شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
بعد عقد من وفاة الشيخ المؤسِّسْ... هل خفت صوت جماعة

بعد عقد من وفاة الشيخ المؤسِّسْ... هل خفت صوت جماعة "العدل والإحسان" المغربية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 30 مايو 202204:30 م

لم تعد جماعة العدل والإحسان تتمتع بذلك الحضور القوي في المشهد السياسي المغربي، إذ تبدو وكأنها توارت إلى الخلف بعدما كانت تظهر قوتها في عدد من المسيرات والمظاهرات، خاصةً المناصِرة لعدد من القضايا القومية. كما لم يعد لمسؤوليها حضور على المستوى الإعلامي، كما كان عليه الأمر من ذي قبل، وفق ما يرى عدد من المراقبين. فهل يمكن تفسير ذلك بخفوت صوت أكبر جماعة إسلامية معارضة في المغرب؟

رحيل الشيخ

تحظر السلطات المغربية أنشطة جماعة العدل والإحسان، التي أسسها الشيخ عبد السلام ياسين، الذي توفي سنة 2012، كونها غير مرخص لها قانوناً، بينما تقول الجماعة إنها تملك ترخيصاً يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي. وبالرغم من أنها جابهت هذا "الحظر" طوال عقود، وكان لها حضور قويّ في المشهد السياسي، إلا أن هذا الحضور خفت نسبياً، ولم يعد كما سابق عهده.

من أبرز أسباب تراجع حضور الجماعة الإسلامية المعارضة، وفاة شيخها ومؤسسها عبد السلام ياسين، وفق ما يرى إدريس الكنبوري، الباحث في الحركة الإسلامية، الذي قال في تصريح لرصيف22: "إن الشيخ ياسين كان رجل إجماع، وكانت له كاريزما خاصة به، فضلاً عن المشروعية والهيبة التي كان يتمتع بهما، سواء أمام قواعد الجماعة أو لدى السلطات الرسمية، وكان لمشيخته ثقل سياسي وتربوي وازن".

بعد عشر سنوات من رحيل الشيخ عبد السلام ياسين تعاني جماعة العدل والإحسان في المغرب من ضمور يردّه البعض إلى عدم بروز قيادات قوية. فيما يرى آخرون أن مردّه التضييق الذي تتعرض له من طرف السلطات

يؤكد الكنبوري، الباحث في الحركة الإسلامية، أن "تسيير حزب العدالة والتنمية للحكومة لمدة عشر سنوات، من دون نتائج ملموسة، أدى إلى تراجع الهالة عن مشروعية الإسلام السياسي في المغرب، فكان لذلك الأثر على جماعة العدل والإحسان، إذ غابت الجاذبية تجاه الحركة الإسلامية".

القول بتراجع الجماعة وخفوت صوتها يرفضه حسن بناجح، عضو الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، إذ يقول في تصريح لرصيف22، "إن الذي يقول هذا الكلام إما أنه غير متابع لما يجري ويدور في الواقع وعليه أن يعمل بالطرق البحثية الرصينة التي تتابع الأحداث عبر وسائل الإعلام عموماً أو عبر إعلام الجماعة، أو أنه يكرر الأسطوانة نفسها التي تقال دائماً، في محاولة لإخفاء الشمس بالغربال، ومنها أن الجماعة منعزلة أو أن صوتها خفت".

يرى بناجح، أن ما يقال عن الجماعة يدخل في إطار نشر الشائعة، والتقليل من حجمها، مضيفاً: "دائما كان يقال هذا الكلام. قالوه قبل سنة 2011، وراهنوا على انتهاء الجماعة بعد وفاة الشيخ ياسين، وبعدها عاين الجميع مشاركة الجماعة في أحداث كبرى ومسيرات".

 

ضمور وخفوت

"لم يعد للجماعة حضور لكونها ارتكبت أخطاءً كبيرةً في عهد عبد السلام ياسين، إذ كانت صورة هذا الأخير هي المسيطرة وتحجب بعض الأصوات التي يمكن أن تؤطر أو تنظّر في التعليم والسياسة والتربية، وهذا غير ممكن لأنه لا يمكن لجماعة إسلامية عمرها أربعون سنةً ألاّ تتوفر على منظرين وباحثين، بعكس نظيراتها في بعض الدول العربية التي تتوفر على إنتاجات فكرية وفيرة"، هذا ما قاله الكنبوري، ودليله على ذلك هو "أنه بعد وفاة عبد السلام ياسين لم تُمنح لخلفه محمد عبادي صفة المرشد، وإنما صفة الأمين العام".

على الرغم من خطاب جماعة العدل والإحسان الصدامي وقوتها العددية، إلا أن حضورها ضعيف جداً إذا ما قورنت بحزب العدالة والتنمية الذي ما زال حاضراً ولو أن شعبيته تضرّرت ومرتبته تقهقرت في الانتخابات الأخيرة

المتصفح للموقع الرسمي للجماعة، سيلمس قوة ارتباطها بمؤسسها، وما يؤشر على ذلك تعريفها الذي جاء فيه: نظراً لارتباط جماعة العدل والإحسان بمؤسسها الأستاذ عبد السلام ياسين، لا بد من التمهيد للحديث عن الجماعة بذكر سمات معالم نشأة المؤسس، ونرى أن ما ذكره الأستاذ عبد السلام ياسين عن هذه الحقبة في "رسالة الإسلام أو الطوفان"، يفي بهذا الغرض، وخير مدخل للحديث عن هذه المسيرة التي قسمناها إلى خمس مراحل، وهي "مرحلة جهاد الكلمة" ومحنة "الإسلام أو الطوفان" (1974-1981)، و"مرحلة تأسيس العمل المنظم ومحنة رسالة القرن" (1981-1985)، و"مرحلة التنفيذ ومحنة الحصار وحل الجماعة" (1985-1990)، و"مرحلة الظهور ومحنة محاولة الاحتواء" (1990-1998)، ثم أخيراً مرحلة "التوازن ومحنة المذكرة" (1998-2001).

شدد الباحث في الحركة الإسلامية، على "الضمور والخفوت للعدل والإحسان، التي قال إنها "كحركة ليس مطلوباً منها الحضور السياسي في المظاهرات والاحتجاجات والبيانات السياسية فحسب، بل الحضور التربوي والفكري والثقافي".

ويرى الكنبوري أنه على الرغم من خطاب الجماعة الصدامي وقوتها العددية، إلا أن حضورها ضعيف جداً إذا ما قورنت بحزب العدالة والتنمية الذي ما زال حاضراً ولو أن شعبيته تضرّرت ومرتبته تقهقرت في الانتخابات الأخيرة.

من جهته، ساق عضو الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، أدلةً أخرى ليبرز قوة جماعته ومنها اتهامها، من طرف السلطات، بأنها تقف وراء عدد من الاحتجاجات التي عرفها المغرب من قبيل أحداث الريف وحراك جرادة، وإضرابات الأساتذة المتعاقدين، إلى جانب ما عدّه "قمعاً يقوم به النظام تجاه الجماعة عبر تشميع بيوت أعضائها".

مضايقة السلطات

زاد بناجح، قائلاً: "إن تشميع البيوت (توضع عليها أقفال قانونية)، دليل ساطع على أن الجماعة حاضرة بقوة في كل المجالات، وأن هناك انزعاجاً من أنشطتها. هل يمكن تقديم مظهر واحد لا توجد فيه؟"، مقدماً مثالاً على استمرار حضور جماعته في المشهد السياسي من خلال التنسيق المتواصل مع الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، وأيضاً مساندة عدد من مكونات الحركة الحقوقية المغربية لجماعته في ما يتعلق بتشميع البيوت، إذ تم تنظيم قوافل جابت عدداً من المدن المغربية.

تقوم السلطات العمومية في المغرب بتشميع بيوت غير مسكونة يملكها أعضاء جماعة العدل والإحسان، بمبرر أنه تُعقَد فيها اجتماعات غير مرخص لها

تقوم السلطات العمومية في المغرب بتشميع بيوت غير مسكونة يملكها أعضاء جماعة العدل والإحسان، بمبرر أنه تُعقَد فيها اجتماعات غير مرخص لها، أو أنه يتم تشييدها بطريقة مخالفة للتصريح المقدم، أو أنها تحولت إلى أماكن للعبادة من دون الحصول على إذن الوزارة الوصية على المساجد.

وكانت جمعيات مدنية وسياسية وحقوقية قد أسست خلال سنة 2019، لجنةً لمناهضة تشميع البيوت العائدة لأعضاء في جماعة العدل والإحسان. وترى اللجنة أن تشميع البيوت "خرق سافر للقانون وشطط في استعمال السلطة، وانتهاك لحرمة ممتلكات المواطنين، تحت ذرائع واهية، فقط لأنهم أعضاء في جماعة العدل والإحسان".

وحول ما إذا كانت الجائحة الصحية كوفيد19، قد ساهمت في تغييب حضور العدل والإحسان، نفى عضو الدائرة السياسية للجماعة ذلك عبر قوله: "بالعكس لقد كانت هناك حركية قوية للجماعة، من خلال تنظيم عدد من الأنشطة المميزة وكنا من الهيئات والتنظيمات السباقة إلى تنظيم لقاءات موسعة داخلياً وللعموم، وكانت مواقع التواصل الاجتماعي حافلةً بذلك".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image