دخل المؤرخ والناشط الحقوقي المغربي المعطي منجب إضرابا عن الطعام احتجاجا على محاكمته قبل أسابيع في قضية يقول أنصاره إنها لتكميم صوته المنتقد للسلطات المغربية. وبحسب لجنة دعم المؤرخ، الذي يقضي عقوبة سجنية، فإن دخوله في إضراب عن الطعام يأتي "للاستغاثة بالرأي العام" أمام "الظلم والاضطهاد" الذي يقول إنه يتعرض له، واحتجاجاً على ما يصفه "بالاعتقال التعسفي".
وقالت الناشطة الحقوقية وعضوة اللجنة خديجة الرياضي في تصريح لرصيف22 إن الوضع الصحي لمنجب يثير المخاوف، وأضافت "نحن قلقون جدّاً من نتائج هذا الإضراب الذي يهدّد حياته، فهو في حالة صحية متدهورة جدا، ويعاني من مجموعة من الأمراض المزمنة".
إدارة المؤسسة السجنية "حاولت إقناع منجب بالعدول عن هذه الخطوة، لما لها من انعكاسات على وضعه الصحي، لكنه ظلّ متشبثا برأيه".
وبعد أن سبق للمندوبية العامة للسجون في المغرب تكذيب خبر خوض المؤرخ المغربي المعروف بكتاباته ومواقفه الإعلامية المنتقدة للسلطات إضرابا عن الطعام منذ يوم الخميس، مؤكدةً عدم توصّلها بأي إشعار في هذا الصدد، عادت المندوبية إلى نشر بيان جديد توضح فيه أن منجب "تقدم لإدارة السجن المحلي "العرجات" بإشعار شفوي يعلن فيه الدخول في إضراب عن الطعام بخصوص القضية التي يقضي عقوبة سجنية على خلفيتها وتتعلق بتهم "غسل أموال والمس بالسلامة الداخلية للدولة".
وأوضحت المندوبية في بلاغ لها، أن منجب "تقدم بالإشعار زوال يوم الاثنين (8 آذار/مارس)، خلافا ما رُوِّج له من أنه مضرب عن الطعام منذ 04 آذار/ مارس الجاري"، مضيفة أنّ إدارة المؤسسة السجنية "عملت على محاولة إقناع منجب بالعدول عن هذه الخطوة، لما لها من انعكاسات على وضعه الصحي، لكنه ظلّ متشبثا برأيه".
ويأتي إضراب المؤرخ والجامعي المغربي أسابيع بعد اعتقاله ومحاكمته السريعة على خلفية قضية تعود إلى سنة 2015. وبعد تأجيل جلسة محاكمته مع ستة نشطاء وصحفيين آخرين، بـ"تهم المس بأمن الدولة وارتكاب مخالفات مالية"، بسبب نشاطهم في جمعية للصحافة الاستقصائية أنشأها منجب. وظلت جلسات المحاكمة تؤجل لأكثر من 20 مرة، قبل أن يعتقل بشكل مفاجئ في أواخر السنة الماضية ويحكم عليه بسنة سجناً نافذاً مع غرامة مالية، رغم غياب فريق دفاعه القانوني.
تضامن واسع وحكم "غير مفهوم"
وعقدت "اللجنة الوطنية للتضامن مع معتقل الرأي المؤرخ معطي منجب"، يوم الأربعاء 10 آذار/مارس، ندوة صحافية بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الرباط، كشفت خلالها عن خطورة الوضع الصحي لمنجب بعد سبعة أيام من دخوله الإضراب عن الطعام، كما قدّمت توضيحات تتعلّق بقضية اعتقاله.
رئيس لجنة التضامن عبد اللطيف الحماموشي، أكّد في تصريح لموقع "رصيف 22"، تخوّفه الكبير من الوضع الصحي لمنجب، مشيراً إلى أنّه يعاني من عدة أمراض مزمنة، منها القلب والسكري في مراحل متقدمة ومرض في المفاصل، مؤكّداً أنّ هذا الإضراب عن الطعام، من شأنه التأثير على وضعه الصحي، والتخوف الأكبر هو أن يؤثر على حياته".
وتابع الحماموشي "نسانده في هذا الموقف الذي يأتي احتجاجاً على الظلم والاعتقال التعسفي، وعلى كل ما تعرض له من مضايقات أمنية وقضائية في قضايا لا أساس لها من الصحة"، وأضاف أنّ لجنة التضامن تحمّل "مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور إلى السلطة المغربية"، إذ أنّ منجب "يرهن إنهاء الإضراب بالاستجابة لمطالبه ورفع الظلم عنه".
يعاني من عدة أمراض مزمنة، منها القلب والسكري في مراحل متقدمة ومرض في المفاصل. هذا الإضراب عن الطعام، من شأنه التأثير على وضعه الصحي، والتخوف الأكبر هو أن يؤثر على حياته
وأكّد المتحدث أنّ المطلب الأساسي اليوم يبقى "إطلاق سراحه بشكل فوري، وفتح تحقيق في كلّ ما تعرّض له من طرف القضاء، من خلال الانتهاكات الكثيرة قضائياً، التي أوضحها دفاعه، وأيضاً المتابعات والاستنطاق الأمني المتكرر الذي كان ضحية له منذ 2015".
من جانبها، أوضحت خديجة الرياضي لـ "رصيف 22"، أنّ "منجب يحسّ بظلم كبير"، مشيرةً إلى أنه منذ سنة 2015، وهو يتعرض لحملة تشهير متواصلة من طرف الصحافة الموالية لأجهزة الأمن، كما تمّت محاكمته بتهمة "المس بسلامة أمن الدولة" رفقة ستة نشطاء آخرين، بطريقة غريبة. إذ أن المحاكمة شهدت عَقْد أزيد من 20 جلسة، تم تأجيلها كل مرة دون سبب مفهوم، مقابل مواظبة منجب على حضور كلّ الجلسات قبل أن يتم الحكم عليه في الأخير بسنة حبسًا نافذًا، في ظلّ غياب دفاعه الذي لم يتلق أي إشعار بموعدي المداولة والنطق بالحكم.
وعبّرت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عن قلقها من تدهور الحالة الصحية لمنجب البالغ من العمر 59 سنة، مؤكّدة "أن تبعات إضراب سابق عن الطعام سنة 2015، لما يزيد عن أسبوعين، استمرّت معه لأعوام"، وختمت تصريحها بالقول "كلّ خوفنا اليوم على حياته".
"مستهدفٌ من السلطة"
واعتبرت لجنة التضامن، التي تضم عدداً من الحقوقيين والجامعيين المغاربة في بيان أنّ "السلطات المغربية تستهدف منجب لثلاث أسباب" حدّدت الأول في "فعاليته في الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام، وعن المعتقلين السياسيين بشكل خاص، معتقلي حراك الريف، والصحافيين توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي وغيرهم".
واعتبرت اللجنة أن السبب الثاني هو "انتقاده لهيمنة القصر على السلطة التنفيذية، وسيطرة الأمنيين على القرار السياسي ومحاولة تحكمهم في الإعلام، وذلك من خلال كتاباته الدورية (الصحافية أو الأكاديمية) أو حواراته مع الصحف الوطنية والدولية مثل ""واشنطن بوست" و"لوموند" و"الغارديان"...."، فيما يتمثّل السبب الثالث حسب اللجنة في "سعيه لمحاولة التقريب بين العلمانيين والإسلاميين تحت سقف دفتر تحملات ديمقراطي تعزيزًا للسلم المدني وتمهيدًا لخلق جبهة من أجل الديمقراطية".
انتقاده لهيمنة القصر على السلطة التنفيذية، وسيطرة الأمنيين على القرار السياسي ومحاولة تحكمهم في الإعلام، أحد أسباب اعتقاله بحسب أنصاره
وسبق لمنظمات حقوقية دولية التعبير عن مؤازرتها لمعطي منجب ومطالبة السلطات المغربية بالإفراج عنه، كما هو الشأن بالنسبة لمنظمة العفو الدولية، التي دعت السلطات بالمغرب إلى "الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن المدافع عن حقوق الإنسان المعطي منجب، وأن تسقط عنه جميع التهم بما فيها تلك المتعلقة بمحاكمة مستمرة منذ عام 2015 على خلفية عمله في مجال حرية التعبير.
وفي ردّها على هذه الدعوات، أكّدت الوزارة المنتدبة لحقوق الإنسان بالمغرب أن اعتقال منجب "يندرج في إطار قضية تتعلق بقضايا الحق العام ولا علاقة لها بنشاطه الحقوقي أو بطبيعة آرائه أو وجهات نظره التي يعبر عنها دائما بكل حرية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...