يندرج المقال في ملف "فصل الدين عن القبيلة" من إعداد وتحرير جمانة مصطفى
خدود مثل الورد ضوء الفجر أرواها وأعطاها المشاقر حرس
محـوطات الوجـوه البيض بالكاذي المُسـقى في برود الغلس
كلمات عذبة، تغنى بها فنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي وهو يصف جمال المرأة اليمنية التي تضع المشاقر وتتزين بها، إذ تحتل المشاقر، وهي نباتات عطرية زكية الرائحة، مكانة خاصة لدى اليمنيين كموروث شعبي قديم، يضعها الرجال على رؤوسهم كطقس تقليدي متوارث، وتضعها النساء بجانب خدودهن، ودائماً ما تحضر في الأفراح والأحزان على حد سواء، للاعتقاد السائد بأنها تطرد الأرواح الشريرة.
تحضُر في الأفراح وفي الأحزان
في إحدى قرى ريف محافظة تعز وسط اليمن اعتاد الحاج صالح (60 عاماً) أن يضع المشاقر فوق عمامته التي يرتديها على رأسه، يقول لـرصيف22 إن هندامه يظل ناقصاً إذا لم يضع المشقر على رأسه، مؤكداً أنها ليست مجرد نبتة تفوح منها رائحة طيبة بل هي إرث شعبي مهم وجزء لا يتجزأ من مشهد الرجل اليمني.
أما صفية (51 عاماً) فتؤمن أنها تطرد الأرواح الشريرة وتحمي من العين والسحر والشعوذة، تقول لرصيف22: "حتى في الوفاة توضع المشاقر في كفن الميت وتدخل معه إلى القبر".
وتضيف: "أما في الفرح والأيام السعيدة فتضع النساء المشاقر على رؤوسهن طوال الوقت، نضعها في ملابس الرضع حديثي الولادة، وتلازم المرأة في نفاسها، كما تتزين بها العروس يوم زفافها، فتمسك الفتاة بيدها حزمة من المشاقر ذات الرائحة الجميلة ، وتلصق أغضانها على الحقائب التي تحمل كسوة العروس وأغراضها".
المشاقر نباتات عطرية زكية الرائحة، لها مكانة خاصة لدى اليمنيين كموروث شعبي قديم، يضعها الرجال على رؤوسهم وتضعها النساء بجانب خدودهن، ودائماً ما تحضر في الأفراح والأحزان للاعتقاد السائد بأنها تطرد الأرواح الشريرة
في واحدة من أغاني الزفة يذكر الفنان أيوب طارش أنواع من المشاقر المخصصة للعروس يوم زواجها فيقول:
واصبايا واملاح هيا اقطفين لي مشاقر
وارصفين لي الورود الحمر وسط المزاهر
واطرحين الكواذي البيض بين المباخر
لحبيبي هو حبيب القلب أول وآخر
لكل بلد مشاقرها
هند فؤاد، امرأة أجبرتها ظروف الحرب على النزوح من مدينة تعز، قبل سنوات، واستقر بها الحال في منطقة صبر المشهورة بزراعة المشاقر، ويعرف أهلها هذه النباتات جيداً، استطاعت هند تأسيس مشروعها الخاص وهو عبارة عن حديقة "جرين لاند" تُزرع فيها النباتات المختلفة لتتمكن هند من بيعها، بما فيها بالطبع نبتة المشاقر.
تقول هند لرصيف22 بأن هناك أنواعاً كثيرة من المشاقر، إذ تشتهر بعض المناطق بنوع دون سواه، إلى جانب الأصناف المعروفة لدى جميع اليمنيين مثل الشذاب والأوزاب، وإلى النوع الواحد الذي يتغير إسمه بتغير القرية أو المنطقة، مثل الريحان الذي يسميه البعض بـالمخملية أو الحبق أو المطابق.
هناك أنواع كثيرة من المشاقر، إذ تشتهر بعض المناطق بنوع دون سواه، إلى جانب الأصناف المعروفة لدى جميع اليمنيين مثل الشذاب والأوزاب، وإلى النوع الواحد الذي يتغير إسمه بتغير القرية أو المنطقة
وحول أوقات الزراعة تقول هند إن فصل الصيف مناسب جدا لزراعة المشاقر بمجهود أقل بسبب توفر مياه الأمطار ، وبالتالي يكون الإنتاج أكبر ، أما في الشتاء فتختفي بعض الأنواع إما لأنها موسمية أو بسبب شح المياه. عدد محدود جداً من الرجال والنساء من يعملون في بيعها وغالباً ما نجدهم في الأسواق الشعبية، حيث يتفاوت سعرها بحسب توفرها، فيتفاوت ثمن حزمة المشاقر من 300 إلى 500 ريا يمني (1.2 إلى دولارين).
تدخل المشاقر في كثير من الوصفات الشعبية المتوارثة للتعطر والتداوي، تقول هند: "تصنع العطور من أغصان المشاقر، التي يتم قطفها بعناية من نباتات عِطرية متنوعة ومتفاوتة الشّكل والرائحة، أبرزها الريحان، والشذاب، والأُزّاب، والخَوعة، والنّرجس، والحمحم، والكَاذِي، والورود بألوانها الوردي والأحمر القاتم والأصفر، فضلاً عن البيَاض، والفيجل، والتور، والرند، والعطرية، والداجية، وطبعاً الفل والياسمين".
في كتب التاريخ
ذُكر أول تعريف للمشاقر في كتاب المعجم اليمني لمطهر الإرياني، قال فيه: "إن المشاقر هي النباتات التي يتخذها الناس لتزيين رؤوسهم، وهي أضاميم الورد والريحان وغيره مما يتشقرون به طلباً للزينة والرائحة الطيبة، ويقوم الرجال المتشقرون بغرز تلك الأغصان في طيات ما يتعممون به من شالات وسمايط ودساميل وحتى يغرزون الزهور والنباتات في فتحات كوافي الخيزران، وقوافع سعف النخل، وقد تجد شاباً تهامياً غرز المشقر في شعره وثبته بذلك الطوق الفضي المسمى عكاوة، وقد يتشقر البعض بطوق يظهره من أغصان بعض النباتات الطيبة ويتوج بذلك الطوق رأسه مثل إكليل الغار، ولشدة ميل الناس إلى هذا التزين فقد تجد البائس حاسر الرأس الذي لا عمامة له ولا عكاوة! فيغرز المشقر في شعره ويثبته بخيط، ويسير متخايلاً به".
توضع المشاقر في ملابس حديثي الولادة، وتلازم المرأة في نفاسها، كما تتزين بها العروس يوم زفافها، فتمسك الفتاة بيدها حزمة من المشاقر ذات الرائحة الجميلة ، وتلصق أغضانها على الحقائب التي تحمل كسوة العروس وأغراضها
أما النسوة فكن يتشقرن بوضع تلك الأضاميم من الزهر والأغصان من الريحان بجانب خدودهن، بحيث تبدو ظاهرة من خلال ما يضعنه على رؤوسهن من خمُر. ذكرت المشاقر في النقوش اليمنية الأثرية القديمة، وتغنى بها الشعراء والفنانون، حتى قيل أن المشاقر كانت سببا في اختيار الملكة أروى بن احمد الصليحي، عاصمة دولتها (الدولة الصليحية).
والرواية المتداولة عند اليمنيين تقول أن الملكة أروى التي حكمت اليمن أكثر من 50 عاماً خلال الفترة (1085-1138) ميلادي عندما أرادت اختيار عاصمة لدولتها قارنت بين صنعاء وذي جبلة والتي تتبع إدارياً اليوم لمحافظة إب، وطلبت من زوجها الملك المكرم أن يذهب إلى صنعاء، ويطلب سكانها، فطلبهم فجاؤوا بعصيِّهم، وتأخّر عليهم الملك بطلب من الملكة، فانتظر السكان، وتزاحموا، لكن الملك لم يخرج إليهم، فقاموا بالصراخ، ورمي الحجارة، فقالت الملكة للملك إحفظ هذا المنظر.
بعدها، ذهبت الملكة أروى إلى جبلة، وطلبت من الملك أن يستدعي سكانها، فجاؤوا وعليهم المشاقر، والملابس الجميلة، واصطحبوا معهم الهدايا، ولم يخرج الملك إليهم سريعاً بطلبٍ من الملكة، التي طلبت منه أن يتأخر عن مقابلتهم، ثم خرج عليهم وقالت له أُنظر... في إشارة الى أن المشاقر تعبر عن روح المحبة والسلام وترتبط بالناس الوديعين، واللّطفاء، والمسالمين.
في يوم التاسع من أيلول/ سبتمبر من كل عام تحتفل نعز بعيد المشاقر، إذ تصدح الأغنيات وتوزع المشاقر على الحاضرين ويتذكر الناس ولو لدقائق أن اليمن إسمه "اليمن السعيد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
تامر شاهين -
منذ 9 ساعاتهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ 23 ساعةمن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ يومجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...
Mazen Marraj -
منذ يومإبدااااع?شرح دقيق وحلول لكل المشاكل الزوجية?ياريت لو الكل يفكر بنفس الطريقة..
بالتوفيق ان شاء الله في حياتكما الزوجية ?
Nawar Almaghout -
منذ يومرداً على ما ورد من الصحفية زيزي شوشة في موقعكم
الذي أوقع محمد الماغوط وشقيقه عيسى بين براثن الآنسة زيزي وأشباهها
يبدو أن الصحفية ثقافتها لم تسمح لها بالغوص أعمق، و يدل عن بعدها كل البعد عن فهم ما يجري. وهي بسلوكها هذا، على أقل تقدير، تمثل المستنقع الفكري الضحل الذي تعيش فيه
رابط ردي في موقع العربي القديم
https://alarabialqadeem.com/mohmaghbor
Ali El-Helbawi -
منذ يومينGood