شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

ملف فصل الدين عن القبيلة

يتناول ملف "فصل الدين عن القبيلة" ما تبقى من العادات اللادينية التي نجت من الاندثار مع المد الديني، جغرافياً يعرض الملف لهذه العادات والأعراف في مناطق الخليج العربي والأردن وفلسطين وسوريا والعراق واليمن وشمال إفريقيا وتحديداً الطوارق في ليبيا.

والمقصود باللادينية هي تلك الأعراف التي ليس لها جذر ديني كأحكام القانون العشائري في قضايا الدم في الجزيرة العربية وأحكام التهجير في اليمن، أو التي سبقت وجود الإسلام كعادات شرب خمر التمر لدى بدو العراق، والوشم في الوجه أو تغطيته لدى الطوارق، أو الأعراف التي تتعارض مع الإسلام مباشرة كتعليلة الشاب عند الفتاة دون زواج، ورقص البدوية بالسيف بين الرجال.

تثير العادات التي رصدها الملف تساؤلاًت حول قابلية سكان الصحراء للقيود ومدى تعارض التشدد الديني الاجتماعي مع أنماط حياتهم ومع احتياجاتهم التي تفرضها البيئة الصحراوية ومفرداتها، وهل تأثرت البداوة العربية بالمد الديني إلى حد فقدان جزء من الهوية الحرة القديمة التي وثقها الشعر والقانون البدوي والمؤرخين وبعض المستشرقين الأوائل.  

تقدم تقارير ومقالات الملف استنباطاً للقراء بوجود اختلاف جوهري ما بين الانفتاح الموجود في المجتمع البدوي أو ما يمكن تسميته بـالـ"حريات الاجتماعية البدوية" وبين القيود التي يعرفها أهل القرى والحضر في المنطقة في علاقاتهم، واللافت هو وجود مرحلة حديثة يُمكن ملاحظة اختلاف ما قبلها عمّا بعدها بسهولة.

المرحلة التي تراجعت فيها الحريات البدوية في مجتمع العشيرة هي تحديداً في بداية القرن الثامن عشر مع ظهور المد الوهابي، حيث كان أتباع هذا المد يلقبون من قبل العشائر البدوية في بدايات ظهورهم بالـ"مدينة" أي المتدينين.

في قضايا المرأة أكثر من غيرها يصبح الاختلاف لافتاً بين ما هو بدوي وما هو إسلامي، حتى في الجزئيات التي لا تصطف لصالح النساء كالسبي وقت الغزو، إذ لا يعد السبي عند البدوي استعباداً جنسياً وتحفظ كرامة المسبية وتعاد لأهلها إذا دُفعت فديتها، بينما تعد المسبية في الإسلام من ذوات اليمين كما شهدنا في غزوات داعش.

كذلك الحال في الاغتصاب إذ يتشدد القانون العشائري في هذا الجرم أكثر من سواه ويعتبر أن "كاذبة النساء صادقة" وليس على المرأة أن تثبت صدق قولها وعلى المتهم بالاغتصاب أن يثبت كذبها، بينما لا يوجد حكم في الإسلام للاغتصاب ويجمع الفقهاء لتبريره بين حد الحرابة وحد الزنا، مع وجود فرق جذري بين الحالتين وهو أن على المرأة المُغتصبه وفق أحكام الفقه الإسلامي أن تثبت أنها كانت مكرهة بالشهود، وإلا وقع عليها حد الزنا. 

كل ما يقدمه هذا الملف قائم على محاولة جريئة لتخيل البدوي لو تطورت هويته الثقافية الصحراوية بدون قيود دينية، من كان ليكون اليوم؟ 


Website by WhiteBeard
Popup Image