شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
بعد لقاء سرّي ودعوة أميريّة.. هل تشهد العلاقات الأردنية الإسرائيلية انفتاحًا أكبر؟

بعد لقاء سرّي ودعوة أميريّة.. هل تشهد العلاقات الأردنية الإسرائيلية انفتاحًا أكبر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 1 مارس 202104:20 م

في خطوة نادرة بحدوثها، فاجأ عم العاهل الأردني وولي العهد الأسبق، الأمير الحسن بن طلال، الأوساط الأردنية والفلسطينية، بدعوته إلى دفع "السلام مع إسرائيل" قدمًا، عبر مقال نشره في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

بينما كشفت نفس الصحيفة عن لقاء سري في عمان جمع الملك الأردني عبد الله الثاني مع وزير الدفاع الحربي الإسرائيلي بيني غانتس، الذي يقدم نفسه بديلًا لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الانتخابات التي ستجري في الثالث والعشرين من مارس/آذار المقبل.

 في العاصمة عمّان، في السادس والعشرين من فبراير/شباط وسط تكتم أردني رسمي.

الخطوتان الأردنيتان المتتاليتان أثارتا جدلاً في العاصمة الاردنية عمّان حول التوقيت والأبعاد السياسية للقاء السري والدعوة الأميرية غير المسبوقة، بعد تأزم في العلاقات الرسمية بين عمّان وتل أبيب، خاصة مع استمرار بنيامين نتنياهو في سدة رئاسة الوزراء الإسرائيلية.

دعوة أميرية أردنية لبداية جديدة

مقال الأمير الحسن بن طلال يأتي بعد مضي سبعة وعشرين عامًا من توقيع اتفاقية السلام (وادي عربة) بين الأردن وإسرائيل، داعيًا فيها "لكسر الجمود والخروج الى طريق جديد يهدف للتوصل إلى سلام شامل في الشرق الأوسط حتى نهاية العقد الحالي".

كتب الحسن: "اليوم، بما أن (التطبيع) يتجاوز الاتفاقيات الثنائية، إلى صفقات قائمة على المصالح الاقتصادية والتحالفات الدفاعية أمام الأعداء المشتركين، يوجد لنا فرصة استثنائية. لهذا السبب وجدت أنه من المناسب التوجه في هذه الرسالة عبر صحيفة يديعوت أحرونوت لمواطني إسرائيل، معلناً أن السلام رغم أنه بين الدول والحكومات، يبدأ منا، من المواطنين". خاتماً المقال بعبارة "حان الوقت لبداية جديدة".

في خطوة نادرة بحدوثها، فاجأ عم العاهل الأردني وولي العهد الأسبق، الأمير الحسن بن طلال، الأوساط الأردنية والفلسطينية، بدعوته إلى دفع "السلام مع إسرائيل" قدمًا، عبر مقال نشره في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية

المقال الذي جاء بمثابة دعوة أردنية نادرة لمواطني إسرائيل من أعلى المستويات السياسية، تزامن مع الانتخابات المبكرة الرابعة للكنيست الإسرائيلي، ومع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة جون بايدن، وبعد تأزم تاريخي في العلاقات بين البلدين، شهدتها السنوات الماضية.

رسالة سلام أم موقف ضعف؟

انقسام حول مبادرة الحسن

"المقال غريب ومحرج للمملكة"، هكذا استهلت الكاتبة الصحافية لميس أندوني حديثها مع رصيف22 شارحة: "هذا المقال يقدم خطة لاندماج إسرائيل في المنطقة، وكأنها دولة أصيلة، لم تبن على الاستعمار الإحلالي المستمر وبوحشية ضد الفلسطينيين، ولا تشكل خطراً استراتيجياً على أمن الأردن واستقراره ومستقبله، فضلاً عن كونه يتجاوز معاهدة وادي عربة المجحفة أردنياً بالأصل".

تختتم أندوني: "يجب أن لا تكون المملكة بموقف الضعيف لأن أي خطة لحل القضية الفلسطينية يجب أن تكون بمشاركتها، لمبررات كثيرة أبرزها الحدود المشتركة، والامتداد الأردني في القدس، ووجود أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في حدودها، وجميعها أوراق ضغط يمكن العمل من خلالها".

لكن على النقيض من ذلك، هناك من يتعامل مع المقال/ المبادرة بشكل ايجابي.
أيمن الحنيطي الخبير بالشأن الإسرائيلي عبّر عن ذلك الفريق لرصيف22 قائلاً: "إن المقال بمثابة رسالة سلام تعالت على الخلافات السياسية بين البلدين ووضعت خارطة طريق شامل بين عمّان وتل أبيب. بالطبع دعوة الأمير الحسن لا تمثل وجهة النظر الرسمية لأنها بالأخير رسالة مخصصة لمواطني إسرائيل، لكنها قد لا تكون بعيدة عن رؤية المملكة، المؤمنة بضرورة السلام، خصوصاً بعد التعقيدات التي شهدتها عملية التفاوض على المستوى الدولي".

كيف تأزمت العلاقة الأردنية - الإسرائيلية

العلاقات بين الأردن وإسرائيل عاشت اضطرابات ومنعطفات سياسية واقتصادية وأمنية، لكنها شهدت فتورًا كبيرًا، بيد أنها لم تنقطع إذ التقى وزير الخارجية الأردنية، أيمن الصفدي بنظيره الإسرائيلي، غابي أشكنازي مرتين في الأشهر الأخيرة، وفقاً لمصادر أردنية.

فبعد أزمة البوابات الإلكترونية، التي قامت إسرائيل بتثبيتها أمام بوابات المسجد الأقصى في يوليو/تموز عام 2017، دخلت العلاقة بين الطرفين في أزمة انتهت باتفاق يعيد الوضع في المسجد الأقصى إلى ما كان عليه، ليتبعها إطلاق حارس في السفارة الإسرائيلية النار على الشاب الأردني محمد الجواودة - الذي كان ينقل أثاثاً لمبنى تابع للسفارة الإسرائيلية في عمّان- والطبيب بشار حمارنة مالك المبنى، مما أدى لتوتر العلاقات، انتهى باعتذار إسرائيل رسمياً عن الحادث، وأعلن الطرفان تشكيل لجنة تحقيق لم تكشف نتائجها إلى اليوم.

 أخذت العلاقة بين البلدين منعطفاً ضيقاً استمر أعواماً عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، مما أثار حفيظة الأردن الذي رأى أن القرار يشكل خطورة على مستقبل عملية السلام التي تمثل القدس ركيزتها الأساسية، لتصر المملكة عام 2018 على إنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام مع إسرائيل، ويستعيد الأردن هاتين المنطقتين بعد 25 عاماً من إعطاء الاحتلال حق التصرف فيهما.

صفقة القرن في كانون الثاني/ يناير هي النقطة الفاصلة في العلاقة، التي أصبحت باردة من دون قطيعة، فيما تحدثت وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية عن رفض العاهل الأردني التحدث مع نتنياهو عبر الهاتف، كما رفض طلب غانتس، الذي أراد أن يجتمع معه لمناقشة ترامب.

لقاء سري

اللقاء الثنائي بين الملك الأردني وزعيم حزب الأزرق والأبيض، وزير الدفاع الإسرائيلي، هو الأول منذ فترة طويلة، وحسب ما تحدث غانتس (المنافس الأبرز لنتنياهو)  في فيديو متداول فإن "العلاقات مع الأردن رصيد هائل، وكان من الممكن أن تكون أفضل ألف مرة"، مشيراً إلى أن لديه علاقة مستمرة مع الملك الأردني والمسؤولين الأردنيين الآخرين، لكن نتنياهو شخصية غير مرغوب فيها بالأردن ووجوده يتعارض مع تقدم العلاقات".

رسائل سياسية

بعد ترتيبات أردنية مصرية إماراتية حول الانتخابات الفلسطينية الثلاثية القادمة، يبدو أن العلاقة بين الجانبين تشهد اتطورًا ملحوظًا حاملاً معه رسائل سياسية.

يؤكد ذلك المحلل السياسي عريب الرنتاوي لرصيف22 قائلاً: "الأردن مقتنع منذ مجيء الإدارة الأميركية الجديدة أن هناك فرصة لإطلاق مبادرة جديدة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين من منظور السياسة الأردنية"، ويستطرد:  "يتطلب ذلك ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وهو ما تحاول المملكة فعله برفقة مصر والإمارات، إضافة لاستئناف الاتصالات الرفيعة المستوى مع الجانب الإسرائيلي كما شاهدناه أخيراً".

الأمر ذاته يؤيده الحنيطي، الذي يتوقع أن تشهد العلاقات الأردنية - الإسرائيلية، تحسنًا خلال الفترة المقبلة، بعد الموقف الأردني المناهض من إدارة ترامب وخطته لحل القضية الفلسطينية، مما سيسرع تحريك ملف القضية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة.

اللقاء الثنائي بين الملك الأردني وزعيم حزب الأزرق والأبيض، وزير الدفاع الإسرائيلي، هو الأول منذ فترة طويلة، وحسب ما تحدث غانتس (المنافس الأبرز لنتنياهو) فإن "العلاقات مع الأردن رصيد هائل، وكان من الممكن أن تكون أفضل ألف مرة"، مشيراً إلى أن لديه علاقة مستمرة مع الملك الأردني والمسؤولين الأردنيين الآخرين
وتحاول عمّان تجنب الاشتباك إيجابياً أو سلبياً مع نتنياهو، جراء التاريخ المر الذي جمعه والمملكة طيلة السنوات الماضية، مما أضر المصالح الأردنية السياسية والأمنية، حسب تعبيرات الموقف الرسمي، وتشهد العلاقة مع غانتس تقارباً أكبر وأعمق، وحسب أندوني، فإن السياسة الأردنية تتقارب مع غانتس أكثر من نتنياهو، خاصة مع توتر العلاقة بين الأخير وبادين، فيحاول الأردن استغلال التوتر الحاصل ليؤشر على أن اضطراب السلام سببه القيادة الإسرائيلية، في رسالة للجمهور الإسرائيلي والإدارة الأميركية.
في حين تتحدث أصوات أردنية حول الرسائل الرسمية المختلفة، بأنها محاولة لعودة المملكة لدورها الرئيسي في عملية السلام، ولتكون بوابة عبور إسرائيل للمنطقة، وهو ما أثر عليه قطار التطبيع العربي - الإسرائيلية السريع، ويتفق معه الرنتاوي، خاصة مع تراجع زخم التطبيع العربي مع رحيل إدارة ترامب، إلا أنه يؤكد ضعف تأثير رسائل الأردن في الداخل الإسرائيلي، المتجه نحو صندوق الاقتراع.
وتتصاعد انتقادات في الشارع الأردني للموقف الرسمي جراء التقارب الحاصل، مع استمرار اليمين الإسرائيلي المتمثل في رئيس الوزراء نتنياهو، في تجاهل المملكة ودورها بالمنطقة، الذي سيحرج الأردن في حال بقائه بالرئاسة الإسرائيلية بعد الانتخابات القادمة، كما وجهت انتقادات للدعوة الأميرية بالسلام مع عدم احترام الجانب الآخر لمعاهدة السلام. وثمة استغراب من الرسائل شبه الرسمية، والتي كأنها تأتي من حلقة أضعف.
ومع اختلاف المعادلة الأردنية السياسية في العلاقة مع إسرائيل، بات ملاحظًا التقارب الرسمي الأردني تجاه إسرائيل، في خطوة حذرة، خشية التيار اليميني المتمدد في القيادة الإسرائيلية، والذي ترفضه المملكة في محاولة جديدة لإعادة دورها على الصعيدين الدولي والإقليمي، عبر الملف الأكثر سخونة المتمثل بالصراع العربي الإسرائيلي.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard