"مصالحة تاريخية"، هكذا وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان توصّل الصومال وإثيوبيا لاتفاق على إعلان يقضي بالانخراط في مفاوضات لحل الخلافات المُتصاعدة بين البلدين المتجاورين منذ شهور على خلفية أزمة إقليم "صوماليلاند" الانفصالي، مؤكداً اتخاذ "الخطوة الأولى نحو بداية جديدة قائمة على السلام والتعاون بين مقديشو وأديس أبابا".
الاتفاق الذي يأتي ضمن ما يعُرف بـ"إعلان أنقرة" جاء ليكسر حدة التصعيد والتهديد بين كلا البلدين، إذ يقضي بالمضي قدماً في مفاوضات فنية في موعد أقصاه نهاية شباط/ فبراير 2025، للتوصّل إلى اتفاق نهائي خلال أربعة أشهر، على أن يضمن لإثيوبيا "الدولة الحبيسة" الحصول على منفذ بحري بالاتفاق مع حكومة مقديشو الفيدرالية، التي ستضمن بدورها احترام سلامة أراضيها.
ومنذ كانون الثاني/ يناير 2024، توتّرت العلاقات الصومالية الإثيوبية بشكل ملحوظ، على خلفية توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي "صوماليلاند" الذي يسعى للحصول على اعتراف دولي باستقلاله عن الصومال، يسمح لها باستئجار 20 كيلومتراً على ساحل البحر الأحمر قرب ميناء بربرة لمدة 50 عاماً، لأغراض تجارية وعسكرية. وهو اتفاق رفضه الصومال باعتباره انتهاكاً لسيادة البلاد، إذ تتمسّك مقديشو بأن إقليم "صوماليلاند" جزء من أراضيها في الوقت الذي لا يحظى الإقليم باعتراف دولي، وذلك على الرغم من إعلانه الاستقلال من طرف واحد منذ عام 1991.
القاهرة والتي تجمعها علاقات متوتّرة مع إثيوبيا أيضاً، لكن على خلفية إجراءات أديس أبابا الأحادية في ملء سد النهضة وتشغيله، وعدم التوصّل لاتفاق قانوني حتّى اليوم، دخلت على خط الأزمة من باب دعم الصومال. وصل الأمر إلى توقيع القاهرة بروتوكول تعاون عسكري مع مقديشو في آب/ أغسطس، ليعقبه إرسال طائرتين محملتين بالأسلحة والذخيرة، قبل أن تلحق بهما سفينة عسكرية في أيلول/ سبتمبر 2024، مع تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موقف القاهرة "الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والاستعداد للدفاع عنه بكل قوة".
"دبلوماسيّة المُسيّرات" التركية تتفوّق على "دبلوماسيّة الأجهزة الأمنية" المصرية… ماذا نعرف عن "المصالحة" المفاجئة بين إثيوبيا والصومال برعاية تركية؟ وماذا يعكس الاتفاق عن سياسة وجهود مصر الخارجية في القرن الأفريقي؟
وفيما اتخذت القاهرة صف مقديشو، وسعت لتعزيز حضورها في القرن الأفريقي، اتجهت تركيا بما تمتلكه من نفوذ وما تهدف إليه من مصالح في المنطقة، للعب دور الوسيط بين إثيوبيا والصومال حيث أجرت جولات من المفاوضات، أسفرت في النهاية عن اتفاق المصالحة بين البلدين، في خطوة يراها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، بمثابة "ضربة" للقاهرة ولحضورها في القرن الأفريقي.
فشل خارجي لمصر؟
ويستنكر هريدي الاتفاق الإثيوبي الصومالي برعاية تركيا، ويراه "فشلاً كارثياً" لمصر، التي لم تُقدّر حجم قدراتها الحالية، وأقحمت نفسها في النزاع بين مقديشو وأديس أبابا، قائلاً إن القاهرة في الوقت الحالي لا تستطيع مجابهة القوى الفَاعلة بمنطقة القرن الأفريقي وفي مقدمتها تركيا والإمارات والصين والسعودية، التي تمتلك نفوذاً وتأثيراً كبيرين على دول المنطقة.
وفيما يؤكد هريدي لرصيف22 أن دول القرن الأفريقي على مدار تاريخها دخلت في صراعات ومُصالحات، يشدد: "القاهرة 'تدفع الثمن' حالياً عن خطواتها غير المحسوبة في القرن الأفريقي، وعليها مراجعة حساباتها من جديد وأخذ 'خطوة للخلف' ومحاولة تكوين تحالفات إقليمية مع أصدقاء موثوق بهم، مع تغيير سياستها الخارجية التي أصبحت تضطلع بها وتقودها في السنوات الأخيرة 'أجهزة أمنية' لا دبلوماسيون مُخضرمون ما تسبّب في الفشل في أكثر من ملف خارجي".
ويشير مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن سبباً رئيسياً آخر وراء ذلك الفشل هو وضع الاقتصاد المصري المأزوم في السنوات الأخيرة، إذ باتت دول المنطقة على دراية بحجم القدرات المحدودة التي يمكن للقاهرة القيام بها مصر خارجياً، والتي تُعيقها عن ممارسة أدوارها السابقة المُتمثلة في تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية، وليس مجرد "التهويل الإعلامي"، على حد وصفه، بعكس تركيا التي تغلغلت في القرن الأفريقي خلال العقد الأخير، وبالتحديد منذ زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصومال، قبل أكثر من 10 أعوام، مشدّداً على أن الدور التركي بالقرن الأفريقي "كبير للغاية".
إفساد اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال
وبينما يعتبر هريدي أن القاهرة تلقّت ضربةً قويةً بالاتفاق الصومالي الإثيوبي بوساطة تركية، لا يبدو نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، متفاجئاً بهذا الاتفاق إذ يشير إلى أن تركيا أجرت خلال الستة أشهر الأخيرة ثلاث جولات من المفاوضات قبل أن تنجح في الجولة الرابعة في التوصّل لصيغة اتفاق بين دولتيّ سيادة، وليس بين دولة وإقليم على غرار اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق وإن كان "مبدئياً" سيساعد على تهدئة واستقرار منطقة القرن الأفريقي الفترة المقبلة، لا سيّما حال التوصّل إلى اتفاق مكتمل الأركان في نهاية جولات التفاوض التي تستمر أربعة أشهر.
يستنكر السفير هريدي الاتفاق الإثيوبي الصومالي برعاية تركيا، ويراه "فشلاً كارثياً" لمصر التي -برأيه- لم تُقدّر حجم قدراتها الحالية، وأقحمت نفسها في النزاع بين مقديشو وأديس أبابا، قائلاً إن القاهرة لا تستطيع حالياً مجابهة القوى الفَاعلة بمنطقة القرن الأفريقي وفي مقدمتها، تركيا والإمارات والصين والسعودية، لامتلاكها نفوذاً وتأثيراً كبيرين على دول المنطقة
ويقول حليمة لرصيف22 إنّ الاتفاق الجديد يبطل الاتفاق السابق بين إثيوبيا وإقليم "أرض الصومال"، مشيراً إلى أن أديس أبابا من المنتظر أن تحصل على ميناء بحري على سواحل مقديشو للأغراض التجارية فقط بعيداً عن الأنشطة العسكرية، مع الحفاظ على وحدة أراضي الصومال وسيادتها، وهو ما سعت له القاهرة من البداية، مؤكداً أن مصر لن تخرج من معادلة القرن الأفريقي حيث نجحت مؤخّراً في التقارب مع دول المنطقة على غرار جيبوتي وإريتريا والصومال.
توافق مصري تركي
على الرغم من مخاوفه من تبعات "المصالحة" بين مقديشو وأديس أبابا، يعتقد هريدي أن "الصومال لن يخاطر بعلاقته مع مصر وإريتريا وجيبوتي"، متوقعاً رفض مقديشو منح ميناء بحري للأغراض العسكرية على سواحلها لأديس أبابا، مضيفاً أن تركيا أيضاً التي تحسّنت علاقاتها مع مصر أخيراً لن تجازف بصدام جديد معها، ولذا ستكون حريصة على ألا يحصل الإثيوبيون على منفذ عسكري في باب المندب يساعدهم على تهديد الملاحة المُتجهة للبحر الأحمر وقناة السويس، وهي المخاوف التي عبّرت عنها القاهرة سابقاً لدول القرن الأفريقي.
بدوره، يشير حليمة إلى أن تركيا أجرت في الآونة الأخيرة عدة اتصالات مع مصر لخلق تفاهمات حول منطقتيّ القرن الأفريقي والبحر الأحمر تراعي المصالح المشتركة للبلدين فيهما.
وبعد قطيعة بدأت مع رحيل نظام الرئيس المصري الراحل محمد مرسي في 2013، استأنفت القاهرة وأنقرة علاقاتهما الدبلوماسية قبل نحو العام، وتكلّلت جهود التقارب بين البلدين بزيارة الرئيس التركي، أردوغان، مصر في شباط/ فبراير 2024، ليردها الرئيس المصري، السيسي، بزيارة لأنقرة في أيلول/ سبتمبر الفائت.
ويتّفق المتخصّص في الشأن التركي، بشير عبد الفتاح، مع السفير حليمة، في أن جزءاً كبيراً من التحرّكات التركية بالقرن الأفريقي نُسّق مع الجانب المصري، لا سيّما بعد المصالحة بين البلدين، خاصةً أن أنقرة تَعي أن أفريقيا تُمثّل ملعباً قديما لمصر، ولن تستطيع تحقيق أهدافها في القارة السمراء بدون التنسيق مع القاهرة، وسبق أن تصادمت مصالحهما في أكثر من موقع أبرزها ليبيا، لذلك يتوقّع أن تتم إدارة المنافسة بينهما بمبدأ اقتسام الغنائم بما لا يضر بمصالح الآخر، والحيلولة دون تحوّل تلك المنافسة إلى صراع أو مواجهة.
وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، استضافت القاهرة الجولة الثانية من المشاورات بين مصر وتركيا حول أفريقيا، وقد تصدرتها منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والصومال وليبيا، إذ اتفق الجانبان على تعزيز التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة بالقرن الأفريقي والبحر الأحمر، بالإضافة إلى مواصلة دعم الجهود الصومالية في مكافحة الإرهاب، وذلك بعدما استضافت أنقرة الجولة الأولى من المشاورات في 15 شباط/ فبراير من العام الجاري، وفق بيان صحافي لوزارة الخارجية المصرية.
تركيا "تؤمّن" مصالحها في القرن الأفريقي
وعن الدور التركي في المنطقة، يقول عبد الفتاح لرصيف22 إن المصالح وحدها تقف وراء الاتفاق الصومالي الإثيوبي برعاية أنقرة، التي نجحت في استغلال نفوذها وعلاقاتها بكلتا الدولتين، في دفعهما للمضي نحو "اتفاق مبدئي" بعد أشهر من التوتّر والتصعيد بينهما، على خلفية اتفاقية إثيوبيا وإقليم صوماليلاند الانفصالي.
ويعتبر المتخصّص في الشؤون التركية أن أنقرة سعت لتأمين مصالحها، لا سيّما أنها تمتلك قاعدة عسكرية، ومشروعات اقتصادية متنوعة في مقديشو، بالإضافة إلى علاقتها الجيدة مع أديس أبابا، مشيراً إلى أن أخطر ما في الاتفاق الأخير "غير المُعلن البنود" أنه يتضمن آلية آمنة لوصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر عبر منفذ لم يتم توضيح إذا ما سيكون عسكرياً، أم للأغراض التجاريّة فقط، وهو ما يعني كسر مصطلح "الدولة الحبيسة" بالنسبة لإثيوبيا.
ومنذ زيارة أردوغان، رئيس الوزراء آنذاك، لمقديشو في 2011 برفقة زوجته، توغّلت أنقرة في الصومال بشكل غير مسبوق، إذ افتتحت في 2017 قاعدة "تركسوم" العسكرية، التي تعتبر أكبر قواعدها العسكرية خارج البلاد، بالإضافة إلى قيامها بتوريد الأسلحة اللازمة لوحدات الجيش الصومالي التي تدربها. وفي 2019، أسّست مقر الشرطة الخاصة في مقديشو المعروفة باسم "الفهد"، وصولاً إلى شباط/ فبراير 2024، إذ وقّع البلدان في أنقرة، اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تنص على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، وتبادلهما المعلومات الاستخباراتية، والأهم من ذلك يتمثل في منح تركيا الحق في حماية المياه الإقليمية الصومالية، بواسطة سفن حربية تركية وجنود أتراك يتولون حماية ما يناهز 3 آلاف كيلومتر من سواحل مقديشو، وفق ما تشير تقارير إعلامية.
تعزيز نفوذ أنقرة في القرن الأفريقي
وبعيداً عن سياسة المصالح، يؤكد بشير عبد الفتاح، أن الاتفاق سيعزّز من نفوذ تركيا في القرن الأفريقي باعتبارها "دولة صانعة سلام"، وقادرة على نزع فتيل التوتّر بين دول المنطقة، مُعدّداً أهداف أنقرة في القرن الأفريقي، "ما بين أهداف عسكرية جيوسياسية، لتأمين مصالحها ولَعب دور ومُناطحة القوى العظمى في تلك المنطقة الحسّاسة في مسار التجارة العالمية عبر باب المندب والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وأهداف اقتصادية تتمثّل في الانتشار بالقارة السمراء وزيادة صادراتها إليها، فضلاً عن الحصول على المواد الخام من النفط والغاز"، مذكّراً في هذا الصدد بأن الصومال يمتلك احتياطياً كبيراً من النفط والغاز، وبأن الشركات التركية لديها رغبة كبيرة في الاستفادة من تلك الاحتياطيات كون أنقرة ليست دولة مُنتجة لتلك المواد بكثافة، وأبرز دليل إرسال سفينة تنقيب تركية إلى مقديشو مؤخّراً، مؤكداً "أينما وُجد الغاز والنفط، تظهر التحركات التركية".
وأرسلت أنقرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 سفينة البحث والاستكشاف "الريس عروج" حيث كان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في مقدمة مستقبليها بميناء مقديشو قبيل بدء عملها في التنقيب عن النفط والغاز في المناطق البرية والبحرية الصومالية.
ويتوقّف المتخصص في الشأن التركي عند تزايد نفوذ أنقرة في القرن الأفريقي بشكل متسارع في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أنها نجحت في عقد مصالح مشتركة مع عدة دول على غرار إثيوبيا، الغنية بالموارد الطبيعية كالمياه والأراضي الزراعية، بالإضافة إلى أنها مركز مهم بالقارة الأفريقية وبها مقر الاتحاد الأفريقي، إذ يمكن من خلالها الحصول على صفة مُراقب بالاتحاد الأفريقي، والانطلاق لباقي دول القارة، لا سيّما دول جنوب الصحراء، لذلك سعت تركيا عبر ما يُعرف بـ"دبلوماسية المُسيّرات" لاستيلاد مصالح متبادلة معها، وهنا تجدر الإشارة لحرب الحكومة الإثيوبية مع إقليم تيغراي في 2022، وكيف ساعدت تركيا، آبي أحمد والجيش الإثيوبي عبر إمداده بالطائرات الُمسيّرة، التي حالت دون استيلاء قوات تيغراي على العاصمة أديس أبابا بعد تفوّقها في عدة معاك آنذاك.
ويستطرد بأن تركيا استغلت حاجة عدة دول أفريقية في المنطقة للطائرات المُسيّرة التي تتميز في إنتاجها من أجل تعزيز نفوذها وحضورها، مشيراً إلى أن التغلغل التركي يأتي في أكثر من سياق، أولها "الناعم" عبر المساعدات الإنسانية والمهام الثقافية المُتمثّلة في إقامة المساجد والمراكز الثقافية والمستشفيات والمشاريع التنموية، لا سيّما بالدول التي بها جاليات مُسلمة كبيرة، وثانيها "العسكري" وذلك عبر بيع الأسلحة والمُسيّرات التي تنتجها لدول القارة بأسعار ليست باهظة، مع الدخول في مشاريع تدريبات عسكرية وتأمين المنشآت الحيويّة في تلك الدول عبر شركتها "صادات" الدفاعية، التي تُقدّم خدمات التدريب والحماية العسكرية.
هل تحصل إثيوبيا على ميناء عسكري بالصومال؟
إلى ذلك، يرى المحلل الإستراتيجي الصومالي، حسن محمد حاجي، أن الاتفاق الأخير في أنقرة، يمثل مكسباً لإثيوبيا، إذ يُتيح لها الوصول الآمن إلى الموانئ الصومالية، بما يعزّز تجارتها الخارجية بصفتها دولة غير ساحلية، بالإضافة إلى أنه يوفر الاستقرار على حدودها مع الصومال، مشيراً إلى أنه حتّى الآن يركز الاتفاق على التعاون الاقتصادي والتجاري، ولا توجد إشارات علنية على موافقة مقديشو على استخدام إثيوبيا للموانئ لأغراض عسكرية إذ تلتزم الصومال بسيادة أراضيها وترفض التورّط في أي تدخل عسكري مباشر.
"القاهرة 'تدفع الثمن' حالياً عن خطواتها غير المحسوبة في القرن الأفريقي، وعليها مراجعة حساباتها من جديد وأخذ 'خطوة للخلف' ومحاولة تكوين تحالفات إقليمية مع أصدقاء موثوق بهم، مع تغيير سياستها الخارجية التي أصبحت تضطلع بها وتقودها في السنوات الأخيرة 'أجهزة أمنية' لا دبلوماسيين مُخضرمين"
ويفسر حاجي، لرصيف22، تراجع مقديشو عن لغة التصعيد تجاه أديس أبابا، بتعرّض الصومال لضغوط دبلوماسية من تركيا، التي قدّمت لها في الآونة الأخيرة العديد من المساعدات وأنجزت المشاريع الأمنيّة والتنمويّة لمقديشو، فضلًا عن إدراك الحكومة الصومالية أن التهدئة تخدم مصلحتها في تحسين التعاون الأمني والتنموي، خاصة في مواجهة الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب، مستبعداً في الوقت ذاته أن تؤثّر المصالحة بين إثيوبيا والصومال بشكل مباشر على علاقة الأخيرة مع مصر، إذ تعمل مقديشو على موازنة علاقاتها بين القوى الإقليمية، مستفيدةً من جميع الأطراف دون الانحياز لطرف على حساب الآخر، على حد قوله.
ويلفت المحلل الصومالي إلى تنوّع الدور التركي في بلاده، بالإشارة إلى أنه يتميّز بالاستثمار الطويل الأمد في البنية التحتيّة، والتعليم، والتعاون الأمني، حيث تسعى أنقرة لتعزيز الاستقرار في الصومال وتستخدم الوساطة السياسية كأداة لتحسين علاقاتها مع كل الأطراف، بما يعزّز تأثيرها في المنطقة ويزيد من نفوذها.
وعلى عكس حاجي، يؤكد الباحث السياسي، موسى شيخو، لرصيف22، أن اتفاق "المصالحة" الذي وصفه بأنه "هام للغاية" ومن مكاسب الدبلوماسية الإثيوبية في منطقة القرن الأفريقي، سيتيح لإثيوبيا الحصول على ميناء بحري بما في ذلك للأغراض العسكرية، وفق شروط يتم الاتفاق عليها بين الدولتين والذي سيتم مناقشتها بشكل مفصّل في مباحثات العام الوشيك.
إثيوبيا واتفاق أرض الصومال
أما بشأن مستقبل الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، فيضيف شيخو أن بلاده تقف على مسافة واحدة من الجميع في الصومال، وتُبدي حرصاً على صومال موحّد، وسبق أن أقدمت إثيوبيا بقيادة آبي أحمد على محاولات متكررة للجمع بين القيادة في مقديشو وهرغيسا من دون جدوى، مؤكّداً أن التعاون وإعادة العلاقات مع مقديشو، لن يكونا على حساب الاتفاق الذي أبرمته أديس أبابا سلفاً مع صوماليلاند إذ تجمع الطرفين "روابطُ ممتدة لثلاثين عاماً ماضية"، إلا أنه لا يستبعد تجميد مذكرة التفاهم مع صوماليلاند بشكل مؤقت راهناً.
ختاماً، يشير شيخو إلى أن الاختراق الأخير في علاقة مقديشو وأديس أبابا، تم بفضل العلاقات القوية مع تركيا، التي تُعد صديقة للبلدين وتحظى باحترام الجميع في منطقة القرن الأفريقي الذي أصبح محل صراع على النفوذ بين القوى الإقليمية والدولية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Tester WhiteBeard -
منذ 4 ساعاتtester.whitebeard@gmail.com
Ahmad Tanany -
منذ 8 ساعاتتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
Ahmad Tanany -
منذ 8 ساعاتتلخيص دسم
Ahmad Tanany -
منذ 8 ساعاتتلخيص دسم
Husband let me know -
منذ يومهلا
Husband let me know -
منذ يومهلا