أعاد مقتل المدافعة الإماراتيّة عن حقوق الإنسان، آلاء الصديق، في حادث سير بالعاصمة الإنجليزية لندن، الأحد 20 يونيو/ حزيران، مسألة حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربيّة المتحدة إلى الواجهة من جديد.
ذكر تقرير منظمة العفو الدوليّة إنّ أشخاصاً تراوح أعدادهم بين عشرين ألفًا ومئة ألف مولودون في الإمارات "محرومون من التمتع على قدم المساواة بالحقوق الممنوحة للمواطنين الإماراتيين".
كانت الصديق، اللاجئة في بريطانيا، بعد أن جرّدت من جنسيتها هي ووالدها محمد عبد الرزاق الصديق، المعتقل سياسياً في سجون الإمارات منذ ما يقارب عشر سنوات، قد قالت في مقطع فيديو سابق نشرته على حسابها الخاص في موقع تويتر، إنّ الجنسيّة الإماراتيّة قد سُحبت من والدها، بعدما تعرّض للإخفاء القسري والتعذيب وحكم بالسجن لعشر سنوات في العام 2012، مضيفة أنّ والدها "أستاذ شريعة ولم يُنشئ تنظيمًا سريًا".
اعتقل أبي محمد عبدالرزاق الصديق في ٢٠١٢، سحبت جنسيته تعرض للإخفاء القسري والتعذيب حكم بالسجن ١٠ سنوات في محاكمة غير عادلة لم أسمع صوته من ٨ سنوات! والدي أستاذ شريعة ولم ينشئ تنظيم سري، والدي بريء #أفرجوا_عن_معتقلي_الإمارات pic.twitter.com/eeookV04q6
— Alaa آلاء (@alaa_q) June 12, 2020
القضية 94
محمد عبد الرزاق الصديق، والد آلاء، واحد من أربعة وتسعين مواطناً إماراتياً حكم عليهم بأحكام مختلفة، بتهمة "السعي لقلب نظام الحكم في دولة الإمارات العربيّة المتحدة"، خلال سنتي 2012 و2013، ومن بين المحكوم عليهم محاميان في مجال حقوق الإنسان البارزان محمد الركن ومحمد المنصوري، وقضاة ومحامون وأساتذة وقيادات طلابيّة. ومن بينهم أيضاً القاضي محمد سعيد العبدولي ورجل القانون والأستاذ الجامعي الدكتور هادف العويس، حسب منظمة هيومان رايتس ووتش.
في القضية التي عُرفت إعلامياً بـ"قضيّة الإمارات 94" اتهمت السلطات الإماراتيّة الموقوفين بالانضمام إلى جماعة سريّة ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين وتسعى إلى قلب نظام الحكم في البلاد، لكن منظمات حقوقيّة دوليّة وصفت المحاكمة بـ"المهزلة".
في القضية التي عُرفت إعلامياً بـ"قضيّة الإمارات 94" اتهمت السلطات الإماراتيّة المتهمين بالانضمام إلى جماعة سريّة ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين وتسعى إلى قلب نظام الحكم في البلاد، لكن منظمات حقوقيّة دوليّة وصفت المحاكمة بـ"المهزلة"، مشيرة إلى تعرّض المتهمين للمعاملة السيئة والاحتجاز في أماكن سريّة، وعدم السماح لهم بمقابلة المحامين أو عائلاتهم.
ونشرت هيومان رايتس ووتش تقريرًا عن وقائع المحاكمة، في سبتمبر/أيلول من العام 2012، بالتعاون مع كل من الشبكة العربيّة لمعلومات حقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان ومنظمة إندكس أون سنسورشيب، تزعم فيه وجود حالات اختفاء قسري وتعذيب بحق ناشطين إماراتيين.
بحسب موقع "إمارات ليكس" المعارض، والذي يدّعي نشر معلومات خاصة وتقارير متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، فإنّ "جهاز أمن الدولة رفض طلباً من منظمات حقوقيّة بالإفراج عن معتقل الرأي محمد الصديق ولو بشكل مؤقت لتمكينه من المشاركة في مراسم تشييع جثمانها (ابنته آلاء)". وكان الموقع قد ذكر رفض السلطات الإماراتيّة استقبال الجثمان، إلّا أنّها تراجعت عن القرار تحت ضغط المنظمات الحقوقيّة الدوليّة، وأضاف تقرير إمارات ليكس أنّ "رفض الطلب (الإفراج عن محمد الصديق) تمّ بأمر من خالد بن محمد بن زايد" وهو رئيس جهاز أمن الدولة الإماراتي.
"التسامح" في الإمارات
"الإمارات العربية المتحدة ليست دولة متسامحة، إذ توجد هناك خروقات حقوق إنسان جسيمة خاصة فيما يرتبط بحق حريّة التعبير. ومن يريد ممارسة هذه الحقوق، فإنّه قد يعرّض نفسه لعقوبة السجن. هناك مدافعان مشهوران عن حقوق الإنسان تمّ الحكم عليهما بالسجن عشر سنوات لكلّ واحد منهما... فالدولة تتحرك بعنف كبير وبقسوة ضدّ المعارضين والمنتقدين".
"الإمارات العربية المتحدة ليست دولة متسامحة، إذ توجد هناك خروقات حقوق إنسان جسيمة خاصة فيما يرتبط بحق حريّة التعبير. ومن يريد ممارسة هذه الحقوق، فإنّه قد يعرّض نفسه لعقوبة السجن".
ما سبق كانت إجابة الحقوقي البارز، فينتسيل ميشالسكي على سؤال حول "تسامح دولة الإمارات" بشكل عام، وهذا لا يختلف كثيراً عمّا ورد في في مقدمة تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش المتعلقة بحقوق الإنسان في الإمارات لسنة 2019، حيث قالت المنظمة أنّه "على الرغم من إعلان 2019 عام التسامح، لم يُظهر حكّام الإمارات أيّ تسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة السلميّة".
وفي التقرير العالمي 2021، قالت المنظمة نفسها، إنّ "الإمارات مسؤولة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الداخل والخارج خلال 2020. سجنت الحكومة المنتقدين السلميين، وشجّعت انتهاكات العمل ضدّ الوافدين المنخفضي الأجر، وساهمت في انتهاكات خارج حدودها في ليبيا واليمن".
أما منظمة العفو الدوليّة فقد قالت في تقريرها "الإمارات العربيّة المتحدة 2020" إنّ السلطات الإماراتيّة "واصلت حظر المعارضة السياسيّة واحتجاز سجناء بسبب هذه المعارضة"، كما ذكرت استمرار الاحتجاز التعسفي لعدد من الأشخاص في سجن الرزين في الصحراء جنوب شرقي مدينة أبو ظبي، إضافة إلى ذكرها المحاكمات الجائرة وعدم تساوي النساء بالرجال، و"انعدام الحقوق الجنسيّة والإنجابيّة"، واستمرار العمل بنظام الكفالة "مما يحرم معظم العمال المهاجرين من حقوقهم" وكذلك استمرار إصدار عقوبة الإعدام رغم عدم تنفيذ أي حكم.
كذلك ذكر تقرير منظمة العفو الدوليّة الحرمان التعسفي من الجنسيّة، إذ قالت المنظمة إن أشخاصاً تراوح أعدادهم بين عشرين ألفاً ومئة ألف مولودون في الإمارات "وهم محرومون من التمتع على قدم المساواة بالحقوق الممنوحة للمواطنين الإماراتيين"، مضيفة أنّهم قدر حرموا من الاعتراف بهم كمواطنين برغم أنّ للعديد منهم جذورًا إماراتيّة.
كما قال التقرير إنّ الإماراتيين المحرومين من الجنسيّة "مُنحوا جوازات سفر جزر القمر بموجب اتفاق أُبرم في العام 2008 بين جمهورية جزر القمر ودولة الإمارات العربيّة المتحدة، إلا إن صعوبة أو استحالة تجديد جوازات السفر هذه، ترك العديد منهم مجدداً بدون وثائق الهويّة الأساسيّة".
في سياق متصل، يفرض قانون العقوبات الإماراتي في المادة 177 منه، عقوبة السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات للمتهمين بممارسة أفعال جنسيّة مثليّة، فيما تنص المادة 359 على أنّه "يعاقب بالحبس مدّة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على عشرة آلاف درهم (حوالي 2700 دولار أميركي) كل رجل تنكّر بزي امرأة ودخل مكاناً خاصاً بالنساء".
انتهاكات عابرة للحدود
يذكر تقرير صحافي أن الإمارات باتت محطة رئيسية في طريق توصيل عاملات منزليات من الجنسيّة الفلبينيّة إلى دمشق قادمات من بلادهن، وعن تعرضهن لجميع أنواع التعنيف والاحتجاز والاستغلال في سوريا وفي الطريق الواصل إليها، كما ذكرت تقارير أخرى أن الإمارات صارت كذلك "جنّة ضريبيّة"، توفر ساحة آمنة لـ"الجهات الفاعلة والفاسدة والإجراميّة من جميع أنحاء العالم"، حيث تعمل هذه الجهات "من خلال دبي أو انطلاقاً منها مثل أمراء الحرب الأفغان ورجال العصابات الروس والحكّام النيجيريين، وغاسلي الأموال الأوروبيين ومنتهكي العقوبات الإيرانيين ومهربي الذهب من شرق أفريقيا، كلّهم يجدون دبي مكاناً ملائماً للعمل".
الإمارات باتت محطة رئيسية في طريق توصيل عاملات منزليات فلبينيّات إلى دمشق قادمات من بلادهن، يتعرضن لجميع أنواع التعنيف والاحتجاز والاستغلال في سوريا وفي الطريق الواصل إليها
كذلك يظهر دور الإمارات العابر للحدود جلياً في مناطق صراع مشتعلة، ولا سيما في كلّ من ليبيا واليمن. ففي ليبيا تدعم الإمارات بشكل علني ومباشر، خليفة حفتر، أحد طرفي الصراع الرئيسيين، والمتهم بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة. وفي اليمن "تسيطر الإمارات عن طريق حلفائها المحليين على موانئ عديدة في البلاد... كما عمدت إلى إقامة قواعد عسكريّة في أريتريا وجيبوتي وسقطرى وفي باب المندب والصومال، لتقيم بذلك حزاماً عسكرياً واقتصادياً لحماية هذه الموانئ من تمدد دول أخرى مثل الصين وروسيا اللتين تسعيان إلى التمدد إفريقياً".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع