شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"مُعَنْبَرة خضراء مثل الزّبرجدِ"... الحشيشة في التراث العربي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والتاريخ

الجمعة 4 نوفمبر 202212:07 م

أسّس طبيب الأعصاب والنفس جاك جوزيف مورو مع آخرين، في القرن التاسع عشر، نادياً للحشّاشين، كي يختبروا تأثيرات الحشيش والمخدرات على النفس البشرية. وقد ضم النادي أعضاء من النخبة الفرنسية المثقّفة، نذكر منهم شارل بودلير وفيكتور هيغو. ولا ريب أنّهم كانوا يدخّنون الحشيش على مذهب المخمّسة في العصر الأيوبي!

لم يغب الحشيش عن تراثنا، فقد كان له شعراؤه وظرفاؤه وصناع حلوياته، إضافة إلى متعاطيه، فكُتبت عنه الأخبار والرسائل. ولربما كان أشملها ما ذكره الأديب تقي الدين البدري الدمشقي في القرن الخامس عشر في رسالته "راحة الأرواح في الحشيش والرّاح".

نبات القنّب، الحشيش، هو غصن من أغصان شجرة الزقوم، وله ثمانون اسماً؛ ففي الهند كان اسم الحشيشة "السكينة"، وفي اليمن "بنت الجِراب"، وعند أهل الشام "الصحيح"، وفي مصر "زيه". كما تعدّدت أسماء الحشيشة حسب كلّ بلد وشعب وطائفة، فلدى الصوفية هي "لُقيمة الفقراء"، وأسماها الفلاسفة "لُقيمة الفكر"، فإن طلبتموها من صنّاعها عليكم باسم "البشبيشة". وأمّا البائعون لها، فيسمونها "الكحل"، وعند إبليس وجنوده "المصيدة". وقد قال عنها ابن النجار: "هات بنت البقول، وغنّي وقول، إن كان لك معقول". وهو الذي نقل عنه تقي الدين البدري الدمشقي العديد من أسمائها.

الحشيش، نبات القنّب وهو من أول النباتات التي دجّنها الإنسان، واستخدمها في صناعة المنسوجات والزيوت والطعام والطب. ويعود أول تسجيل لظهور نبات القنّب في الاستخدام البشري إلى الألف الثالث قبل الميلاد في الهند. وفي مقبرة صينية تعود إلى 2500 سنة قبل الميلاد، حيث وُجدت آثار تدل على استخدام القنّب للتأثير النفسي عبر استنشاق دخانه. وقد ذكر المؤرخ هيرودوت الحشيش في أحد نصوصه التي تعود إلى ما قبل الميلاد.

انتشرت الحشيشة عبر العالم منذ العصور القديمة، وقد لحظها العلماء والكتاب العرب مثل الرازي وابن عساكر، واختلفوا قليلاً في زمن معرفتها في بلاد العالم الإسلامي، ما بين القرن الخامس والسابع الهجري، وأرجع الحافظ بن كثير ظهورَها إلى التتار.

أسّس طبيب الأعصاب والنفس جاك جوزيف مورو مع آخرين، في القرن التاسع عشر، نادياً للحشّاشين، كي يختبروا تأثيرات الحشيش والمخدرات على النفس البشرية. وقد ضم النادي أعضاء من النخبة الفرنسية المثقّفة، نذكر منهم شارل بودلير وفيكتور هيغو 

أمّا من نُسب إليهم إظهارها، فقد قال بعضهم، بأنّ الشيخ قَلَندر، هو من ابتدأ باستعمالها، في حين قال البعض الآخر، بأنّ الشيخ حيدر الخُراساني، هو من أظهرها لتابعيه. وما بين الشيخين تعدّدت الروايات، إلّا أنّ الحضّ على كتمان تعاطي هذا السرّ، كان من كليهما.

وجاء في التراث، بأنّ الشيخ حيدر الخُراساني، ومقامه في نيسابور من بلاد خُراسان شرق إيران، كان قد خرج من إحدى خلواته إلى الصحراء في ساعة القيظ، فانتبه إلى نبتة تميس بخفّة، كأنّها سكرانه، نشوانه، فنادى عليه منادي الكشف، أي هاتف لا يُرى بأنْ: "كُلْ من ورق النبات، فإنّه أعظم القربات، فهو طعام المتفكّرين في معانينا، ومُدام المعتبرين بمغانينا". وعندما أكل الشيخ منها أصابه الوجدُ والطرب، فتحقق من سرِّها وحكمتها، فعاد إلى أصحابه وعرّفهم بها، وطلب منهم سترَ تعاطيها. وقد زرعها تلاميذه على قبره تكريماً له لتعريفهم بهذا السرّ.

وقد ذكر بعض الشعراء نسبتها له كالشاعر الدمشقي محمد بن علي بن الأعمى الدمشقي: "دع الخمر واشرب من مُدامة حيدر/مُعَنْبَرة خضراء مثل الزبرجد". واتبعه بذلك الشاعر أحمد بن رسام: "واشكرْ عصابة حيدر إذ أظهروها/لذوي الخلاعة مذهبَ المتخمِّس"، الذي ذكرناه أعلاه في نادي الحشّاشين الفرنسي. ويذكّرنا مذهب المتخمّس بالعادة بين متعاطين الحشيشة بأن يتشارك السيجارة أكثر من مدخّن، كما في أغنية فرقة عائلة البندلي في الثمانينات: "دورها دور دور".

أمّا الشيخ قلندر فقد وضع قواعد تعاطيها: "اعلمْ أنّه يجب على العاقل الأديب الفاضل، إذا أراد استعمال هذا العقار أن يطهِّر من النجس جثمانَه، ومن الدنس قمصانَه، ويتحلّى باكتساب الفضائل، ويتخلى عن اِرتكاب الرذائل"، وأن يتناولها بيده اليمنى قائلًا: "بسم الله ربّ الآخرة والأولى الذي أخرج المرعى". ويتابع الشيخ قَلَندر بتعداد الواجبات والاحتياطات على متناول الحشيشة، كأن يكحل أسنانه بالإثمد حتى يخفى عن الأخشان شأنه، ويقصد بالأخشان الذين لا يفقهون سرّّ هذه النبتة الذي بها يفاض على متعاطيها من علم الله القديم، فينفصل عن ناسوته، ويتصل بمعنى لاهوته.

وتُنسب الحشيشة إلى صوفي هندي يسمى "البيررتن"، وهو أول من أظهرها في الهند، ومن هناك انتشرت إلى العالم. ويقال بأنّ هذا الصوفي كان على زمن الرسول محمد، وقد عاش إلى القرن السابع هجري، لكنّ ابن شاكر صاحب كتاب "فوات الوفيات" ينكر هذا الحديث بالمطلق.

"دَع الخمر واشرب من مُدامة حَيْدَر/مُعَنْبَرَة خضراء مثل الزبرجدِ"

وتتكرّر ذات القصة لدى تقي الدين البدري الدمشقي عندما أنكر ما نسب إلى الشيخين حيدر وقلندر استناداً إلى نصر الله بن محمد الشيرازي في كتابه "رياض العارفين"، الذي كتب سيرة الشيخين وأكد أنّهما لم يتناولا الحشيشة أبداً، لكنّ أتباعهما قد فعلوا ذلك، وأنّ من أدخلها إلى خُراسان رجل أسود كشفةِ الشيطان يتبع صوفيّاً في الهند، يُدعى "بيرنطن" كان يتعبّد للشيطان في صنم، فأظهرها له الشيطان، ومنه انتشرت. حيث نرى القرابة اللفظية بين اسم البيررتن وبيرنطن.

بين الخمر والحشيش داحس وغبراء

كان بين المُدام وبنت البقول حرب شعواء على ألسنة الشعراء، جنّدوا فيها التشابيه والاستعارات، كلٌّ يريد أن يسحب البساط نحوه كما جاء في كتاب دراسات في الشعر في عصر الأيوبيين. يقول محمد بن علي بن الأعمى في فضل الحشيشة على الخمر:

دَع الخمر واشرب من مُدامة حَيْدَر/مُعَنْبَرَة خضراء مثل الزبرجدِ

هي البِكر لم تُنكح بماء سحابةٍ/ولا عُصِرَتْ يوماً برجْلٍ ولا يدِ

ولا عَبَثَ القِسيس يوماً بكأسها/ولا قَرَّبوا من دَنِّها كُلَّ مَقْعَدِ

ولا نَصَّ في تحريمها عند مالكٍ/ولا حَدَّ عند الشافعيِّ وأحمدِ

ولا أَثْبَتَ النعمانُ تنجيسَ عينها/فخُذْهَا بحَدِّ المشرفي المهنّدِ

يفاضل الشاعر بين الخمر والحشيشة، فيأخذ لها صفة المُدام بعد أن يسلخها عن الخمر. ويثبت لها عذرية لا تتمتع بها الخمرة التي يتوجب خلطها بالماء حتى ترق، ويبعدها عن وطء الأرجل عند العصر ولعب الأيادي، وما يفعل بها القسيسون الذين اشتهروا بخمورهم. ومن فضائل الحشيشة على الخمر أنّها نجت من فتوى الأئمة الأربعة في الإسلام فلم تحرّم من قبلهم.

أمّا الشاعر زين الدين البكري: فيقول: غنَيتُ بها عن شرب خَمْر معتَّقٍ/وبالدّلقِ عن لبسِ الجديد المزوَّقِ

يشنّ ابن الصائغ هجوماً ضارياً على الخمرة عبر مقايستها بفضائل الحشيشة، قائلًا:

أعطِني خضراء كافوريةً/يكتب الخمر لها من جُندها

أَسْكَرَتْنَا فوق ما تُسْكِرُنا/وربحنا أنفُسًا مِنْ حَدِّهَا.

لم يثبت تحريم صحيح للحشيشة لكنها حُرّمت بالقياس إلى الخمر. واختلفوا إن كان متعاطيها يحدّ بالجلد أو يعاقب بالتعزير

لقد أصبح الخمر جندياً في جيش الحشيشة المنسوبة إلى بستان في القاهرة على أيام الأيوبيين يسمى "الكافوري"، وإليه نسبت الحشيشة التي من مميزاتها أن لا يحدّ متعاطيها، كما يحدّ شارب الخمر. ويزيد فيقول في قصائده: يفعل منها درهمٌ فوق ما/تَفْعَل أرطالٌ من الخمرِ.

لم يسكت شعراء الخمر على تجنّي شعراء الحشيشة، فردوا لهم الصاع صاعين، فقال جمال الدين النجار نقيب أشراف الإسكندرية في القرن السابع هجري:

لحا الله الحشيش وآكليها/لقد خَبُثَتْ كما طاب السلافُ

كما تسبي كذا تُضْنِي وتُشْقِي/كما يشقى وغايتها الخرافُ

وأصغر دائها والداء جمّ/بغاءٌ أو جنونٌ أو نشافُ

لقد شبّه الشاعر آكليها بالخراف، الذين تقودهم إلى التهلكة بالتعهر أو الجنون أو المرض. أمّا الأسعردي، فأنشأ قصيدة طويلة أظهر فيها مزايا الخمرة على حشيشة الخراف: أترضى بأن تمسي شبيه بهيمةٍ/بأكل حشيش يابس غير أرغدِ

فدع رأيَ قوم كالدواب ولا تَذَرْ/سوى درة كالكوكب المتوقدِ

إلّا أنّه بدّل رأيه، وقال قصيدة أخرى يعلي الحشيشة فيها على الخمرة:

لك الخير لا تسمع كلام المفندِ/ودونك في فتياك غير مقلدِ

سألْتَ عن الخضراء والخمْرِ فاستمِعْ/مقالةَ ذي رأيٍ مصيبٍ مسدَّدِ

وحقِّكَ ما بالخمر بَعْضُ صفاتها/أتشرب جهراً في رباطٍ ومسجدِ؟

نستطيع أن نقول بإنّ أول حادثة إتلاف لمحصول الحشيشة، كانت في زمن الأيوبيين في مصر، بعد أن فشت الحشيشة بين الناس، إذ انتقلت إليهم من خلال المتصوفة. فأمر السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب أن تمنع الحشيشة في بستان الكافوري.

وذات يوم دخل البستان فوجد فيه الكثير منها، فأمر أن يجمع ويحرق، فقال أحد الشعراء راثياً:

للَّه دَرُّكِ حية أو ميتة/من منظر بَهِجٍ بغير نظيرِ

أُودِيتِ غيرَ ذميمة فسقى الحيا/ترباً تَضَمَّنَ منكِ ذوب عبيرِ

عندي لذكركِ ما بقيت مُخلداً/سحّ الدموع ونفثة المصدورِ

حلاوة الشريف بالحشيش

يقال بأنّه قد جاء أعجمي إلى الشام يدعى بالشريف، فنصب تحت قلعتها خيمتين، يبيع في إحداهما الحلوى، وفي الثانية وضع نباتات مختلفة، يأخذ منها ما يشاء، ويخلطها بالحلوى، حتى شاع خبره ووصل إلى مصر، فأرسلوا له قائلين: يا رائحاً لدمشق تحت قلعتها/سلّمْ على بائع المعجون بالخيمي. علم العجمي بتلك الدعوة، فيمَّم وجهَه نحو مصر، وفتح حانوتين بين القصرين على باب الأمير تمر المحمودي والي القاهرة، وبدأ بصناعة أنواع الحلوى المخلوطة بالنباتات، فاشتهر جداً، وخاصة بعدما قدّم إلى سلطانها.

وهكذا فتن أهل القاهرة بحلْواه التي أصبحت أشهر من نار على علم، فأصبح المصريون لا يتهادون إلا بها. ويندر أن يوجد أحدٌ ليس في جيبه بعض منها، حتى أتلف أغلب مصر من رجال ونساء وأطفال. وحدث أن اشتكت عليه إحدى نساء الأمراء بعد كارثة أصابتها في الحمام إثر تناولها من حلاوة الشريف، فاجتمع الأمير بمحتسب القاهرة الذي طلب الشريف وقال له: أتجعل في الحلوى حشيشاً؟ فقال: لا! فأمره المحتسب بصنع الحلوى أمامه، فلم يجد المحتسب من النباتات التي طلبها من العطار أي قنّبٍ، فحكم ببراءة الشريف، وصار من خدم الأمير. وأصبح له في كلّ شارع فرعٌ يبيع فيه الحلويات، فاختلف الناس في أمره، وقالوا بأنّه يخلط نقيع ماء وضع فيه حافر حمار.

في خُمار الحشيش سرٌّ خفي/دقّ تعبيره عن الأفهامِ 
حرّموها من غيرِ نقلٍ وعقلٍ/وحرامٌ تحريمُ غير الحرامِ

ومنهم من قال بأنّه يضع في الحلوى بعضاً من نبتة الداتورة التي تسبب الهلوسة، وتعني فخّ الشيطان. ومنهم من قال بغير ذلك من النباتات المخدرة. ومهما يكن فإن خدعة الشريف قد وجدت لها في أساليب توزيع المخدرات في عصرنا باباً للمهربين وللمتعاطين. لكن تقي الدين البدري الدمشقي صاحب رسالة "راحة الأرواح في الحشيش والراح" رأى بتحليلات الناس عن هذا الهوس بحلويات الشريف أصلاً في شجرة الزقوم.

تُسقى من الحميم وتهبّ عليها اليحموم

يُذكر في أن الحميم، شراب أهل النار، وهو ماء أسود منتن. أمّا اليحموم، فهي ريح شديدة مقتمة. في هذا الجو تنمو شجرة الزقوم طعام أهل النار، وهي تطلق أبخرةً سامة تسربت من تحت سبع أرضين إلى سطح الأرض، فنبت منها القنّب وغيرها من النباتات الرديئة. وجاء في الحديث كما ذكر تقي الدين أن أعرابياً اجتاز بالنبي والزبد طائر من فمه، فقال: "يا رسول الله، إنّ لي إبلاً، وقد ضلت عني، ولي خمسة أيام أدور عليها، فلقيت حشيشة ذات سبع أصابع محدودة الرأس، زكية الرائحة، حمراء العود، فأكلتُ منها، فغمّ علي كما ترى. فقال النبي: تلك من شجرة الزقوم، أبعد الله أكلها، ثلاث مرار".

وقال الإمام علي راوياً عن الرسول: "إياكم وخمرة العجم، لئلا تنسيكم الشهادة"، وجاء في الشرح أن الرسول نسبها للعجم، لأنّها من هناك فشت بين الناس، وأرجعها للخمرة، لأنّها تسكر، وكلّ مسكر حرام.

لم يثبت تحريم صحيح للحشيشة لكنهم حرّموها بالقياس إلى الخمر. واختلفوا إن كان متعاطيها يحدّ بالجلد أو يعاقب بالتعزير.

وفي الختام نذكر قول ابن الشماع في القرن الثالث عشر ميلادي في الحشيشة:

في خُمار الحشيش سرٌّ خفي/دقّ تعبيره عن الأفهامِ

حرّموها من غيرِ نقلٍ وعقلٍ/وحرامٌ تحريمُ غير الحرامِ.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard