العنق ومكسورة، مكسورة بسهولة فظيعة؟"... مجاز
شرارة بيضاء على الإسفلت
خمسينيّ يركب درّاجة ناريّة
يشدّ خلفه بقسوة وإحكام كيس أرز
يبدو أنّه مثقوب دون علمه.
تتناثر الحبيبات الصّغيرة حول الدّراجة
شرارةً بيضاء على خلفيّة من الإسفلت.
يقود بحذر شديد مع أنّ ملامحه تشي بأنّه غاضب
ويستطيع أن يسلخ جلد المارّة بهدوء وتشفّ
بينما ترافقه وتستمرّ الشّرارة البيضاء طوال الطّريق.
بحذر يقود بين السّيارات في زحمة الظّهيرة
تماماً مثل صحفيّ يعبر مجزرة حصلت منذ قليل
يصلح هذا المشهد الذي كنت أراقبه من شبّاك الباص
ومن خلف الرّؤوس المحشوّة بالأحزان السّهلة
يصلح هذا المشهد لفلم تافه وبلا قصة
لفلم تمكّن المخرج من تصويره بأرقى الكاميرات
المخرج الّذي يمجّ من سيجارته بنهم من يعمل
يدمّرها في المنفضة ثمّ يصمت. يشعل سيجارة أخرى
ويتبعها بتنهيدة من يظنّ أنّه يفعل الكثير.
المشهد اّلذي راقبته، من خلف الرّؤوس المحشوّة بالخسارات والخيبات السّهلة
يصلح مشروع لوحة لـ لؤي كيّالي
الّذي مات ولم يقدّر له أن يرى إلّا بعض الباعة الجوّالين
والبويجي الحزين، وبائع زهور بيضاء،
وكثيراً من الأحزان المغروسة بسهولة غريبة في وجوه البشر.
لن يكون هنا والآن لؤي يقول لي معاتباً:
"لماذا أحصيتَ تقريباً جميع لوحاتي وتجاهلتَ الأهمّ، تلك الًتي تقول كل شيء دفعة واحدة
تلك التي فيها النّساء يلبسن الأسود بإفراط، بينما الأمّ في الوسط محنيّة العنق ومكسورة، مكسورة بسهولة فظيعة؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه