شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
رسالة إلى مهيب البرغوثي من غزة

رسالة إلى مهيب البرغوثي من غزة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن والحقوق الأساسية

الخميس 12 ديسمبر 202401:12 م

أكتب إليك وأنا جالس قرب خيام مهترئة في مواصي خان يونس، أراقب الريح وهي تعبث بأطرافها. الريح هنا ليست رفيقًا، بل خصمًا دائمًا، تحاول أن تنتزع ما تبقى من استقرارنا الوهمي. كل شيء هنا خفيف، هش، وكأن الحياة نفسها أصبحت قطعة قماش تُرفرف على عكاز من خشب.

الخيام، يا مهيب، ليست بيوتًا، إنما محاولات يائسة لتزوير الأمان. السقف أقرب إلى السماء منه إلى رؤوسنا، والجدران قماش رقيق يتنفس الخوف. الريح تمر عبرها بلا استئذان، تحمل معها رائحة الملح من البحر ورائحة البارود من ركام بيوتنا. نحن هنا عراة، مكشوفون أمام العالم، لكن العالم لا يرانا.

في الليل، الزنانات لا تهدأ. صوتها يُذكّرنا أننا لسنا وحدنا، ولكنها ليست رفقة نطمئن لها. الزنانة، ذلك الطائر الحديدي الذي لا يكل ولا يمل، تطير فوقنا كأنها تبحث عن قلوبنا لتلتهمها. لا نوم هنا، فقط انتظار ثقيل. الليل يُطوّقنا كحبل، وكل ساعة منه تبدو وكأنها دهر.

أما عن الطعام، فحدّث ولا حرج. منذ شهور لم أذق طعم اللحم. الأسواق هنا، مثل سوق الأربعاء، لم يعد سوقًا بالمعنى الذي نفهمه. أصبح مكانًا لا يشبه سوى الحزن والخراب. الباعة الذين عادوا إليه يجلسون خلف أكوام صغيرة من بضائع المعلبات الشاحبة، وكأنهم يبيعون الذكريات الميتة. لا أصوات هناك، لا ضجيج ولا مساومات. السوق، الذي كان يومًا صخبًا حيًا، أصبح الآن هامدًا، كأنه مكان للاعترافات الصامتة.

قلاية بندورة

أشتاق إلى قلاية بندورة، بكل بساطة. هذا الطبق الذي كنا نعدّه في أي وقت صار حلمًا مستحيلًا. أبحث عن بندورة، فأجدها مرهقة مثلنا، ذابلة ومخنوقة وبأسعار أغلى من حياتنا. السلطة؟ حلم إبليس في الجنة!

الحياة هنا ليست حياة، إنها انتظار طويل للمجهول. الركام في كل مكان، لكنه ليس مجرد حجارة مهدمة. الركام هنا ذاكرة. كل بيتٍ مدمر يحكي قصة حياة انتهت فجأة. كل زاوية تحمل شظايا من حكايات لم تكتمل. أتجول بين هذه الأطلال كمن يبحث عن شيء فقده منذ زمن طويل. 

الخيام، يا مهيب، ليست بيوتًا، إنما محاولات يائسة لتزوير الأمان. السقف أقرب إلى السماء منه إلى رؤوسنا، والجدران قماش رقيق يتنفس الخوف. الريح تمر عبرها بلا استئذان، تحمل معها رائحة الملح من البحر ورائحة البارود من ركام بيوتنا. نحن هنا عراة، مكشوفون أمام العالم، لكن العالم لا يرانا 

كان بيتنا صغيرًا، لكنه دافئ. الآن لم يتبق منه سوى الحائط الذي كنت أكتب عليه كلماتي الأولى. الحائط ما زال واقفًا، لكنه يئن تحت ثقل الشروخ، كأنه يرفض أن ينهار بالكامل. هذه المدينة، يا مهيب، تشبه ذلك الحائط. ترفض أن تنهار رغم كل ما مر بها، لكنها أيضًا ليست سليمة.

في الخيام، الحياة لها إيقاع مختلف. النهار طويل جدًا، والليل أطول. كل حركة محسوبة، وكل صوت يحمل معه احتمالات الألم. الأطفال هنا لا يلعبون، بل يراقبون. عيونهم تحمل أسئلة لا نملك إجاباتها. كأنهم كبارٌ في أجساد صغيرة، تعلّموا من الحياة ما لا ينبغي أن يتعلموه في هذا العمر.

أما السماء، فهي مرآة مشروخة. نظنها مفتوحة، لكنها مغلقة بأجنحة الطائرات. نحلم أن ننظر إليها دون خوف، أن نرى نجمة واحدة دون أن نشعر بأنها شاهدة على مأساتنا.

الجوع، والحصار، والذكريات، كلها تتشابك لتصنع شيئًا لا اسم له. نحن لسنا أحياءً بالكامل، لكننا أيضًا لم نمُت. نحن عالقون في منطقة رمادية، حيث الوقت يتحرك ببطء، والآمال تتآكل مثل الخبز القديم.

المدينة كلها تبدو كأنها حطامُ قصيدة لم تُكتب بالكامل. الأسواق خاوية، الشوارع صامتة، والبحر بعيد رغم قربه. حتى الموج فقد صوته، كأنه خجل من مشاركتنا أحزاننا.

غزة ليست مدينة الآن

في الليل، أستمع إلى الريح وهي تعوي بين الخيام، وأتساءل: هل هذه الحياة؟ أم أن الحياة شيء آخر نُسي هنا؟ أفكر في المستقبل، لكني لا أراه. كأن الغد نفسه عالق معنا في هذا المكان.

ماذا يمكنني أن أخبرك أكثر؟ كل ما أراه، كل ما أشعر به، هو أننا نسير على حافة شيءٍ ما، شيء لا يمكن تسميته. غزة ليست مدينة الآن، إنها حالة من الانكسار المستمر. ومع ذلك، هناك شيء فيها يرفض الموت.

ربما هذا هو سرها. غزة لا تموت. لا أدري إن كان هذا نعمة أم لعنة. لكنها، برغم كل شيء، تظل واقفة، مثل تلك الخيام في المواصي، تتحدى الريح رغم هشاشتها. 

أشتاق إلى قلاية بندورة، بكل بساطة. هذا الطبق الذي كنا نعدّه في أي وقت صار حلمًا مستحيلًا. أبحث عن بندورة، فأجدها مرهقة مثلنا، ذابلة ومخنوقة وبأسعار أغلى من حياتنا. 

لا أكتب لك لتفهم، فأنا نفسي لا أفهم. أكتب لأن الكتابة هي الشيء الوحيد الذي ما زال يُشعرني أنني موجود.

وتالياً أشارك معك نصي "كيف تحمي الطفل فيك وسط الحرب؟"

في زمن تبدو الفوضى لغة الواقع اليومي، وحيث تلتقي حرب الإبادة الجماعية مع شعور دائم بعدم الأمان، ويُضاف التجويع كعقاب جماعي، يصبح السؤال عن حماية الطفل في داخلك أكثر من مجرد تساؤل عابر. إنه سؤال البقاء، ولكن ليس البقاء البيولوجي فحسب، بل البقاء النفسي والروحي.

الفكرة والرمز

الطفل ليس مجرد مرحلة عمرية مرّت وانتهت. إنه حالة مستمرة، قلب ينبض في أعماقنا بحب للحياة، بحلم لا ينكسر، وبفضول لا يتوقف. الطفل هو ذاك الجزء الذي يرفض الانحناء، الذي يرى العالم عالماً رغم كل السواد. إنه الرمز الذي إذا انطفأ فينا، انطفأنا معه.

لكن ماذا نفعل عندما تتحول الحياة إلى طاحونة لا تميز بين كبير وصغير، بين قاسٍ ولين؟ عندما يصبح الصوت الذي يصرخ: "أنا هنا" صوتاً مبحوحاً بالكاد يُسمع وسط الضجيج؟

اصنع "ملاذ الطفل"

كما يحتمي الطفل في حضن أمه عند الخوف، نحتاج نحن الكبار إلى خلق ملاذ داخلي، مساحة آمنة في عقولنا وقلوبنا. قد تكون هذه المساحة فكرة نحتمي بها، ذكرى جميلة نتشبث بها، أو حتى لحظة صمت يومي نمارس فيها التأمل. هذه المساحة ليست رفاهية، إنها ضرورة لحماية ما تبقى من إنسانيتنا.

لكن يجب أن تكون المساحة حقيقية، لا مجرد مهرب مؤقت. ليست تسلية عابرة أو غرقاً في شاشات مضيئة تهرب بك من واقعك. إنها مكانٌ تتواصل فيه مع ذاتك الأصيلة، مع الطفل الذي فيك.

إلعب رغم كل شيء

قد يبدو هذا غريباً في خضم الحروب والأزمات، ولكن اللعب ليس ترفاً. اللعب هو أعمق أشكال المقاومة. إنه تذكير بأنك أكثر من مجرد ضحية. العب بأفكارك، بلعب أطفالك، حتى بأحلامك. في اللعب نعيد صياغة العالم وفقاً لشروطنا، ونرفض شروط الفوضى.

تخيل أنك ترسم لوحة وسط أنقاض منزل مدمر. هل هي سخافة؟ لا، إنها فعل مقاومة. كأنك تقول للعالم: أنا هنا، وما زال لدي الحق في الحلم.

ما الذي يجعل الشعر، مثلاً، سلاحاً في وجه الخراب؟ إنه الطفل الذي يصرخ في الكلمات، يملؤها بلغة لا تخضع للقوانين. استعن بالكلمات، اكتب، حتى لو لم تكن كاتباً. دع الجمل تقفز من داخلك مثل أطفال يلعبون تحت المطر. اكتب عن غضبك، عن خوفك، عن ضحكة يتيمة سمعتها وسط الظلام. في الكتابة تجد ملاذاً، وتمنح الطفل صوتاً.

شارك مع آخرين

الطفل الذي فيك ليس وحيداً. في كل إنسان حولك طفل آخر يصرخ طلباً للنجاة. ابحث عنهم، تواصل معهم. تحدثوا، اضحكوا، أو حتى ابكوا معاً. المشترك بينكم هو ما يمنحكم القوة، وهو ما يثبت أنكم ما زلتم على قيد الحياة الروحية.

التشارك يعني المقاومة الجماعية للخراب. لا تكن وحيداً في ألمك، فالطفل لا ينجو إذا تركناه وحده.

لا تخجل من البكاء

نحن نُعلَّم أن البكاء ضعف، لكن الطفل لا يعرف هذه القاعدة. البكاء شجاعة، إعلان بأنك ما زلت تشعر، بأنك لم تصبح آلة باردة. لا تخجل من دموعك، بل اجعلها لغة تتحدث بها مع ذاتك ومع العالم.

لا تنسَ أن تحب

الحب هو أقدم دروع البشر في وجه الفوضى. أحبّ ذاتك، أحبّ أطفالك، أحبّ حتى لحظات الصمت التي تسرقها من بين أنياب الزمن. الحب ليس عاطفة فحسب، إنه فعل مقاومة. عندما تحب، تعلن أن الشر لم ينتصر، وأن الفوضى لم تقتل الضوء. 

كما يحتمي الطفل في حضن أمه عند الخوف، نحتاج نحن الكبار إلى خلق ملاذ داخلي، مساحة آمنة في عقولنا وقلوبنا. قد تكون هذه المساحة فكرة نحتمي بها، ذكرى جميلة نتشبث بها، أو حتى لحظة صمت يومي نمارس فيها التأمل. هذه المساحة ليست رفاهية، إنها ضرورة لحماية ما تبقى من إنسانيتنا 

وسط عاصفة الحرب والفوضى، قد يكون من الصعب رؤية الجمال في الحياة. لكن الطفل الذي فينا لا يتوقف عن ملاحظة الأشياء الصغيرة. في ضوء خافت، قد ترى أشياء لم تنتبه لها من قبل: ورقة شجرة تتساقط، ابتسامة عابرة، همسة في الهواء. نحن كبالغين نميل إلى تجاهل هذه التفاصيل، لكن الأطفال يعشقونها.

إذا كنت تريد حماية الطفل فيك، تعلم أن ترى العالم كما يراه. يمكن لهذه التفاصيل الصغيرة أن تكون مصدر شجاعة. فهي تذكرك أن هناك حياة ما زالت مستمرة، رغم كل شيء.

لا أحد ينكر أن الخوف جزء من الحياة في زمن الحرب. لكن الخوف لا يعني الهزيمة. في داخلك، هناك طفل يواجه هذا الخوف بتحدٍ، يحاول فهمه وتفسيره بدلًا من الهروب منه. تصالح مع خوفك. تذكر أن الخوف ليس علامة على الضعف، إنه مجرد رد فعل طبيعي في ظروف غير طبيعية.

لكن لا تدع الخوف يسيطر عليك، بل اجعل منه دافعًا للاستمرار. في النهاية، لا يوجد شيء أكثر شجاعة من مواجهة مخاوفك. وإن كان الطفل يملك شيئاً واحداً يميّزه، فهو قدرته على الوقوف أمام الخوف رغم صغر حجمه.

إفهم قيمة الصمت

في عالم يضج بالصراخ، يصبح الصمت لغة نادرة. في بعض الأحيان، لا يحتاج الطفل إلى كلمات ليشعر بالأمان، بل يكفيه أن يشعر بأن هناك من يهتم به. الصمت ليس فراغاً، بل هو أحياناً نوع من التواصل العميق. يمكن أن يكون الصمت مكاناً للشفاء. في الحرب، حين تتعالى الأصوات وتختلط مع أصوات الانفجارات، يكون الصمت فرصة للتأمل.

البعض قد يرى في الصمت تهربًا، لكن الطفل الذي فيك يعرف أن الصمت أحياناً يكون أفضل من الكلمات، لأنه يمكن أن يعيد ترتيب فوضى الأفكار والمشاعر. تجنب الضوضاء في داخلك. دع الصمت يكون لحظة لإعادة الاتصال بذاتك، لاستعادة قدرتك على التفكير بوضوح.

مقاومة النسيان

في خضم كل ما نمر به، يبدو أن النسيان هو أقوى الأسلحة التي تحاربنا. النسيان للضحايا، للنضال، للذكريات. لكن الطفل فينا لا ينسى، مهما كانت الظروف. تذكر أن النسيان لا يعني النسيان الفعلي، إنما محاولة لجعلنا نعيش في حالة من الفقد المستمر. لكن، لا يمكنك أن تنسى حقيقة أنك إنسان، وأنك تستحق العيش كما هو الحال مع جميع البشر. 

الطفل الذي فيك ليس وحيداً. في كل إنسان حولك طفل آخر يصرخ طلباً للنجاة. ابحث عنهم، تواصل معهم. تحدثوا، اضحكوا، أو حتى ابكوا معاً. المشترك بينكم هو ما يمنحكم القوة.

تعلم أن تقاوم النسيان. اجعل ذكرياتك حيّة. ابقَ متصلاً بما كنت عليه، بما عشته، حتى لو كانت تلك الذكريات مؤلمة. النسيان ليس راحة، بل هو أداة لطمس الحقائق. ومن ينسى، ينسى نفسه أولاً.

إن أكبر تحدٍ يواجهه الإنسان في زمن الحرب هو القدرة على أن يكون له حياة. كيف تبني شيئاً وسط الخراب؟ كيف تحتفظ بقيمك، وتطوّر أفكارك، بينما كل شيء من حولك يتحطم؟

إن الطفل الذي فينا لا يتوقف عن الحلم، ولا يتوقف عن السؤال: "ماذا بعد؟" إنه لا يستسلم. ولكن مع ذلك، يحتاج إلى الإيمان بأن هناك غداً. لا يمكن للطفل أن يعيش في الحاضر فقط، فهو يحتاج إلى الأمل في المستقبل، حتى ولو كان المستقبل غير واضح.

إذا كنت ترغب في حماية الطفل الذي بداخلك، عليك أن تبني لحظات صغيرة من الحياة: طقوسك اليومية، أحلامك الصغيرة، وأهدافك التي تبدو بعيدة ولكنها تبقيك مستمراً. استمر في بناء حياتك، حتى وإن كانت صغيرة ومتواضعة. هذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على الطفل الذي بداخلك.

تذكر أن القوة تأتي من الداخل

في النهاية، إن حماية الطفل الذي فيك ليست مهمة خارجية فقط. هي مهمة داخلية تتطلب منك أن تكتشف قوتك الشخصية. عندما تكون في مواجهة الفوضى، عليك أن تتذكر أن أكبر قوة هي القوة التي تأتي من داخلك. ليست القوة الجسدية، ولا القوة السياسية، ولا قوة المال.

إنها القوة التي تجعلك تصمد في مواجهة الزمان، في مواجهة الحياة بكل قسوتها. القوة التي تعلمك أن تبتسم رغم الدموع، أن تصرّ على الحياة رغم كل العوائق. هذه القوة هي التي تحمي الطفل فيك، وتجعلك ترى في الحياة شيئاً أكثر من مجرد معركة يومية.

مواجهة الموت بحياة جديدة

قد يبدو الحديث عن الموت في هذا السياق محبطاً، لكن الحقيقة هي أن الطفل الذي فينا يعيش بتلك القدرة الغريبة على مواجهة الموت كما يواجه الحياة. الموت ليس نهاية في منظور الطفل. إنه لحظة من الانتقال، وقت للتجديد، فرصة لإعادة بناء الذات.

إذا كنت تحمي الطفل الذي بداخلك، يجب أن تتذكر أن الحياة والموت جزءان من نفس الدورة. أنت محاط بالفناء، لكنك تستمر في الحياة من خلال الحفاظ على هذا الطفل الذي يرفض الاستسلام. الموت ليس النهاية، بل هو دعوة لخلق حياة جديدة في قلبك.

في النهاية، ليست الحروب هي التي تحدد مصيرنا، بل ما نختاره أن نكون. لا يمكن للخراب أن ينقض على الروح الإنسانية إذا كانت هناك إرادة في الداخل لحمايتها. لا يمكن للعنف أن يحطم القلب الذي يرفض أن ينسى الإنسانية. في لحظات الضعف، لا تفرط في الطفل الذي بداخلك، بل حافظ عليه، لأنه هو قوتك في العالم الذي يميل إلى الظلام.

الطفل فينا هو الضمير الحي، هو المقاومة الحقيقية في عالم يسعى لقتل الأمل. إن حمايته تعني ببساطة أن نتمسك بالحياة، أن نرفض الاستسلام، أن نخلق عالمًا حتى في أوقات الحرب والفوضى. في كل لحظة تزداد فيها الفوضى، تزداد الحاجة إلى الطفل الذي يعاند، إلى الأمل الذي لا يموت.

لكن لماذا نحمي الطفل فينا؟ ربما تسأل نفسك: لماذا كل هذا العناء؟ لماذا أحمي شيئاً يبدو ضعيفاً وسط هذا الخراب؟

لأن الطفل هو ما يجعلك إنساناً. هو ما يمنحك سبباً للاستيقاظ كل صباح. في الحروب، قد نخسر كل شيء: منازلنا، أصدقاءنا، أحلامنا. لكن إذا بقي الطفل حياً، بقي الأمل. لا تسمح لهم بأن يقتلوك من الداخل. احمِ هذا الطفل بكل ما أوتيت من قوة. ففي داخله، تكمن إنسانيتك، وأيضاً انتصارك. 

مهيب البرغوثي: شاعر فلسطيني مقيم في رام الله. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image